الدكتورة فاطمة أحمد تكتب لـ”الصائمين”: بعيدا عن الولائم… “رمضان” …”روشتة شفاء”

أستاذ كيمياء النبات ورئيس شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء

يعدّ العطش من أكثر المشاكل التي تواجه الصائم في شهر رمضان الكريم خصوصاً في فصل الصيف، فمنهم من يفضل الإكثار من شرب الماء، ومنهم من يتناول الفواكه المركّبة أساسا من الماء كالبطيخ، بينما يبحث آخرون عن أعشاب طبية تمكنهم من التغلب على العطش. لاشك أن شهر رمضان يشتهر بالولائم الغنية بالأطعمة والمشروبات وكذلك الحلويات الشرقية التي تتسبب في زيادة في الوزن بشكل كبير. ومن فوائد الصيام أنه يعزز إزالة السموم من الجسم ويعمل على راحة الجهاز الهضمي كما يساعد على علاج اﻹلتهابات ويساعد على زيادة حرق الدهون وعلى خفض مستويات السكر في الدم والصيام مفيد لمرضى إرتفاع ضغط الدم ويحفز الصيام خسارة الوزن.

ومن الفوائد الصحية للصيام إنه يعزز إزالة السموم فالأطعمة المصنعة تحتوي على العديد من المواد الحافظة والإضافات. تلك الإضافات تتحول إلى سموم داخل الجسم والعديد من تلك السموم يتم تخزينها داخل دهون الجسم، وأثناء الصيام يتم حرق تلك الدهون، فيساعد ذلك على التخلص من السموم من خلال الكبد والكلى وباقي أعضاء الجسم المسؤولة عن التخلص من السموم. ويقول العلماء إن الامتناع عن الطعام والشراب لفترات محددة يعطي فرصة للنظام المناعي للجسم لممارسة مهامة بشكل أقوى، ويخفف الأعباء عن أجهزة الجسد لأن الطعام الزائد يرهق الجسم، ولذلك وبمجرد الصيام، فإن خلايا الجسد تبدأ بطرد السموم المتراكمة طيلة العام، ويحرض الصيام خلايا الجسد ويجعلها تعمل بكفاءة أعلى، وبالتالي تزداد مقاومة الجسم للبكتريا والفيروسات وتتحسن كفاءة النظام المناعي حيث من المعروف أن جهاز المناعة هو بمثابة الجنود التي تحرس الجسم وتهاجم الفيروسات والبكتريا الضارة وتدافع عن الجسم ضد أي جسم غريب يدخل إلى الجسم.

كما يحظى الجهاز الهضمي أثناء الصيام بفترة من الراحة، فتستمر الوظائف الفسيولوجية الطبيعية وخاصة إفراز العصارات الهضمية، لكن مع معدل أقل،ويحدث هضم الطعام أيضا بمعدلات ثابتة، مما يعمل على إنتاج الطاقة بمعدلات تدريجية، وأكدت بعض الدراسات أن الصيام يساعد على شفاء بعض الأمراض مثل إلتهاب المفاصل، والصدفية.

لا شك أن الصيام يلعب دورا هاما في علاج أو تخفيف الكثير من الأمراض ومنها أمراض الروماتيزم فقد أثبتت عدة دراسات أن الصيام يحد من آلام أمراض الروماتيزم والمفاصل لدى المصابين بهذه الأمراض، ومن أهمها مرض الروماتيزم المفصلي الذي يسبب آلاما في أسفل الظهر والفخذ والركبة. ويفيد الصيام بوجود تحسن في التيبس الصباحي والألم وإنخفاض سرعة الترسيب في الدم والتي تكون مرتفعة في إلتهاب المفاصل.

وينصح بتناول التمر حيث يعد غذاء وشفاء ﻷنه يعتبر من الأغذية الهامة في رمضان وخلال أيام الصيام، فهو مناسب جداً للصائم ﻹحتوائه على عدد من المعادن والفيتامينات الضرورية ونوعية السكر به بسيطة سهلة اﻹمتصاص ولا تضر حتى من لديهم مرض السكر (إذا تم إستهلاك التمر بإعتدال). وتناول التمر أو العجوة خلال الإفطار وأثناء السحوريمكن أن يساعد على علاج آلام الركبة والمفاصل وغيرها، وذلك لأنه يساعد على تنظيم عمل الخلايا ورفع مناعة الجسم وبالتالي التغلب على هذه الآلام.

ويساعد الصيام على زيادة حرق الدهون وخفض مستويات السكر في الدم حيث تكون اﻹستجابة الأولى للجسم أثناء الصيام هي تكسير الجلوكوز. مما يسهل تكسر الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للجسم، وخاصة الدهون المخزنة في الكليتين والعضلات. مما يعمل على خفض إنتاج الإنسولين. وهذا يساعد على راحة البنكرياس وعلاج مرض السكري وتنظيم مستوياته وتخفيض نسبة الكولسترول الضار في الدم، كما يساعد على زيادة إنتاج الجليكوجين لتسهيل عملية تكسير الجلوكوز. مثل تنظيم إفراز الأنسولين وعلاج مرض السكري وتنظيم مستوياته وتخفيض نسبة الكولسترول الضار في الدم. وقد كشفت دراسة أعدها مختصون في مجال التغذية، ونشرتها الدورية البريطانية للتغذية، والتي إستهدفت مجموعة من الصائمين في شهر رمضان، عن أن تغيير مواعيد الوجبات، وخفض عددها إلى وجبتين بشهر رمضان، ساعد على زيادة إستجابة الجسم لهرمون الإنسولين، وذلك بالنسبة للأفراد الذين يمتلكون عوامل الإصابة بداء السكري.

ويعد الصيام هو أحد العلاجات الطبيعية لخفض مستويات ضغط الدم، حيث يساعد على خفض مخاطر الإصابة بتصلب الشرايين. فتنخفض معدلات الهرمونات كالأدرينالين، مما يساعد على خفض مستويات ضغط الدم. ويحفز الصيام خسارة الوزن بسرعة حيث يعمل على منع تخزين الدهون في الجسم. وقد أكد بعض الباحثين أن الصيام يساعد على التغلب على مشكلات الإدمان للنيكوتين والكافيين وغيرها. وعلى الرغم من وجود بعض الأنظمة العلاجية التي تساعد على علاج حالات الإدمان، إلا أن الصيام له دور فعال في مثل تلك الحالات.

يقول العلماء إن الصوم المنتظم مع إتباع نظام غذائي طبيعي مع التقليل من أكل الملح والوجبات السريعة يمكن أن يجعل عمل الخلايا أكثر إنتظاماً ويمنع تحولها إلى خلايا سرطانية، وبالتالي يكافح إنتشار السرطان قبل حدوثه حيث أثبتوا أن الصيام لفترات متقطعة يؤدي إلى وقف إنقسام الخلايا السرطانية. وأظهرت دراسة أعدها باحثون بجامعة غرونوبل الفرنسية دور الصيام المتقطع في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات. كما أظهرت دراسات أخرى أن الصوم المتقطع يرفع من معدل النجاة بين الأفراد، ممن يعانون من إصابات في نسيج الكبد، والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل.

ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف وتأخير هرم الشيخوخة على خلايا الدماغ، ومساهمته في إبطاء نشوء مرض الزهايمر. هذه الدراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في الولايات المتحدة الأمريكية، حول تأثير محتمل للصوم المتقطع، وبعض الحميات التي تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً، وتبين دور الصوم في تأخير هرم الأنسجة الدماغية كما يبطئ زحف الشيخوخة.

وهناك بعض اﻷعشاب تساهم في إنقاص الوزن خلال شهر رمضان الكريم ومنها:

النعناع: يساعد النعناع على خفض الوزن، وكذلك تقليل آلام الجوع والتحكم في عملية التمثيل الغذائي والحد من تناول السعرات الحرارية غير الضرورية، كما يعمل على تحسين الجهاز الهضمي والتخلص من الإمساك وإنتفاخات البطن، وكذلك التخلص من القلق والتوتر والإجهاد أحد أهم الأسباب التي تتسبب في زيادة الوزن.

الشاي الأخضر: يعمل على حرق المزيد من السعرات الحرارية والدهون بالجسم، فهو يعد بمثابة مادة فعّالة في فقدان الوزن بشكل كبير، وللحصول على فوائده يتم شرب الشاي الأخضر بعد الإفطار وكذلك السحور.

الكركديه: يحتوي الكركدية على الفلافونيدات ومختلف المعادن التي تساعد على تقليل إمتصاص الجسم للدهون والكربوهيدرات، وهذا بدوره يعمل على إنقاص الوزن والتخلص من الدهون الزائدة بالجسم

الزنجبيل: يعد من الأعشاب الفعّالة في إنقاص الوزن، حيثُ أثبتت الدراسات والأبحاث أن إستهلاك الزنجبيل يعزز التأثير الحراري للغذاء ويعزز مشاعر الشبع، بالإضافة إلى ذلك الزنجبيل يحسن الهضم ويعزز الأيض، ويمكن إحتساء 2-3 أكواب من شاي الزنجبيل يوميا بعد وجبة الإفطار، أومضغ قطعة صغيرة من الزنجبيل بين وجبة الإفطار والسحور أو إضافة الزنجبيل المبشور إلى الأطباق الرئيسية.

الأوريجانو: يساعد الأوريجانو على فقدان الوزن، نظرا لإحتوائه على مادة carvacrol التى تساعد على إذابة الدهون، ومن فوائد الاوريجانو أنه يقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، وتحسين عملية الهضم والتخلص من الإمساك واﻹنتفاخات، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يساعد على محاربة اﻹكتئاب والتوتر.

المريمية: تعتبر منشّط ممتاز للمعدة وتساعد على الهضم، وتعتبر دواءً لطرد الديدان المعوية، كما تعتبر أحد الأعشاب العطرية التي تحتوي على كمية من الزيوت العطرية. وهى من الأعشاب التي أثبتت فعاليتها في إنقاص الوزن بشكل كبير، كما أنها تعمل كمدر للبول، ويعزز من معدل الأيض للمساعدة على حرق مزيد من السعرات الحرارية. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يساعد على تقليل اﻹلتهاب، والتخلص من القلق والتوتر للحصول على نوم هادئ خالِ من الأرق. وللحصول على فوائده يغلي عشب المريمية في ماء دافئ مع عصير الليمون وعسل النحل.

الكركم: من الأعشاب العلاجية التي تستخدم في علاج العديد من الأمراض، وأهمها إنقاص الوزن وتحطيم الدهون بالجسم، كما أنه يحسن مقاومة الأنسولين في الجسم وكذلك يُعالج أعراض اﻹلتهابات المرتبطة بالسمنة. ويمكن تحضير شراب الكركم للتخلص من السموم في الجسم وإنقاص الوزن، عن طريق خلط ملعقة صغيرة من مسحوق الكركم وعصير الليمون مع ملعقة من عسل النحل، يؤخذ يوميا بعد الإفطار، أو من خلال مزج نصف ملعقة من مسحوق الكركم مع نصف ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل الجاف وعصير الليمون إلى 2 كوب من الماء المغلي ويترك على نار هادئة لمدة 10 دقائق.

على الرغم من تلك الفوائد المتعددة، إلا أنه في بعض الحالات ينبغي إستشارة الطبيب قبل الصيام كحالات الحمل، الرضاعة، وقرحة المعدة، فقد يتسبب الصيام في بعض الجفاف مما يؤدي لألام الرأس أو الصداع النصفي.