زراعة

“منتدى القاهرة للتغير المناخي”: مخاطر المناخ تهدد بإنتشار أمراض الملاريا والاسهاك وترفع من معدلات الجفاف والحرارة والسيول

 

 

نظمت سفارة جمهوربة ألمانيا الإتحادية بالقاهرة  الحلقة النقاشية التاسعة والأربعين  لمنتدى القاهرة للتغير المناخي الثلاثاء  29 أغسطس، بمقر الهيئة الألمانية للتبادل العلمي.

وأوضح بيان رسمي أصدرته السفارة ، ان مخاطر التغيرات المناخية تتسبب في زيادة أعداد الوفيات الناجمة عن الآثار السلبية للتغير المناخي على مستوى العالم وفقا لبيانات الأمم المتحدة بصورة مطردة، سواءاً حدث ذلك بشكل غير مباشر من خلال أمراض مثل الملاريا والإسهال وسوء التغذية وأمراض الجهاز التنفسي، أو بشكل مباشر بفعل الظروف الجوية القاسية مثل الجفاف وموجات الحرارة المرتفعة والفيضانات.

 

واضاف البيان إنه في مصر والتي يقترب عدد سكانها من المائة مليون مواطن فقد أضحت تلك المخاطر بسبب الظروف الجوية القاسية حقيقة واقعة، حيث سجلت وزارة الصحة المصرية في عام ٢٠١٥ أكثر من مائة حالة وفاة نظرا لتعرضها لموجات حرارة صيفية شديدة، والتي إنعكست علي تعرض مصر للفيضانات الشتوية غير المعتادة في ذلك العام.

ووفقا للبيان أسفرت هذه السيول عن وفاة 11 مواطنا مصريا في قرية عفّونة في وادي النطرون وأبي حُمُّص والرحمانية، بمحافظة البحيرة حسبما أوردته تقارير إخبارية.

وأشار البيان إلي إنه نظرًا لأن غالبية السكان في مصر يعيشون بالقرب من البحار فإن موقف مصر من إرتفاع منسوب المياه في البحار جراء التغير المناخي  “حرج جدا”.

وأضاف :” يعطي ملف منظمة الصحة العالمية الخاص بالمناخ والصحة في مصر تشخيصا غير متفائل عندما يتعلق الأمر بالتأثيرات الغير مباشرة للتغير المناخي على صحة المصريين، وإذا استمر المجتمع الدولي في التعامل مع ملف التغير المناخي بالطريقة المعتادة؛ فأن ما يقرب من ألف طفل مصري سوف يموتون بسبب الإسهال بحلول عام ٢٠٥٠”، إضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن يتأثر ٢.٤ مليون مواطن مصري جراء الفيضاناتفي ما بين عامي 2070 و20100.

 

ومن جانبه قال السفير يوليوس جيورج لوي، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بالقاهرة لدى افتتاحه للحلقة النقاشية التاسعة والأربعين بمقر الهيئة الألمانية للتبادل العلمي بعنوان التغير المناخي والصحة العامة :” التغير المناخي لا يعترف بالحدود الوطنية ولا القارية، وقد أضحت آثاره ملموسة لدى عامة الناس في كل مكان حول العالم.

وأوضح السفير الالماني، إن ما حدث في هيوست في الولايات المتحدة الأمريكية، هو أحد الاثار السلبية للتغيرات المناخية حول العالم، رغم أن تلك الآثار كانت أيضا ملموسة في ألمانيا ومصر، حيث شهدت ألمانيا موجات حارة طويلة ومؤثرة وبشكل خاص في الأعوام ٢٠٠٣و ٢٠١٠و ٢٠١٥. وقد سجلت في شهر يوليو عام ٢٠١٥ أعلى درجات حرارة منذ بداية تسجيل الطقس في ألمانيا عام ١٨٨٠، في حين جاء شهر أغسطس عام ٢٠١٦ كأحر شهر منذ ١٣٦ عام”.

وأشار “لوي”، إلي أنه من المثير للإهتمام أيضا أن صيف العام السابق ذكره تميز بالحرارة العالية وهطول الأمطار العزيزة، على غرار ما حدث في مصر؛ مضيفا :” لقد جرفت الفيضانات قرية بأكملها في ولاية باڤاريا في عام ٢٠١٦، في حين غمرت المياه محطة السكك الحديدية العامة في برلين عام ٢٠١٧.

وقال السفير الالماني إنه من المنتظر أن تحدث هذه التقلبات في درجات الحرارة بشكل أكثر تواترا في المستقبل”، مشددا علي أنه من حسن الطالع أن تدرك  الحكومات حول العالم أن إستراتيچيات التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معها يجب تسير جنبا إلى جنب مع اصلاح القطاع الصحي والعكس بالعكس.

وشدد “لوي”، علي ضرورة الإكثار من المشاريع التي تقوم بها جهات تعاونية مثل مشروعات الهيئة الألمانية للتعاون الدولي ” GIZ ” مثل برنامج” التكيف مع التغير المناخي في قطاع الصحة” والتي تنفذه الهيئة الألمانية نيابة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

وأكد السفير تاييده برامج تحسين طرق الرصد والتخطيط الطويل الأمد للنظم الصحية والمجتمعات المحلية؛ حتى تصبح أكثر قدرة على مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي  على الصحة وأن تتفاعل بالصورة الملائمة في الوقت المناسب  مع تلك الآثار.

 

يأتي ذلك بينما قال شريف عبد الرحيم، رئيس قسم التغير المناخي في جهاز شؤون البيئة المصري لدى إلقاءه لكلمته الافتتاحية للحلقة النقاشية  :” نحن نشكر السفارة الألمانية على كل جهودها في توفير منصة مثل منتدى القاهرة للتغير المناخي التي تجمع الخبراء في حلقات نقاشية حول القضايا المناخية الملحة منذ عام ٢٠١١”.

وشدد عبدالرحيم على مدى فعالية تلك المناقشات في جميع البلدان النامية التي تفتقر إلى البنية الأساسية لضمان توفير الغذاء والماء والخدمات الصحية في ظل مناخ متغير، مشيرا إلي إنه تم تقديم خطة مصر للمساهمة المزمع تحقيقها على الصعيد الوطني في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن التغير المناخي في عام ٢٠١٥.

وأشار إلي إنه تم إنشاء مجلس وطني للتغير المناخي عام ٢٠١٦، كما تم وضع اقتراحات بشأن خطة التكيف الوطنية في عام ٢٠١٧؛ وذلك للحصول على منحة من صندوق المناخ الأخضر.

وأشاد “عبد الرحيم”، بالدور الذي يقوم  به جهاز شؤون البيئة المصري في جعل التكيف مع التغيرات المناخية على رأس جدول الأعمال الوطني ودمجها في الإستراتيچية الوطنية للتنمية المستدامة ،  مشيرا إلي  أهمية دور المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في زيادة التعاون وفي زيادة القدرات الوطنية للتكيف مع جميع التغيرات المناخية المقبلة.

 

ومن جانبه أكد صابر عثمان، مدير التكيف مع التغير المناخي بجهاز شؤون البيئة المصري خلال المناقشات على أهمية اتفاقية باريس وأن جهاز شؤون البيئة المصري يبذل جهودا داخل الحكومة لنشر الوعي حول التغير المناخي. كما أنهم ضغطوا بإتجاه سرعة التصديق على الاتفاقية من جانب البرلمان وهو الأمر الذي تم يونيو عام ٢٠١٧.

وأضاف “عثمان”، إن التعامل مع الموضوعات الملحة كهذه يتطلب التحرك من أعلى إلى أسفل وبالعكس أيضا؛ ففي إطار التحرك من أعلى إلى أسفل يتم وضع الإطار الصحيح والسياسات والاستراتيچيات للوزارات الأخرى. وعلى سبيل المثال:” يعكف جهاز شؤون البيئة حاليا على وضع أول قانون مصري للتغير المناخي يلزم المنشأت بوضع قبعات على الانبعاثات في مختلف المرافق” وعلاوة على ذلك فقد أعلن السيد عثمان عن الإستراتيچية الجديدة لتشجيع التنمية من القاعدة إلى القمة، كما أنهم بصدد وضع آلية التعاون مع هيئة الأرصاد الجوية وتطوير خريطة تفاعلية بشأن التغير المناخي بغية رصد ارتفاع مستوى سطح البحر”. وأوضح أن هذه الخريطة ستوفر معلومات مفيدة للوزارات والمنظمات الأخرى لتحديد الثغرات وسد الإحتياجات في المواقع الجغرافية المختلفة وأعلن أن” هذه الخريطة التفاعلية ستكون جاهزة في خلال عام”.

وقال العالم الألماني الدكتور هانز جيدو ميوكه،  الخبير بقسم الصحة البيئية بالهيئة  الألمانية للبيئة ومدير المركز التعاوني لإدارة جودة الهواء ومكافحة التلوث بمنظمة الصحة العالمية، إن ثمّة تشابها بين مصر وألمانيا وهولندا من حيث بعض المواقع  الطبيعية التي تتنشر فيها المياه والتي تتطلب أشكالا مشتركة من آليات الدعم.

وأضاف “ميوكه” خلال مشاركته في الحلقة النقاشية،:” علينا جمعيا أن نكون مستعدين لهطول المزيد من الأمطار وأن تكون لدينا سياسات صارمة لحماية السواحل وأنظمة للصرف لنكون مستعدين للتنبؤ بالكوارث على المدى الطويل.

وشدد العالم الالماني علي إنه يجب رصد الإحتياجات حتى نتمكن من متابعة بعض الأمراض المحددة من أجل دراسة تطور الفيروسات والأمراض المعدية”. كما حثّ الخبير الألماني على الاستثمار في التثقيف الصحي؛ وهو الامر الذي تقوم به  ألمانيا حيث يتم نشر العديد من الرسائل بالمدارس حول التغير المناخي لإعداد الطلبة لحدوث كوارث غير معتادة وإيجاد عادات صحية بالمجتمع بصورة مستمرة”.

 

ومن جانبها فقد قالت الدكتورة راجية الجرزاوي، مسؤولة الصحة والتمييز في برنامج الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن مشكلة الأمراض المعدية والغير معدية سوف تتضخم بسبب التغير المناخي وأن معدلات الإصابة بأمراض الضغط والقلب ستزداد مع ارتفاع معدلات درجات الحرارة.

وأضافت الجرزاوي:” ستكثر حالات الإصابة بالإسهال وذلك بسبب نمو معدلات تواجد البكتريا والڤيروسات بالمياه الدافئة، مشيرة إلي أن هناك الكثير من الأطفال يعانون بالفعل من تلك الأمراض. كما أن نسبة ٣٠٪ من الأطفال دون سن الخامسة يعانون سوء النمو ويأتون تحت متوسط الوزن والطول.

وأضافت إن هذه النسبة مرشحة للزيادة بشكل كبير إذا ما لم نتعامل مع المسبب”، موضحة كيفية زيادة نسب الأمراض مثل الملاريا والبلهارسيا وحمى الضنك على سطح المياه.

وتناولت “الجرزاوي” مشكلة تلوث الهواء وتأثيرها المباشر على الصحة العامة وذلك بسبب استخدام الفحم؛ مضيفة:” يجب أن نحد من استخدام الفحم قدر المستطاع ونمنع تماما بناء مصانع الأسمنت في التجمعات السكانية”.

وأعربت عن حزنها بأن القضايا البيئية والتغير المناخي لا تأتي على رأس  أولويات جدول أعمال مصر السياسي، وقالت:” نحن بحاجة إلى تثقيف البرلمان والحكومة والوزارات ونحن بحاجة أكثر إلى قوانين جيدة؛ فلدينا قوانين بعضها جيد جدا والعض الاخر يتحسن، ولكن التنفيذ ليس جيد بما فيه الكفاية لتحقيق الغرض المنشود”.

ومن جانبها قالت الدكتورة نهال حفني، مساعد مدير برامج ومشاريع الهلال الأحمر المصري:” في أحداث الفيضانات في رأس غارب تمت الاستجابة في البداية بتدابير الكوارث، وأدركنا من خلال تلك التجربة أن هناك حاجة إلى الأدوية المضادة لسموم الزواحف التي لم تكن موجود في تلك المناطق من قبل.

وأضافت ان الهلال الاحمر المصري قدم الدعم النفسي للأسر؛ وبخاصة الأطفال الذين أصيبوا بصدمات نفسية بسبب معايشة تلك الكوارث”. وقدمت الدكتورة حفني بعض الملاحظات التي اكتسبتها بعد 20 عاما في العمل لدى منظمة  غير حكومية في المناطق العشوائية مثل حي زينهم والدويقة لكل من يريد القيام بمشروعات صحية مماثلة؛ وهي أن هناك معدلات عالية جدا للاصابة بأمراض الإسهال والجهاز التنفسي وتسألت عما إذا كانت هذه المعدلات سوف تتضاعف في المستقبل بسبب التغير المناخي?وهل ستكون المرافق الصحية قادرة على تغطية جميع المرضى؟ وإعترفت أن تلك التساؤلات لاتزال بدون إجابات.

وطرحت المزيد من الأسئلة قائلة :” هل نقوم بإعداد مجتمعاتنا لمضاعفات التغير المناخي؟ هل نقوم بنشر المعلومات حول مكافحة العدوى البسيطة والرعاية الصحية ومبادئ الإسعافات الأولية بين الأشخاص من أجل التعامل مع ضربات الشمس والحرارة المرتفعة وحالات الإرهاق؟ ونوهت الدكتورة حفني إلى أن الهلال الأحمر المصري كانت لدية حملة توعية حول السكتة الدماغية قام بها على الشواطئ وفي وسائل النقل العام.

وتسألت مجددا: ” كيف يمكن لجهة واحدة تغطية مطلبيات مائة مليون شخص?، فيما إقترحت بعض الحلول لحل المشكلات الصحية متمثلة في التدابير البسيطة جدا التي يمكن اتخاذها من جانب المجتمعات المحلية نفسها مثل ضرور ة أن تشمل المطاعم على مطابخ صحية بحيث يتعلم الناس كيفية استخدام مواد قليلة التكلفة لإعداد طعام صحي يمكن أن يُحد من سوء التغذية بتلك المناطق. كما يجب توثيق هذه الحلول والتشارك في نشرها وتحديد الأدوار والجهود”.

 

وأجمع  المشاركون في الحلقة النقاشية على التركيز على مطلبين أولهما إنه يجب أن تؤخذ الآثار النفسية على الأطفال والعصبية على المسنين جراء حالات الكوارث الطبيعية على محل الجد في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء؛ وثانيها يجب إجراء المزيد من الرصد للأعراض وجمع البيانات وتقاسم المعلومات والخبرات فيما يخص هذا المجال لأن هذين الأمرين حاسمان بالنسبة للعالم بأسره للحد من الآثار الصحية للتغير المناخي على البشرية أو تجنبها قدر المستطاع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى