الأخبارحوارات و مقالات

“مي مطاوع” تكتب : ” تعويذة الاميرة فاطمة” وتطوير المتحف الزراعي

معاون وزير الزراعة للتخطيط والمتابعة

يقال أن الأميرة فاطمة إسماعيل قد ألقت بتعويذة على السراي الذي تبرعت ليكون المتحف الزراعي المصري بالدقي مما يجعل كل من يعبر بواباته يتعلق جزء منه بداخله بالإضافة إلى حرصها على تزيين جدران السراي بالآيات القرآنية المناسبة لهذا المقام.

وباعتقادي أن جيل مواليد الثمانينات لا يعرفون عن المتحف الزراعي سوى اسمه ولا يعرفون ما هو فعلا المتحف الزراعي ولكن إذا سألت احد والديك اخبرني عن المتحف الزراعي , لن ينفك أن يقص عليك ذكريات طفولته ورحلات المدرسة “الإلزامية” للمتحف الزراعي وتماثيل “الزفة”، وغرفة الفراشات، ومجسمات القناطر الموجودة بمصر، والغرف التعليمية لكل ما يخص الزراعة من التربة ومحنطات الحيوانات، والطيور والتماسيح ، والأسماك والهياكل العظمية وخاصة الحوت والمنتجات الريفية والجداريات التي تجاوز عمرها ال 70 عاماً .

في 24/2/2016 تم إطلاق استراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وكنت أحضر هذا الاحتفال ضمن مجموعة شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة وبطبيعة خلفيتي العلمية الزراعية إطلعت على الجزء لخاص بالزراعة والتي توسمت بأن اكون جزءا منها فيما بعد , عندما عدت إلى عملي بعد انتهاء فترة البرنامج الرئاسي وتولي الدكتور عبد المنعم البنا حقيبة الزراعة وتولى السادة النواب متابعة القطاعات المختلفة.

كان من نصيبي العمل ضمن مجموعة د.صفوت الحداد نائب وزير الزراعة للخدمات والمتابعة والذي من ضمن اختصاصاته الإشراف على قطاع الإرشاد الزراعي والذي بدوره يتضمن الإدارة العامة للمتاحف والمعارض الزراعية ، في بادئ الأمر لم تكن عملية تطوير المتحف الزراعي من طموحاتي في العمل لأنني من مواليد الثمانينات الذي لم تخطو قدمه أبواب المتحف الزراعي.

عموما … بحكم اسناد ملف المتحف الزراعي لي للعمل عليه كانت اول زيارة للمتحف الزراعي عبارة عن انبهارات بمحتويات المتحف في حالته المهملة ونقص العمالة ونقص الصيانة وكانت برفقة كل من رئيس قطاع الإرشاد د. سيد خليفه ونائب الوزير د.صفوت الحداد وقد خطت قدماي على تعويذة الأميرة فاطمة اسماعيل واصبحت ” مضروبة ” بالمتحف الزراعي .

فجأة استرجعت بذاكرتي استراتيجية مصر 2030 الخاصة بالزراعة ولمعت فكرة في رأسي بأن لا يقتصر دور وزارة الزراعة في البعد الاقتصادي والبيئي ولكن أيضا أن يكون لها دور في البعد الاجتماعي وبذلك تترك الزراعة بصمتها في جميع أبعاد الإستراتيجية .

بدأت الرحلة بتأثير غريب لأركان قصر الاميرة فاطمة إسماعيل، الذي إنعكس علي حبي الشديد للمتحف، بما يضمه من مقتنيات وآثار،  وكانت الخطوة الثانية محاولة ايجاد تمويل لتطوير المتحف لجعله منبر لنشر الثقافة والتاريخ الزراعي .

بتاريخ 7 مارس 2017 اصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة تنسيقية لجميع المتاحف المصرية تقوم هذه اللجنة بالتنسيق لتطوير وترميم وصيانة المتاحف المصرية، وكان من ضمن هذه المتاحف المتحف الزراعي وكان من حسن حظي أن أكون ضمن المشاركين في هذه اللجنة وكنت بالطبع قد سبقت بخطويتين في تجهيز كل البيانات والمعلومات ومتطلبات تطوير المتحف سواء من حيث العمالة او المباني او المقتنيات وقدمناها في الجلسة التعريفية لأعضاء اللجنة المرشحين وكان الاجتماع الثاني بعد 3 شهور !!!!!!

أصابني الإحباط وعدت للبحث على صفحات الانترنت على كيفية إيجاد تمويل وفاجئني الدكتور صفوت الحداد نائب وزير الزراعة بخبر بعث في داخلي السرور والامل وهو وجود ميزانية مخصصة للمتاحف وان وزارة التخطيط خصصت جزء منها للمتحف الزراعي المصري وكانت هذه هي بداية مراحل البهجة وهنا استطيع ان اقول  ان حجم العمل بالمتحف الزراعي ,والذي يضم 7 متاحف هي : ( متحف الزراعة المصرية القديمة , متحف الزراعة في العصر اليوناني الروماني ( القبطي ) والإسلامي , متحف المجموعات العلمية , متحف النبات ( الثروة النباتية ) متحف القطن , متحف المقتنيات التراثية ) بالإضافة إلى مبنى الصداقة الصيني , وقاعة السينما الملكية.

إذن لماذا إهتمت بتطوير المتحف الزراعي ؟

المتحف الزراعي بالقاهرة  يتمتع بميزة نسبية نادرا ان تجدها علي المستوي الدولي وهي إنه يعد ثاني اقدم متحف زراعي متخصص في العالم بعد أول متحف والموجود ببودابست بالمجر والمتحف الزراعي بالقاهرة تم تصميمه على نفس طراز متحف المجر وتزيد مساحته عن 30 فدان وكان الهدف منه تسجيل وعرض تطور الزراعة المصرية، إذ إن مصر من الدول العريقة في المجال الزراعي، حيث لعب المصري دورا كبيرا في تطوير الزراعة وابتكار آلاتها.  وتقسم عملية التطوير على ثلاث مراحل كالتالي :

وتتضمن عملية تطوير المباني والعرض المتحفي وتوفير الأمان التالي  :

صقل وتلميع الأرضيات من سلالم وبسط وجميع الرخام داخل المبني وتلميع الرخام  بعد التنظيف ,كشط أرضيات خشب باركيه ودهان وتلميع وتغيير التالف وصقل وتلميع أرضيات بلاط موزايكو عمل دهانات بلاستيك قابل للغسيل ومقاوم للعوامل الجويه علي حوائط أو أسقف سبق دهانها ,عمل دهانات استر لفاترينات العرض , تغيير الزجاج التالف والمكسور واصلاح وعزل الارضيات وجميع الحمامات , إصلاح وترميم نافورة الحجر الصناعي وعمل توصيلات الصرف والتغذية ومعالجة الجسم الخارجي والداخلي وعمل الترميم اللازم للواجهات للمحافظة على الطابع الأثري تركيب مكبرات الصوت وسماعات و تركيب لوحة إنذارحريق وكاشف الدخان الأيوني ( حساس الدخان ) وكاشف حراري ( حساس حرارة مع معدل ارتفاع درجة الحرارة) ونظام المراقبة بالكاميرات لمراقبة (البوابات ,المداخل ,الطرقات ,السلالم و صالات العرض) بخاصية الأشعة تحت الحمراء للرؤية الليلية والعرض علي شاشات بإجمالي عدد كاميرات 202 كاميرا

والهدف من عملية التطوير هذه على الـ 3 محاور هو النهوض بالمتحف الزراعي المصري لما له من أهمية قومية وثقافية وتعليمية ورفع القيمة المضافة منه وجعله نموذج لجذب العملة الصعبة عن طريق جذب السياح بالمنافسة الدولية بوضعه على الخريطة السياحية العالمية والمساهمة في نهوض قطاع السياحة ولو بمساهمة بسيطة للتأكيد على الأمن والأمان بمصر ونشر الوعي والثقافة عن طريق السياحة الداخلية وبالتالي يعود بالنفع على القطاع الزراعي اقتصاديا وتعليماً وأن يكون واجهة لمصر لتكون من أوائل الدول التي تهتم بالتراث الزراعي وتقدره .

أما فيما يخص مقتنيات كل متحف في حالة ما إذا كان قد أثار فضولك سأقوم بسرد عن كل مبنى على حدة وعن أشهر القطع بداخله وتاريخها والقصص الأسطورية لبعضها ولمعرفة ميعاد الافتتاح فلك ان تتأكد انك سوف تصاب بتعويذة الأميرة فاطمة إسماعيل، وليتنا جميعا نتعرض لهذه “التعويذة”، لانها تعيدنا إلي التاريخ حيث عراقة مصر التي علمت العالم.. معرفة الشعوب تبدأ بزيارة متاحفها… فهي شاهد علي كل لحظة تاريخية للوطن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى