أثيوبيا ثاني اغني دولة مائياً بعد دولة الكونغو الديمقراطية، وتعد منبع للمياه فى جميع دول الجوار المباشر لأثيوبيا فالمياه السطحية المتجددة فى أثيوبيا تصل سنوياً الى حوالى 122 مليار متر مكعب يمثل مصدرها كميّةٌ كبيرةٌ من الأمطار تصل فى المتوسط إلى حوالى 970 مليار متر مكعب سنويا، وتحتوى اثيوبيا على اثنا عشر نهراً و22 بحيرة ومخزونٌ كبيرٌ من المياه الجوفية المتجدّدة.
الا أن اثيوبيا تنتهج سياسية ” الامر الواقع ” ومخالفة التشريعات الدولية، وتضييع الوقت في المفاوضات مع الدول المتضررة من سدودها، وعدم التفكير في مصلحة دول الجوار، حيث أكملت اثيوبيا بناء حوالى 15 سد لتوليد حوالى 3696 ميجاواط على الأنهار المشتركة بينها وبين الدول المجاورة لها، حسبما قال الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري الأسبق، في كلمته في المنتدي العربي للمياه، وهي 4 سدود على النيل الأزرق المشترك مباشرة مع السودان ثم مصر لتوليد 647 ميجاواط، وسد واحد على أعالى نهر السوباط المشترك مباشرة مع جنوب السودان ثم السودان ومصر، وسد واحد على أعالى نهر عطبرة المشترك مباشرة مع إريتريا ثم السودان ومصر لتوليد 300 ميجاواط، وأربعة سدود على نهر الأواش المشترك مع جيبوتي لتوليد 124 ميجاواط، وسدين على نهر شبيلى المشترك مع الصومال لتوليد 150 ميجاواط، و 3 سدود على نهر أومو المشترك مع كينيا لتوليد 2475 ميجاواط.
وبالإضافة لهذه السدود التى تم إنشائها، فإنه جارى الأن إنشاء سدود أخرى أهمها سد النهضة على النيل الأزرق لتوليد 6000 ميجاواط، وسد غيلغيل غيبي الرابع والخامس على نهر أومو لتوليد 1500 ميجاواط، و600 ميجاواط، وكلاهما له أثاره السلبية على كينيا.
معظم هذه السدود، تم إنشاءه بقرارات أثيوبية منفردة دون تشاور مع دول المصب المجاورة مما يتعارض مع الأعراف والقوانين الدولية لإدارة الأنهار الدولية المشتركة وقواعد القانون الدولى، ومما يعود على دول المصب بالضرر، ليس فقط من جراء الأثار السلبية المباشرة ولكن أيضا مما يترتب عليه من إرتباك فى نظم إستخدام وإدارة مياه هذه الأنهار فى دول المصب، نتيجة عدم الإفصاح والتشاور، قبل الشروع في الإنشاء، حول تصميم وحجم هذه السدود وخطط ملأ خزانات هذه السدود وعدم إشراك دول المصب فى خطط التشغيل وفى المنفعة المشتركة من هذه السدود.
بدأت اثيوبيا فى استغلال مياه أنهارها فى ستينات القرن الماضى. أوضحت دراسة أمريكية أن الطاقة الكهربائية التى يمكن استغلالها من مياه الأنهار في اثيوبيا تزيد عن 45,000 ميجاواط (مقارنة بالسد العالى حوالى 2,000 ميجاواط، وخزان مروى بالسودان هى حوالى 1,250 ميجاواط). وهى أكبر طاقة كهربائية متاحة في أفريقيا بعد تلك التى تتميز بها جمهورية الكونغو الديمقراطية.وتنقسم مشاريع السدود القائمة في اثيوبيا كالآتي
أولاً: مشاريع السدود القائمة على النيل الأزرق فى أثيوبيا:هناك عدة مشاريع للسدود قامت أثيوبيا بإنشاءها على النيل الأزرق إلى جانب مشروع سد النهضة الذى بدأت أثيوبيا في إنشاءه منذ 2011 دون تشاور من الجانب الأثيوبى مع دولة المصب مصر وربما السودان في ذلك الوقت، وتشمل هذه المشاريع مشروع تِسْ أبّاى الأول على النيل الأزرق عند مخرجه من بحيرة تانا لتوليد 12 ميجاواط من الطاقة الكهربائية، وسدٍّ فينشا على نهر فينشا، أحد روافد النيل الأزرق، وتصل الطاقة التى يولّدها السد إلى 100 ميجاواط، وقد مكن أثيوبيا من رىّ حوالى 8,000 هكتار، والمشروع الثالث على النيل الأزرق هو مشروع تِسْ أبّاى الثانى ويُولّد 75 ميجاواط من الكهرباء، والمشروع الرابع على النيل الأزرق هو مشروع سدّ تانا بيليس ويقوم المشروع بتوليد حوالى 460 ميجاواط من الطاقة الكهربائية.
ثانياً: المياه المشتركة بين أثيوبيا وجنوب السودان:
بالإضافة إلى إن اثيوبيا هى المصدر لكل مياه النيل الأزرق، تعد أثيوبيا هى أيضاُ المصدر لحوالي نصف مياه النيل الأبيض (حوالى 12 مليار متر مكعب) عن طريق مياه نهر السوباط ومصبه المباشر جنوب السودان، وقد أقامت أثيوبيا مشروع سور على نهر بارو (السوباط).ثالثاً: المياه المشتركة بين أثيوبيا وأريتريا ومشاريع السدود الأثيوبية:
وتعد أثيوبيا هى أيضا المصدر الأساسي مع دولة أريتريا لنهر القاش الذى يصب فى نهر عطبرة، أحد روافد نهر النيل، وقد قامت أثيوبيا بإنشاء سدّ تكزّى على نهر عطبرة، ويبلغ إرتفاعه حوالى 188 متر ويُولّد المشروع حوالى 300 ميجاواط من الطاقة الكهربائية.رابعاً: المياه المشتركة بين أثيوبيا وجيبوتى ومشاريع السدود الأثيوبية:
المصدر الرئيسى لنهر أواش هو الهضبة الشرقية لاثيوبيا ويجرى هذا النهر لمسافةٍ طويلة قبل ان ينتهى به المطاف فى مجموعةٍ من البحيرات الصغيرة والمستنقعات في الحدود الأثيوبية مع دولة جيبوتى، ولكنها تغذي المياه الجوفية في جيبوتي وقد قامت أثيوبيا ببناء عددٍ من السدود على نهر أواش وتشمل سد كوكا لتوليد 40 ميجاواط، و سدّى أواش الثانى وأواش الثالث (وكلُ منهما يُولّد 32 ميجاواط)، وكذلك سد أبا صمويل لتوليد20 ميجاواط من الكهرباء.خامساُ: المياه المشتركة بين أثيوبيا والصومال ومشاريع السدود الأثيوبية:
يعتبر مصدر أنهر وابى شبيلى وجوبا وغينالى وداوا في الصومال هو الهضبة الوسطى والمنحدرة جنوباً من أثيوبيا. وقد قامت اثيوبيا ببناء مشروع ميلكا واكانا على نهر وابى شبيلى لتوليد 150 ميجاواط.سادساُ: المياه المشتركة بين أثيوبيا وكينيا ومشاريع السدود الأثيوبية:
يبدأ نهر أومو رحلته من الهضبة الوسطى ويتجه الى الجنوب الغربى ويصبّ فى بحيرة تُرْكانا في اثيوبيا. وتُغذّى نهر أومو بعض الروافد منها نهر غيبى ونهر غيلغيل غيبى. ويقع الجزء الأكبر من بحيرة تُركانا فى كينيا.
وقد قامت اثيوبيا ببناء سدٍ غيلغيل غيبي الأول على نهر أومو ويُولّد طاقة كهربائية تصل إلى 185 ميجاواط، ثم سدٍ غيلغيل غيبي الثاني على نهر أومو لتوليد طاقة كهربائية تبلغ حوالى 420 ميجاواط. ثم مشروع غيلغيل غيبي للطاقة الثالث وارتفاعه 243 متراً ويُتوقع أن تحجز بحيرة السد حوالى 12 مليار متر مكعب من المياه مما يؤثر على غرق جزءٍ كبير من أراضى قبيلة التُركانا، ويولِّد 1,870 ميجاواط، وقد اضطر أكثر من50,000 من قبائل التُركانا (والتى تعتبر من الشعوب الأصليّة) للرحيل من المنطقة، إضافةً الى تأثيراته السلبيّة على البيئة فى المنطقة، وأيضاً على بحيرة تُركانا بسبب الهبوط الكبير المتوقع في البحيرة.