الفاو: النزاع يتسبب في ارتفاع في مستويات انعدام الامن الغذائي في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا
>> ولد أحمد: الاسواق الدولية مفتوحة أمام مصر بسبب نجاح سياسات التصدير الزراعي… ولديها قدرة كبيرة في التعامل مع ملف الاستيراد من الخارج
أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) عن تقرير جديد أصدرته اليوم حول تأثير النزاعات والأزمات الطويلة في عدد من دول الشرق الأدنى وشمال أفريقيا علي الجهود لتحقيق هدف القضاء على الجوع في المنطقة بحلول 2030 ، فيما ركز تقرير المنظمة بعنوان “نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا” لعام 2017 بشكل خاص على “فجوة الجوع” الواسعة الناجمة عن التصعيد المتواصل للعنف بين الدول التي تشهد نزاعات وتلك التي لا تشهد مثل هذه النزاعات في المنطقة.
وخلال مراسم إطلاق التقرير أكد عبد السلام ولد أحمد، مساعد المدير العام للفاو والممثل الإقليمي في مكتب المنظمة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، على الأهمية الكبرى لبناء الصمود وإدامة السلام في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا لتحسين رفاهية السكان.
وأشار إلى “الضرورة المتزايد لتطبيق سياسات وممارسات شاملة وطويلة الأمد للقضاء على الجوع بحلول 2030” مضيفا أنه “عندما تعاني دول المنطقة من تصاعد العنف، فإن تحقيق هدف معالجة أهم مشاكل المنطقة من سوء التغذية وندرة المياه والتغير المناخي يصبح أكثر
صعوبة ولكنه يصبح في الوقت ذاته أكثر الحاحاً”، مؤكدا أنه “من خلال تحسين التعاون والتضامن فقط تستطيع المنطقة انهاء النزاعات والعنف والعودة إلى تحقيق التنمية”.
وفيما يتعلق بمصر أكد الممثل الاقليمي للفاو ان مصر حققت نجاحات في مجال الصادرات الزراعية، وإرتفعت قدرتها علي الصادرات الزراعية من 1.3 مليار دولار، إلي 4.5 مليار دولار، ولديها ميزة نسبية في الوصول إلي الاسواق الدولية المفتوحة للمنتجات المصرية، ولديها أسواق واعدة، وهو ما أسفر عن وصول المنتجات الزراعية لدول جنوب شرق آسيا، وخاصة الصين، لان لديها قدرات إبتكارية عالية في مجال التصدير، وهو ما يجعل قدرتها علي تحمل فاتورة إستيراد المواد الغذائية كبيرة، ويشكل نجاحا لمصر.
وأضاف ولد أحمد : أننا متفائلون بشان سياسات مصر فيما يتعلق بالصادرات، لان الاسواق الدولية الان أصبحت مفتوحة أمام المنتجات الزراعية المصرية، ولا يقلل من شانها إستيراد القمح أو السكر ، لأن هناك دول آخري تستورد القمح مثل تركيا وبريطانيا.
وأوضحت تفاصيل التقرير أنه في دول منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا المتأثرة بشكل مباشر بالنزاع، فإن 27.2 في المائة من السكان عانوا من الجوع المزمن، أو نقص التغذية في الأعوام من 2014 إلى 2016، أي أعلى 6 مرات من نسبة عدد السكان الذي يعانون نقص التغذية في الدول التي لا تشهد نزاعات خلال نفس الفترة والبالغة 4.6 في المائة في المعدل.
ومن ناحية أخرى وصل مستوى “انعدام الأمن الغذائي الحاد” الذي يعتبر مقياساً آخر من مقاييس الفاو لمستويات الجوع، في الدول التي تشهد نزاعات ضعف مستواه في الدول الأخرى.
ووفقا للفاو يلقي التقرير ذلك بظلال قاتمة على قدرة منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بشكل عام على تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة بالقضاء على الجوع بحلول 2030، بحسب ما حذر التقرير، موضحا أن هذه المنطقة التي تعد معظم دولها من الدول المتوسطة الدخل، والتي لا يتجاوز معدل الجوع المزمن فيها عادة نسبة 5 % من السكان، فإن العنف في بعض دولها تسبب في ارتفاع كبير في نسبة سكانها الذين يعانون من الجوع المزمن بحيث وصلت هذه النسبة إلى المعدلات المسجلة في دول العالم الأكثر فقراً، وهو ما يتسبب في تراجع كبير في جهود خفض مستوى الجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بأكملها.
وبحسب التقريرسيصعّب إستمرار الظروف الحالية بالمنطقة إمكانية تحقيق تقدم حقيقي باتجاه القضاء على الجوع في المنطقة باستخدام الأدوات التقليدية لصنع السياسات، إلا إذا اتخذت خطوات جدية وحاسمة باتجاه تحقيق السلام والاستقرار، بينما سلط التقرير الضوء على العديد من دول منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا المتأثرة بشكل خاص بالنزاع والانعكاسات الكبيرة التي خلفها النزاع على دخل السكان وأمنهم الغذائي.
واوضح تقرير “الفاو”، أن العنف في سوريا أدى الى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 67 في المائة، كما قوض الأمن الغذائي بشكل كبير، حيث أصبح ما بين 70 و80 % من السوريين بحاجة الآن الى مساعدات إنسانية، بينما يحتاج 50 % إلى مساعدات غذائية.
أما في العراق فأشار التقرير إلى أن العنف أدى إلى انخفاض بنسبة 58 % في الناتج المحلي الإجمالي، وتسبب في حاجة 30 % من السكان إلى مساعدات إنسانية، بينما يحتاج 9 في المائة منهم إلى مساعدات غذائية، مشيرا إلي أنه في اليمن أدى العنف إلى احتياج ما بين 70 و80 % من السكان إلى المساعدات الإنسانية، بينما يحتاج 50 في المائة من السكان إلى المساعدات الغذائية.
وفي ليبيا التي تعتبر كذلك من المناطق الساخنة في المنطقة، فقد قوض النزاع الأمن الغذائي حيث يحتاج 6 % من السكان إلى المساعدات الغذائية، مشددا علي اهمية عودة السلام والامن في المنطقة لتجاوز أزمة إنعدام الامن الغذائي بالمنطقة .
ويحدد التقرير الذي أصدرته الفاو اليوم أساسا لقياس التقدم المستقبلي باتجاه تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا باستخدام أحدث المؤشرات لمقصدي الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة وهما القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية .
كما يبيّن التقرير كيف أن النزاعات نفسها تعيق مراقبة أهداف التنمية المستدامة. وتقوم منظمات الأمم المتحدة بجمع وتقييم المعلومات حول الأمن الغذائي ووضع التغذية خلال النزاع، إلا أن هذه البيانات ليست دائماً مكتملة ويمكن أن يكون من الصعب مقارنتها مع بيانات وقت السلم.