>>”البلتاجي” يرسل تقريرا حول خطورة المشروعات الزراعية والمائية في أثيوبيا
الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة الأسبق، أول من نبه إلي مخاطر التواجد الإسرائيلي في دول حوض النيل وخاصة أثيوبيا، وأنها حاولت علي مدار عقود ان تخفي هذه التوجهات خوفا من مخاطرها علي علاقاتها مع مصر بعد إتفاقية السلام لعام 1979 .
وكشف الدكتور مصطفي الفقي في مقال له في الاهرام، عن حصوله علي وثيقة مهمة هى مذكرة مرفوعة فى شهر يوليو عام 1990 أى منذ ثمانية وعشرين عامًا تقريبًا رفعها الأستاذ الدكتور عادل البلتاجى رئيس العلاقات الزراعية في ذلك الوقت، إلي الأستاذ الدكتور يوسف والى فى ذلك الوقت، والمعروف عن الدكتور عادل البلتاجى أنه عالم رفيع القدر من الناحية الأكاديمية، وأن له اتصالات دولية واسعة “وفقا لرأي الدكتور مصطفي الفقي”، وفى مذكرته التى تحمل عنوان (تقرير عن المشاريع التى تقوم بها شركة الطحّال الإسرائيلية فى إثيوبيا) يذكر الدكتور البلتاجى لنائب رئيس الوزراء الدكتور والى شفاه الله ـــ ما يلي:
أولًا: قبل السفر لحضور اجتماعات التعاون الإقليمى (مصر أمريكا إسرائيل) والذى عقد فى (كوبنهاجن) خلال الفترة من (18- 20 يونيو عام 1990) اتصل بنا السفير الإسرائيلى وذكر أن البروفيسور (بوهوريلس) قد أعد قائمة بالمشاريع التى تشترك إسرائيل فى تنفيذها فى إثيوبيا، وأنه سوف يتحدث معى فى هذا الشأن عند مقابلتى له فى (الدنمارك).
ثانيًا: عند مقابلة (البروفيسور بوهوريلس) فى (الدنمارك) فى إطار اجتماعات التعاون الإقليمى أطلعنى على تقرير معد من (شركة الطحّال) بناءً على طلبه ذكرت فيه جميع المشاريع القائمة بين هذه الشركة والسلطات الإثيوبية، وذكر لى أنهم أكدوا له أنه لا توجد لهم مشاريع تتعلق بأى مصدر من مصادر مياه النيل.
ثالثًا: ذكرت لـ (البروفيسور بوهوريلس) أن أستاذًا من (جامعة حيفا) ومعه ثلاثة أعضاء من هيئة التدريس بنفس الجامعة قد حضروا مؤتمر النيل فى (لندن) وكانوا دائمًا مع وفد إثيوبي، ولعل ذلك بسبب أن رئيس وفد إثيوبيا قد تخرج من جامعة (حيفا) وقد تحدثوا عن زيادة السكان فى دول حوض النيل وتعرضوا فى أحاديثهم لمسألة تسعير المياه، وأيضًا زيادة السكان فى مصر تحديدًا وتأثير ذلك على استهلاك مياه النهر.
رابعًا: يقول الدكتور البلتاجى إنه قد علم من خلال أصدقاء له فى (واشنطن) أن هناك جهودًا من بعض أعضاء (الكونجرس) لجمع تبرعات ترسل إلى قسم التعاون الدولى بوزارة الخارجية الإسرائيلية لإعطاء منح لخبراء زراعيين فى إسرائيل للعمل كإستشاريين بوزارة الزراعة وإدارة المياه فى إثيوبيا.
خامسًا: ذكر الدكتور البلتاجى لمحدثه أن الموقف الرسمى المعلن للحكومة الإسرائيلية هو نفى أى مشاريع قائمة وذلك حرصًا على السلام وأن أى عمل فى هذا الاتجاه سيكون له أثر سييء جدًا حيث إن الشعب المصرى يعتبر ذلك مساسًا بشريان الحياة الرئيسى لمصر، وقد ذكر (البروفيسور بوهوريلس) أن المعلومات التى ذكرها هى كل ما يعرفه عن طريق (شركة الطحّال) وأنه لو تلقى أية معلومات جديدة سوف يوافينا بها.
سادسًا: أبدى الدكتور البلتاجى رأيه فى المعلومات السابقة مؤكدًا وجود مشاريع تصل قيمتها إلى (اثنين ونصف مليون دولار) أسندت إلى (شركة الطحّال) فى بحر ثلاث سنوات، والمعلوم أن هذه الشركة مسئولة عن تخطيط اقتصاديات المياه كما تتبع مصلحة المياه التى يشرف عليها وزير زراعة إسرائيل، وقد أرسل مديرو هيئة المياه فى الحبشة أكثر من ستة عشر خبيرا للتمرين فى جامعتى (حيفا) و(تخنيون)، وقد ذكر رئيس الهيئة (Dr.Zewdie Abate) نفس ما قاله فى مؤتمر النيل فى لندن (2-3 مايو 1990).
سابعًا: رأى الدكتور البلتاجى فى ذلك الوقت – عام 1990 – أن ندرة المياه فى الشرق الأوسط وآثارها على خطة التوسع والتنمية يكون هو الدافع وراء استخدام (محور تركيا) و(محور إثيوبيا) كأداتين للضغط على المنطقة وصولًا إلى صيغة تفاوضية، وقد قرر ذلك العالم المصرى الكبير ضرورة متابعة الأنشطة المشار إليها والمشروعات التى جرى الحديث حولها، خصوصًا تلك التى تتبناها جامعة حيفا.
وإختتم الدكتور مصطفي الفقي مقاله بإن أهمية ما ذكرناه آنفًا عن مذكرة الدكتور البلتاجى التى أرسلها إلى نائب رئيس الوزراء د. يوسف والى هى مذكرة كاشفة عن تطور التعاون الإسرائيلى الإثيوبى وأطماع الدولة العبرية فى مياه النيل، والتى ليست وليدة اليوم أو عام 1990 إنما هى تبدأ مع ميلاد الحركة الصهيونية نفسها والتطلع إلى الاستيطان، وإقامة الدولة على أرض فلسطين مجاورة للحدود مع مصر حتى تحقق ذات يوم أملها فى الامتداد من الفرات إلى النيل.
ولفت الفقي إلي أن تلك المذكرة تكشف أيضًا عن المستوى التقنى للتعاون الذى لا نشك فى أن بناء سد النهضة بعد ذلك هو واحد من ثمراته، كذلك فإن مذكرة الدكتور البلتاجى توضح أن مصر كانت واعية بما يدور حيث رفع نائب رئيس الوزراء ما ورد فيها إلى مؤسسة الرئاسة، ولقد حضرت شخصيًا مباحثات مباشرة بين الرئيس الأسبق مبارك والرئيس الإثيوبى الأسبق (منجستو) كانت تأكيدات أديس أبابا واضحة بعدم التفكير فى المساس بحصة مصر من مياه النيل، فأين هى أديس أبابا من وعودها التاريخية؟!، إننا لا نملك إلا أن نقول (إن المياه لمصر هى الحياة).
المقال نقلا عن صحيفة الاهرام