الأخبارالمياهحوارات و مقالات

د حسام مغازي يكتب: قناطر أسيوط الجديدة.. درة الصعيد في إنتظار الرئيس

 

وزير الري السابق ورئيس قسم هندسة الري والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الأسكندرية

السدود والخزانات هي درة أعمال هندسة الري في العالم كله ومن مصادر فخر كل بلد وإعتزازها، وبدءا من السد العالي وحتي نهايات فرعي رشيد ودمياط يوجد لدينا 11 قنطرة رئيسية، تنظم تدفق المياه علي طول النهر البالغ 1520 كيلو مترا داخل الحدود المصرية، وما حدث خلال السنوات الماضية من أعمال للإنتهاء من مشروع قناطر أسيوط الجديدة هي إعجاز جديد في تاريخ المنشات المائية المصرية سوف يسطره التاريخ بحروف من نور تأكيدا علي دور مدرسة الري المصري في صناعة التاريخ المائي لمصر، فكان فعلا درة المشروعات المائية بالصعيد، وتنتظر إشارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتدشين الافتتاح الرسمي لبدء التشغيل.

وعودة قليلة للتحليل… حيث وضعت وزارة الموارد المائية والري خطة إستراتيجية لإحلال وتجديد كل القناطر القديمة الواقعة علي النيل والتي بدأ بناؤها منذ عهد محمد علي، وتنبع أهمية الخطة من دقة إتخاذ قرار الإحلال والتجديد لأي قنطرة، نظرا للتكاليف الباهظة لعملية الإنشاء والتي تتطلب وجود دراسات جدوي معمقة للتأكد من إتخاذ البديل المناسب والذي يتراوح ما بين ترميم القنطرة القديمة أو إنشاء قنطرة جديدة بديلة، أو الإحتفاظ بالقنطرة القديمة وبناء الجديدة أمامها أو خلفها، كما أجابت الدراسات عن أسئلة هامة تتعلق بعدد فتحات القنطرة وأهوستها ومكان الاهوسة.

وهناك داخل وزارة الموارد المائية والري مدرسة متميزة في تصميم وإنشاء الخزانات إكتسبت خبرات متراكمة منذ بناء خزان أسوان والسد العالي مرورا ببناء قناطر إسنا وقناطر نجع حمادي ساهمت في تتويج النجاح للمشروع القومي.

وحديثي اليوم يبدأ  بـ”قناطر أسيوط القديمة” وينتهي القناطر الجديدة، حيث ان قناطر أسيوط القديمة، التي بدأ العمل بها عام 1898 وإستغرق بناؤها 4 سنوات لتتحمل فرق توزان قدره ثلاثة أمتار بغرض توفير المياه الصيفية لمساحة مليون فدان في مصر الوسطي والفيوم، وتكلفت في هذا التوقيت 720 ألف جنيه.

هذه القناطر القديمة إستوفت أغراضها، وستتحول إلي أثر معماري وتاريخي وممر للمشاة بين ضفتي النيل، ويجري حاليا بناء قناطر آخري جديدة علي مقربة منها في إطار تلك الخطة الإستراتيجية للتعامل مع القناطر الكبرى.

قناطر أسيوط الجديدة، ومحطتها الكهرومائية تبلغ تكلفتها 4 مليارات جنيه ويشارك بنك التعمير الألماني في تمويلها بنسبة 50% عن طريق قرض ومنحة للحكومة المصرية، وقد بدأت أعمال التنفيذ في مايو 2012، حتي تم الإنتهاء منها حاليا، إنتظارا للحظة التاريخية لإفتتاحها  رسميا من الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال ساعات.

مشروع قناطر أسيوط الجديدة هو أحد المشروعات القومية بكل المقاييس، سواء بتكلفته الضخمة التي تصنفه كأكبر مشروع مائي تم تنفيذه في مصر، او بحجم أعماله، او بأهدافه التي تتضمن تحسين حالة الري في زمام قدره 1.7 مليون فدان بنسبة لا تقل عن 20% من إجمالي المساحة المزروعه في مصر وموزعه علي 5 محافظات هي أسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة، او بعدد المستفيدين من تحسين الري والذين لا يقل عددهم عن مليون مزارع مصري يقطنون بتلك المحافظات، وبالتالي ستكون فرصة لتحسين الأحوال المادية للأهالي بهذه المحافظات، بالإضافة إلي توليد 32 ميجاوات من الكهرباء النظيفة قيمتها السنوية 100 مليون جنيه، فضلا عن توفير أكثر من 3 الآف فرصة عمل علي مدار 5 سنوات هي فترة تنفيذ المشروع، و300 فرصة عمل بعد تشغيل المشروع.

القناطر الجديدة ستعمل بأحدث نظم التشغيل للتحكم في التصرفات والمناسيب، وأخذت في إعتبارها كل العناصر التي تضمن أن تؤدي دورها بكفاءة وفعالية، فتم تزويدها بهويسين ملاحيين لتسهيل مرور السفن السياحية بدلا من الهويس الواحد، الذي كان موجودا بالقناطر القديمة وكانت هناك معاناة حيث كانت السيارات تضطر للإنتظار علي جانبي النيل حتي مرور السفن، لذلك تم إنشاء كوبري علوي يضم أربع حارات بحمولة قدرها 70 طنا لتستوعب كل أنواع المركبات التي تنتقل بين ضفتي النيل الشرقية والغربية.

ولإستكمال الإستفادة من القناطر الجديدة تم الإنتهاء من تأهيل فم ترعة الابراهيمية علي نهر النيل، وإفتتاحها، لرفع كفاءة القنطرة المقامة منذ 113 عاما، وزيادة عمرها بتكلفة إجمالية قدرها 45 مليون جنيه بتمويل من البنك الألماني، وبذلك تصبح قادرة علي زيادة التصرفات التي تمر منها يوميا إلي 42 مليون متر مكعب، وبالتالي تسهم في حل أزمات المياه التي تواجه أطراف ونهايات شبكة الري في صعيد مصر.

لذلك تعد قناطر أسيوط من أكبر المشروعات المائية التي تم تنفيذها في مصر منذ بناء السد العالي، ونقطة مضيئة تستحق أن يلتفت إليها كل المصريين لتزداد ثقتهم بأنفسهم، ويترسخ إيمانهم بقدرتهم علي البناء والإنجاز، وينظروا للمستقبل بعيون يملؤها التفاؤل الذي ينبع من حبهم لبلدهم العظيم “مصر”.

يوم الافتتاح سيكون يوما تاريخيا في حياة مدرسة الري المصرية العريقة، فتحية وتقدير وإعزاز لكل الجنود البواسل الذين ساهموا في هذا المشروع طوال 6 سنوات من قيادات ومهندسين وعمال.

حفظ الله مصر، وشعبها ونيلها من كل سوء.

 

زر الذهاب إلى الأعلى