الأخبارالمياه

عماد ميخائيل يكتب:السد العالي وترويض النهر

رئيس مصلحة الري الاسبق ورئيس هيئة السد العالي وخزان أسوان الاسبق

في مستهل شهر اغسطس من كل عام وتحديدا في منتصفه ومع بشاير فيضان كل عام نتذكر السد العالي ثم ننساه ذلك العملاق باقي العام .
هذا العملاق المنسي هو الحارس الأمين رابضا علي الحدودالجنوبيه لمصر لتأمين البلاد وتجنيبها العطش والغرق ومنذ سنه ١٩٧٠ لم يسمع كلمه امتنان واحده بل تحمل هجوم ببشاعه تنوء بتحمله الجبال . لم يفت في عضده بل دائما مبتسما بمسحه عتاب في حنو و كانه يريد ان يذكرنا بمشاهد من التاريخ قد نسيناها او تناسيناهافبحثت عنها واكتفيت بمشهدين .

المشهد الاول

وقعت اربع من كوارث الفيضانات بين عامي ١٨٦٠ و١٨٨٠ وكان أشدها عام ١٨٧٨ وبالرغم من الحواجز والسدود كانت قد رفعت مترا عما كانت عليه قبل فيضان ١٨٧٤ الا ان المياه قد حطمتها وارتفعت فوقها عند القاهره واجتاحت جميع الاراضي المنزرعه ما بين المنيا والقاهره ثم التحمت مع فرع رشيد في الدلتا بينما تفجر فرع دمياط فإجتاح جميع الاراضي المحيطه به حتي وصوله الي البحر وفزع الناس هاربين من الوادي والدلتا الي الاراضي المرتفعه لكن المياه أغرقت الكثير من الرجال والنساء والأطفال مع مواشيهم بينما شاهد الناس بيوتهم وهي تنهدم وتذوب في المياه التي جرفتها معها. كتب احد الخبراء الذين شهدو المنظر يقول ( كان حقا منظرا مرعبا علي ضفاف النيل في مستهل شهر سبتمبر ١٨٧٨ فلقد وصلت المياه عند احد الضفتين الي مستوي الارض بينما ارتفعت عند الضفه الآخري فوق هذا المستوي بعلو يتردد بين عشره اقدام واثني عشر قدم.
المشهد الثاني

وصف حاله الري بمصر موسم ١٩٤٦

كانت مديريات الري تشرف علي سير النهر ابتداء من خزان اسوان وانتهاء بالترع والمراوي والمساقي الصغيره وتشتد الحاجه الي الماء بين نهايه شهر يوليو وشهر اكتوبر وهي الفتره التي تزرع فيها الاراضي الصيفييه المراحه بالذره وتكون الاراضي كلها منزرعه ولكن هذه الفتره هي نفسها فتره الفيضان ويكون المعيار الوحيد لإعطاء المياه للترع هو مدي استيعابها للمياه وقدره الفلاحين علي التنظيم والتوزيع علي المساقي.
وتهبط الحاجه الي المياه في اكتوبر ويتجه الزائد من المياه الي البحر وعندما تحل نهايه شهر فبراير ويهبط المنسوب في النيل بسرعه هائلة تزداد حاجه الحقول الي مزيد من المياه عن الحد الذي تستطيع الحصول عليه. ويشرع خزان اسوان في إطلاق مياهه ويتم حصاد المحصول الشتوي.
وتجري زراعه نصف مساحه الاراضي الصالحه للزراعه فقط معتمدة علي مياه خزان اسوان و يستبد القلق بالفلاحين اذ يكون منسوب المياه بالنهر منخفضا جدا. ولا تشرع مديريات الري في إطلاق المياه لزراعه الاراضي المراحه الا بعد ورود الأنباء من أعالي النيل مبشره بالفيضان الجديد. وكانت اراضي الحياض لا تنتج الا محصولا واحدا طوال العام.
ومن يريد المزيدمن المشاهد الرهيبة للجفاف يمكنه الرجوع لكتب المقريزي ” إغاثة الامه بكشف الغمه ”
هذا العظيم الحارس الأمين انهي هذه المشاهد نهائيا وضمن حصه سنويه مقدارها ٥٥.٥ مليار متر من المياه نصرفها متي وكيف شئنا.
هذا العظيم غير مصير شعب بأكمله لان مصر تحولت من بلد خاضعة لمشيئه نهر الي بلد مروضه تمام لذلك النهر واستطاعت توظيفه تمام من اجل التوسع الزراعي وتوليد الكهرباء ومن اجل انتظام الملاح النهريه طوال العام .
هذا العظيم صُنّف كأعظم مشروع إنشائي في القرن العشرين لما له من مردو علي البشر .
هذا العظيم بقواعد تشغيله له القدره علي التعامل مع اعتي الفيضانات .
فلننم مطمئنين قريري العين طالما السد العظيم بخير .
ولنتذكره طوال العام بالخير والامتنان.

 

زر الذهاب إلى الأعلى