عاجل… “التنين الأصفر” يهدد الموالح المصرية بعد الازمة الامريكية… وتقرير مصر والمغرب تسيطران علي 21% من موالح العالم
واصل الباحثون الزراعيون في منطقة البحر المتوسط دق ناقوس الخطر بشأن إمكانية وصول مرض “التنين الأصفر” إلى المنطقة المتوسطية بعد انتشاره في مناطق كثيرة وأصبح أشد أعداء مزارع الحمضيات خطرا في العالم كله، مطالبين الحكومة بضرورة الإستعدات لتنفيذ جميع الإجراءات الوقائية لحماية الموالح المصرية من هذه التهديدات خاصة وان مصر تصدير سنويا ما يقرب من 1.6 مليون طن من الموالح.
ووفقا للتقارير الدولية،هناك فعلا مخاوف حقيقية من أن يصل المرض إلى المنطقة المتوسطية التي تؤمن 70 % من صادرات البرتقال والليمون في العالم مقابل 21 % فيما يتعلق بعصائرهما.
وبرغم ملايين الدولارات التي خصصتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة لمحاولة التصدي لمرض ” التنين الأصفر “، فإن آخر التقارير الأمريكية حول الخسائر الاقتصادية التي ألحقها المرض بإنتاج البرتقال الأمريكي لاسيما في ولاية فلوريدا ينذر بالخطر، ويشرع طرح سؤال يمكن صياغته كما يلي: ” هل يختفي عصير البرتقال عما قريب بسبب حشرة صغيرة الحجم تنقل بكتيريا إلى أشجار البرتقال فتسقط ثمارها قبل أن تينع.
وأكدت وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض محاصيل الحمضيات في ولاية فلوريدا بشكل مستمر منذ قرابة ثلاثة عقود بسبب هذا المرض. ولوحظ في الوقت ذاته أن مزارعين أمريكيين كثيرين مختصين في زراعة الحمضيات أصبحوا عاجزين عن ممارسة أنشطتهم لأنهم يؤكدون أن كل الجهود التي قاموا بها في السنوات الأخيرة للحيلولة دون تفشي المرض قد فشلت فشلا ذريعا وأن خسائرهم الاقتصادية لا يمكن أن تعوضها المساعدات التي يحصلون عليها.
وجاء التحذير من انتقال هذا المرض إلى بلدان المتوسط، ومن بينها المغرب، من طرف إيريك إمبرت، وهو باحث في مركز التعاون الدولي في البحث الزراعي من أجل التنمية، الذي يوجد مقره بفرنسا، في تصريحات للصحافة الفرنسية.
ويعد البحر المتوسط الحوض الوحيد الذي لازال محفوظاً من هذا المرض، لكنه لم يعد آمناً في الوقت الحاضر، إذ تم رصد انتقال حشرات، من بينها المسماة “بسيلا” الآسيوية، إلى شبه الجزيرة العربية.
وتتغذى هذه الحشرة المُضرة على نسغ الأشجار بالوخز، وبالتالي تنقل البكتيريا التي تسد القناة التي يمر عبرها النسغ، فتتحول بعد ذلك أوراق الشجر إلى اللون الأصفر وتتشوه الثمار لتموت بسرعة.
أما بِسيلا الإفريقية، التي تم اكتشافها في شمال إفريقيا والبرتغال، فهي تنقل مرضاً أقل ضرراً من الأسيوية. وحذر الباحث الفرنسي من مواجهة كارثة كبرى في البحر المتوسط في حالة عدم القيام ببحوث من أجل الوقاية.
وفي حالة فلوريدا، التي واجهت هذا المرض، فإن إنتاج البرتقال انخفض ما بين 2005 و2017 بنسبة 60 في المائة تقريباً، وتضاعف سعر العصير المركز بالجملة إلى 2500 دولار للطن بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ويشير الباحثون إلى أن دول البحر الأبيض المتوسط ليست بمأمن من ظاهرة مماثلة قد تهدد سوق الحمضيات الطازجة في المنطقة، خصوصاً أن 21 في المائة من البرتقال المستهلك في جميع أنحاء العالم تأتي من البساتين الممتدة من المغرب إلى مصر ومن البرتغال إلى تركيا. كما تسيطر دول المنطقة على 70 في المائة من صادرات العالم من الحمضيات.
ولكن يمكن لبلدان المنطقة المتوسطية استغلال أزمة عصير البرتقال الأمريكي الحالية وخاصة مصر بسبب مرض ” التنين الأصفر” لمحاولة اكتساح أسواق جديدة، فإنها ليست مُحصنة ضد هذا المرض الذي اكتُشف لأول مرة في مزارع الحمضيات الهندية خلال القرن السابع عشر، ولكنه بدأ يكتسح بشكل تدريجي وبطيء غالبية مناطق العالم الأخرى عبر بكتيريا تقتل الأشجار عبر سد أنظمتها الدورانية مما يجعل الثمار تسقط قبل اكتمال نموها ونضجها.
وينصح خبراء الزراعة البلدان المتوسطية بأن تكون شريكا فاعلا في الحرب العالمية التي يدعون لشنها على ” مرض التنين الأصفر” عبر توحيد الموارد المالية والبشرية والمعارف العلمية والتكنولوجية القديمة والحديثة لتسجيل اختراق هام في صفوف العدو.
ويرى خبراء زراعيون اليوم أن المنهجية الأسلم والأكثر نجاعة لمحاربة المرض تمر عبر وضع استراتيجية عالمية تبدأ صياغتها باستخلاص كل الدروس من التجارب التي استُخدمت حتى الآن للتصدي له لاسيما في البلدان المهمة المنتجة للحمضيات وهي البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية والهند وباكستان وجنوب إفريقيا.
وفي فرنسا يبدو كثير من الباحثين متشائمين حول هذا الموضوع منهم إيريك إمبير المتخصص في الحمضيات في مركز التعاون الدولي حول البحوث الزراعية من أجل التنمية والمعروف باسم ” سيراد”. ويقول هذا الأخير إن باحثي المنطقة المتوسطية برمتهم كانوا قد دقوا ناقوس الخطر منذ سنوات عديدة بشأن إمكانية وصول المرض إلى المنطقة. ويضيف قائلا منتقدا بشكل خاص بلدان المتوسط الشمالية: ” لدينا إحساس بأننا ننفخ في الرماد”.
وقد نشرت أكاديمية العلوم الأمريكية في شهر أبريل عام 2018 نتائج دراسة تبين أنه ليس ثمة أمل على المدى القريب في التوصل إلى معالجة هذا المرض. ودعا واضعوها لاستخلاص دروس من تجربة نجحت في جزيرة ” لاريونيون ” الفرنسية الواقعة في المحيط الهندي تمثلت في تخلي مزارعي أشجار الحمضيات تماما عن الأماكن التي تفشى فيها “التنين الأصفر” وزرع أشجار البرتقال في المرتفعات.