د هند عبد اللاه تكتب: المبيدات خط الدفاع عن الزراعة والجودة تصنعها التطبيق الآمن
رئيس بحوث قسم بحوث متبقيات المبيدات وتلوث البيئه – المعمل المركزي للمبيدات
الجميع يتحدث عن الوجه المخيف للمبيدات و عن أضرارها البيئية والصحية، ودائما المبيدات هي المتهم الاول للامراض الخطيرة المنتشرة في المجتمع على الرغم من ان المبيدات في تركيبها و خواصها كأي مادة كيميائية لها أضرار و منافع ، فمثلا الأدوية التي يتم تناولها يوميا لعلاج بعض الأمراض ، فهي ليست قاتلة ، لكن عدم الالتزام بالجرعة المحددة من قبل الطبيب قد تؤدي لأضرار بالغة قد تصل الى الوفاة .
كذلك المبيدات ، يمكننا تجنب تلك الاضرار التي تسببها عن طريق إختيار المبيد المناسب على المحصول المناسب لمكافحة آفة بعينها و جرعة محددة مع الالتزام بفترات الامان المدونة على البطاقة الاستدلالية للمبيد مع مراعاة استخدام الملابس الواقية بجميع مراحل التعامل مع المبيدات ….. الخ
و كثير من الاجراءات يتم أخذها بهذا الشأن من قبل الجهات المعنية .
و هناك سؤال متكرر يطرح نفسه دائما في أي تجمع علمي : هل يمكن الاستغناء عن استخدام المبيدات؟
- في اعتقادي ان الاجابة ستكون بالنفي الى ان يظهر بديل يعطي نفس كفاءة استخدام المبيدات و بمعدل ضرر متناقص . اذن لا يمكننا حاليا الاستغناء عن إستخدام المبيدات ، فلماذا دائما ننظر الى هذا الوجه المخيف للمبيدات ، و أمامنا الوجه الثقافي ، و الحضاري ، و الاقتصادي .
يعتبر القطاع الزراعي في مصر أحد اهم القطاعات في بناء الاقتصاد القومي بالرغم من ضئالة حجم الاستثمارات مقارنة بالقطاعات الاخرى ، و يعد الاستثمار في مجال المبيدات من أهم هذه الاستثمارات لكونها احدى العناصر الاساسية في مجموعة المدخلات التكنولوجية لزيادة الانتاج الزراعي و مكافحة الآفات مما ادى الى رفع الانتاجية الزراعية لوحدة المساحة مع تقليل الفاقد من المحاصيل اثناء التخزين.
فعندما تستطيع الدولة ان تكتفي ذاتيا في انتاج بعض المحاصيل الهامة تصبح في مأمن من تهديدات نقص الغذاء حيث ان الغذاء هو احد التحديات العالمية التي يجب علينا جميعا مواجهتها .
و لقد تابعنا جميعا الاسابيع الماضية عن كثب الدور الاساسي و الفعال الذي قامت به المبيدات في مكافحة اسراب الجراد حيث تركز تقنيات مكافحة الجراد حاليا على استخدام المبيدات بدلا من الاساليب القديمة التي كانت لا تقوم بدور المكافحة بشكل كامل و بالوقت المطلوب فأسراب الجراد تسبب خسائر باهظة في المحاصيل الزراعية.
الجراد حشرات آكلة للنبات تلتهم في الكيلو متر الواحد من السرب حوالي 100 الف طن من النباتات الخضراء في اليوم و هو ما يكفي نصف مليون شخص لمدة سنة ، و بذلك فالفاعلية و الوقت عاملان في غاية الاهمية للتحكم في مثل هذه الاعداد الهائلة و الحفاظ على الانتاج الزراعي .
هناك منظور آخر للمبيدات يجب أن نلقي عليه الضوء و هو المنظور الثقافي و الحضاري و التاريخي ، فمصر بلد الحضارة العريقة و التاريخ الديني المتمثل في المعالم الاثرية التي ما زالت قائمة حتى الآن. حيث تستخدم المبيدات في مكافحة الحشرات الهادمة للتاريخ مثل الحشرات التي تصيب ( الاخشاب – الجلود – المنسوجات – المومياوات – الزخارف ….. الخ ).
فمثل هذه الآثار يطلق عليها الاثار العضوية التاريخية التي قد تصاب بالتلف البيولوجي نتيجة ظهور بعض الحشرات ، و الفطريات ، و البيكتريا الناتجين عن سوء التخزين مثل اصابة بعض الاثار الخشبية بحشرة النمل الأبيض التي تنتقل من الارض الى الاخشاب من خلال قنوات تقوم بانشاءها على اسطح الجدران بالوصول الى الاجزاء الخشبية من الاثر ثم تنتشر بسرعة هائلة و تسبب تلف الاثر .
فما الحل أمام هذه المشكلات ؟!
قطعا الاجابة هي استخدام المبيدات مع الأخذ في الاعتبار بعض الاحتياطات أثناء التعامل بمثل هذه الكيماويات على التحف الاثرية كالتأكد من فاعلية المبيدات في المكافحة قبل استخدامها على الاثر و تجنب تراكم الأبخرة و الحرص على التهوية المستمرة . قبل ذلك كله لابد من اختيار المبيدات المناسبة بعناية فائقة و بعد دراسة دقيقة فهنا ليس الهدف المكافحة فقط و لكن الاهم الا يكون المبيد المستخدم ذو تأثير منخفض جدا على العناصر الزخرفية و الالوان الموجودة على الجدران و الا يؤثر على المخطوطات و البرديات حتى لا يتم فقد أجزاء من نصوصها الهامة التي تسرد تاريخ مصر العظيم .
ألا نشعر ببعض من الراحة عندما نتحدث عن الجانب الايجابي فيما حولنا .فالتحدث عن الايجابيات و التفكير في الاستثمار في اجيال المستقبل و تشجيع ثقافة الابتكار و الاستثمار في البحث العلمي يقودنا جميعا نحو مستقبل أفضل .