محمود عطا يكتب: إنها مصر وافتخر…الزراعة وإبداع التاريخ
المجاعة تضرب جذورها فى أرض كنعان (فلسطين) والخضرة المبهجة تتراقص أمام شعب مصر فيقرر نبي الله ابراهيم النزوح من ارض القحط الى ارض النماء …لم يرفض فرعون مصر طلب اللجوء لمن جاءوا من أهل الشام يطلبون الإيواء.
أواهم فرعون مصر لينعموا بالغذاء والأمان وها هى اللوحة التاريخية التي تجسد مرحلة من حياة ملوك الأسرة الأولى (٣٢٠٠-٢٨٩٠) قبل الميلاد تؤكد ذلك وكما جاء فى الآية العاشرة من الإصحاح الثالث عشر فى سفر التكوين الذي وصف مصر (جنة الله على الأرض)
ويذكر التاريخ أن أهل الأرض قد جاءوا إلى يوسف عليه السلام ليشتروا القمح المصري بعد أن اشتد بهم الجوع كما جاء فى سفر التكوين الإصحاح الواحد والأربعين (وجاءت كل الارض الى مصر الى يوسف لتشتري قمحا).
ارتبطت الحياة كمعنى إنساني بالإنتاج فموسم الحصاد لمحاصيل القمح والشعير والكتان يرمز له بالحزمة المشكلة من المحصول على هيئة علامة (عنخ) وهي تعنى الحياة وفى السابع والعشرين من شهر برمودة تبدأ الاحتفالات بآلهة الحصاد فى عيد وزن الدقيق لمعرفة نسبة تصافي القمح.
وفى عهد الملك مينا (٣٣٠٠) قبل الميلاد تحول مجرى النيل الى الشرق حتى تمكن من استقطاع مساحة لبناء مدينة منف لتتوسط المساحة المنزرعة.
إن عبقرية الشخصية المصرية المرتبطة بجغرافية المكان وروعة الطبيعة كانت دافع للإبداع الإنساني ليس فى مجال الزراعة فحسب بل مجال الأدب فقالوا أدباؤنا القدماء أنهم شعب الشمس وشعب السماء وشعب الإله والشعب النبيل وأن ذلك الشعب ما هو إلا صورة من الإله ..تشكلوا من لحمه وخلقوا من عينيه ونزلوا من دموعه.
لذلك رغم ما تعرضت له مصر من غزوات وهجرة من سكان الارض بتنوعاتهم الثقافية لم يستطيعوا أن يؤثروا فى الشخصية المصرية بقدر تأثرهم بها فالإغريق انحصروا فى منطقتي شمال وغرب مصر.
كذلك عرب الشمال من العدنانيين وعرب الجنوب من القحطانيين اللذين نزحوا إلى مصر فى العهد العربي الإسلامي رغم اختلاف وتنوع ثقافاتهم إلا أن كلاهما تمت إذابته فى الشخصية المصرية كونها ضاربة بجذورها العميقة في الحضارة الانسانية لأنها لم تنزح إلى بل العكس صحيح تماما