د عماد عدلي يكتب: قراءة تحليلية في التقارير الدولية عن مخاطر التغيرات المناخية…بصمة التلوث المتهم الرئيسي
لا جدال حول حقيقة استقر عليها الجميع بأن التغير المناخي قد صار مصدر الخطر الرئيسي الذي يهدد البقاء المادي للعالم الحاضر. ولكن فيما يبدو أن التغير المناخي له مزاج متقلب وليس له مسلك واحد في مساره وسلوكه من حيث تأثيراته وتداعياته فيما بين دول العالم.
اتضح أنه لا يسير على وتيرة واحدة من حيث القوة والحجم. كما أن هذا التأثير ليس فقط من حيث كم هذه التداعيات وضخامتها ولكن أيضاً من حيث سرعة معدل وقوع هذه التداعيات. لقد لوحظ أن هناك بعض المفارقات البيئية في ظاهرة التغير المناخي والتي تم رصدها في كندا والتي تختلف عن غيرها من الدول مما يزيد من درجة التأثير وقوته.
وعلى الرغم مما استقر في وجدان المواطنين بأن التغير المناخي يمثل قمة التهديد الذي يواجه العالم متمثلاً في الدفء العالمي إلا أن هناك اعتقاد قد وقر في النفوس بأن التغير المناخي ما هو إلا محصلة لذلك التلوث الذي خلفته آثار الإنسان عبر خطواته وأنشطته التي دأب عليها في نهج حياته.
لذلك اختلفت آثاره من مكان لأخر على سطح الكوكب وذلك ما أظهره أحد التقارير الجديدة والتي كانت مبعث للاهتمام والفحص بالنسبة لواحدة من دول أمريكا الشمالية الكبرى وهي كندا. فقد وجد العلماء أن هذه الدولة يصل فيها متوسط معدل الدفء العالمي إلى ضعف المعدل بالنسبة للدول الأخرى، وقد وردت هذه الحقيقة في ذلك التقرير العلمي الجديد الذي أجرته الوكالة الحكومية للتنسيق بين السياسات البيئية..
أظهر التقرير أن متوسط درجة الحرارة قد وصل إلى 3 درجة فهرنهايت أعلى مما كانت عليه درجات الحرارة خلال السبعين عاماً المنصرمة.. وبالمقارنة بين متوسط درجة الحرارة على مستوى العالم وجد أنه قد ارتفع خلال نفس الفترة حوالي 8 درجات.
وخلص القائمون على إعداد ذلك التقرير إلى ازدياد معدل الدفء العالمي في كندا الشمالية، وأنه من المنتظر أن يواصل إرتفاعه بمعدل يصل إلى ضعف معدل زيادة الدفء على مستوى العالم..
كما حذر التقرير بأن الدفء الناجم عن مخلفات ثاني اكسيد الكربون نتيجة الأنشطة البشرية قد زاد على نحو غير مسبوق.. ومن ضمن النتائج النهائية التي توصل إليها التقرير هي أن التغيرات في درجات الحرارة قد ظهرت في العديد من الأماكن بكندا مع التوقع بإنها سوف تواصل الإرتفاع..
تنبأ التقرير بأن الإرتفاع في درجة الحرارة سوف يواصل إرتفاعه على ذلك النحو الذي يتوقع معه تراجع متوسط سقوط الأمطار في مناطق بعينها.. فقد كان البحر الجليدي الكندي والمحيط الأطلنطي هما أكثر المناطق تأثراً حيث شهدت أطول وأوسع إنتشار للأحوال المناخية التي تخرج عن نطاق السيطرة ولاسيما في البحر الجليدي حسبما ورد بالتقرير..
توصل التقرير أيضاً إلى أن ذلك قد أثر على مدى توفر المياه العذبة وهو ما يحمل في طياته خطر تراجع الموارد المائية خلال الصيف.. وتوقع التقرير سيناريوهات لما يمكن أن يكون عليه منحنى التغير المناخي في ظل السيناريوهات الموضوعة لتخفيض معدلات العوادم بأعلى درجة والتي لا تخرج عن سيناريوهين بالنسبة للوضع في كندا.
إذا حدث الدفء على نحو أكبر وأسرع فإن المناخ سوف يتأثر بشدة نتيجة زيادة معدل الغازات الدفيئة، ويرى العلماء أن حدوث تأثير محدود للدفء يتوقف على ماتبذله كندا وبقية دول العالم من جهود للحد من عوادم الكربون في النصف الثاني من ذلك القرن وذلك بالعمل على تقليل الغازات الدفيئة الأخرى بصفة أساسية..
بدأ إجراء تلك الدراسة في فبراير 2017 بالإعتماد على المصادر الأولية الموجودة بالفعل والتي تم تدقيقها والمتاحة بالفعل، حيث رأى القائمون على إعداد ذلك التقرير أن التأثير البشري يلعب الدور الأكبر في ظاهرة التغير المناخي وهو ما ليس بحاجة إلى تدليل وأكدو على أن أكثر من نصف الدفء الحادث في كندا هو نتيجة النشاط البشري..
أشار التقرير إلى ذلك المسح الذي أجري في 26 دولة والذي أكد فيه المواطنيين على أن التغير المناخي يعد مصدر التهديد الأكبر للأمن العالمي.. دلالة ذلك هو أن مصدر التهديد للبقاء المادي لذلك العالم لم يعد في امتلاك الاسلحة النووية كما كان يُعتقد لعقود طويلة ولكن في التغير المناخي وترسانته التي تفوق ترسانات الأسلحة في الدول المتقدمة.