الأخبارالانتاجالصحة و البيئةالعالمالمناخامراضبحوث ومنظمات

د عاصم عبدالمنعم يكتب: التغيرات المناخية والأرض

باحث أول- المعمل المركزى للمناخ الزراعى- مركز البحوث الزراعية- مصر

التغيرات المناخية والأرض

مقدمة

يُعَدُّ تغيُّر المناخ أحد أكبر التحدِّيات البيئية التي تُؤثر في كوكب الأرض والإنسانية، ويُعتبر تَغير المناخ عالمياً هو قضية تَتَعلق بحقوق الإنسان وذلك ليس لكونه ذو تأثيراتٍ مُدمرة تُؤثر على التَمتع بحقوق الإنسان بل أيضًا لأنه ظاهرة من صنع البشر تَستطيع الحكومات تخفيف حدتها. كما أن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفا في المستقبل إذا لم يَتم القيام بإتخاذ إجراءات جذرية الآن.

الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)

أَنشَأت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) فى عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) .ويتمثل دور الهيئة الحكومية الدولية (IPCC) في تقييم المعلومات العلمية والفنية والاجتماعية والاقتصادية اللازمة لفهم الأساس العلمي لمخاطر تَغير المناخ الناجمة عن الأنشطة البشرية وآثارها المحتملة والخيارات المُتاحة للتكيف معها والتخفيف من حدتها، وذلك على أساس شامل وموضوعى ومنفتح وشفاف. كما لا تقوم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ     (IPCC) بإجراء بحوثاً ولا تُراقب البيانات المتعلقة بالمناخ أو البارامترات ذات الصلة الأخرى وإنما تؤسس تقييمها فى الأساس على استعراض النظراء للأدبيات العلمية/الفنية المنشورة.

نشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية فى أغسطس من العام 2019 تقريرها الخاص الثانى من سلسلة التقارير الخاصة بها (ثلاثة تقارير) والذى يُوثق تَأثير تغير المناخ على الأراضى تحت مُسمى (تغير المناخ والتصحر وتَدهور الأراضي والإدارة المستدامة للأراضي والأمن الغذائى وتدفقات غازات الإحتباس الحرارى في النظم الإيكولوجية الأرضية). وتناول التقريركيف ان إساءة استخدام الأراضي تُسرع من التغيرات المناخية، كما ان العالم عندما يركز بشكلٍ عامٍ على الاستدامة يكون أفضل وضع لمجابهة التغيرات المناخية.

وخلص التقرير الى النتائج التالية (ملخص صانعى القرار):

أولاً الناس والأرض والمناخ والإحترار العالمى

  • تُوفر الأرض الأساس الرئيسى لسبل عيش الإنسان ورفاهيته بما فى ذلك تَوفير الغذاء والمياه العذبة وخدمات النظم الإيكولوجية الأخرى المتعددة وكذلك التنوع البيولوجي.
  • الفترة ما قبل الثورة الصناعية (1850- 1900) ارتفعت درجة حرارة الهواء السطحى للأرض تقريباً ضعف متوسط درجة الحرارة العالمية. كما أثر تغير المناخ بما في ذلك الزيادات في أحداث الطقس شديدة التطرف سلباً على الأمن الغذائي والنظم الإيكولوجية الأرضية، كما ساهمت التغيرات المناخية أيضاً في التصحر وتدهور الأراضي في العديد من المناطق.
  • شكلت إجمالى الانبعاثات من أنشطة الزراعة والغابات واستخدام الأراضي الأخرى (AFOLU) نحو 13٪ من ثاني أكسيد الكربون و 44٪ من الميثان و 82٪ من انبعاثات أكسيد النيتروز من الأنشطة البشرية على الصعيد العالمي خلال الفترة من 2007- 2016 وهو ما يعادل نحو 23٪ من إجمالي صافى انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى بشرية المنشأ (بمكافئ الكربون). وفى الوقت ذاته تَمتص العمليات الطبيعية للأرض ما يعادل نحو 29% من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون الناجمة عن الوقود الأحفورى والصناعة.
  • تُؤثر التغيرات فى الأراضى سواء من استخدامها فى الزراعة أو الرعى أو من تغير المناخ على المناخ العالمى والإقليمى، فعلى المستوى الإقليمي يُمكن لظروف التغير فى الأراضى أن تُقلل من درجة حرارة الأرض أو تزيد من حدتها وتُؤثر على شدة وتكرار ومدة أحداث الطقس شديدة التطرف، ويَختلف حجم واتجاه هذه التغييرات باختلاف الموقع والموسم.
  • يَخلق تَغير المناخ ضغوطاً إضافية على الأرض مما يُؤدى إلى تَفاقم المخاطر الحالية على سبل العيش والتَنوع البيولوجي وصحة الإنسان والنظام الإيكولوجي والبنية التحتية ونظم الغذاء. ومن المُتوقع أن تحدث تأثيرات متزايدة على الأرض في جميع السيناريوهات المستقبلية لانبعاثات غازات الإحتباس الحرارى حيث تواجه بعض المناطق مخاطر أعلى فى حين ستواجه بعض المناطق مخاطر لم تكن مُتوقعة من قبل.
  • يَعتمد مستوى الخطر الذي يشكله تغير المناخ على مستوى ارتفاع درجات الحرارة وعلى كيفية تطور أنماط السكان والاستهلاك والإنتاج والتطور التكنولوجي وإدارة الأراضي. فالمسارات التي يرتفع فيها الطلب على الغذاء والأعلاف والمياه والاستهلاك والإنتاج بكثافة أكبر للموارد والتحسينات التكنولوجية المحدودة في الإنتاجية المحصولية تؤدى إلى زيادة مخاطر ندرة المياه في الأراضى الجافة وتدهور الأراضى وانعدام الأمن الغذائي.

ثانياً خيارات التكيف والتخفيف

  • يُمكن للعديد من الخيارات المُتعلقة بالأراضى والتى تُسهم في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره أن تُحارب التصحر وتَدهور الأراضي وتُعزز الأمن الغذائي.
  • يُمكن أن تُساهم العديد من أنشطة مكافحة التصحر فى التكيف مع تغير المناخ وكذلك في وقف فقدان التنوع البيولوجي من خلال المنافع المشتركة للتنمية المستدامة للمجتمع. حيث أن تجنب التصحر والحد منه يعمل على تَعزيز خصوبة التربة وزيادة تخزين الكربون فى التربة والكتلة الحيوية مع الاستفادة من الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي.
  • الإدارة المستدامة للأراضي بما في ذلك الإدارة المستدامة للغابات يُمكن أن تمنع وتقلل تدهور الأراضي وتحافظ على إنتاجية الأرض وتُساهم فى التكيف والتخفيف من اثار التغيرات المناخية.

ثالثاً تفعيل خيارات الإستجابة

  • يمكن أن يُسهم التَصميم المناسب للسياسات والمؤسسات وأنظمة الحوكمة على جميع المستويات في التكيف والتخفيف المرتبطين بالأرض. وتشتمل سياسات المناخ والأراضي التي تدعم بعضها بعضاً على إمكانية توفير الموارد وزيادة الروابط الاجتماعية ودعم الإصلاح البيئي وتعزيز المشاركة والتعاون بين أصحاب المصلحة المُتعددين.
  • يمكن أن تُسهم سياسات النظام الغذائي بما في ذلك التي تُقلل من فقد الأغذية وهدرها والتى تُؤثر على الخيارات الغذائية وتمكن من إدارة أكثر استدامة لاستخدام الأراضي وتَعزيز الأمن الغذائي ومسارات الانبعاثات المنخفضة في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره والحد من تَدهور الأراضي والتصحر والفقر وكذلك تَحسين الصحة العامة. كما يُمكن تمكين تعزيز الإدارة المستدامة للأراضى والقضاء على الفقر عن طريق تَحسين الوصول إلى الأسواق وحساب التكاليف البيئية في الغذاء مع وجود قيمة سعرية مقابل خدمات النظام الإيكولوجي.
  • يتم تَعزيز فعالية صنع القرار من خلال إشراك أصحاب المصلحة المحليين (لا سيما الأشخاص الأكثر عُرضةً لتغير المناخ بما في ذلك الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والنساء والفقراء والمُهمشين) في اختيار وتقييم وتنفيذ ورصد أدوات السياسة العامة للتكيف مع تغير المناخ القائم على الأرض والتخفيف من حدتها.

رابعاً العمل على المدى القريب

  • يمكن اتخاذ إجراءات على المدى القريب بناءً على المعرفة الحالية للتصدي للتصحر وتدهور الأراضي والأمن الغذائي مع دعم الاستجابات طويلة الأجل التي تُتيح التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ. وتشمل هذه الإجراءات بناء القدرات الفردية والمؤسسية والإسراع بنقل المعرفة وتَعزيز نقل التكنولوجيا ونشرها وتفعيل الآليات المالية وتَنفيذ نظم الإنذار المبكر والاضطلاع بإدارة المخاطر ومُعالجة الفجوات فى التَنفيذ والارتقاء.
  • اتخاذ اجراءات فى المدى القريب للتكيف مع تَغير المناخ والتخفيف من حدته والتصحر وتدهور الأراضى والأمن الغذائى من شأنها تَحقيق منافع مُشتركة اجتماعية وبيئية واقتصادية وتنموية، حيث يُمكن أن تسهم هذه المنافع المشتركة في القضاء على الفقر وتَوفير سبل معيشة أكثر مرونة لمن هم عرضة لمخاطر التغيرات المناخية.
  • التخفيضات السريعة في انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى بشرية المنشأ في جميع القطاعات التي تتبع مسارات تخفيف طموحة تُقلل الآثار السلبية لتَغير المناخ على النظم الإيكولوجية للأراضي والنظام الغذائي، فتأخير استجابات التخفيف من أثار التغيرات المناخية والتكيف معه عبر القطاعات من شأنه أن يؤدى إلى آثار سلبية متزايدة على الأرض ويُقلل من فرص التنمية المستدامة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى