اخبار لايتالأخبارالاقتصادالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمتفرقاتمصرنحل وعسل

د نصر بسيوني يكتب: حكايتي مع النحل وشجرة السدر المباركة

خبير في تربية النحل ومنتجات العسل

شجرة السدر المباركة ونحل العسل هل حان وقت التغيير ؟؟؟ قبل أن يسرح تفكيرك بعيداً في تغيير السيارة أو المنزل أو حتى تغيير زوجتك نحن نتكلم في هذا المنشور عن تربية نحل العسل في مصر بدأت تربية نحل العسل في مصر منذ ألاف السنين .

كان النحال المصرى القديم يضع خلاياه فوق مركب متحرك في مياه النيل وينتقل مع مياه النيل الى المناطق التي بها أزهار ليجمع منها النحل العسل وتستمر الرحلة لشهور حتى تنتهى بمنطقة بنها فيجمع بها عسله وتبدأ رحلة العودة مرة أخرى للصعيد مع مرور السنوات.

ومع قيام الدولة المصرية المنظمة بدأ انتشار زراعة البرسيم المصرى كمحصول العلف الأول والقطن المصرى و أشجار الموالح (الحمضيات) لتصبح أزهار هذه المحاصيل هي مواسم العسل الرئيسية في مصر  أستمر هذا الوضع لمئات السنوات حتى بناء السد العالى بمصر في ستينيات القرن الماضى و فرض الدورة الزراعية على المزارعين فثبتت هذه المواسم للنحال.

بدأت تربية النحل في الصناديق الحديثة (خلايا لانجستروث) وحدثت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة في تربية النحل بمصر نتيجة لوسائل التواصل الإجتماعى وسهولة التواصل بين النحالة في مختلف دول العالم مما سهل أنتقال الأساليب الحديثة لتربية النحل من بلد لأخر.

بدأ إعتماد النحال على مصادر مختلفة للدخل من نحل العسل مثل بيع النحل الحى وتصديره (طرود النحل) وإنتاج الشمع وحبوب اللقاح وغيرها من منتجات النحل الأخرى في السنوات الأخيرة ومع أتجاه النحال لإنتاج طرود النحل للتصدير نتج عن ذلك إنخفاض واضح في كم الأنتاج من العسل.

كذلك مع إرتفاع عدد السكان زاد الأستهلاك الداخلى للعسل و اتجه أغلب مزارعى الأرز الى حصد البرسيم قبل أزهاره وزراعة الأرز بطريقة بدار البذور بدلا من الزراعة التقليدية بطريقة الشتلات فأنخفض الأنتاج من موسم البرسيم وإنخفضت زراعات القطن وساد الأتجاه لزراعة أصناف من القطن غير منتجة للرحيق فأنعدم أنتاج عسل القطن .

كل هذا تسبب في تراجع مصر في الترتيب العالمى لمنتجى العسل و إنخفاض متوسط الأنتاج للخلايا على المستوى المحلى خلال هذه الفترة كانت تربية النحل في الدول الخليجية تعتمد على سلالة النحل اليمنى في أغلب هذه الدول وعلى موسمين فقط للأزهار هما موسم رحيق السدر وموسم رحيق السمر.

وفى السنوات الأخيرة ومع إنتشار زراعة أشجار السدر و إرتفاع سعر عسله (سعر كيلو عسل السدر في دول الخليج حوالى 25 دولار تقريبا) لجأت هذه الدول الى أستيراد النحل من مصر لزيادة الأنتاج وفى الأعوام الأخيرة أنتشرت في هذه الدول حملات تطالب بتوفير الأموال التي تنفق سنويا لإستيراد النحل المصرى وتطالب بتربية النحل داخليا في هذه الدول وإقامة محطات لإنتاجه ووقف أستيراده من الخارج.

ما سبق هو مقدمة لشرح الوضع الحالي لتربية النحل في مصر في الأيام الحالية ألا انه من سفرى لبعض الدول العربية وعلاقة الصداقة بالنحالة في أغلب هذه الدول كانت لى بعض الخبرات الشخصية التي أحب أن انقلها لحضراتكم أول تعاملى مع عسل السدر كانت منذ سنوات.

كيف ذلك؟

أهدانى أحد الأصدقاء كيلو من عسل السدر منتج بدولة عربية وبمجرد تذوقى له شعرت بطعم غريب لم أتعود عليه من قبل حتى أننى أغلقت العبوة وطلبت من صديقى عدم أهدائى هذا العسل مرة أخرى ومع الأيام أضطررت لإستعماله أكثر من مرة .

وقبل أن أنهى العبوة أتصلت بصديقى أطلب غيرها ومع سفرى للخارج أكثر من مرة كان همى الأول في كل زيارة أن أتذوق عسل السدر الخاص بكل دولة ومحاولة أيجاد فارق بينه وبين عسل سدر الدول الأخرى لقد اكتشفت أننى أصبحت مدمن لعسل السدر بدأت في البحث عن شجرة السدر.

وجدت ان  أكثر الأشجار إنتشار في دول الخليج هي شجرة صحراوية تنبت و تنتشر بعشوائية وتكتفى بمياه الأمطار و المياه الجوفية لنموها ولا تحتاج الى رى منتظم لنموها وثمرتها غير مقبولة الطعم ولا يستفاد منها ولكن بعض دول الخليج بدأت في زراعة نوع أخر منها يسمى السدر الباكستانى أو الصينى وهو ذو ثمرة أقرب ما تكون للكمثرى وينتج عسل جيد ولكنها تحتاج للرعاية و الرى بأنتظام.

شجر السدر يزهر مرتين في أغلب الدول العربية ففي المناطق الشمالية يزهر في شهر مايو بينما في المناطق الحارة الجنوبية يزهر خلال شهر أكتوبر وينتج رحيق جميل يجذب النحل اليه.

اما اليمن العربى فهو صاحب أشهر أنواع السدر وأغلى أنواع العسل المنتج منه وقد تفاجأت في احد المؤتمرات بإحصائية يمنية تذكر أن شجرة السدر اليمنى تنتج 3 الى 4 كيلو عسل في المتوسط وقد إعترضت على هذا الرقم ولكنى فوجئت بتأكيد هذا الرقم من أكثر من صديق عربى أخرهم من دول المغرب العربى أنه بزراعة أشجار السدر اليمنى عندهم كان الرحيق يتساقط منها في صورة نقاط في الصباح الباكر.

أما في مصر فالمعروف من أنواع السدر هو أشجار النبق والعناب وهى أشجار يمكن الإستفادة من ثمارها في الأكل كنوع من الفاكهة وهى تنتشر بمناطق الجنوب و البحر الأحمر و سيناء ويعتبر العناب ألذ أنواع ثمار السدر من حيث الطعم منذ ثلاث أو أربع أعوام طلب منى نحال من منطقة السويس تذوق عينة عسل و التعرف عليها وبمجرد أن شممت رائحتها وتذوقتها فوجئت انها لعسل سدر مختلط بعسل اخر غير معروف.

منذ عامين بدأ اعلان النحالة في صعيد مصر عن توافر عسل سدر مصري وبدأ بعض ضعاف النفوس من تجار الأعسال في جمع عسل السدر المصرى وبيعه بعشرة أضعاف سعره على أنه عسل سدر خليجى أو يمنى هذا العام (2019) تواصلت مع أحد الأصدقاء من نحالة الصعيد وأشتريت منه عسل سدر مصري وانا متخوف من جودته ولكنى تفاجأت أن عسل السدر المصرى كان له طعم متميز يتفوق على غيره من الأعسال بشكل ملحوظ أعتقد أن التوسع في زراعة السدر وخاصة الأنواع التي يمكن ان يستفاد من ثمارها في الأكل مثل العناب يمكن أن يحدث تغيير كبير في نوعية وكمية الأنتاج من الأعسال في مصر ويمكن أن يضعها مرة أخرى على رأس قائمة الدول المنتجة والمصدرة للأعسال في العالم خلال فترة لا تزيد عن عشرة أعوام ان شاء الله.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى