خبير يضع خارطة طريق لمواجهة ازمات النفوق الجماعي للاسماك في كفر الشيخ ودمياط
علاء الدين عيسي:4 اسباب وراء الظاهرة… والحل في القضاء علي فوضي الادوية والمستحضرات الحيوية
استعرض علاء الدين عيسي استاذ ورئيس قسم طب ورعاية الأحياء المائية بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة واستشارى الطب الوقائي لشركة قناة السويس للاستزراع السمكى والاحياء المائية اسباب ظاهرة النفوق الجماعى لأسماك المزارع المصرية ممثلة في نموذج عملى من كفر الشيخ و دمياط موضحا انه لفترة تزيد عن عقد من الزمان كمتخصص وخبير في امراض الاسماك ووبائيتها قام بتسجيل اكثر من 15 نوبة نفوق جماعى بين الأسماك المصرية سواء في المياه المفتوحة كحادثة نفوق اسماك الوقار في خليج السلوم سنة ٢٠٠٨ و نوبات نفوق اسماك البلطى بنهر النيل بالبحيرة و المريوطية في ٢٠٠٩ و ٢٠١٠ و ٢٠١٢ و اخرى ربما نسميها كوارث قومية.
واضاف علاء الدين عيسي في دراسته العلمية وتم عرضها خلال فعاليات المؤتمر العلمي الثاني الذي نظمه معهد صحة الحيوان بمدينة الغردقة تحت عنوان النهوض بالثروة الحيوانية تحديات وحلول ان عمليات النفوق الجماعي للاسماك التي تم رصدها يمكن تسميتها نوبات نفوق حادة موسمية اى في فصل محدد مثل فصل الصيف كالتى تحدث سنويا في مزارع اسماك البلطى الطينية بكفر الشيخ و كذلك نوبات النفوق الجماعى لاسماك الدنيس والقاروص بالمزارع البحرية الطينية بمنطقة شطا وعزبة البرج بدمياط وهو ما ترتب عليه خساىر اقتصادية فادحة لدى المربي ومن ثم تأثير سلبي جدا علي استدامة قطاع الاستزراع السمكى بمصر.
واوضح استشارى الطب الوقائي لشركة قناة السويس للاستزراع السمكى والاحياء المائية انه لفهم ظاهرة النفوق يجب اولا فهم العوامل والتداخلات البيئية التى ادت الى حدوث المرض بصورته الحادة ومن ثم حدوث نوبات النفوق المفاجئة مشيرا الي انه لحدوث اى مرض في الاسماك يتطلب حدوث ما يسمى بالاجهاد البيئ وهو حالة باثوفسيولوجية تنشئ من تفاعل ثلاث عوامل اساسية هى العائل (السمكة) و الميكروب في بيئة مائية تشمل الاثنان وليحدث المرض يجب ان يحدث اختلال بيئى ينشأ عنه تثبيط لجهاز المناعة الجلدى و الجهازى للسمكة وموازى لها زيادة عددية للميكروب ونشاط بيوكيميائي سريع وحاد للميكروب ينشأ عنه زيادة في ضراوته وقدرته علي احداث المرض وهذا التفاعل يشبه في علم امراض الأسماك بثلاث دوائر متقاطعة مركزها مثلث يمثل الناتج السلبي لهذا التفاعل الا و هو المرض.
كما اوضح “علاء الدين عيسي” انه حتى تحدث نوبات المرض الحادة التى تؤدى في النهاية الى حالات نفوق جماعى يجب ان تسوء العوامل الكيميائية التى تشكل المعايير الطبيعية الكيميائية والفيزيائية للبيئة المائية مثل الارتفاع الحاد في الحرارة و الانخفاض الحاد في نسب الاكسجين الذائب و الارتفاع الحاد في نسب الامونيا السامة و زيادة قلوية المياه وعوامل اخرى من شأنها تمهد لحدوث الغزو الميكروبي لأنسجة الأسماك وما يليها من تفشي المرض باحواض التربية بسرعة نتيجة تثبيط مناعة الاسماك بصورة تؤدى بصورة مفاجئة الى نوبات نفوق جماعى.
وشدد استشارى الطب الوقائي لشركة قناة السويس للاستزراع السمكى والاحياء المائية علي انه بالدراسة والبحث لما يحدث من نوبات نفوق متكررة سواء في الاسماك المستزرعة العذبة او البحرية يمكننا تلخيص اسباب النفوق في اربعة اسباب رئيسية هى معاملات غذائية خاطئة وممارسات خاطئة اثناء دورة التربية و تغيرات مناخية حادة واحمال ميكروبية زائدة وتشمل تلك المحاور الاربعة عوامل كثيرة منها ممارسات خاطئة في التغذية سواء في الكم او النوعية او معدلات وتوقيت التغذية وما يصاحبه من تغيير كيميائى حاد بطبيعة المياه من زيادة الامونيا ونقص الاكسجين وارتفاع نسب غاز كبريتيد الهيدروجين نتيجة تحلل لاهوائى للاحماض الامينية الكبريتية مشيرا الي ان الاسباب وراء النفوق تشمل ايضا اختراق او الجهل بمنظومة الامان الحيوى للمزرعة من خلال تربية حيوانات كبيرة مثل البقر والجاموس بالمزرعة بالاضافة الى الطيور المائية مثل البط و جميعها تعتبر مصادر دائمة للعدوى بميكروبات مثل الميكروب السبحى و الايروموناس و اليرسينيا وغيرها من مسببات الامراض والنفوق الجماعى في الاسماك.
واشار “عيسي” الي ان اسباب النفوق الجماعي للاسماك تشمل ايضا الخفض المتعمد لمنسوب المياه اثناء حالات النفوق وعدم جمع الأسماك النافقة من الاحواض و الجسور و ترك مخلفات ومخلفات الحيوانات علي الجسور وجميعها عوامل ديناميكية لانتشار المرض بالمزرعة مما يصعب احتوائه وترتبط جميعها بموروث ثقافي خاطئ لدى المربي من خبرات غير علمية و ممارسات حقلية خاطئة ورثها من اباءه واسلافه العاملين في هذه الصناعة من عقود طويلة.
ولفت استشارى الطب الوقائي لشركة قناة السويس للاستزراع السمكى والاحياء المائية الي ان هناك عوامل اخرى ربما اى يشتبه في ضلوعها في تغير باثوفسيولوجى دائم في الأجهزة الحاكمة لصحة ومناعة الاسماك وما يترتب عليه من نوبات مرضية حادة نتيجة قابلية السمكة للاصابة بميكروبات لم تكن مسجلة بها من قبل ومن تلك العوامل المعاملات الهرمونية الخاطئة سواء في الجرعة او الصلاحية او التركيز الخاص بهرمون الايثيل تستيستيرون المستخدم فى انتاج وحيد الجنس و كذلك بعض المعاملات الجينية الجارية بغرض التحسين الوراثى لسلالات البلطى النيلى في مصر والعالم وما قد يتبعه من تغير غير محمود وغير متوقع في الجينات المنظمة لجهاز المناعة والمقاومة الطبيعية للسمكة ضد الميكروبات البازغة والمتحولة.
واوضح “عيسي” ان هذه الأسباب من شأنها زيادة معدلات الاصابة الميكروبية وما يتبعه من نوبات نفوق وهو ما يحدث لسمكة البلطى عالميا وليس محليا فقط في مواجهة فيروسات لم نكن نسمع عنها منذ عقود مثل الايريدوفيرس و فيروس بلطى البحيرات ومرض التنكرز العصبي وغيرها من فيروسات كان عائلها الطبيعي اسماك اخرى غير البلطى.
وتساءل الخبير في صحة الاسماك عن اسباب ما تتعرض له اسماك البلطي النيلي من مخاطر صحية وامكانية ان تتحمل سمكة البلطى نوبات التغير الحرارى الحاد الحادثة علي مستوى العالم وهل تستطيع سمكة البلطى مواجهة نوبات وهجمات متتالية من فيروسات ناشئة و اخرى معاودة واخرى متحورة مشددا علي انه بدون اتخاذ اجراء تصحيحى لكل الاخطاء و الممارسات الخاطئة اثناء دورة التربية سنصل لا محالة الى اجابة سلبية للسؤالين السابقين وما يتبعها من تهديد خطير لاستدامة استزراع هذه السمكة وربما قد يؤدى الى كوارث وجوائح عالمية من شأنها القضاء علي نلك السمكة .
واضاف “عيسي” انه من اهم الاجراءات التصحيحية اتباع منظومات امان حيوى محكمة ومتوازنة ومناسبة لامكانيات الاستزراع السمكى في البيئة المائية المصرية ونشر مفاهيم الوقاية والتربية الصحيحة المبنية علي اسس علمية وليس علي مواريث ثقافية ومحاربة فوضي سوق الدواء والمستحضرات الحيوية في الاستزراع السمكى ومنع تداول اى ادوية ومستحضرات غير مسجلة و نشر فكر استخدام اللقاحات الحيوية ورافعات المناعة كوسيلة حتمية للوقاية من الامراض المتفشية في البيئة المائية المصرية بشرط وجود رقابة بيطرية صارمة علي انتاج ونقل وبيع واستخدام تلك اللقاحات والمستحضرات الحيوية من خلال الهيئات البيطرية المنوطة بذلك مثل الهيئة العامة للخدمات البيطرية.
ولفت خبير صحة الاسماك الي اهمية نشر الوعى بمفاهيم الامان الحيوى وطرق تنفيذه بالمزارع السمكية و تعريف المربي باهمية اللجوء الى الطبيب البيطرى المتخصص في في بداية حدوث المرض وقبل تتطور الامر ولتجنب خسائر اقتصادية فادحة نتيجة النفوق الجماعى للاسماك بالمزارع المصرية.