اخبار لايتالأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةبحوث ومنظماتمتفرقات

دراسة صادمة…النحل يتناول اللحوم (تفاصيل)

صنفت برارثانا دارامبال، من جامعة ويسكونسن-ماديسون، وشون ستيفان، الذي يعمل في الجامعة نفسها بالإضافة إلى عمله في «دائرة البحوث الزراعية بالولايات المتحدة» (ARS)، 14 سلالة مختلفة من النحل تنتمي إلى 6 عائلات من عائلات النحل السبع، ووجد الباحثون في الجامعة أن النحل يتناول كميات كبيرة من الميكروبات، تكفي لتغيير موقعه في الشبكات الغذائية. يستخدم العلماء مقياسًا لتصنيف الموقع الذي ينتمي إليه الكائن الحي في تلك الشبكة؛ فالكائنات التي تصنع طعامها، مثل النباتات، تُسجَّل في ما يُطلَق عليه «المستوى الغذائي الأول»(TP 1)، وتُسجَّل آكلات العشب في «المستوى الغذائي الثاني» (TP 2)، أما آكلات اللحوم فتُسجَّل في «المستوى الغذائي الثالث» TP 3))، أو حتى في مستوى أعلى إذا كانت تتغذى على آكلات اللحوم الأخرى.

وحددت دراسة علمية لنفس الجامعة  المستوى الغذائي في جميع النحل الذي شملته الدراسة هو 2.6 في المتوسط، مما يضعه في فئة آكلات اللحوم والعشب، في منتصف المسافة بين آكلات العشب وآكلات اللحوم. ومن المثير للاهتمام أن المستوى الغذائي كان متباينًا بين عائلات النحل؛ إذ تباينت بين وقوعها فوق فئة آكلات العشب بدرجة بسيطة (2.11) إلى كونها آكلات لحوم بشكل كامل (3.09). والآن وقد عُرف المستوى الغذائي، تقول دارامبال إنها تتساءل عمّا إذا كان النحل يبحث عن طعامه حقًّا في صورة حبوب اللقاح، أم عن الميكروبات المرتبطة بحبوب اللقاح.

نشر ستيفان وزملاؤه، وضمنهم دارامبال، سلسلةً من الأوراق البحثية توضح دليلهم على أن الميكروبات تُشكل جزءًا مهمًّا في مجموعة متنوعة من شبكات الغذاء، تتضمن الشبكات التي تضم النحل. تؤكد النتائج التي توصلوا إليها أن الفطريات والبكتيريا والكائنات المجهرية الأخرى، يمكن أن تندرج في أي موقع في شبكة الغذاء، مما يغير بشكل كامل رؤيتنا بخصوص فكرة المفترس والفريسة، وآكل اللحوم وآكل العشب -وما الذي يجعل النحلة نحلة.

كشف ستيفان وزملاؤه أيضًا عن أن اللحم الميكروبي هذا، يُعد جزءًا أساسيًّا من غذاء النحل. فقد قام الباحثون باختبار سلالة من النحل البَنّاء، الذي يضع البيض في أنابيب فوق سطح الأرض، يسهل الوصول إليها ونقلها. وفي كل أنبوب، يضع النحل البنّاء سلسلةً من البيض، بحيث تكون كل واحدة منها على حشوة خاصة من حبوب اللقاح والرحيق.

طلب الباحثون من مُربي نحل في ولاية يوتاه أن يرسل إليهم مجموعةً من الأنابيب بعد أن ملأها النحل مباشرةً. أخذ الباحثون البيض من الحاويات وفصلوا الذكور عن الإناث واستخدموا يرقات الذكور فقط، إذ قُسمت إلى سبع مجموعات من 12 مجموعة. عقّم العلماء نصف حبوب اللقاح، ثم غذّوا المجموعات بمزيج مختلف من حبوب اللقاح المعقَّمة وغير المعقَّمة. ومع زيادة النسبة المئوية لحبوب اللقاح المعقَّمة في الطعام، زاد احتمال وفاة اليرقات. كما انخفض وزن اليرقات واستغرقت وقتًا أطول حتى وصلت إلى مرحلة النضج.

تقول دارامبال: «تُعَد الميكروبات مصدرًا مهمًّا جدًّا للعناصر الغذائية لهذا النحل». وأضافت: «إذا نزعت هذا المصدر بالغ الأهمية أو جزءًا منه من النظام الغذائي للنحل، فإنه يعاني معاناةً هائلة».

لقد ترسخت فكرة أن النحل نباتي في علم الحشرات، ويعترف ستيفان بأنه قد واجه هو وزملاؤه معارضةً شديدة عندما حاولوا الحصول على موافقة على أوراقهم البحثية المرتبطة بفرضية النحل المنتمي إلى فئة آكلات اللحوم والعشب. وفي النهاية، تم نشر الأوراق البحثية في دوريتي «أميريكان ناتشيورالست» American Naturalist و«بروسيدنجز أوف رويال سوسايتي بي» Proceedings of the Royal Society B، على التوالي.

تقول غلوريا ديجراندي هوفمان، التي تعمل في دائرة البحوث الزراعية، والتي بحثت في ميكروبيوم نحل العسل ولكنه لم يكن جزءًا من العمل: إن المجتمع العلمي دائمًا ما يكون متشككًا. فعندما يتعارض اكتشاف جديد مع تصوُّر واسع الانتشار، فإن الناس يحتاجون إلى بعض الإقناع لقبول الفكرة.

تشير نتائج النحل البنّاء إلى أن النحل قد يعاني أو يتضور جوعًا إذا اختفت بعض الميكروبات من نظامه الغذائي. وقد عزا العلماء نقص أعداد كلٍّ من النحل المُربَّى والبري إلى عوامل مختلفة، تتمثل في التعرُّض لفقدان الموائل وتدهورها، والآفات ومسببات الأمراض، والتعرُّض لمبيدات الآفات، وتغيُّر المناخ.

وقد ركزوا إلى حدٍّ كبير على مدى تأثير هذه العوامل بشكل مباشر على النحل. وتمثلت الخطوة التالية في النظر فيما إذا كانت عوامل الضغط قد تؤثر على الميكروبات التي تحملها حبوب اللقاح. يقول ستيفان إن أي عوامل ضغط تزيل الكرش الخارجي بصورة تخرج عن السيطرة قد تكون وسيلةً «غير مباشرة، ولكنها ليست أقل فتكًا» لقتل النحل.

أحد هذه العوامل هو الحرارة الناتجة عن تغيُّر المناخ. يقول ستيفان: «قد لا تكون الحرارة قاتلةً بشكل مباشر للنحل في طور النمو». وأضاف: «لكن من الوارد جدًّا أن تسبب درجة الحرارة المرتفعة قتل الكائنات الحية المجهرية الموجودة في حبوب اللقاح، وبذلك تعاني النحلة من نقص الميكروبات». ويبحث ستيفان و”دارامبال” هذا الاحتمال حاليًّا. كما قد تكون مبيدات الفطريات عاملًا آخر من عوامل الضغط. على الرغم من الحاجة إلى إجراء المزيد من البحوث، يقول ستيفان: «في هذه المرحلة، لدينا أدلة كثيرة على أن مبيدات الفطريات تُحدث تغييرًا كبيرًا في أنواع الميكروبات التي تخمر حبوب اللقاح». ويضيف قائلًا: «من المحتمل جدًّا أن يكون الاستخدام الزراعي لمبيدات الفطريات أحد عوامل الضغط الأولية –أو العامل الأساسي– الذي يؤدي إلى تدهور النحل».

بطبيعة الحال، يمكن للنقص الحاد في مجتمعات النحل أن يدمر المحاصيل والنباتات البرية التي تساعد في تلقيحها. إذ يستفيد حوالي ثلاثة أرباع نباتات ومحاصيل الأرض المزهرة من الملقِّحات الحيوانية، بما في ذلك 87 محصولًا من أصل 115 محصولًا من المحاصيل الغذائية العالمية الرائدة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى