د محمود عبدالحليم يكتب: كابوس الامراض العابرة للحدود
باحث أول بقسم بحوث البروسيلا – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية
وتعرف بأنها الأمراض الوبائية شديدة العدوى التي يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة، بغض النظر عن الحدود الوطنية. فهي تسبب معدلات عالية من الوفيات والمرض في الحيوانات، وبالتالي لها عواقب اجتماعية واقتصادية خطيرة وأحيانًا على الصحة العامة.
ان توافر استراتيجيات مبتكرة يعد امرا ضروريا للتصدي للامراض الحيوانية العبرة للحدود مثل البروسيلا وحمي الوادي المتصدع والحمي القلاعية وما ينتج عنها من مخاطر علي صحة الانسان وما لها من مردود سلبي علي الاقتصاد.
وتواجه نظم صحة الحيوان وسلامة الغذاء تحديات جديدة واضافية نتيجة لزيادة طول وتعقد سلاسل الامدادات في قطاع الثروة الحيوانية الذي يسرته العولمة وتحرير التجارة.
وفي الوقت نفسه تؤدي تزايد صرامة اللوائح التنظيمية والمعاير الخاصة المتعلقة بسلامة الغذاء وصحة الحيوان والتي ترمي الي رفاهية المستهلك الي نشوء تحديات بالغة للمنتجين وبخاصة اصحاب الحيازات الصغيرة ذوو القدرة التقنية والمالية المحدودة علي الامتثال لتلك اللوائح التنظيمية والمعايير .
وتمثل الامراض الحيوانية المشتركة العابرة للحدود نوعين اساسيين من المشاكل هما
المشكلة الاقتصادية والمشكلة الصحية وتتمثل المشاكل الاقتصادية في خسائر في الانتاج والانتاجية والربحية قد تنتج عن المرض وتكاليف العلاج .
بالاضافة الي الاختلافات التي تحدث في الاسواق المحلية والتي بدورها تؤدي الي اختلافات فى التجارة الدولية والتي تنشأ عن تفشي الامراض وطرق مكافحتها من اجل التحكم فيها والتي ترمي الي احتواء انتشارها مثل المحاجر البيطرية والتي تنظمها قوانين خاصة بكل بلد والتي تمنع خروج او دخول الحيوانات دون استخراج شهادات صحية موثقة من البلد التي تحتوي علي تلك المحاجر .
اما ما ينجم عن انتقال الثروة الحيوانية عبر الحدود من مخاطر علي صحة الانسان فهو نتيجة انتقال المسببات المرضية من تلك الحيوانات الي الانسان والبيئة المحيطة به. مما يؤدي الي تلوثها بالمراض التي قد تكون غير مستوطنة في البلد المنقولة اليه.وعي سبيل المثال انتقال ميكروب البروسيلا عن طريق استيراد حيوانات مصابة بالبروسيلا او احد منتجاتها والذي بدوره يؤدي الي مشاكل صحية بالغة في المرضي.
فضلا علي صعوبة التشخيص فى الانسان وتداخل اعراضها مع امراض اخري كثيرة مثل الانفلوانزا والسالمونيلا وغيرها من الامراض التي تكون مصحوبة بارتفاع في درجات الحرارة .
وتبين من اراء المختصين في الامراض الحيوانية بشان انتشارها وتاثيراتها يرجع الي الافتقار الي المعلومات الخاصة بهذه الامراض.
فعلي سبيل المثال ليس واضحا في بعض الاماكن ما اذا كان انتشار المرض الوبائي يزيد فعلا أم انه يجري اكتشاف مزيد من حالات الاصابة به نتيجة لتحسن القدرات التشخيصية.
وتشير الادلة الي حدوث هبوط في انتشار مرض الاجهاض المعدي في البلاد المتقدمة وخلو الدول المتقدمة ذات الطبيعة الخاصة مثل الجزر مغلقة الحدود كالجزر البريطانية واليابان ونيوزيلاندا من البروسيلا.
وكذلك خلو بعض الدول الغنية مثل المانيا وهولندا وكندا من هذا المرض ولذلك فهذه الدول لها اشترطات خاصة في القوانين المحجرية الخاصة بها .
.بينما ينتشر ميكروب البروسيلا في الدول النامية وبخاصة في كثير من البلدان الافريقية والتي تمتلك عدد لاباس به من الحيوانات المختلفة من ابقار وجاموس وابل وماعز واغنام مما يؤدى الى انتشار الامراض العابرة للحدود من انتقال هذة الحيوانات الى بلاد اخرى قد تكون خالية من تلك الامراض.
هذا وقد لفت انظار بعض المستوردين الي كثرة عدد الحيوانات واختلاف انواعها ورخص ثمنها لانها تنمو فى مراعى طبيعية على العشب والكلأ فضلا عن احتياج بلادهم الى البروتين الحيوانى المتمثل في لحوم هذه الحيوانات الى الاندفاع فى استيراد هذه الحيوانات وذلك لتحقيق ربحية من الاتجار فى هذه الحيوانات ولسد العجز الموجود لديهم .
ومما لاشك فيه ان استيراد الحيوانات من هذه الدول الفريقية الفقيرة كان له مردود ايجابى وذلك بعمل الاتحادات المنظمة لهذة التجارة وايضا اقامة المؤتمرات المختلفة للتوعية من مخاطر هذه التجارة والتى تتمثل فى انتقال الامراض العابرة للحدود .
مما ادى الى الاتقاء بمجال التشخيص المعملى وذلك بانشاء احدث المعامل وتزويدها بافضل المشخصات المختلفة والاستعانة بالخبراء والمختصين من اجل تصدير منتجات امنة صالحة للاستهلام الادمى ومن اجل تنشيط حركة التجارة الدولية والحد من انتقال الامراض العابرة للحدود والتى قد تكون لها اثار بالغة الخطورة على صحة الانسان والحيوان والبيئة فى الدول المستوردة لهذه الحيوانات
ان الامراض الحيوانية العابرة للحدود والتى تنتشر بسرعة قطريا ودوليا الى مناطق خالية من الامراض يمكن ان تؤدى الى تكاليف اقتصادية باهظة جدا وهذه الامراض قد تنتقل عن طريق الحيوانات الحية او منتجاتها او تحملها الملابس والاحذية الخاصة بالعاملين عليها وا اطارات المركبات الخاصة بالبشر الذين ينتقلون عبر الحدود الموبوءة مما قد يؤدى الى نشوء امراض جديدة غير معروفة او لاتتوافر لها تكنولوجيا لمكافحتها هو مدعاة للقلق بوجه عام وبالنظر لتلك التاثيرات الهائلة لتلم الامراض فانها تجتذب عادة اكبر قدر من الاهتمام من جانب اللوائح التنظيمية الدولية والاستراتيجية الرئيسية التى تستخدم للحد من اثار الامراض العابرة للحدود والنشئة تنطوى على القضاء على الامراض فى اماكن تواجدها ثم منع عودتها مرة اخرى وذلك بالاعتماد على برامج التحصينات المختلفة من اجل التحكم والسيطرة على هذه الامراض لمصلحة الانسان والبيئة.