د صفوت كمال يكتب: النظام الأفضل لتغذية الأسماك
أستاذ في معهد الأمصال واللقاحات بالعباسية – مركز البحوث الزراعية- مصر
الأسماك كأى كائن حى آخر ،إنما تحتاج إلى الغذاء لسببين رئيسيين. الأول لتزويدها بمصادر تعوضها عن الطاقة التى تفقدها أثناء حركتها وبالتالى المحافظة على حياتها ،والثانى من أجل استمراية عملية البناء ( النمو ) . ويعتبر عمليات تغذية الأسماك بالمزارع من أهم محددات نجاح المزرعة وزيادة إنتاجها .
ويمكننا بداية أن نقسم غذاء الأسماك بالمزارع إلى نوعين من الغذاء ، أحدهما طبيعى فى مياه الأحواض والآخر صناعى يقدم للأسماك .. ولما كان الهدف الأساسى من تربية الأسماك بالمزارع هو الحصول على أكبر إنتاج ممكن لذا لا يمكننا أن نعتمد فقط على الغذاء الطبيعى فى الأحواض بل يجب أن نقدم وجبات إضافية من الغذاء الصناعى للأسماك فى أطوار نموها المختلفة وفيما يلى سنتناول هذين النوعين من الغذاء بنوع من التفصيل .
أولاً : الغذاء الطبيعى
كما سبق أن ذكرنا فإن المياه الصالحة للتربية إنما تحتوى على مجموعة كبيرة من الأملاح الذائبة الضرورية لنمو النباتاتالمائية ـ البلانكتون النباتى ـ الذى يعتبر أول حلقة فى سلسلة التغذية فى الوسط المائى ـ فتقوم هذه النباتات بإمتصاصالأملاح الذائبة فى الماء وتحولها فى أجسامها إلى مواد عضوية بمساعدة الضوء الجوى ، وهكذا تكون قد أعدت نفسها غذاءً مباشراً للحيوانات الدقيقة العالقة فى الماء ـ البلانكتون الحيوانى ـ وهذه بدورها تصبح غذاء مباشراً للأسماك . وما يموت من هذه الحيوانات والنباتات يرسب فى قاع الحوض ويكون طبقة دقيقة من المواد العضوية ـ تسمى بالطبقة الدبالية أو الدبال ـ التى تتغذى عليها يرقات الحشرات والديدان وغيرها من الحيوانات التى تعيش على القاع . ثم تأتى الأسماك لتلتهم الجميع .
ومن ناحية آخرى فإن النباتات المائية بصفة عامة ـ الثابتة والمغمورة ـ فهى فضلاً عن أنها غذاء طبيعى هام لكثير من الحياء المائية ومنها الأسماك نفسها فإنها تعتبر ملجأ هاماً لصغار الأسماك ، كما تعمل على إنتاج الأكسجين اللازم لتنفس السماك . بالإضافة إلى هذا فإنه عند تحلل بعض من أجزائها وترسب فى قاع الأحواض إنما يتحول إلى سماد عضوى يزيد من خصوبة التربة فى الأحواض وبالتالى يعمل على زيادة الغذاء الطبيعى بشكل عام .
مما سبق يتبين لنا أن بالأحواض مجموعات مختلفة من الأحياء ونشاط هذه المجموعات إنما هو نشاط معقد إلى درجة كبيرة وكل مجموعة من هذه المجموعات له طوران فى الحياة أو ظاهرتين ـ أحدهما بناء والأخرى هدم ، والظاهرتان تسيران بالتبادل ـ ففى ظاهرة البناء نجد أنها تتكون أساساً من العناصر الغير عضوية الذائبة فى الماء والطاقة التى تتمثل فى الضوء والحرارة وبعض الغازات مثل الأكسيجين وثانى أكسيد الكربون فى الهواء ، عن طريق هذه العناصر تتكون ظاهرة البناء فى الماء داخل الحواض . فالنباتات الميكروسكوبية الدقيقة العائمة فى الماء وبعض الأوركيديا تمثل هذه المواد الغير عضوية الذائبة فى الماء فى وجود الضوء ودرجة الحرارة والغازات الذائبة فى الماء وتحولها إلى مواد غذائية معقدة أو مركبة .
أما النباتات كبيرة الحجم ذات الجذور الموجودة فى الأحواض فتستغل العناصر الغير عضوية الموجودة فى تربة القاع مباشرة والذى يحدث أن الفيتو بلانكتن يؤكل بواسطة حيوانات دقيقة أخرى هى الزوبلانكتنـ والمجموعتان تؤكلان أو تستعملان كغذاء لأنواع كثيرة من الأسماك . أما النباتات الجذرية سواء كانت طازجة أو ميته فى حالة تحلل ـ فكما سبق أن أوضحنا فهى تستعمل كغذاء لبعض أنواع السماك أو كعائل لبعض الحيوانات كالقواقع ويرقات الحشرات المائية ، وبدورها تستعمل كغذاء لبعض السماك أو الحيوانات المفترسة الموجودة فى الماء كما وأن هناك مجموعة كبيرة من الحيوانات التى تعيش على المواد المتحللة بقاع الأحواض وتعد هذه بمثابة مصدر غذائى هام لأنواع كثيرة من الأسماك وغيرها من الحيوانات المائية خاصة التى تعيش فى القاع.
وفى الظاهرة الثانية ـ ظاهرة الهدم ـ نجد أن مختلف الكائنات الحية إما أن تؤكل مباشرة بواسطة كائنات حيه أخرى أكبر منها وإما أن تموت طبيعيا ـ وطبيعيا أنه بعد موتها فسترسب فى قاع الحوض وتتحلل وتصبح فى عداد المواد العضوية التى يسهل على الكثير من الأسماك وحيوانات القاع التغذية عليها .
لذا نجد أن دورة الحياة فى الأحواض هى عبارة عن عمليات مستمرة لبناء مواد غذائية معقدة من عناصر أولية أو تحلل مواد معقدة إلى عناصر بسيطة بواسطة البكتيريا . وبالتالى فإن علينا وبالدجة الولى أن نعمل فإذا لوحظ تبقى كميات من الغذاء على الطبالى يراعى الإقلال من الأغذية التى تقدم فى الوجبة التالية .
أما الصغار الأسماك فتحتاج عند تغذيتها إلى عناية خاصة ، ويفضل أن يقدم لها غذاء بروتينى من أصل حيوانى . ويتوفر ذلك فى دم المواشى المذبوحة المخلوط بعجينة من الكسب أو الرجيع ويوضع على جدارن بعض قصارى الزرع أو على طبالى التغذية ، وبعد مضى أسبوعين أو ثلاثة تزاد نسبة المواد الغذائية إلى الدم ياستمرار وبشكل تدريجى .
احتياج السماك من البروتين فى غذائها ..
تحتاج الأسماك إلى البروتين كمصدر للأحماض البروتينية الأساسية وهى نفس الأحماض الأمينية التى تحتاج إليها الحيوانات الأخرى (كاليسين والميثيونين والفلين والليوسين والتريونين والفينايل الانين والأرجنين . إلخ وتعتمد احتياجات الأسماك من البروتين على محتواها من الأحماض البروتينية ، ونسبة الاستفادة منها فى مواد العلف المستخدمة . وبصفة عامة تحتاج الأسماك إلى نسبة عاليةفى أعلافها . ويرجع السبب فى ذلك إلى أن نسبة البروتين فى لحوم الأسماك على أساس المادة الجافة تصل إلى 65% وتختلف هذه الاحتياجات حسب العمر والوزن أو الحجم بالنسبة لكل نوع ، ونقص البروتين فى العلائق بشكل مستمر يترتب عليه نفوق الأسماك.
احتياجات الأسماك من الطاقة الحرارية :
تحتاج الأسماك إلى طاقة حرارية أقل من تلك تحتاجها الحيوانات الأخرى . ولذا نجد أن نسبة الطاقة إلى البروتين فى علائق الأسماك هى 9 :1 بينما نجدها فى الدواجن 16 :1 ، ويرجع السبب فى ذلك إلى
- الأسماك من ذوات الدم البارد.
- محدودية النشاط الحركى للأسماك .
- تفرز الأسماك نواتج هدم البروتين فى صورة أمونيا وهى تمثل فقدا فى الطاقة حوالى 5% بينما فى الدواجن فإنا إفراز نواتج هدم البروتين تكون فى صورة حمض اليوريك ويمثل فقداً قدره 25 %تقريباً.
أهمية الدهون فى علائق الأسماك :
تعتبر الدهون المصدر الاساسى للطاقة علاوة على أنها تعمل موسادة تحمى الأعضاء الحيوية فى جسم السمكة وكعازل حرارى ، وتدخل فى تخليق الهرمونات وكوسط لنقل الفيتامينات الذائبة فى الدهون ـ بالإضافة إلى أنها مصدر هام لمجموعة الأحماض الدهنية الأساسية ( أى غير المشبعة ) وهذه مهمة للهضم والنمو والمظهر الجيد للأسماك .
وعموما تختلف نسبة إضافة الدهون إلى علائق الأسماك حسب طريقةة تجهيز العليقة . ففى العليقة الطرية يمكن أن تصل نسبة الدهون إلى 20%- أما فى العلائق الجافة فيجب ألا تتجاوز الـ 10% مع ملاحظة أن نسبة الدهون بالعلائق التجارية المتوافرة بالسوق تتراوح بين 3-15 % .
أهمية الكربوهيدرات فى علائق الأسماك:
تمثل الكربوهيدرات فى الأسماك بنفس الطريقة التى تتم بها فى الحيوانات الأخرى ـ إلا أن النسبة الهضمية للكربوهيدرات فى الأسماك أقل وخاصة الأنواع المعقدة منها مثل النشا ، أما الكربوهيدرات البسيطة مثل الدكسترين فنسبة هضمها أعلى . لذلكيوصى بعدم زيادة نسبة الكربوهيدرات المهضومة فى علائق الأسماك عن 20% .
أهمية الألياف فى العلائق الأسماك:
بسبب بساطة تركيب القناة الهضمية فى الأسماك فإن نسبة هضم الألياف لا تتجاوز 10% . وتعود أهمية الألياف فى غذاء الأسماكإلى أنها تعطى حجماً مناسباً للعلف يسهل مروره خلال القناة الهضمية وكذلك فإنها تعمل كمادة رابطة لمكونات العلف المصنع فى صورة حبيبات أو مكعبات .
أهمية الفيتامينات والأملاح المعدنية فى غذاء الأسماك :
تحتاج الأسماك فى غذائها إلى مجموعة من الفيتامينات بعضها يذوب فى الماء (مثل فيتامين ب1 ،ب2، ب3، ب6، ب12) . والبعض الآخر يذوب فى الدهون (مثل فيتامين أ،د3،ه، ك). ونادراً ما تظهر على الأسماك فى بيئتها الطبيعية أية أعراض للنقص الغذائى ، فالغذاء الطبيعى المتوافر فى البيئة يحقق للأسماك كافة احتياجاتها الغذائية ومنها الفيتامينات والأملاح المعدنية .
أما فى الأستزراع السمكى فإن الأمر يختلف ويتطلب من المربين مراجعة العلائق المقدمة لأسماك والتأكد من اتزانها واحتوائها على الاحتياجات الغذائية لها ومنها الفيتامينات والأملاح المعدنية وإذا ما حدث خلل فى الاتزان الغذائى فعادة ما ينعكسذلك فى صورة انخفاض الشهية ومعدلات نمو منخفضة وتلون الجسم بلون غير طبيعى .
ومن ناحية آخرى فإن الأسماك فى حاجة إلى الأملاح المعدنية لتكوين الأنسجة والهيكل العظمى وللمساعدة فى أداء الوظائف الفسيولوجية المختلفة فضلا عن أنها تساعد فى المحافظة على التوازن الإسموزى بين جسم السمكة والمياه المحيطة بها من خلال الجلد والخياشيم ويمكن تعويض أى نقص فى الأملاح المعدنية بإضافتها من خلال مخاليط تحتوى على مستويات من الأملاح المعدنية المطلوبة .
وخلاصة القول . فإن الاحتياجات الغذائية للأسماك تتأثر وبشكل مباشر بكل من الأصناف والسلالات والجنس ودرجة الحرارة ،كما تتأثر بدرجة جودة الأعلاف المستخدمة وبمحتواها من البروتين والطاقة والنسبة بينهما حيث تلعب دوراً كبيراً فى دفع معدلات نمو الأسماك وفى هذا الشأن وغيره فإن على المربين الاسترشاد بأداء وتوصيات المسئولين باليئة العامة لتنمية الثروة السمكية ومناطقها وإداراتها التى تقدم خدماتها للجميع بدون مقابل .
الاعلاف الطافية والأعلاف الغاطسة :
تنتج أعلاف الأسماك أساساً على صورتين رئيسيتين :
الأولى :- أعلاف تغوص عند إلقائها إلى الأسماك.
الثانية :- تطفو فوق سطح الماء .
ومن ناحية التركيب الغذائى لا يوجد فرق بين الصورتين والفرق الوحيد هو فى طريقة التصنيع . ففى الأعلاف الطافية يتم خفض كثافتها بإدخال فراغات هوائية تمكنها من الطفو .
مزايا الأعلاف الطافية :
- تجنب التغذية الزائدة حيث أن الأعلاف التى لم تتناولها الأسماك تظل طافية على السطح . ويساعد ذلك على تعديل كميات الغذاء باستمرار لتقليل الغذاء الزائد .
- عن طريق كميات الأعلاف التى تتبقى على السطح يمكن تقدير كمية الأعلاف المستهلكة والمتبقية بالأحواض .
- الأعلاف الطافية تظل محتفظة بقوامها لمدة قد تصل إلى 24 ساعة بينما التى تغوص تتحلل خلال ساعات قليلة وتوثر بالسلب على جودة المياه
مزايا الأعلاف الغاطسة :
- أسعار الأعلاف الغاطسة أقل من الطافية لأن تكاليف تصنيعها أقل .
- الأعلاف الغاطسة لا تتعرض لمشكلة الرياح التى قد تهب على الأحواض فى حين تتجمع الأعلاف الطافية فى أحد الأركان مما يجعلها غير متاحة لجميع الأسماك .
- بعض الأسماك لا تستطيع التغذية على الأعلاف الطافية فالقشريات ـ على سبيل المثال ـ تفضل التغذية على الأعلاف التى تغوص إلى القاع .
تمتاز الأعلاف التى تغوص ببعدها عن الطيور التى قد تتغذى على الأعلاف الطافية .