الأخبارالاقتصادالصادرات و الوارداتالمستثمرون و الشركاتبحوث ومنظمات

خبير زراعي: كيف يتم التعامل مع إدارة ملف البطاطس (حقائق وتحديات)

البطاطس من المحاصيل الرئيسية الهامة التي قد تناهز إهتمام الدول بزراعات إستراتيجية آخري مثل القمح والذرة ولكنها تشكل عصب الإقتصاد وأحد موارد الدخل من الزراعات غير التقليدية، وتحتاج إلي المزيد من جودة إدارة منظومة ملف البطاطس حتي تحقق الاهداف الإقتصادية المرجوة منها علي المستوي الزراعي أو التسويق أو التصدير وهو ما نحاول البحث في تفاصيله لكشف الحقيقة.

لذلك فإن التعامل مع ملف البطاطس لابد ان يكون “خارج” الصندوق …

لأسباب كثيرة “جداً” ومنها:

ان البطاطس هي محصول “قومي” بلا منازع حيث يتم استيراد تقاويه بأكثر من 2.2 مليار جنيه ويزرع منه حوالى 400 الف فدان وينتج حوالى 5 مليون طن تتجاوز قيمتها 20 مليار جنيه ويساهم فى الناتج القومي الزراعي باكثر من 5% .. ويستوعب اكثر من 25 مليون “يومية عمل” قيمتها (1.5 مليار جنيه) … ويوفر اكثر من مليون فرصة عمل دائمة (قيمتها 3 مليار جنيه على الاقل) …ويضخ عملة صعبة باكثر من 500 مليون دولار بما يعادل اكثر من 20% من قيمة صادراتنا الزراعية وحوالى 18% من حجم الصادرات الزراعية …يعني محصول رقم كبير فى حسابات الاقتصاد القومي الزراعي …

وللبطاطس سوابق فى التاريخ الانساني الحديث … مجاعة ايرلندا في 1845، حيث حدثت مجاعة حيث دمر مرض اللفحة المتأخرة محصول البطاطس (وكان لا يوجد بدائل للغذاء) …. ومات نحو مليون مواطن جراء هذه الكارثة، وهاجر الكثير هرباً من المجاعة، فرحل نحو مليون ونصف المليون إلى أمريكا وكندا وبريطانيا … حفظ الله بلدنا من كل مكروه …

البطاطس بالنسبة للمزارع:

هي زرعة الموسم .. اللي المزارع بيقعد ينتظرها سنة كاملة .. حبة البطاطس اللى بتتاكل في دقيقة .. المزارع بيتابعها ويراعيها اكتر من 150 ألف دقيقة كلها قلق وخوف وترقب لحدوث اي مشكلة فى موسم الزراعة او هبوط حاد فى الدورة الدموية للسوق “احيانا بدون مقدمات وبدون مبرر” … ورغم ذلك فهي بلا رابط أو ظابط .. عروات زراعية متداخلة (الشتوى دخلت فى المحيرة دخلت فى الصيفي) ولأول مرة فى تاريخ زراعة البطاطس فى مصر يتم زراعة العروة الصيفي فى نص نوفمبر !! (زمان كانت العروة المحيرة بتنزرع حتى النصف الثاني من ديسمبر – واللى كان بيزرع صيفي “مبكر” كان بيزرع فى أول يناير وسط نظرات العتاب من الجيران والخلان) …

لخبطة .. لخبطة ..

وفى وسط كل ده يترك مزارع البطاطس فى مهب الريح بمفرده مش عارف يلاقيها من مناخ بيقلب وتاجر بيهرب وسوق بيعوج واكشاك مبيدات بتنهش …

البطاطس للموسم الصيفي 2020 … في أرقام :

مع ملاحظة ان كل التقديرات في حدها “الأدنى” …

** كمية التقاوي المستوردة اللى دخلت مصر حوالى 138 ألف طن ..

** قيمة المتسرب من دورة رأس المال بسبب ارتفاع اسعار التقاوي المستوردة  حوالى 1.5 مليار جنيه (خرجت عن دورة مساهمتها العملية فى الناتج الاجمالى القومي)

** متوقع زراعة العروة الصيفي حوالى 170 ألف فدان.

** الغالبية العظمي من المساحة تم زراعتها فى الفترة من 1 ديسمبر 2019 وحتى 15 يناير 2020.

** تكلفة الفدان فى المتوسط 43 ألف جنيه أرض قديمة و 50-55 ألف أرض جديدة.

** انتاجية الفدان المتوقعة فى المتوسط من 13 – 17 طن للفدان.

** تكلفة الكيلو المنتج من البطاطس 2.9 – 3.5 جنيهاً.

** متوقع انتاج فى المتوسط 2.55 مليون طن ، معظمها في الفترة من 20 ابريل – 30 مايو 2020 في حالة عدم حدوث اي مشاكل فى موسم الانتاج وخاصة (مناخ ربيع وبداية صيف 2020 من حيث الموجات الحرارية المفاجئة) ..

** سعر المنتج سيتحدد بناءاً على انتاج وسعر العروة المحيرة (اللى بتتقلع فى اواخر مارس واول أبريل 2010 .. ولأول مرة سيتزامن انتاج العروة المحيرة مع انتاج العروة الصيفية (اللي انزرعت فى نوفمبر 2019) …وبناءاً عليه لا يعرف بدقة كيف ستتجه الأسعار خلال الشهور القادمة .. واللى هيحدد اتجاه السعر هو حجم الصادرات من البطاطس “المحيرة” خلال الأسابيع القليلة القادمة …

** متوسط الاستهلاك اليومي فى مصر من البطاطس حوالى 5500 طن / يوم …

** فترة وجود واستهلاك منتج العروة الصيفية محلياً من البطاطس 210 يوم (25 ابريل إلى 25 نوفمبر 2020).

** المطلوب للاستهلاك = 1.16 مليون طن بطاطس.

** المتبقي بعد الاستهلاك = 2.55 – 1.16 = 1.39 مليون طن. .. هيتصدر جزء منه والباقي هيروح تخزين للاستهلاك (مائدة + تصنيع) + تقاوي الموسم الجديد ..

* مع الاخذ فى الاعتبار ان حجم ناتج العروة المحيرة وحجم التصدير سوف يحدد سعر ناتج العروة الصيفي ..

المختصر: وجود درجة عالية من اللايقين !!

المحصلة = استمرار فى وجود “وفرة” انتاجية كبيرة فى المعروض للبطاطس للسوق المحلي واستمرار السعر المنخفض طوال 2020 …وزيادة كبيرة فى تكاليف زراعة العروة الصيفية بحيث لن يقل تكلفة الكيلو من البطاطس عن 2.9-3.5 جنيهات

الحل = حتمية تنظيم وضبط سوق تداول البطاطس فى مصر”

عن طريق الاجراءات التالية:

الاجراء (1)= حصر “دقيق” لمساحات البطاطس المنزرعة فى العروتين المحيرة والصيفية … وحصر وتقدير الكميات المنتجة من العروتين … وتقدير احتياجات سوق الاستهلاك وتوزيعه الزمني (الاجراء ده فى أسرع وقت ممكن) …

الاجراء (2) = فتح باب التصدير لاسواق خارج الاتحاد الاوربي (بحيث تستوعب كميات أكبر هذا الموسم) …(السوق العربي – السوق الافريقي – السوق الاسيوي) .. يعني لابد من تصدير ما لا يقل عن 850-950 ألف طن بأى طريقة …

الاجراء (3) = توفير أماكن خالية فى البرادات والثلاجات لاستيعاء أكبر حجم ممكن من انتاج العروة الصيفي لخفض ضغط المعروض للسوق المحلي وخاصة فى مايو ويونيو .

الاجراء (4) = دعم مصانع البطاطس (شيبس و نصف مقلية) لسحب أكبر كمية ممكنة من أصناف التصنيع وخاصة “مزدوجة الغرض” … حتى تخف من حجم المعروض من أصناف المائدة فى سوق الاستهلاك..

الاجراء (5) = حتمية دفع المؤسسات البحثية والعلمية والخدمية والارشادية لدعم العملية الانتاجية وتكثيف التوعية والارشادات عن طريق كافة الوسائل المتاحة (مديريات الزراعة – الاعلام ) … لان هذا الموسم للاسف سوف يتعرض لتحديات مناخية وانتاجية صعبة وسوف تؤثر على الانتاجية والجودة الى جانب السعر المنخفض أصلاً… عشان ميكنش موت وخراب ديار ..

الاجراء (6) = انشاء “بورصة” مركزية للبطاطس … يتبعها بورصات اقليمية فى مناطق التركيز… لعدم التلاعب فى اسعار المنتج ..

الاجراء (7) = خفض الهوامش التسويقية للحد الادني وخفض عمولة السوق الى اقل من 5% وتفعيل التسويق التعاوني .. بحيث يحافظ على سعر مناسب للمزارع وسعر مناسب للمستهلك … ويقلل جدا الهوامش التسويقية اللى بتروح فى الاسواق وللتجار والحلقات الوسيطة .

الاجراء (8) = حتمية مراقبة سوق تداول تقاوي البطاطس الصيفية وعدم اخضاع السعر لمبدأ العرض والطلب (ودعم مبادرة الجمعية العامة لمنتجي البطاطس “استورد تقاويك”) … وعدم تمرير اى تقاوي تحمل اى نسبة من الأمراض خارج القرار الوزارى المنظم.

أعده الدكتور محمد علي فهيم – مركز البحوث الزراعية – مصر

 

زر الذهاب إلى الأعلى