د خالد وصيف يكتب: 3 شهادات عن مبارك ومشروعات الري والثورة
خبير موارد مائية
شهدت الرئيس مبارك عن قرب ثلاث مرات، كلها فى افتتاح مشروعات كبرى للرى فى سيناء واسنا وتوشكا. فى المرة الاولى شهدته يقاطع المتحدث الذى تناول موضوعا له علاقة بإسرائيل ثم طلب مبارك إيقاف الكاميرات عن التسجيل، ثم قال كلاما أدهشني ، وعرفت يومها كم كان هذا الرجل وطنيا، وان مقتضيات السياسة لها أحكامها لكن مكنونات القلوب لها اختيارات اخرى..
وفى المرة الثانية تنافس الحضور على إلقاء ابيات شعر للترحيب به، ولما زادت الحكاية عن الحد قال لواحد منهم استطال حديثه وتملقه: خلاص كفاية التليفزيون صوّرك، وضحك وضحكنا..
فى المرة الثالثة بدا مريضا ولَم تفلح صبغات شعره بالاسود ان تخفى تجاعيد ارتسمت على وجهه، دخل القاعة بتؤدة وانطلقت الأكف بالتصفيق الذى طال واستطال ، ونظرت حولى فوجدت صحفيين كبارا ورجال فكر وادب ومناصب تنفيذية كبرى، كلهم استمروا فى التصفيق حتى جلس الرئيس على مقعده..
بعد شهور قليلة وقعت احداث يناير، وإذ باغلب من شاهدتهم مصفقين بدأوا يكتبون نقدا للرجل وتجربته ..
ظنى ان خطأ مبارك الأكبر انه صدق هؤلاء المصفقين، ولو أتيح له الاستماع لرجل مخلص من خارج تلك الدائرة التى احاطت به، لنصحه بالخروج المشرف فى عام ٢٠٠٥، ليتحول بعدها لرمز وطنى كبير..
مبارك كان فى حاجة للاستماع الى صوت يشبه الرجل الذى كان يجلس خلف القيصر اثناء احتفالات النصر فى روما ويهمس فى أذنه “تذكر انك بشر” ليخرجه من تلك الدائرة الجهنمية البقاء الدائم والإحساس بالتفرد والخلود..
خطأ مشترك بين مبارك الذى لم يبحث عن ذلك الصوت المخلص، وبين تلك الدائرة التى لم تبحث عن المصلحة العامة لمصر، والنتيجة خسائر فادحة ما زلنا نسدد فواتيرها