د أريج عبدالسلام تكتب: مخاطر التلوث بالعناصر الثقيلة علي إنتاجية الأسماك
مساعد باحث – معهد صحة الحيوان – معمل الإسماعيلية – مركز البحوث الزراعية – مصر
تعد الأسماك مصدرا هاما للأغذية الغنية بالبروتين للانسان وأصبحت عنصرا شائعا في النظام الغذائي البشري خلال العقود القليلة الماضية، كما أنها سهلة الهضم وتحتوي على سعرات حرارية وأحماض دهنيـة مشبعة منخفضة على عكس اللحوم الحمراء، وبسبب تلوث البيئة على المستوى العالمي والمحلي، خاصة في مدينة الاسماعيليه وهي واحده من المدن الساحليه والتي يعتمد سكانها في المقام الاول علي الاسماك في الغذاء، الا انه بمرور الوقت وزيادة الملوثات أدي ذلك لاصابة الاسماك بالعديد من الامراض بالاضافه الي تراكم المعادن الثقيله في لحوم الاسماك مما يشكل خطرا علي مستهلكيها.
تستخدم الأسماك البحريــة وأســماك الميــاه العذبــة كمؤشــرأو دلــيل حيوي في برامج المراقبة البيئية لمعرفـة مـدى تلـوث البيئـة المائيـة بالمعادن الثقيلة، وذلك بـسبب إنتقـال تلك المواد عبر سلسلة الغذاء، حيث تدخل العناصر الثقيلة إلى السلاسل الغذائية المائية وخاصة الأسماك إما بصورة مباشرة عن طريـق الغذاء أو غير مباشرة عن طريق الخياشيم وينتقل التأثير السام للمعادن الثقيلة من كائن إلى آخر عن طريق التغذية عبر السلسلة الغذائية ومن ثم تصل هذه العناصر إلى الإنسان المستهلك الذي يقع في قمة الهرم الغذائي, كما أن للأسماك القابلية على تركيز الملوثات بدرجة أعلى من المياه والرواسب بسبب تغذية الأسماك على الكائنات الصغيرة والمواد العضوية الموجودة فـي البيئـة المائيـة.
المعادن الثقيلة هي مجموعه من العناصرالتي تكون كثافتها أكثر من 5 جرام / سم3, كما يطلق عليها المعادن السامه. حددت الكثافة التى تزيد عن 5 جرام/سم3 فى بعض الأحيان كعامل شائع لتحديد المعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والأنتيمون والكادميوم والرصاص ولكن تم ادراج السيلينيوم (كثافتة 4.8 جرام/سم3) الى المعادن الثقيلة على الرغم انه يفتقر بشكل طفيف الى معيار الكثافة ولكنة يشبه الزرنيخ والأنتيمون فى الخصائص، كذلك توجد بعض الفلزات الاخرى منخفضة الكثافه لكنها تعامل كفلزات ثقيلة مثل البريليوم (1.8 جرام/سم3) والألومنيوم (2.7 جرام/سم3) والكالسيوم (1.55 جرام/سم3) والباريوم (3.6 جرام/سم3). توجد المعادن الثقيلة بصورة طبيعية في النظام البيئي، ويرجع ازدياد نسبها مؤخراً إلى المصادر الصناعية والنفايات الصناعية السائلة وانتقال أيونات المعادن من التربة إلى البحيرات والأنهار والأمطار الحمضية، والتلوث الحادث من النفايات الصادرة من الوقود بشكل خاص، فإن كمية كبيرة من هذه المعادن يتم تصريفها في البيئة وخاصة البيئة المائية ويزيد من معدل تلوثها بما فى ذلك الاسماك مما يؤثر بشكل سلبى فى اجمالى انتاجية الاسماك، كما يمثل تهديدًا كبيرًا للصحة البيئية والعامة.
تنقسم المعادن الثقيلة إلى عناصر أساسية وعناصر غير أساسية, فالعناصر الأساسية هامة لعمل الإنزيمات مثل السيلنيوم والحديد والكوبالت والنحاس والمنجنيز والموليبدنيوم والزنك، حيث تحتاج الكائنات الحية إلى كميات مختلفة من تلك المعادن الثقيلة، لما لها من دور هام في المحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الآيض) بجسم الكائن الحي, أما العناصر الثقيلة غير الأساسية فهي سامة للخلية ومكوناتها، وبإمكانها تدمير مكونات الخلية عند تركيزات منخفضة، كما تعود خطورتها الي عدم قابليتها للتحلل، بالاضافه الي تراكمها داخل أعضاء الأسماك حيث تمتص هذه العناصر وتجّمُعها داخل أنسجتها، وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالي يزداد تراكم السموم بها، ومن أخطر هذه المعـادن الثقيلـة التـي تلـوث المـاء وتتركـز بعـد ذلـك فـي الأسـماك الكادميوم والرصاص والزئبق. توضح الابحاث انه عند تلوث بيئة السمك بالمعادن الثقيلة ( كادميوم، نحاس، رصاص، زنك) يزداد تركيز هذه المعادن في السمك طبقاً لتركيزها في الماء وحيث وجد أن أعلى تركيزات كانت في الأحشاء ثم الرأس ثم العضلات. وقد وجد أن تركيزات الكادميوم والنحاس والمنجنيز منخفضة في أنسجة العضلات عنها في أنسجة الكبد والعكس بالنسبة للرصاص والنيكل،
يعتبر الكادميوم مـن المعـادن الثقيلـة شـديدة السـمية حتي مع وجوده بأقل تركيز في البيئه المائيه، وأوصت منظمة الصحة العالمية بالا تتعدى نسبة الكادميوم فى الأسماك ومنتجاتها عن ١٠٠ جزء فى البليون، حيث أن له تأثير بالغ الضرر علي فسيولوجية الأنسجه وتغيير الخصائص الحيوية والكيميائية لها بالاضافه الي زيادة الجهد التاكسدى حيث يقوم الكادميوم باطلاق جزيئات الاكسجين الحرة فى الأنسجة بكميات كبيرة كما يقوم بتثبيط للإنزيمات المضادة للأكسدة مما ينتج عنه زيادة فى الجهد التاكسدى فى الانسجه ومن ثم تلفها، وتشير التقارير المتاحة إلى أن الخياشيم والكبد والكلى هي الاكثر تضررا بالكادميوم في الأسماك.
أصبح الاهتمام بالثروة السمكية مؤخرا مطلبا أساسيا وذلك عن طريق رفع مناعتها وتحسين صحتها وزيادة انتاجيتها وذلك من خلال تحسين جودة الأعلاف بأستخدام إضافات مثل السيلينيوم، يعتبر السيلينيوم أحد العناصر الأساسية المهمه للأنسان والحيوان، كما يمثل عنصرا أساسيا فى تغذية الأسماك لما له من دور فى الحد من الأضرار التأكسدية التي تتعرض لها الأنسجه نتيجة التسمم بالكادميوم و المعادن الثقيله الأخرى ويلعب دورا هاما فى التخلص منها.
يعتبر استخدام تقنيات النانوتكنولوجي على مجال واسع في العالم على الصعيد التجاري والعلمي والطبي والزراعة والمياه والأدوية، محاولة لتلبية احتياجات العالم على الغذاء والماء والاهتمام بالأمن الغذائي، ومحاولة سرعة التشخيص ومحاولة القضاء على التلوث البيئي . كما أحدثت تكنولوجيا النانو ثورة فى صناعة المصايد والإستزراع المائى باستخدام أدوات جديدة مثل الكشف السريع عن الأمراض، وتعزيز قدرة الأسماك على إمتصاص الأدوية مثل الهرمونات واللقاحات والمواد الغذائية بسرعه، كما.يتم إضافة المغذيات أو الأضافات التى ترفع مناعة الأسماك وتخفف من الإجهاد الواقع على الأسماك إلى المواد العلفية فى صورة نواقل جسيمية نانووية تعمل على الحفاط عليها دون إهدار أى كمية منها ويظهر تأثيرها على الأسماك مباشرة للاستفادة من الكمية المضافة كلها دون فقد وبالتالى توفير القيمة الإقتصادية للحصول على منتج أسماك عالى مع تقليل التكلفة الإقتصادية، كما أنها تتفاعل بشكل أكثر فعالية مع المواد العضوية وغير العضوية في جسم الحيوان ويمكن أن تعبر الأمعاء الدقيقة بسهولة وبتركيز أكبر فى الدم، المخ، الكبد وغيرها من أعضاء الجسم االمختلفه، لذلك يتم بذل محاولات عديدة لإنتاج اضافات المغذيات على مستوى النانو وذلك لتلافى التسمم الذى قد ينجم عنها بحجمها الطبيعى.