د عبدالسلام منشاوي يكتب: كيف نحمي القمح المصري بعد موجة الأمطار والرياح؟
رئيس بحوث القمح – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر
الحمد لله، لقد انتهت موجة الأمطار والعاصفة الترابية الشديدة فلله الحمد أولاً وأخراً وعلى كل حال. ويجب علينا جميعا أن تذكرنا هذه الأمطار والعواصف بضعفنا وقله حيلتنا وقدرة الله علينا ورحمته بنا وأن الله لطيف بعباده ونقول لا حول ولا قوة إلا بالله وقدر الله وما شاء فعل ولعل الله لطف بنا كثيرا.
وفي الواقع في مثل هذه الحالات تكون هناك كوارث وخسارة فادحة في بعض الحالات وخصوصا أن قطاع الزراعة من أكبر القطاعات الذي يتأثر بالتقلبات الجوية بكامل صورها وأشكالها، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم في حالة زيادة المطر يرفع يديه ويناجي ربه ليرفع المطر وكان مما يقول “هلك الزرع” دليل على وجود كارثة ويؤكد أن هناك هلاك للمزروعات في مثل هذه الظروف.
وقد تتباين الخسارة وتختلف من منطقة إلى أخرى ومن حقل إلى حقل ومن محصول إلى محصول ومن المؤكد أن هناك أيضاً جوانب ايجابية كثيرة جداً قد نعلم بعضها وقد نجهل البعض الأخر، فلله الحمد.
الإنسان منا قد يلوم نفسه ويشعر بالحزن و وخذ في الضمير أذا كان هو سبب في ممارسة خاطئة وكان من الممكن تجنبها أو فعلها على الوجه الصحيح. أما وقد كان الأمر خارج عن قدراتنا فعلينا التسليم ونسأل الله أن يخلف على الجميع خيراً مما فقدوا من مزروعات يعوضهم خيراً ويؤجرهم في ذلك وهذا في العموم.
أما بالنسبة لمحصول القمح بصفة خاصة فلقد اختلفت تأثيرات هذه الموجة علية من منطقة إلى أخرى ومن حقل إلى أخر أيضا، ولكن ينحصر الضرر الواقع على القمح في الرقاد فقط وما يتبعه من تأثيرات على العمليات الزراعية في المرحلة القادمة. وهذا الرقاد الحادث لا ينكره عقل حيث كانت الأمطار مستمرة لمدة 24 ساعة دون انقطاع ويتخللها رياح شديدة في كثير من الحالات في تلك الفترة.
وقولي أن التأثير الحادث هو الرقاد فقط لا أقصد به التقليل من ضرر الرقاد الذي يسبب هدم لبنيان النبات في بعض الأحوال حسب شدة الرقاد، حيث يتوقف الضرر على شدة الرقاد ومرحلة نمو النبات أو الطور الذي حدث به الرقاد.
وهناك العديد من الناس ينوح ومنهم من يولول ومنهم من يقول كلام لا فائدة من ورائه، وليس معنى كلامي أنني أهون من الأمر ولم استشعر مأساة الأخوة المزارعين فليس ذلك صحيح ولكن علينا أن ننظر إلى المفيد و المستقبل وما يجب فعلة حاليا ومستقبلياً.
وللأسف هناك البعض يستغل هذه الظروف ولهفة المزارعين على العلاج بأي شكل سواء كان نافع أو ضار لتحقيق مكاسب مادية ولا يتقي الله في المزارع المبتلى في زرعه ويقدم وصفات لا يقبلها عقل ولا علم. والبعض يحب الظهور ويفتي بدون علم ولا خبرة ولكن من باب أنا موجود ولي رأي وصدق من قال “لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف” وأزيد على ذلك لارتاحت العباد أيضا.
وما يجب فعله للقمح حاليا ومستقبلياً يتمثل في:
- يجب الاهتمام بصرف المياه الزائدة من الأراضي في أسرع وقت وبأي وسيلة إذا كان هناك ماء واقف في الأرض.
- في الأرض الطينية القديمة يجب وقف الري تماما وكمية الأمطار التي حدثت تفوق معدل ريه بكل التوقعات وهذا كافي للوصول بالنبات إلى الأمان في مثل هذه الحالات، خصوصا أن الري قد يضاعف الضرر حيث يسبب أعفان ومشاكل كثيرة للمجموع الخضري
- بالنسبة للرقاد في هذا التوقيت لاشك أن هناك خطورة ومن الممكن أن يحدث نقص في المحصول ولكن لا أحد يستطيع الجزم بنسبة النقص في المحصول فقد يهيئ الله ظروف جوية معتدلة في مرحلة الامتلاء ويكون امتلاء الحبوب جيد ويعوض نسبيا ما قد يسببه ضرر الرقاد.
- إن رش أي مادة كيماوية أو محاولات لعلاج الرقاد فهو عبث وليس له قيمة ومجرد إهدار للمال وليس له أي مردود على المحصول .
- قد يسبب الرقاد مشكلة في الحصاد خصوصا في حالة الحصاد اللآلي فيجب أخذ الحيطة في الحصاد حتى لا يكون هناك فاقد كبير في أثناء عملية الحصاد مما قد يؤثر على المحصول بدرجة كبيرة.
- من المتوقع أن تنشط الفطريات خصوصا فطر الصدأ الأصفر حيث الظروف الجوية المناسبة، ولذلك يجب على كل مزارع لديه الصنف المنزرع حساس وظهر به إصابة بالصدأ الأصفر يسارع بالرش بأحد المبيدات الفطرية الموصى بها والالتزام بكامل التوصيات الخاصة بتطبيقات الرش.
- بعض الناس يستغل هذه الظروف وينصح برش أشياء كثيرة منها مخلوط عناصر صغري مع أحماض أمينية، مغذى البوتاسيوم والفسفور و نترات الكالسيوم والسيلكون وموبيكوات كلوريد و برون ، كل ما سبق يمكنك قرأته فهو موجود على مجموعات التواصل الإجتماعي بل هناك أشياء يستحي الإنسان من ذكرها.
- هناك من الناس من يوصي بري القمح بعد المطر في الأراضي الملحية وهذا من أغرب ما قرأت وخصوصا أن أهم ميزة للمطر في الأرض الملحية هي عملية الغسيل وبالتالي تقليل تركيز الملوحة والحد من تأثير ضرر الأملاح في تلك الأراضي.
اسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد وأن يجعله موسم خير وبركة على الجميع.