الأخبارالانتاجمصر

د مسعد قطب: “ضرورة” مراجعة تأثيرات انتشار فيروس كورونا على الأمن الغذائي المصري

أستاذ المناخ الزراعي، والرئيس الأسبق للهيئة الزراعية المصرية

بالرغم من توافر إرادة سياسة قوية من السيد رئيس الجمهورية داعمة للقطاع الزراعي وترغب فى تحسين واقع الزراعة من خلال آليات عديدة تم تنفيذ العديد منها مثل إستصلاح الأراضي والإستزراع السمكي وزيادة القوة الإنتاجية للثروة الحيوانية، وتعظيم الكفاءة الإنتاجية لوحدة المساحة من خلال مشروع ال 100 الف فدان صوب،

وعلى الرغم من كل هذة الجهود وحتي الآن فان القطاع الزراعي المصري والامن الغذائي المصري يتعرضا لضغوط إضافية وخاصة مع إنتشار فيروس كورونا (كوفيد-19). الأرقام الموثقة من منظمة الصحة العالمية تشير إلى تزايد إنتشار فيروس كورونا على مستوي العالم وبنسب مرتفعة جدا ويقترب تعداد المصابين على مستوي العالم من المليون مصاب كما أنه لا يزال حجم تأثير المرض غير واضح، ويمثل تخوفاً كبيراً على الأمن الغذائي العالمي بشكل عام كما أن التاثير السلبي يمتد إلى الأمن الغذائي المصري بشكل خاص حيث أن الفجوة الغذائية فى مصر تزيد عن 60% مما يستدعي ضرورة إتخاذ التدابير اللازمة لتلبية الإحتياجات الوطنية من الغذاء وزيادة المخزون الإستراتيجي من الغذاء وخاصة المحاصيل الاستراتيجية لضمان استقرار أسعار السوق والأمن الغذائي المصري وبسبب اعتبارات عديدة من بينها:-

  • توقعات بتراجع الإقتصاد العالمي، والدول النامية سوف تتأثر بشكل كبير ومن بينها مصر، كما أن الركود الإقتصادي يؤثر على القطاع الزراعى بشكل خاص ولفترات طويلة قادمة مما يؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع الزراعية.
  • بعض الدول المنتجة للغذاء قامت بإجراءات لمنع التصدير لتلبية الإحتياجات الوطنية وبالتالى دول كثيره بدأت وقف التصدير لضمان إستقرار الأسعار داخليا خلال فتره الحظر Lock Down حيث أن روسيا أعلنت بتاريخ 27 مارس تحديد صادراتها من القمح حتي منتصف يونيو ب7 ملايين طن فقط وأوكرانيا تبدأ فى وقف التصدير، وفرض قيود على حركة البيع والشراء والتصدير والاستيراد، حيث تتزايد المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي.مما يضع مشكلة تدبير الإحتياجات الوطنية من القمح فى وضع حرج خاصة وأن الفجوة فى إنتاج القمح تزيد عن 50 %.
  • الشراء الهستيري للأغذية فى مثل هذة الظروف قد يؤدي إلى حدوث ضغوط على بعض السلع ويتسبب في إرتفاع الأسعار على الصعيد المحلي كما أن سوء التغذية يؤدي إلى إحتمالية التعرض للمرض وبالتالى فان توفر الغذاء الصحي يزيد المناعة ضد المرض.
  • زيادة فاتورة إستيراد السلع الغذائية الأساسية وأصبحت تمثل عبء كبير على الموازنه العامه للدولة، حيث يبلغ إجمالى الواردات الزراعية حوالى 11 مليار دولار، وفى هذة المرحلة الحرجة يصعب تدبير هذة الأموال أو إتخاذ اجراءات الإستيراد فى ظل الحظر والإرتفاع المتوقع للأسعار العالمية للغذاء مما قد يؤدي إلى زيادة الأعباء على الموازنة العامة للدولة بشكل قد يصعب تدبيرة.
  • إجراءات الحجر الصحي والحظر تؤثر سلباً على تسويق وتداول الإنتاج الزراعي والوصول للأسواق ويؤدي إلى حدوث خسارة وهدر بالنسبة للأنتاج الزراعي المحلى.
  • تحديات التغيرات المناخية والتقلبات الجوية، وعاصفة التنين خلال شهر مارس الماضي كلها تحديات جديدة ضربت الزراعة المصرية وأدت إلى غرق مساحات واسعة من الأراضى الزراعية بالدلتا وأثرت سلبا على زراعات القمح والبنجر والفول البلدي وسوف ينعكس ذلك سلباً على الإنتاجية لوحدة المساحة من المحاصيل الإستراتيجية وبالتالى المخزون من الغذاء.
  • الزيادة السكانية المستمرة وطبقاً لمعدلات الزيادة يتوقع أن يكون التعداد عام 2050 هو 173 مليون نسمة كما أن هذة الزيادة السكانية تستقطع جزء من الموارد المائية لإستخدامات غير زراعية، مما يؤدى إلى إستمرار تزايد الفجوة الغذائية نتيجة زيادة الطلب على الغذاء ويضع ضغوطا إضافية كبيرة على المياه المتاحة للزراعة.
  • سد النهضة وشح الموارد المائية فى مصر وما قد ينتج عنه بور بعض الأراضى الزراعية، مما يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي، خاصة مع تدني كفاءة إستخدام المياه وفشل مشروع تطوير الري الحقلي فى تحقيق أهدافه، على الرغم من أهميه مورد المياه بإعتباره المورد الأكثر ندره في الزراعة المصرية والحاكم لإمكانيات التوسع في الرقعة الزراعية.
  • الزيادة المضطردة فى أسعار المدخلات الزراعية (أسمدة – مبيدات – بذور- السولار والكهرباء) مما يستدعي ضرورة العمل على تعظيم كفاءتها لحماية المستهلكين والمنتجيين الزراعين.
  • تحرر الزراعة أدي الى ضعف قدرة الدولة على التحكم فى التركيب المحصولى والدورة الزراعية وبالتالي تحديد ودعم الأولويات الزراعية لضبط السيطرة على السوق.
  • تراجع مساهمة الزراعة فى الدخل القومي وحجم القوة العاملة بالقطاع الزراعي، وضعف أداء المؤسسات الزراعية.
  • ضعف وبدائية منظومة الأحصاءات الزراعة من حيث مساحة الأراضي الزراعية لكل محصول والإنتاجية الزراعية حيث تتأثر المساحات تبعاً لدعم الأسمدة أو المبيدات أو الدعم النقدي لخدمة أنتاج الزراعات، فنجد أن مساحات القمح والبنجر والقطن والذرة غير حقيقية بسبب الدعم المقدم لهذة المحاصيل (مثال على ذلك وطبقا لمساحة القمح فأن الإنتاج حوالى 9.5 مليون طن ومع ذلك نسبة التوريد أقل من 50% من هذة الكمية على الرغم أن القري والمدن وجميع المناطق المصرية تستفيد من دعم رغيف العيش على البطاقات التمونية كما أن سعر القمح الحر خارج التوريد أقل من سعر التوريد؟؟؟؟.

وعلى إعتبار أن الفلاح هو عصب الزراعة المصرية والعامل الرئيسي لتحقيق الأمن الغذائي لذلك يجب حمايته وتشجيع الفلاحين والمنتجيين الزراعيين على أستمرار الإنتاج الزراعي وتطويره من خلال تخفيف الأعباء عن الفلاح والمستثمر الزراعي، حيث أن القطاع الزراعي خلافاً لغيرة من القطاعات غير الزراعية قطاع يستحق الدعم لأنه لا يحقق ربحية موازية لربحية القطاعات الأخرى ويعيش عليه نحو نصف سكان مصر معظمهم فقراء، كما أن الدستور المصري أكد على أن الزراعة مقوم أساسى للإقتصاد الوطنى لذلك يجب إعادة بناء الثقة بين المؤسسات الزراعية والفلاحين والمنتجيين الزراعيين.

ضرورة إعادة النظر في خطة التركيب المحصولي الصيفي لدعم تغطية الفجوة من بعض الحاصلات الزراعية وخاصة الزيوت والتي تصل الفجوة الانتاجية بها لاكثر من 97%، القمح الفجوة الانتاجية تزيد عن 50 %، السكر29% ، الفول البلدي 60 % بالاضافة الى الفجوة فى الذرة الصفراء وفجوة الأعلاف واللحوم الحمراء.

أهمية الإهتمام بالإرشاد الزراعى لتضييق الفجوة بين الطاقة الإنتاجية الممكنة للأصناف والحاصلات الزراعية وبين الإنتاجية الفعليه مع تشجيع ودعم الممارسات الزراعية الجيدة والإدارة المزرعية المتكاملة التي تستجيب للتقلبات الجوية والتي تعتمد على آليات الانذار المبكر والارشاد الذكي مناخياً لتلافي الخسائر فى الإنتاجية نتيجة الكوارث البيئية.

كما أطالب القيادة السياسية بقعد مؤتمر وطني لبحث تدابير الإستجابه لتأثيرات الوضع الحالى لإنتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) على الأمن الغذائي المصري تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية على أعتبار أن الأمر خطير ويستدعي إستنفار كافة أجهزة الدولة لتحقيق الأمن الغذائي المصري خلال المرحلة المقبلة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى