الأخبارالانتاجالمياهبحوث ومنظماتمصر

د محمد داود يكتب: مستقبل المياه والزراعة والغذاء في مصر…الأرقام لا تكذب ولا تتجمل (السكان)

الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه، ومستشار الموارد المائية بدولة الإمارات العربية المتحدة

لست من المتشائمين ولا أحبهم، فأنا أرى أن هناك دائمًا أمل وهناك دائمًا حل ممكن مع إمتلاك العلم والقدرة على التخطيط الجيد والسليم.

ويعتمد التخطيط السليم والمدروس على الأرقام والإحصائيات والحقائق وقبل ذلك العلماء والخبراء المؤهلين علمياً وفنيًا لهذا التخطيط والقادرين على القيام به وليست التخمينات وحسن النوايا والتصريحات الصحفية من غير المتخصصين أو المؤهلين أو المنشور على صفحات التواصل الإجتماعي غير المدقق والذي يهدف في معظم الأحيان إلي تصوير اللحظة.

وهذا هو ما دفعني إلي محاولة تحليل الوضع المائي والزراعي لمصر لمعرفة كيف سيكون مستقبلنا وأمننا المائي والزراعي على المدى المنظور (2030) والمتوسط (2050) والبعيد (2100) دون تهوين أو تهويل محللاً التحديات وثابراً أغوار جميع الحلول الممكنة (وربما غير الممكنة أيضًا) باحثًا عن الأمل في إطار التوقعات المستقبلية لتطور العلوم وتوافر التقنيات الحديثة والتعاون مع الدول المجاورة سواء في حوض النيل أو خارجه.

تعتبر الزراعة المروية هي المستهلك الأكبر للموارد المائية في جمهورية مصر العربية مثلها في ذلك شأن معظم الدول الجافة محدودة الموارد المائية المتجددة. وتصنف الزراعة في مصر بأنها زراعة مروية أي أنها تعتمد بشكل مباشر على استخدام مياه نهر النيل والرياحات والترع الرئيسية والفرعية أو الضخ من الآبار الجوفية أو حتى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي (المعالج وغير المعالج) وحديثا اللجوء إلي صناعة التحلية والتي لم تصل إلي درجة الجدوى الإقتصادية بعد للإستخدام الزراعي باستخدام النظم التقليدية في الري والزراعة.

وبالتالي تمثل المياه العنصر الرئيسي الفاعل والحاكم للإنتاج الزراعي والتأثير على الأمن الغذائي ومستقبل العمالة الزراعية في مصر يأتي بعدها التربة والأراضي الصالحة للزراعة وإ ن كان العلم قد مكننا حديثاً من الزراعة بلا تربة.

وتمثل الزيادة المضردة في تعداد السكان ضغطًا متزايدًا على موردنا المائية المحدودة وتحديًا كبيرًا للوفاء بالإحتياجات المائية والغذائية له.

ففى بداية القرن العشرين  بلغ عدد سكان مصر نحو 10 ملايين نسمة وارتفع العدد إلى نحو 67 مليون نسمة فى نهاية القرن العشرين متضاعفًا نحو سبع مرات تقريبا. في يوم 11 فبراير 2020 وصل عدد السكان في مصر إلي 100 مليون نسمة.

وبلغت متوسط الزيادة السكانية اليومية (الفرق بين المواليد والوفيات) خلال عام 2019 (4813) نسمة أي (201) فرد كل ساعة أي (3.3) فرد كل دقيقة بما يعني أن الوقت المستغرق لزيادة  فرد هو 17.9 ثانية وبمعدل زيادة طبيعية 1.78% وقد بلغ معدل النمو السكاني 1.79 % بين عامي 2018 /2019 وبفارق بسيط عن الزيادة السكانية.

وخلال القرن الحادى والعشرين  يتوقع أن يبلغ عدد السكان نحو 123 مليون نسمة بحلول عام 2030 و 181 مليون نسمة بحلول عام 2050 ثم يرتفع العدد إلى 487 مليون نسمة بحلول نهاية القرن الحادى والعشرين (2100)، أي أن عدد السكان تضاعف سبع مرات. وفي عام 2016 . كان ترتيب مصر في المركز 16 من حيث الترتيب العالمي في عدد السكان.

 

الشكل الأول: عدد االسكان في جمهورية مصر العربية في الفترة من 1897 – 2020 م.

الشكل الثاني: معدل الإنجاب في مصر (متوسط عدد الأطفال في الأسرة)

 

وتشير نتائج بحوث وإحصائيات القوى العاملة، الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن احتلال قطاع الزراعة المركز الأول من حيث ارتفاع نسبة مشاركة العاملين به، إذ استحوذ هذا القطاع على نحو 21.4% من إجمالى القوى العاملة في عام 2019، ليتصدر قائمة أكثر القطاعات مساهمة فى معدل النشاط الاقتصادى للدولة. وقد بلغ إجمالى أعداد العاملين في عام 2019 نحو 26.295 مليون عامل، منهم 5.636 مليون عامل يعملون بنشاط الزراعة.

وتبلغ المساحة المزروعة نحو 8.6 ملايين فدان أي ما يمثل 3% من إجمالي مساحة جمهورية مصر العربية. ويبلغ نصيب الفرد من مساحة الأراضي المزروعة في مصر نحو 362 متر مربع أي حوالي 0.086 فدان وهي من أدنى المستويات في العالم.

ومن المؤشرات الهامة هو الإنخفاض المستمر في عدد العاملين بالقطاع الزرعي. حيث انخفضت نسبة العاملين في القطاع الزراعي من 35.8 في المائة في 1985 إلى 33.2 في المائة في 1990 ثم إلى 28.1 في المائة في سنة 2000 ثم إلي 26.295 في المائة بحلول عام 2019.

ويعزى ذلك إلي العديد من الأسباب سوف نتاونلها بشئ من التفصيل في مقالة لاحقة غير أن السبب الرئيس هو سياسات القطاع الزراعي في الثمانينات، حيث كان القطاع قد تعرض للعديد من التشوهات، مما كان له تأثير سلبي على التنمية في هذا القطاع الحيوي.

كذلك حصول القطاع الزراعي على حصة متناقصة من استثمارات القطاع العام خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، ولم تكن هذه الاستثمارات توزع بالشكل الأمثل بين القطاعات الفرعية المختلفة. ناهيك عن انخفاض الدخل من قطاع الزراعي مما أدى إلي عزوف العاملين عن العمل بالقطاع الزراعي.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى