د صفوت كمال يكتب: نافذة على العلم و البحث العلمى
معهد الأمصال واللقاحات البيطرية – مركز البحوث الزراعية – مصر
جاء على لسان جواهر لال نهرو أول رئيس لوزراء الهند بعد الاستقلال أن العلم وحده هو القادر على حل مشكلات الجوع و الفقر و المرض و الجهل و الخرافات و العادات و التقاليد البالية و أن توفير حياة كريمة للأنسان بما تتضمنه من طعام و شراب و كساء و صحة جيدة و أمن داخلى و خارجى جميعها مسائل لا تحل يدون العلم و أن المعرفة المتوفرة لا يمكن تطبيقها بوعى و ذكاء بدون العلم ولا يمكن صياغتها وطرحها بدون تدريب علمى متقدم.
العلم وجد لكى يبقى و يجب الأستفادة منه الى أقصى حد ممكن و لهذا تجاهد الدول النامية من أجل اللحاق بمركب التقدم و الأزدهار الذى وصلت اليه الدول المتقدمة ولا سبيل الى ذلك الا من خلال العلم و البحث العلمى الجاد و الهادف حيث يمثل البحث العلمى العصب الرئيسى لجميع برامج التنمية المجتمعية بأعتباره النقيب المنظم عن المعرفة .
لذلك فإن العلم هو نشاط نقدى يسعى الى كشف الحقائق و معرفة الأرتباط بينهما ثم استخلاص المبادئ العامة أو القوانين التفسيرية أى أن البحث العلمى هو وسيلة الدراسة التى يمكن بواسطتها الوصول الى حل مشكلة أو مشكلات محددة عن طريق الأستقصاء الشامل و الدقيق لجميع الشواهد و الأدلة التى يمكن التحقق منها .
و يمكن تقسيم البحوث العلمية لقسمين رئيسين و هما :
1- البحوث الأساسية :
و تعنى الأنشطة الأساسية التى تمارس من أجل الحصول على معارف جديدة عن الظواهر و الوقائع المشاهدة دون اتسهداف تطبيق خاص لها .
2- البحوث التطبيقية :
و تجرى بغيه أكتساب معارف جديدة ذات قيمة علمية يؤدى تنفيذها الى تحقيق هدف أو أهداف معينة .
و يقصد بمصطلح البحث العلمى هو كل عمل علمى ينشر فى دوريات أو مجلات علمية و كذا الأختراعات و الأكتشافات العلمية التى تكسب صاحبها براءة الأختراع أو تمثل أضافة علمية جديدة و كذلك المؤلفات و الأعمال الأدبية و المصنفات الفنية طبقا لطبيعة كل تخصص .
و هناك مواصفات للباحث و هو أن يكون منتجا مولدا للعلم فى حقل تخصصه بمعنى أخر أن يكون مبدعا يضيف الجديد و يبتكر المفيد و لذا فالباحث ليس الضليع المتبحر فى تخصصه و حسب و ليس قارئا نهما أو مثقفا يعرف شيئا عن كل شئ و كل شئ عن شئ وحسب فكل هؤلاء هم مستهلكون للعلم أو مخزنون له الباحث الحقيقى هو عالم يتمتع بصفات كل هؤلاء مضافا اليه صفة الأنتاج العلمى فى حقل معين و فرق كبير بين الثلاجة التى تخزن فيها الفاكهة و الشجرة التى تثمر بها .
و تهدف استرتيجية البحث العلمى الى توفير أنتاج علمى ذو جودة عالية يخدم التنمية البشرية الشاملة للمجتمع من خلال الخطط البحثية التى تقوم على أستثمار امكانيات و قدرات الباحثين فى تحقيق الأهداف و السياسات المناسبة لتعظيم الأستفادة من الموارد الطبيعية و البشرية و احداث التغير المستمر المنشود الذى يؤدى الى مجتمع مستقبلى أفضل.
و يعتبر قيام المؤسسات البحثية بأتباع هذه الأستراتيجيات خطوة فعالة فى ارساء الأسلوب العلمى فى التخطيط المستقبلى لأنشطة البحث العلمى مما يتيح تحديد البحوث العلمية و أهدافها بطريقة واقعية تتفق فيها الرؤى مع الأهداف فى اطار زمنى يعكس قدرتها على التنفيذ ممل يدعم شعور الباحثين و العلماء عند تطبيق مثل هذه الأستراتيجيات بالانتماء و يؤدى الى أستثمار جهودهم و طاقتهم فى عمل نافع للمجتمع و أستخدام مصادر التمويل من منح و ميزانيات فى حل المشكلات الرئيسية التى تواجه المجتمع.
و يعتبر التحدى الحقيقى القادم لمعظم الدول فى المرحلة المقبلة هو البحث العلمى لأنه لا تنمية ولا نهضة اقتصادية و اجتماعية دون الأقتناع بأهمية و حيوية الأعتماد على البحث العلمى و مشاركة القطاعات الحكومية و الخاصة فى دعمه و زيادة حجم الأنفاق عليه و حل جميع المعوقات التى تواجهه مثل الادارة و التمويل و العلماء و التسويق و الدول التى تسعى للتقدم تضع البحث العلمى و الأنفاق عليه فى أولوية أجندتها السياسية و الأقتصادية ولا تبخل بتخصيص نسبة كبيرة من ناتجها القومى للانفاق على الأبحاث العلمية فى جميع التخصصات .