د حازم سليمان: دور قطعان الأغنام والماعز المتنقلة في نقل داء البروسيلا
باحث أول معهد بحوث الصحة الحيوانية – قسم بحوث البروسيلا – مركز البحوث الزراعية
طبقا لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) يصيب داء البروسيلا مئات الآلاف من البشر والحيوانات في جميع أنحاء العالم. وهوعدوى بكتيرية تنتشر بين الحيوانات وكذلك تنتقل من الحيوان المصاب إلى الانسان في أغلب الأحيان، وذلك عن طريق الحليب وخصوصًا الحليب غير المبستر والآيس كريم والزبدة والجبن، ويمكن أن ينتقل ميكروب البروسيلا أيضًا عن طريق الاستنشاق حيث تنتشر بكتيريا البروسيلا بسهولة في الهواء، بحيث يمكن للمزارعين و البيطريين وعمال المسالخ أن يستنشقوا الغبار المحمل بهذه البكتيريا.
البروسيلا فى الأغنام والماعز:
البروسيلا المالطيـة (مليتنسيز): هى المسبب الرئيسى لداء البروسيلا في الأغنام والماعز، وهي الأكثر انتشارًا والأكثر شدة و ضراوة كما انها تصيب الأبقار و الجاموس فى مصر وتنتقل منها للانسان وتسبب الاجهاض فى الحيوانات المصابة.
طرق انتقال العدوى فى الحيوانات:
تنتقل العدوى فى أغلب الاحيان عن طريق الفم حيث يتم تناول أجنة ومشيمة الحيوانات المصابة وسوائل الجنين والافرازات المهبلية و الضرع ، وكذلك بول وروث المواشي المصابة وايضا عن طريق إستنشاق الهواء المحمل بجرثومة المرض.
التشخيص:
التحاليل المخبرية: وتشمل الاختبارات المناعية للكشف على الاجسام المضادة للبروسيلا فى مصل الحيوان المصاب والعزل البكتريولوجى للبكتيريا المسببة للمرض من عينات االلبن، والأنسجة أو سوائل الجسم المختلفة.
قطعان الأغنام والماعز المتنقلة و داء البروسيلا:
أجريت حديثاً مجموعة متنوعة من البحوث المنشورة توضح نسبة انتشار البروسيلا في الأغنام والماعز بمحافظات مصر و كان معدل الانتشار متفاوت بين هذه الدراسات والذى قد يعزى إلى حجم العينة غير المعروف و العوامل الأخرى التي لا يمكن تجاهلها مثل مدة الدراسات المنجزة والمناطق التي تم فحص الحيوانات منها وكذلك مدى تحرك السكان و التغيير التطوري في تربية الحيوانات التي تؤثر على معدل التعرض للاصابة.
في عام 2017 م قام الفريق البحثي بقسم بحوث البروسيلا بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بعمل دراسة شاملة حول دور قطعان الأغنام والماعز المتنقلة في نقل ونشر مرض البروسيلا للمجترات المتواجدة في المنازل ومعدلات انتشارالمرض في هذه القطعان.
تم في هذه الدراسة جمع عدد ٨٠٠ عينة دم و٢٦٦ عينة لبن من اغنام وماعز من عدد ١١ قطيع جوال وعدد ١١ حظيرة منزلية في ٣ مراكز بمحافظة الجيزة، وتم اختبار عينات الدم سيرولوجياً حيث تم اعتبار العينات ايجابية اذا كانت ايجابية لاختباري اختبار الروزبنجال واختبار تثبيت المكمل معاً، اما بالنسبة لعينات اللبن فقد تم اختبارها بكترولوجيا باستخدام طرق العزل والتصنيف للوصول الي تصنيف عترات البروسيلا المعزولة علي مستويات الجنس والنوع ، ولمحاولة التعرف على العلاقة بين معزولات البروسيلا من قطعان الاغنام والماعز المتنقلة ونفس الحيوانات في الحظائر المنزلية في القطعان تحت الدراسة وتم اجراء التعريف الجينى لهذه المعزولات باستخدام تحليل تعدد متكررات المواقع المتباينة والشجرة الجينية وشجرة التمدد الاصغر (MLVA 16) & (minimum spanning tree).
وقد اظهرت نتائج الفحص السيرولوجي ان معدل الاصابة الظاهري كان ١١٪ في الاغنام و١٣٪ في الماعز وكان معدل الإصابة الحقيقي ١٣٪ في الاغنام و١٦٪ في الماعز ، وكان معدل الحيوانات الايجابية سيرولوجيا في الاغنام والماعز في القطعان الجوالة٦٨ و١٢ ٪ و ٣٥و١٢٪ بينما وصل معدل الإصابة في الحظائر المنزلية ٣و٪٣٣ و٦٢و٤٪ فى الأغنام والماعز علي الترتيب. تبين في هذه الدراسة أن هناك ارتفاع واضح فى نسبة الانتشار الحقيقي لمرض البروسيلا في الأغنام والماعز بين القطعان المتنقلة وايضا حيوانات الحظائر في بعض أحياء محافظة الجيزة . قد يعزى هذا إلى الحقيقة أن غالبية الرعاة يحتفظون بالحيوانات المجهضة في قطعانهم مع وجود حرية حركة القطعان معا مع عدم وجود نظام فى أسواق الماشية ، الولادة غير الصحية والتخلص من المواد المجهضة البيولوجية في مجاري وترع المياه مما يجعل الأمور أسوأ بشأن انتقال المرض واستمراره. الى جانب ذلك ، يفتقر أغلب الرعاة المشاركة في برنامج مكافحة المرض، مزج قطعان مختلفة فى مكان واحد وشراء الحيوانات ذات الحالة غير المعروفة للبروسيلا بهدف التكاثر وايضا التربية مما يسهل انتشار المرض٠
وقد اظهر التحليل الجينى وجود عترات بروسيلا متطابقة سارية بين الحيوانات في القطعان المتنقلة من منطقة ناهيا والحيوانات في الحظائر المنزلية في مواقع مختلفة مثل منطقة الحوامدية وايضا منطقة الهرم. وقد تم تأكيد هذا الترابط عن طريق جمع المعلومات الوبائية علي حركة الحيوانات بين هذه القطعان، وأمكن لهذه الدراسة ان تكون نموذج لتتبع الاصابة بالبروسيلا في الحيوانات باستخدام تحليل اتصال الجوار.
وقد اظهرت النتائج أن هذه السلالات المتطابقة هي في الواقع سلالة واحدة منتشرة التي قد تنتقل من الحيوانات من قطيع متنقل لتلك الحيوانات المنزلية المتواجدة فى الحظائر والذى جعل الأمر أسوأ هو انتقال المرض من منطقة إلى منطقة أخرى من خلال حركة الحيوانات غير المنضبط هذه الحقيقة هي أحد الأسباب التي تقف وراء معدل الانتشار الحقيقي العالي للمرض في القطعان المتنقلة بالإضافة إلى الخطر المحتمل لانتقال هذا المرض لأصحاب الحيوانات وعائلاتهم مما يكون له تأثير واضح على الصحة العامة.
أوصى الباحثون السلطات البيطرية بإعادة تصميم برنامج يضمن الثواب والعقاب بهدف تشجيع المربيين بجميع انواعهم للعب دور في التخلص من مرض البروسيلا وتقليل مخاطر انتشار هذا المرض في المراكز المختلفة داخل المحافظة مع ضرورة إلزام صاحب الحيوانات بفحص واختبار الحيوانات قبل نقلها للتأكد من خلوها من البروسيلا وسلامة حالة القطعان ومصدرها.