الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د نادية عبدالعظيم تكتب: خطورة إنتقال مرض البروسيلا إلي الإنسان وطرق الوقاية 

 باحث أول بقسم بحوث البروسيلا  معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية

البروسيلا هو مرض بكتيري خطير يسبب في الإنسان الحمّى و آلام المفاصل و الإرهاق، والبروسيلا –البكتيريا المسببة للمرض- تتنتقل من الحيوانات الى البشر عن طريق منتجات الحليب الغير مبسترة مثل الحليب و الجبن وغيرها.

ويعرف المرض في الإسان أيضا بالحمّى المالطية أو الحمّى المتموجة وهي شائعة في دول وض البحر الأبيض المتوسط والجزيرة العربية، وتصيب مئات الألوف من الناس والحيوانات سنوياً، و يمكن للبكتيريا أن تنتقل هوائياً عند الاقتراب من الحيوانات المصابة وملامستها بكثرة وكذلك في المختبرات التشخيصية أثناء فحص العينات.

يصعب التعرف على الإصابة بالبروسيلا في الإنسان في المراحله المبكرة حيث الأعراض تشبه الإصابة بالانفلونزا، يستلزم زيارة طبيبك عندما تصيبك حمى مستمرة أو متزايدة تدريجيا أو آلام عضلات أو وهن (ضعف) أو كنت تحمل عوامل تزيد من إحتمالية اصابتك بالمرض.

الأعراض :

تظهر أعراض البروسيلا خلال أيام إلى بضعه أشهر من الاصابة بالعدوى، أعراض البروسيلا  تشمل:

  • أرتفاع درجة الحرارة، قد تصل الى (40) درجه مئوية في أوقات الظهيرة، وتتميز بتفاوت في درجات الحرارة (التموج) و هي احدى علامات المرض.
  • الاحساس بالبرد
  • التعرق الزائد
  • الضعف
  • الارهاق
  • آلام المفاصل و العضلات و الظهر
  • الصداع

يمكن لأعراض البروسيلا الاختفاء لأسابيع أو أشهر ثم معاودة الظهور من جديد، في فئة من الناس. ويمكن للبروسيلا أن تصبح مرض مزمن و حينها تستمر الأعراض لسنوات حتى بعد تلقي العلاج، و تشمل الأعراض و العلامات طويلة المدى الارهاق و الحمى و التهاب المفاصل و التهاب الفقرات – و هو التهاب يصيب العمود الفقري و المفاصل المجاورة-.

الأسباب:

داء البروسيلا يصيب العديد من الحيوانات البرية و الداجنة و تعتبر البقر والماعز والغنم و الجمال والكلاب من أكثر الحيوانات المعرضة للإصابة بالمرض.

تتسبب ستة أنواع من البكتيريا على الأقل بداء البروسيلا في الحيوانات و لكن لا تتسبب كلها في إصابة الانسان.

و تتنتقل البكتيريا من الحيوانات الى الانسان من خلال ثلاث طرق رئيسية:

منتجات الألبان الخام. يمكن لبكتيريا البروسيلا الموجودة في حليب الحيوانات المصابة الانتقال الى الانسان عن طريق الحليب الغير مبستر و الأيس كريم و الزبدة و انواع الجبن المختلفة، و يمكنها ايضا الانتقال عن طريق تناول لحوم الحيوانات النية أو الغير مطبوخه جيداً وأشهر مصدرين لها: حليب الحيوانات المصابة بما فيها النوق والجبن البلدي.

 الإستنشاق. يمكن لبكتيريا البروسيلا الانتقال بسهولة عن طريق الهواء، و يمكن للمزارعين و تقني المختبرات والعاملين في المسالخ إستنشاق البكتيريا.

الإتصال المباشر. يمكن للبكتيريا المتواجده في دم أو السائل المنوي أو مشيمة الحيوان المصاب أن يدخل الدورة الدموية من خلال قطع في الجلد أو أي جروح أخرى، ومن النادر أن يصاب الشخص بالبروسيلا عن طريق الحيوانات الأليفة لأنه من النادر أن يتسبب الاتصال العادي – اللمس و التنظيف و اللعب مع الحيوانات- بنقل العدوى، ولكن من الأفضل أن يتجنب الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة الكلاب المعروفة بحملها لهذا المرض.

ملحوظة: لا ينتقل داء البروسيلا عادة من شخص لأخر ولكن في بعض الحالات نقلت بعض النساء المرض لأطفالهن أثناء الولادة أو عن طريق الرضاعة، ومن النادر أن ينتقل المرض جنسيا أو عن طريق نقل الدم أو زراعة نخاع العظام الملوثة.

 عوامل الخطورة:

داء البروسيلا نادر في أمريكا ودول أوروبا ولكنه منتشر جداً في أقليم المتوسط وجزيرة العرب وتركيا والشرق الأدنى وشمال أفريقيا و أمريكا الجنوبية و الوسطى و المكسيك و أجزاء من آسيا و الصحراء الأفريقية.

بالأضافة الى الموقع الجغرافي فإن العوامل التالية قد تزيد من احتمالية الإصابة بداء البروسيلا:

منتجات الألبان الخام. حليب النوق هو المصدر الرئيسي للبروسيلا في جزيرة العرب.

أيضاً المسافرون الذين يتناولون منتجات الحليب الغير مبسترة في الدول الشائع فيها داء البروسيلا معروضون للأصابة به بنسبة اكثر من غيرهم، وخصوصاً أجبان الماعز اللينة والجبن البلدي فمن المحتمل أن تكون تحمل بكتيريا البروسيلا، وكذلك شرب حليب الناقة أو ملامسة مشيمة الغنم التي ربما تكون ملوثة.

الوظائف المتعلقة بالحيوانات. الأشخاص الذين يعملون بشكل مستمر مع الحيوانات تزيد أحتمالية اصابتهم ومن ضمنهم الأطباء البيطرين و اللبانون وأصحاب المزارع والعاملين في المسالخ.

الصيد. يمكن للصيادين أن يصابوا بالمرض عن طريق الجروح الجلدية أو اكل لحوم الحيوانات المصابة الغير ناضجة.

العمل المخبري. البروسيلا هو أكثر الامراض شيوعا بين الذين يعملون في المختبرات حيث تتم زراعة الكائنات الحية المعدية، حيث يمكن للفنيين استنشاق البكتيريا أو الاصابة بها عن طريق أنسكاب عينات الدم.

المضاعفات:

جرثومة البروسيلا من أقوى الجراثيم المعروفة ولذلك يمكن لداء البروسيلا أن يصيب أي عضو في الجسم و من ضمنها الجهاز التناسلي و الكبد و القلب و الجهاز العصبي المركزي،يمكن للبروسيلا المزمنة أن تتسبب في ظهور مضاعفات في عضو واحد أو في كامل الجسم، ومن المضاعفات الممكن حدوثها:

  • التهاب الغشاء الداخلي للقلب (التهاب الغشاف): و هو أكثر مضاعفات داء البروسيلا خطورة و جدية، و يمكن أن يضر أو يدمر صمامات القلب اذا لم يعالج وهو المسبب الرئيسي للوفيات المتعلقة بالبروسيلا.
  • التهاب المفاصل: يتميز التهاب المفاصل و العظام بألم في المفاصل بالاضافة الى تيبسها و انتفاخها و بالآخص مفصل الركبة و الورك و الكعب و الرسخ و مفاصل العمود الفقري، و يمكن لالتهاب الفقرات –وهو التهاب بين فقرات العمود الفقري أو بين العمود الفقري و الحوض- أن يكون صعب العلاج وأن يتسبب في أضرار دائمه وهو من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً في الجزيرة العربية المتعلقة بالبروسيلا.
  • التهاب البربخ والخصية: البكتيريا المسببة للبروسيلا قد تصيب البربخ – وهو الأنبوب الملتوي الذي يصل القناة الناقلة للمني بالخصية- و من هناك قد تنتقل العدوى الى الخصية نفسها، مما يتسبب بانتفاخ و ألم قد يكون شديداً، و البروسيلا يمكن لها ايضا ان تصيب غدةالبروستات و الكلى.
  • فقر الدم: وهو نقص في كريات الدم الحمراء السليمة، و يتصف ذلك بشحوب الجلد و الارهاق و قصر النفس.
  • الطفح الجلدي: الطفح الجلدي و المشاكل الجلدية وهي احدى مضاعفات البروسيلا النادرة.
  • الإجهاض: يمكن لداء البروسيلا ان يتسبب في فقدان الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل في بعض النساء.
  • التهاب الكبد: داء البروسيلا قد يسبب التهاب الكبد و ان لم يعالج فانه ينتج عن ذلك “تليف الكبد” و بعد ذلك الى فشل الكبد.
  • التهابات الجهاز العصبي المركزي: و تشمل هذه الأمراض الخطرة مثل التهاب السحايا- وهو التهاب يصيب الأغشية المحيطة للدماغ و الحبل الشوكي- و التهاب الدماغ – وهو التهاب الدماغ نفسه.

التجهيز لموعدك:

اذا كنت تظن أنك مصاب بالبروسيلا، فيستحسن ان تبدأ بإستشارة طبيب عائلتك أو الطبيب العام، قد يتم تحويلك إلى متخصص في الأمراض المعدية، و يعتمد تشخيص داء البروسيلا على مدى فهم متى و كيف تم تعرضك للبكتيريا المسببة للمرض، و بذلك يمكنك مساعدة طبيبك بإعطائه أكبر قدر من المعلومات.

ومن المستحسن أن تكون مستعداً لمقابلة طبيبك لأن المقابلة قد تكون قصيرة و لأن هناك الكثير ليتم مناقشته، هذه بعض المعلومات التي قد تساعدك في الاستعداد لمقابلة طبيبك و تخبرك بما يمكنك أن تتوقعه منه:

التحاليل و التشخيص:

يقوم الأطباء في العادة للتأكد من تشخيص داء البروسيلا باختبار عينة من دم المريض أو من نخاع العظم بحثا عن بكتيريا البروسيلا أو عن طريق فحص الدم بحثاً عن الأجسام المضادة للبكتيريا.

هناك عده طرق للاختبار و كلها لها مساوئها مثل الانتظار الطويل لظهور النتائج و النتائج الخاطئة.

– إختبار (تفاعل سلسلة انزيم البوليميريز)   -الذي يبحث عن المادة الجينية لبكتيريا البروسيلا- سريع و يمكن تطبيقه على أي نوع من الأنسجة، ويمكن إستخدامه في تشخيص داء البروسيلا.

– كذلك زراعة عينة من الدم أو غيره من السوائل يأخذ بعض الوقت لكنه يؤكد التشخيص.

– إختبارات المناعة والأجسام المضادة مهمة لمعرفة الإصابة القديمة من الحديثة وكذلك مدى إستجابة المريض للعلاج.

 العلاج و الأدوية:

علاج البروسيلا القياسي يهدف إلى تخفيف الأعراض و الوقاية من معاودة المرض و تجنب المضاعفات، و يجب تناول العلاج لمدة ستة أسابيع على الأقل و لكن الأعراض لن تختفي كليا الا بعد بضعه أشهر، و يمكن لهذا المرض المعاودة و يمكنه أيضا أن يصبح مزمنا.

العلاج البروسيلا هو تركيب اثنان أو ثلاثة مضادات حيوية وفي العادة يستخدم الدوكسيسايكلن مع الستريبتومايسن أو الريفامبسين أو الجنتامايسن، يجب أن يؤخذ العلاج لمدة ستة أسابيع على الأقل، و لكن إذا أصابت بكتيريا البروسيلا الجهاز العصبي المركزي يجب أخذ ثلاث مضادات حيوية لمدة أطول تقارب الثلاثة أشهر، الأطفال و النساء الحوامل ليس بإمكانهم أخذ بعض المضادات الحيوية لذا فإن علاجهم يتضمن استخدام مضاد حيوي واحد أو تركيبة مختلفة.

الإحتياطات التالية تقلل من احتمالية الاصابة بداء البروسيلا :

  • تجنب منتجات الألبان الغير مبسترة: من الأفضل تجنب الحليب و الجبن الغير مبستر بغض النظر عن مصدرها، يجب على المسافرون الى الخارج تجنب منتجات الحليب عامة، لا تخاطر اذا كنت لا تعلم ما اذا كان المنتج مبستراً أم لا.
  • إذا كنت مصراً على شرب حليب الإبل فلابد من غليه أولاً أو بسترته.
  • طهي اللحوم جيداً: يجب طبخ جميع اللحوم إلى ان تصل درجة حرارتها الداخلية إلى (63-74°م) ،الطهي الجيد يتخلص من بكتيريا ضارة مثل السالمونيلا، و حين السفر إلى الخارج يحب تجنب شراء اللحوم من الباعة المتجولين و يستحسن طلب جميع اللحوم ناضجة جداً.
  • لبس القفازات: يجب على الأطباء البيطرين و المزارعين و الصيادين و العاملين في المسالخ ارتداء القفازات المطاطية عند التعامل مع حيوان مريض أو ميت أو انسجتها أو عند مساعدة الحيوان على الولادة.
  • أخذ الحيطة و الحذر عندما تكون احتمالية الإصابة في مكان العمل عالية: على العاملين على في المختبرات التعامل مع العينات تحت شروط السلامة الحيوية، و يجب معالجة العاملين الذين تم تعرضهم لها فورا، على المسالخ التقيد بشروط السلامة ايضا مثل فصل اماكن الذبح عن غيرها و استخدام الملابس الواقية.
  • تطعيم الحيوانات المحلية: هناك برنامج تطعيم يكاد يقضي على البروسيلا في قطعان الماشية، و لابد من أن يتم اختبار الحليب من ثلاث الى اربع مرات في السنة بحثاً عن آثار لبكتيريا البروسيلا.

وأخيراً يمكن علاج البروسيلا بنجاح عن طريق المضادات الحيوية، ويستغرق العلاج عدة أسابيع و لكن للأسف قد يحدث حالات إنتكاس للمريض ويعود عليه المرض أحياناً.

وللوقاية منه بإذن الله عليك تجنب منتجات الحليب الغير مبسترة و أخذ الحيطة عند العمل بالقرب من الحيوانات أو في المختبرات وأهم وسيلة يمكن أن تحد من انتشار المرض هو القيام بتطعيم الحيوانات ضده.

 

 

 

Back to top button