الأخبارالانتاجالوطن العربىبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د.اسماعيل عبد الجليل يكتب : رحله يوسف والى من ذيل القائمه الى قمتها !!

د. فؤاد محيى الدين خريج طب الاسكندريه كان محبا شغوفا لممارسه العمل السياسي الذى تدرج  به محافظا ووزيرا وحزبيا حتى شغل منصب نائب رئيس وزراء فى حكومه برئاسه السادات وكان د.محمود دواود وزيرا للدوله والامن الغذائى بها وهو أستاذ وراثه مرموق بزراعه الاسكندريه وحاصل على الدكتوراه من اعظم جامعات كاليفورنيا وكان مكلفا ضمن ملفات الزراعه بتنفيذ التزامات معاهده كامب دافيد الخاصه بالعلاقات الزراعيه مع اسرائيل التى زارها رسميا كأول وآخر وزير زراعه مصرى لها .

ابرز داوود خلال الزياره ذكاءه السياسى فى موقف طريف حينما حاول نظيره شارون أستبقاءه للمبيت فى القدس على عكس البرنامج الرسمى – لأسباب خبيثه – فأعتذر له بعباره من تراثنا  ” أستحاله لأن الحكومه فى تل ابيب ” !! مشيرا لزوجته المصاحبه له بالزياره مضيفا لفضول شارون “اننا نطلق فى مصر لقب  “حكومه ” على زوجاتنا ” !!! . موقف آخر لقن فيه دواوود درسا لشارون بمؤتمر صحفى بالقاهره حينما ابدى اعتراضه على اخلاء حكومته لمستوطنه ياميت بسيناء بمبررانه فلاح وعاده الفلاحين الا رتباط بأرضهم !! فعلق داوود بصوت عال ” اننى فلاح مثلك واتفق معك تماما فيما قلت ولكنها ليست ارضك ” !!

عقب اغتيال السادات وتشكيل حكومه مبارك استمر داوود فى موقعه بعد ان حقق طفره فى مساحات وانتاجيه القطن بالأضافه الى اصلاحات استهدفت تحرير قطاع الزراعه وهو مالم يريح د.محيى الدين الاكثر ميلا لتعظيم دور الحكومه فى اداره الزراعه !! . من هنا نشأت جذور التناقض الفكرى بين محيى الدين اليسارى ومحمود داوود الليبرالى  !!.

لذا توقع د.داوود خروجه من التشكيل الوزارى المكلف به فؤاد محيى الدين من الرئيس مبارك عام 1982 فقام بأخلاء مكتبه بديوان وزاره الزراعه مبكرا قبل اعلان التشكيل رسميا ! . صدقت توقعات داوود وخرج من الوزاره  بعد  اربع سنوات حافله (مايو1978- يناير 1982 ) عاصر خلالها حكومتى السادات ومبارك .

يبدو ان د.فؤاد محيى الدين لسبب او آخر لم يجد مفرا فى اللحظات الاخيره  لتشكيل اول حكومه برئاسته فى عصر الرئيس مبارك من لقاء آخر مرشحى قائمه حقيبه الزراعه بعد استبعاده المرشحين الاخرين ومنهم المهندس سعد هجرس  !! فكلف مدير مكتبه آنذاك صلاح النخال بأستدعاء صاحب الاسم الاخير فى ذيل قائمه المرشحين للقاءه بصفه عاجله خلال ساعتين بحد اقصى مضيفا له بأنه استاذ بكليه الزراعه جامعه عين  شمس ومنتدب كرئيس للجنه المشروعات الزراعيه الاجنبيه  بوزاره الزراعه  واسمه يوسف امين والى ميزار دون اى تفاصيل اخرى للأستدلال عليه !!

قصر الفتره الزمنيه المتاحه ضاعف مشقه البحث عن د. والى  وبالأخص مع تعذر الاتصال بمنزله لعطل تليفونه مما اضطر احد مساعديه الى البحث عنه فى اماكن كثيره يحتمل تواجده بها حتى تم العثور عليه فى ضيافه رفيق حياته د.محمود هاشم البرقوقى رحمه الله عليه  بمنزله بالجيزه !!.

اسرع يوسف والى بالتوجه لمقابله د.فؤاد محيى الدين فى سابقه تاريخيه لأقصر مقابله لرئيس حكومه بمرشح حيث لم تستغرق سوى خمس دقائق !! اوجز فيها رئيس الحكومه المهمه للمرشح فى عباره واحده ” عاوزك تكمل كل الخطط والبرامج بتاعه سلفك ” ولم تتاح الفرصه لوالى للحديث سوى الايماء بقبول التكليف ومصافحه رئيس الحكومه .

المثير هنا ان يوسف والى ورث بمضمون التكليف الرسمى له كوزير دوله للزراعه والامن الغذائى كل ملفات وبرامج سلفه ومنها ملف التعاون الزراعى مع اسرائيل مضافا اليها موروث لاذنب ليوسف والى فى استحقاقه وهو عدم ” الاستلطاف ” او الانسجام الفكرى والشخصى بين داوود ومحيى الدين !! الذى كان مبرره الظاهرى هو عدم رضاءه عن طموحات السياسات الليبراليه لمحمود داوود والتى شارك فى صياغتها والى كمستشار للوزاره .

من هنا ااصاب والى احباطا مبكرا من تناقض تكليف رئيس الوزراء له مع مواقفه السلبيه نحوه فى استكمال سياسات سابقه حتى صارحه محيى الدين بنواياه فى استبعاده من حقيبه الزراعه فى اول تعديل للحكومه !!.

شاءت الاقدار ان تأتى وفاه د.محيى الدين رحمه الله عليه قبل تنفيذ نواياه فى استبعاد والى من حكومته ليحتل يوسف والى مقعد الزراعه فى الحكومات المتعاقبه لأكثر من عشرين عاما ( يناير 1982-يوليو 2004) ويواصل صعوده من ذيل قائمه السلطه الى قمتها بالجمع بين موقعه الوزارى والحزبى كأمينا عاما للحزب الوطنى الحاكم لاكثر من عشرين عاما اخرى.

واصل والى صعوده الوزارى والحزبى وأصبح  شريكا وصانعا في الكثير من القرارات مع القياده السياسيه مما جعل ” وزاره الدوله ” للزراعه سابقا اشبه ” بوزاره سياديه ”  فاعله مؤثره فى اداره شئون الحكم فى عصر مبارك بملفات هامه للغايه لم يقتصر محتواها على شئون الزراعه والحزب بل تجاوزتها للعلاقات الخارجيه وبالأخص العربيه التى كان يديرها والى بتكليف مباشر من مبارك ويرفع تقاريره مباشره له.

وهنا اريد ان اتناول بالأجتهاد أمرا لم يتناوله الكثيرون عن سر العلاقه القويه بين مبارك ووالى وسر احتفاظه به طوال تلك السنوات الطويله الغير مسبوقه فى تاريخ الحكم بمصر بالرغم مما تعرض له والى من حملات اعلاميه واتهامات سياسيه فما هى الاسباب ؟؟

نواصل غدا

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى