الأخبارالانتاجالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحة

د رحاب مسعد تكتب: بكتيريا نافعة ترفع القيمة الغذائية للألبان

 

باحث بمعهد صحة الحيوان الإسماعيلية – مركز البحوث الزراعية – مصر

خصائص وفوائد البروبيوتك الداعمة للألبان

البروبيوتيك(probiotics) كما عرفته منظمة الصحة العالمية هي كائنات حية دقيقة ذات قيمة غذائية وفائدة صحية عندما تؤخذ بكميات كافية. وقد استعملت من قبل كمكونات طبيعية في بعض الأطعمة. تتواجد مثل هذه الكائنات الحية الدقيقة النافعة في الجهاز الهضمي للإنسان والجهاز البولي التناسلي وفم الإنسان وأيضا في الالبان، كما تتوفر هذه الكائنات في منتجات المكملات الغذائية التجارية على شكل سائل او بودرة أو على شكل كبسولات.

أنواع البروبيوتك عديدة وأشهر هذه الأنواع اللاكتوباسيلس (Lactobacillus) وهي بكتيريا حمض اللبنيك، أكثر الأنواع شيوعاً خاصة في الألبان والأطعمة المخمرة، بالإضافة لتواجدها كبكتيريا نافعة في الجهاز الهضمي, وسلالاتها المختلفة تساعد في علاج الإسهال، وقد تساعد الناس الذين لا يستطيعون هضم اللاكتوز، والسكر في الحليب, فهي تستخدم في انتاج الأغذية المخمرة, حيث تعتبر كائنات أمنة ويمكن استخدامها في كثير من التطبيقات الطبية والبيطرية, وكذلك في الصناعات الغذائية, ففي الحليب الخام ومنتجات الألبان مثل الجبن والزبادي والحليب المخمر (الرائب),هذه العصيات اللبنية موجودة بشكل طبيعي او تضاف عن قصد ; لأسباب تكنولوجية أو لحصول المستهلك علي فائدة صحية منها.

ويوجد أيضا البيفيدوباكتيريوم (Bifidobacterium) وهي نوع من البكتيريا الإيجابية، وتوجد في بعض منتجات الألبان، وقد تساعد على تخفيف أعراض متلازمة القولون العصبي. أما خميرة البولاردي (Saccharomyces boulardii)؛ فهي الخميرة الموجودة في البروبيوتيك، ويبدو أنها تساعد في مكافحة الإسهال، ومشاكل الجهاز الهضمي الأخرى.

الالبان المتخمرة هي أي منتج لبني يحضر باستخدام اللبن الكامل او الفرز او غيرهما باستخدام بادئات محددة على ان تظل الكائنات الدقيقة حية حتى يصل المنتج الي المستهلك. ويتم تصنيع منتجات الألبان المتخمرة باستخدام بكتيريا حمض اللبنbacteria  Lactic acid لإنتاج الحموضة ، حيث كان الحليب يترك في درجة حرارة الغرفة عدة ساعات يتم خلالها تكاثر بكتيريا حمض اللبن الموجودة طبيعيا به ثم يستخدم في تصنيع الألبان والأجبان المتخمرة. هذا وقد ثبت ان البادئ الواجب استخدامه في انتاج مشتقات لبنية ذات طعم ونكهة مرغوبين يجب ان يحتوي على نوعين من البكتيريا، الأول ينتج حمض اللبن مثل Lactobacillus, Streptococcusفي حين أن الثاني يكون قادرا علي أنتاج الأحماض الطيارة التي تمنح الطعم المميز والنكهة مثل تلك التابعة لجنس. Leuconostoc وترجع القيمة الغذائية للألبان المتخمرة الي احتوائها على جميع مكونات اللبن الطبيعي, باستثناء سكر اللاكتوز الذي تحول الي حامض اللاكتيك وهذا الحامض المتكون, هو عامل الحفظ الرئيسي لهذه الألبان حيث انه يوقف نمو بكتيريا التعفن والبكتيريا الممرضة.

للألبان المتخمرة تأثيرات صحية عديدة فهي تعمل على التخفيف من حدة أعراض مرض عدم تحمل سكر الحليب (اللاكتوز). حيث يعد الحليب ومنتجات الألبان مصدرا اساسيا لسكر الحليب الثنائي(اللاكتوز),ويبلغ محتوي هذا السكر في اللبن قبل التخمر حوالي 6 %من مجموع المكونات, وخلال عملية التخمر تقوم بكتريا حمض اللبن بهضم وتحليل 20-30 %من هذا السكر الي الشكل القابل للامتصاص وهو السكر الأحادي مثل الجلوكوز والجلاكتوز وذلك بسبب افرزها الأنزيم الهاضم للسكر الثنائي وهو انزيم اللاكتاز Lactase,كما تقوم البكتريا بتحويل جزء من سكر الجلوكوز الي حمض اللاكتيك الذي يقوم بهضم اللاكتوز جزئيا والتخفيف من حدة أعراض حالة عدم تحمل سكر اللاكتوز المتمثلة في انتفاخ البطن واّلامه والإسهال عند تناول الحليب والتي تصيب عددا كبيرا من المستهلكين بسبب نقص وراثي للأنزيم الهاضم لسكر الحليب في الأمعاء وهو(Galactosidase-B) الأمر الذي يفسر قدرة هذه الفئة من المصابين علي تحمل اللبن الرائب أكثر من الحليب الطازج .

كما تستخدم الألبان المتخمرة في الوقاية من قولون السرطان فقد أشارت العديد من الدراسات الي قدرة بكتيريا حمض اللبن علي منع وتثبيط نمو الخلايا السرطانية; وذلك من خلال أليات عدة منها: تقوية مناعة الامعاء الغليظة, قدرة بكتيريا حمض اللبن علي تغير درجة الحموضة في الأمعاء الغليظة مما يساعدها في تثبيط نمو البكتيريا الضارة الموجودة فيها , قدرة المحفزات الحيوية ( لبكتيريا حمض اللبن )على افراز مخلفات أيضية تسهم في تثبيط الخلايا البكتيرية المساعدة في حدوث سرطان القولون, وكذلك قدرة تلك المخلفات علي منع المواد المسرطنة من احداث خلل جيني , كما أن للبن الرائب تأثيراّ مليناّ ومسهلا لمرور الفضلات, مما يساهم في الوقاية من خطر الامساك ومضاعفاته كداء الأمعاء الردي وسرطان القولون.

وأيضا تستخدم الألبان المتخمرة في التقليل من حدة الاصابة بالإسهال فقد أظهرت نتائج البحوث العلمية قدرة المخلفات الحيوية الموجودة في الألبان المتخمرة وغيرها من الأغذية المحتوية عليها على زيادة تحسين القدرات المناعية للأمعاء، من خلال زيادة البروتينات المناعية IGA مما يساعد الأنسان في الوقاية والحماية من الإسهال والالتهابات المعوية، خاصة عند الأطفال وكذلك بسبب قدرتها على تثبيط البكتيريا الممرضة المسببة للإسهال.

بالإضافة الي ان الألبان المتخمرة تستخدم في الوقاية والتخفيف من أعراض أمراض التهاب القولون المزمن مثل داء كرون (Crohn’disease)  والتهاب القولون التقرحي المزمن (Ulcerative colitis)  نتيجة لطبيعة هذه الأمراض وارتباطها بالجانب المناعي من جسم الأنسان, فقد أظهرت نتائج العديد من الدراسات العلمية قدرة المحفزات الحيوية الموجودة في اللبن الرائب على الوقاية من هذه الأمراض والتخفيف من حدتها لدي المصابين بها ,وقد أرجعت هذه البحوث تلك التأثيرات الإيجابية الي أليات مقترحة عدة منها: قدرة المحفزات الحيوية في اللبن الرائب على زيادة انتاج البروتينات المناعية IGA في القولون , التوسط في التفاعلات المناعية في القولون والتقليل من انتاج مركبات السيتوكين Cytokines التي تتوسط التفاعلات المؤدية الي حدوث الالتهابات .

كما تستخدم الألبان المتخمرة في التخفيف من حدة الاصابة بالقرحة الهضمية خاصة تلك التي تسببها البكتيريا Helicobacter pylori التي تعد إحدى أهم المسببات الرئيسية لهذه الأمراض، فقد أظهرت نتائج العديد من الدراسات قدرة بكتيريا حمض اللبن على تثبيط نمو تلك البكتيريا الضارة ومن ثم التخفيف من حدة الالتهاب المعدي او الاثني عشر.

وايضا تستخدم الألبان المتخمرة في التخفيف من حدة الاصابة بنزلات البرد الشتوي فقد استعملت كمحفزات حيوية في علاج المريض المصاب بالرشح والأنفلونزا ونزلات البرد وأظهرت النتائج فارقا ملحوظا في قدرة تلك المحفزات الحيوية على تقليل حدة وفترة الإصابة بالرشح ونزلة البرد، ولكن لم تظهر تأثيرا في عالج الأنفلونزا.

بالإضافة الي ان الألبان المتخمرة تستخدم في التخفيف من الحساسية لبروتين الحليب حيث يعاني الكثير من الأشخاص من مرض التحسس لبروتين الحليب البقري فقد أظهرت الدراسات العلمية قدرة البكتيريا وحمض اللبن الموجودة في اللبن الرائب على التخفيف من حالة الحساسية، وذلك من خلال قدرة هذه البكتيريا النافعة على تثبيط التفاعلات المناعية المسببة لهذه الحساسية.

يُمكن الحصول على البروبيوتيك من عدة مصادر ومنها الالبان المخمرة التي تحتوي على كائنات حية دقيقة. بالإضافة الي الأطعمة التي تم إضافة خمائر حيوية لها (كائنات حية دقيقة) المتواجدة في الأسواق. وأيضا عن طريق تناول ما يُسمى بالبريبايوتيك وهي ألياف مغذية للكائنات الحية الدقيقة الموجودة من قبل في الجسم، فتساعدها على النمو وأداء وظائفها. بالإضافة الي تناول منتجات البروبيوتيك التجارية (المكملات الغذائية التي تحتوي على بروبيوتيك).

هناك العديد من التوصيات في مجال استخدام البروبيوتك مثل حث شركات القطاع العام والخاص التي تعمل في مجال الألبان على تدعيم منتجاتهم الحالية بالبكتيريا الداعمة للحيوية. بالإضافة الي عمل ندوات وبرامج توعية على جميع وسائل الاعلام لتثقيف جمهور المستهلكين بفوائد وأهمية المنتجات اللبنية العلاجية. ويمكن من هذه الدراسة ايضا عمل معززات غذائية تستهدف المناطق التي يعاني افرادها اختلالا في توازن الجهاز الهضمي. وأيضا يمكن تقديم التوصيات للحكومة بضرورة اعتماد هذه المنتجات كوجبات أساسية لطلاب المدارس وللمرضي في المستشفيات وكذلك للعمال في مشاغلهم، وغيرهم. بالإضافة الي تشجيع منتجي الألبان الوطنية إنتاج منتجات لبنية جديدة مدعمة بالبكتيريا الصديقة والداعمة للحيوية.  وأيضا توفير مثل هذه المنتجات بصور شتى وبأسعار مدعومة لكي تناسب جمهور المستهلكين فالوقاية خير من العلاج.  كما يمكن الطلب من الجهات المختصة اعتماد مثل هذه المنتجات من ضمن التي تقدم للحوامل والمرضعات واصحاب الاحتياجات الخاصة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى