عادل أبوبكر يكتب: الإنظمة السودانية وشيطنة مصر وأزمة سد النهضة…تحديات تواجه التعاون بين البلدين
عندما تحدثنا سابقا عن التكامل الزراعي بين السودان ومصر وفشل الحكومات منذ ان نال السودان ومصر استقلالهم في الخمسينيات من القرن الماضي وعندما نتحدث عن كلمة ومعني التكامل القصد منه التعاون المثمر البناء الذي يحقف مصالح ومنافع متبادلة وليس وصاية او مصلحة دولة علي أخري انها ياسادة مصالح مشتركة..
السودان بجانب ثرواته الطبيعية المتعددة يتملك خبراء في الزراعة والثروة الحيوانية ، لقد قام النظام السابق باجتهاد كبير علي تخريب العلاقات المصرية السودانية وعمل علي تشويه السمعة المصرية للرأي العام السوداني بان مصر تضمر الشر للسودان وشعبه وصورها بابشع الصور بانها دولة ظالمة تحتل الاراضي السودانية وتريد ان تهيمن علي مياه النيل منفردة وتعاون السودان مع اثيوبيا في مفاوضات سد النهضة ضد مصالح البلاد الشخصية للنيل من مصر.
واصبح السودان الآن في ورطة كبيرة بعد قيام السد وإعلان إثيوبيا منفردة علي ملئ الخزان وأثيوبيا تتنصل الأن من اتفاق وثيقة الخرطوم التي مضت عليها والتي تمت في ديسمبر ٢٠١٥ وقضت بعدم البدء في ملء الخزان الا بعد الأتفاق مع السودان ومصر !
وهو بند لا تريد أثيوبيا أن تلتزم به الأن ، ونتيجة لأخطاء فنية لا تستطيع اثيوبيا توفير ومد الطاقة الكهربائية للسودان بسبب اخطاء فنية وخروج اثنين من التروبينات من الخدمة وسوف يولد السد طاقة اقل من ٢٠٠٠ ميجاواط بدلا من ٦٠٠٠ ميغاواط كما هو متفق وعن توافر اراض زراعية خصبة بعد قيام السد وجد النظام السابق مبرارات لتعاونه مع الجانب الاثيوبي واصبح كلام في مهب الريح.
لماذا ؟
لان الحقيقة السودان يمتلك اراض زراعية هائلة لم يستثمر منها الا جزء بسيط وليس في حاجة لاراض زراعية اخري يوفرها سد النهضة الاثيوبي وتأثيرات سد النهضة على نهر النيل على وجه العموم ، وتحديداً تأثير السد على النيل الأزرق ، وتعتبر حوالى ٧٠ ٪ من الزراعات المروية بالسودان ، التي تخدم ٤٠ مليون سوداني تتركز بالنيل الأزرق .
ومن اضرار سد النهضة أن سعة السد تعادل مرة ونصف الإيراد السنوى للنيل الازرق، ولذلك سيحدث تغييراً في هيدرولوجيا وهيدروليكا النهر ، وكذلك يحدث تغييراً في عملية الإطماء، الذي سيؤثر بدوره على البنية الأساسية واستخدامات الأراضي والسكان والتوازن البيئي للنيل الأزرق
ان الخلافات السياسية و خاصة المتعلقة بالحدود يمكن ان تحل بالعقل والمفاوضات الجادة وعدم الاثارة والفوضي التي تؤثر بالسالب علي علاقات الشعوب لقد حملت حكومة حمدوك الحالية ارث ثقيل جدا بعد تخريب الاقتصاد السوداني وتخريب العلاقات الدولية.
النظام البائد الظالم لاهل السودان استطاع بكل بساطة ان يرتكب اكبر جريمة في حق السودان ويفصل الجنوب وفقد اكثر من ٧٠% من دخله القومي لقد خاض النظام السابق حروب ضد اهله في الجنوب ودارفور بدون مبرر ولا يخلو اي بيت سوداني من اليتامي والارامل الثكلي وراح ضحية تلك الحروب ٢مليون ومئتان الف سوداني من خيرة الشباب ويرقصون علي دمائهم وقبورهم برقصة عرفت باسم رقصة الشهيد حتي وصف الرئيس المخلوع بالرئيس الرقاص.
لقد تم تشريد قبائل وقري كاملة اكثر من ٥ مليون نازح هذا بالإضافة الى التعمد في تخريب الاقتصاد القومي بطرد الكفاءات وتمكين عناصر الحزب والكوادر الغير مؤهلة لادارة البلاد مما ادي الي تدهور الاقتصاد تفشي الفساد والمحسوبية إنهيار تام للقطاعات الطبية والصحية والتعليم بالسودان وهذه الجائحة عرت الوضع الصحي في البلاد.واصبح جليا امام الشعب السوداني.
كما تم تخريب وتدمير اكبر كيان اقتصادي زراعي وهو مشروع الجزيرة العمود الفقري للاقتصاد الوطني ولا ننسي تدمير السكة حديد و الخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية بيع الاصول داخليا وخارجيا ونهب اموالها وتشريد المستثمرين وفرض جبايات كثيرة علي المواطن والمستثمر مما ادي الي هروب وفرار الكثيرون من ويلات تلك الجبايات.
والمؤسف تم تدمير افضل جامعة علي مستوي العالم وهي جامعة الخرطوم وتخريب التعليم واصبح التعليم مستواه متدنيا في السودان اين اموال النفط والتي تقدر بمليارات الدولارات؟ من اهم انجازات النظام السابق استطاع بجدارة ان يعزل السودان اقتصاديا وسياسيا وجعل وصمة عار عليه بانها دولة راعية للارهاب واصبح في عزلة تامة محظورا اقتصاديا .
لا اود ان اخوض كثيرة في تعدد مصائب النظام السابق ولكن اطلب من الحكومة السودانية ان تعمل علي نهضة البلاد ولا مفر من التفكير في نهضة القطاع الزراعي نهضة حقيقية وليست النفرة الخضراء الكاذبة التي كان يطلقها النظام البائد ويجب تطوير تلك المنظومة ووضع سياسات واضحة وقوانين لحماية وتحفيز المزارعين والمستثمرين وفتح افاق الاستثمار في الزراعة ومدخلاتها ومكملاتها.
علي كل والي ولاية تسليم وزارة الزراعة خارطة لتوزيع الاراض الزراعية وباسعار رمزية مع توفير بنيات اساسية لتلك المشاريع وايجاد تشريع وقانون تنظيم للمنتفع بعدم بيع او ايجار الارض الزراعية التي منحت اليه وزراعتها خلال فترة زمنية محددة واذا فشل في زراعتها يتم نزع الارض وتمكينها لمن لديه رغبة وعلي مستوي الافراد تعطي مساحة محددة لا تتجاوز ١٠ فدان بعد ان يقوم بزراعتها وبصورة جيدة يحق له المطالبة بارض اخري حتي لا نفتح الباب للمتاجرة باراض الدولة لا تستعجل الدولة في تحصيل الجبايات سوف تعود الفائدة بصورة عامة للاقتصاد الوطني .
ونعلم جيدا ان مصر لديها خبرات متراكمة في مجال مشروعات اراض شباب الخرجين واساليب الري المتطور التسميد والزراعة والعلاقات الدولية كل الامكانيات القيمة والإيجابية يمكن للسودان الاستفادة منها تعتبر مصر من اكبر الدول تصديرا للمنتجات الزراعية في المنطقة ولديها افضل المعامل المركزية المحترمة لفحص منتجات التصدير والحاصلة على شهادات الجودة العالمية الايزو.
وعلينا الاستفادة من تلك الخبرات وازالة جميع العوائق والجبايات فورا علي الزراعة في السودان وتقديم اعفاءات ودعم كامل من الدولة لهذا القطاع الحيوي والهام الذي يرفع من الإقتصاد الوطني وايجاد حلول للاستفادة من الخبرات في اعادة هيكلة و تطوير المشاريع الزراعية.
لماذا اتحدث عن مصر ودورها في المساهمة علي نهضة القطاع الزراعي السوداني ليس تحيزا او فضلا ان مصر ذكرت في القران الكريم منذ سيدنا يوسف وموسي عليهم السلام وعرفت مصر بالزراعة والفلاحة وعلي الرغم من فقر مصر لمصادر المياه وتوافر الاراض الجيدة ومحدوديتها والزيادة السكانية الهائلة وبفضل من الله نجدها دائما في رخاء ووفرة بل تصدر الي دول العالم كيف ونحن اشقاء لا نستفيد من بعضنا البعض.
لماذا لا نشد عضدنا وسواعدنا ونتكامل مع بعضنا البعض ونحقق نهضة زراعية شاملة يستفيد منها شعب وادي النيل والمنطقة بأسرها عندما نتحدث بان السودان هو سلة غذاء العالم ولا نستطيع ان نوفر لاهله لقمة العيش علينا ان نفكر جديا وخارج الصندوق عن أخطائنا واسباب فشلنا في ان يصبح السودان بلدا زراعيا بالدرجة الاولي المصريين استطاعوا ان يقهروا الصحراء وتم تطويع الأراضي الصحراوية الي مشروعات زراعية التكامل ليس مختصرا علي الزراعة فقط يجب الاستفادة القصوي من التعاون في كل المجالات والقطاعات.. الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والصحة..والتعدين ..والصناعة ..
ورفع مستوي التبادل التجاري.. والكهرباء والطاقة والتعليم..الخ.. مصر لديها كم هائل من الصناعات الصغيرة ممكن الاستفادة منها ولا بد من تشريع خاص بالبلدين اهم بند فيه الاعفاءات الجمركية لتسهيل حركة التبادل التجاري ورفع القيود وتطبيق الحريات الاربعة بين البلدين وصدق عليها مجلس الشعب المصري وللاسف ظلت خارج الخدمة لعشرات السنين من العيب ان نضع قيود تأشيرات الدخول لمواطني البلدين وفرض اجراءات للاقامة وكارت العمل الخ.. وينطبق الحال كما قال
الإمام الشافعي رحمه الله
《نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا》
هناك الكثير من المفاتيح الايجابية للبلدين متاحة لنا في ان نتكامل سويا هذا الترابط سوف يحقق الترابط الاقتصادي والسياسي ونحن بالفعل متكاملين اجتماعيا السودان يتربص به الكثيرون آملين في تفتيته الي دويلات واذا شددت ساعدي باخي وشقيقي سوف انجو من ويلات الحروب والشقاق الخطر علي الحدود من حولنا وليبيا وسوريا مثال.
لذلك الخطر قادم وعلينا ان نوحد امتنا ونحقق اهداف طموحات شعوبنا كم عدد السودانيين المقيمين بصورة دائمة بجمهورية مصر العربية
كم عدد السودانيين الوافدين الي مصر سنويا للعلاج والترفيه والدراسة او العمل؟
كم عدد السودانيين الذين يمتلكون الشقق والفيلات في جميع محافظات مصر وفي المناطق الشعبية والراقية؟
العدد يقدر بالملايين ويشعرون بانهم في بلدهم ولا فرق بين مصري وسوداني هذا دليل علي اننا شعب واحد.. شعب وادي النيل وهذا يكفي بان نحقق التكامل الذي تحدث عنه الكثيرون منذ عشرات السنين وشعارات اصبحت حبر علي ورق.
ولكن في ظل التغيرات الدولية والاقليمية التي تطرأ لا سبيل لنا الا ان نفعل التعاون ويصبح امرا واقعا ملموسا والا سوف تكون العواقب وخيمة علي البلدين اذا تدهور حال السودان لا قدر الله وتفتت الي دويلات سوف تفقد مصر امنها القومي ومياه النيل .. نظرية المؤامرة اصبحت باطلة ولا تستطيع دولة بان تحتل اخري او تعتدي عليها بلا مبرر علينا ان ننسي ما مضي وننظر للمصالح المشتركة ونسعي جميعا للتطوير تلك الروابط بالمنافع المتبادلة
يا حكومات البلدين يا سادة يا وزراء يا مسئولين افيقوا من الثبات العميق يرحمكم الله
اللهم لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد