د حمدي المرزوقي:المؤامرة والدولة المصرية ورأس الأفعي
كان لابد من وقفة مع النفس بمراجعة الظروف المحيطة بالوطن الغالي والمستهدف منذ مئات السنين من قوي الشر والظلام .. وطن حباه الله بموقع فريد يربط الدنيا معا .. شرقها بغربها..وشمالها بجنوبها .. وطن نشأت علي أرضه أول حكومة في التاريخ القديم .. وطن صاحب حضارة متميزة مازالت أثارها تملأ الدنيا ..
إنها مصر هبة النيل والمذكورة في الكتب السماوية الثلاث (التوراة والإنجيل والقرآن ) إنها الوطن الذي نشأ علي شواطئه المجد والعزة ومنذ آلاف السنين .. إنها الآن في موقف لا تحسد عليه وكأن كل شياطين الإنس والجن قد اتفقوا عليها في محاولة أثمة لعرقلتها عن مسيرة البناء والتنمية..
فمن ناحية الشرق توجد رأس الأفعي التي تبث سمومها في كل اتجاة وتخفي السم تحت جلد املس ناعم وتحت غطاء من الصداقة المزعومة والسلام والمحبة (إنهم أبناء العم).
وفي الجنوب ومنذ سنوات طويلة مضت تجري المحاولات تلو المحاولات للنيل من مصر بغرض قطع شريان الحياة عنه ومنذ ايام محمد علي الذي فطن للمؤامرة فجرد الحملات العسكرية التي وصلت الي منابع النيل وامن شريان الحياة وأنشأ دولة قوية امتدت من الشمال الي أقصي الجنوب ..
إلا أن المحاولات الأثمه من الجانب الأثيوبي وخاصة بعد بناء السد العالى ايام الزعيم جمال عبدالناصر حيث تعاون معهم الإستعمار العالمي وبدأت أمريكا في دراسة بناء سد النهضة منذ أواخر الخمسينات وأوائل الستينات ولكن مصر القوية وقتها حالت دون تنفيذ المؤامرة والتي عاودت الظهور مرة أخري علي السطح وخاصة بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١م الغامضة (حتي الآن) …
أما في الغرب وعلي حدودنا مع الشقيقة ليبيا وبعد الإنقلاب الدموي علي القذافي (الظاهرة التاريخية النادرة) مما أدي إلي تفتيت ليبيا وتداعت عليها الأمم كما تتداعي الأكلة علي قصعتها من كل إتجاه والهدف من وراء كل ذلك ان تصبح حدود مصر الغربية شوكه أيضا في ظهر مصر تؤرقها.
وأما شمال البلاد فلمصر شواطئ طويلة ممتدة علي البحر المتوسط وتبلغ أطوال الشواطئ المصرية علي البحرين الأحمر والمتوسط حوالي ٣٥٠٠ كم تحتاج في تلك الظروف الطارئة الي تأمين شامل لحماية البلاد من شرور المتأمرين.. وضع في غاية الحساسية و تلك الأسباب المشار إليها نري انه يجب أن نكون جميعا صفا واحدا حول القيادة السياسية للبلاد في مواجهة أعداء الأمة ومهما تعددت الرؤى والأفكار تجاه الأولويات …
وانطلاقا الي القاعدة التي تقول (يد تبني ويد تحمل السلاح) نري إحياء وتطوير الجهاز المدني بالدولة ليشارك في معارك التنمية متحملا دوره التاريخي في تلك الأوقات العصيبة التي يمر بها الوطن وعلي النحو التالي :
– ١) في المجال الصناعي : لقد أعطانا السيد الرئيس في بداية هذا الأسبوع الأمل في إمكانية الإصلاح حينما أعلن في احدي اجتماعاته الهامة الرغبة والنية لإعادة تطوير مصانع قها وأدفينا لحفظ الأغذية والمشهورة بجودتها مع السعر المعقول ونأمل أيضا في تطوير شركة مصر للألبان ذات الإنتاج الوفير والمتنوع والتي تعرضت للإهمال والتخريب …
كما نري أهمية إعادة النظر وسريعا في تطوير مصانع الغزل والنسيج والتي إنتشرت في ربوع مصر في فترة الرئيس عبد الناصر وايضا المصانع العملاقة في شركة المحلة الكبري للغزل والنسيج وأيضا مصانع كفر الدوار الشهيرة … مع النظر بنوع من الجدية في تطوير وإعادة تشغيل مصانع الحديد والصلب بحلوان لخلق نوع من التوازن مع شركات القطاع الخاص وتلك فقط أمثلة سريعة نذكرها على سبيل التذكار .
٢) في المجال الزراعي : وحينما نتكلم عن القطاع الزراعي فأننا نتكلم عما يشبه الكارثة التي تواجه الأمة ومنذ حوالي عشر سنوات … كنا قد حققنا اكتفاء ذاتي من اللحوم البيضاء وإنتاج البيض مع هامش للتصدير وكانت محطات البحوث بمركز البحوث الزراعية قد حققت طفرات هائلة من تطوير وإستنباط سلالات ممتازة من الدواجن والأرانب والبقر والجاموس والماعز والأغنام ولقد شاهدت تلك السلالات المتميز في محطة بحوث الأنتاج الحيواني بالجميزة ومحطة الأنتاج الحيواني بسخا ثم بدأ التدهور تدريجيا نظرا للتخفيض الجائر في الميزانية وأيضا لتناقص العمالة المدربة …
كما يعاني قطاع الإرشاد الزراعي الحيوي والهام من نقص معيب في الميزانية وأيضا في القوة العاملة المدربة نظرا لخروج العديد من الكفاءات للمعاش ودون التجديد ولقد حذرنا من ذلك وبقوة ووضوح أثناء اجتماعات إعداد إستراتيجية الزراعة المصرية حتي عام ٢٠٣٠م والآن تأتي بعض القيادات ودون تفكير لبيع القطاع الزراعي دون النظر إلى إصلاحه أو إعادة تطويره …
أيها السادة قطاع الأمن الغذائي توأم الأمن السياسي والمكون الأساسي للأمن القومي المصري (من لا يملك قوتة … لا يملك حريتة).
٣) في مجال التعليم والبحث العلمي :
إن التعليم قبل الجامعي يعاني من التدهور الشديد وخاصة بعد إعلان موت (طابور الصباح المدرسي) الذي كان يغرس الوعي القومي في نفوس التلاميذ والطلاب ويبرز المواهب المبشرة وبعد انتهاء الدور الفعال للتربية الرياضة وأصبح ذلك المجال الحيوي حقلا للتدريب.
فكل وزير يأتي ومعه تجربته الخاصة والتي تنتهي عقب خروجه من الوزارة … لابد من خطة قومية ذات عناصر ثابتة وواضحة المعالم …
للأسف أصبح الهدف الأساسي من التعليم الجامعي هو تخريج موظفين دون إعطاء الفرصة لأبراز الموهوبين ..
أما البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحث العلمي المختلفة والتابعة لبعض الوزارات فحدث عنه ولا حرج .. يكاد يلفظ انفاسة الأخيرة تحت ضغط الميزانية المتدنية والإهمال الشديد والتعرض لحملات شرسة تطالبه بما لا يطيقه.
ولهذا نري الخروج من ذلك المأزق بضم جميع المراكز البحثية المصرية تحت مظلة أكاديمية البحث العلمي حتي لا تتعرض للعبث والتهريج.. أيها السادة تذكروا أن بعضا من علماء المركز القومي للبحوث قد قاموا بفك شفرة مكون وقود الصواريخ وإعداد كميه كبيره ووافية منها تلزم لتشغيل حائط الصواريخ المصري الشهير في حرب أكتوبر ١٩٧٣م مما حقق النصر المبين في عبور قناة السويس.
٤) في المجال الطبي : مصر أيها السادة تحتاج الي ثورة شاملة وبمعني الكلمة في المجال الطبي من حيث إعداد المستشفيات والأطقم الطبية ماديا ومعنويا. ٥) كما توجد في مصر بعض الشركات العملاقة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شركة المقاولون العرب وشركة حسن علام وشركة مختار إبراهيم كلها علامات مضيئة في سماء مصر والعالم العربي بل تعدت الحدود الي الخارج وكلها في حاجة الي مد يد العون لتطويرها وإعادة الحياة إليها بما يناسب روح العصر. تلك بإختصار بعض العناوين الرئيسية التي نطرحها بأمانة وموضوعية أمام القيادة السياسية الواعية لبلدنا الغالي مصر لعلها تحظي بالدراسة والنظر . واسلمي يا مصر انا لك الفدا مع خالص تحياتي دكتور حمدي المرزوقي ٢٥يونيو ٢٠٢٠