د هالة عبدالرحمن تكتب: دور اللبن ومنتجاته في تقويه الجهاز المناعي للوقاية من كورونا

رئيس بحوث بقسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان- معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر

يعرف جهاز المناعة بانه منظومة من العمليات الحيوية التي تقوم بها أعضاء وخلايا وجسيمات داخل أجسام الكائن الحي بغرض حمايته من الأمراض والسموم والخلايا السرطانية والجسيمات الغريبة.

هذه المنظومة الحيوية تقوم بالتعرف على مسببات المرض، مثل الميكروبات أو فيروسات وتحديدها أو إبادتها، حيث يستطيع جهاز المناعة السليم ان يميز بين خلايا الجسم و أنسجته الحيوية السليمة و الكائنات الغريبة عنه والتي تسبب المرض .

يعدّ الجهاز المناعي أحد أجهزة الجسم الضرورية لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فبدونه يصبح الجسم عرضة لمهاجمة الفيروسات والطفيليات والبكتيريا وغيرها من الممرضات، إذ تكمن وظيفة الجهاز المناعي في المحافظة على صحة وسلامة الجسم، وحمايته من الإصابة بأنواع العدوى المختلفة، ومحاربة الجراثيم التي يتعرض لها.

بعد انتشار وباء  فيروس كورونا المستجد اصبح  للجهاز المناعي دورًا كبيرًا في حماية الجسم من الفيروسات، كما ان  للبن و منتجاته دور هام وحيوي في تقويه هذا الجهاز، وقد يُعزى هذا التأثير لمُحتوى اللبن من بعض المعادن كالزنك، والمغنيسيوم، والسيلينيوم.

اضافه الي محتوي لبن الثديات  من اللاكتوفيرين  الذي استحدث في  علاج فيروس كورونا المستجد لتقوية الجهاز المناعي وهو عبارة عن بروتين متحد مع الحديد ويتواجد في اللبن وينتمي لعائلة حاملات الحديد، ولهذه المركبات دوراً هاماً وحيوياً في رفع المناعة ومضادات للأكسدة اضافه  لما اكتشفه العلماء بان هذا البروتين ” اللاكتوفيرين ” له تأثير كبير على البكتيريا وهو قادر على حماية الأمعاء من الأمراض البكتيرية الخطيرة.

فهو يمنع نمو وتكاثر البكتيريا الموجودة في الأمعاء والمسببة لحالات الإسهال عند الأطفال الرضع لان له مفعول مثبط للبكتريا وبشكل خاص بكتريا  (Coli . E ) المسئولة عن أغلب اصابات الأطفال بالإسهال نظرا لتواجد اللاكتوفرين  بنسبه كبيره بلبن السرسوب  الذي يتناوله الاطفال الرضع ببداية ولادتهم  عن طريق الانتظام في تناول الرضاعة الطبيعية.

وهذا يقودنا للتعرف على القيمة الغذائية للألبان ومنتجاتها

اولآ: القيمة الغذائية للبن ومنتجاته

•  يتميز اللبن ومنتجاته  بارتفاع قيمته الغذائية, حيث  يمد اللبن جسم الإنسان بمجموعة كبيرة جدٌّا من المركبات الغذائية الحيوية المهمة منها البروتينات التي تمد الجسم بالأحماض الأمينية الأساسية.
• بروتينات اللبن غنية بالفوسفور الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية وبالتالي يستفيد الجسم من الكالسيوم، كما يعد اللبن ذاته  يأنه غني بالكالسيوم.
• يحتوي اللبن ومنتجاته على دهن اللبن  الذي يحتوي على كثير من  الأحماض الدهنية الأساسية،   والمركبات الدهنية الفوسفاتية. كذلك تعتبر النسبة بين الدهن والسكر في اللبن مهمة جدٌّا؛ إذ إنها تنشط نمو البكتريا النافعة بالأمعاء
• يحتوي اللبن  على سكر اللاكتوز الذي  يقتصر وجوده على اللبن فقط، ويمتاز سكر اللبن (اللاكتوز) عن غيره من الكربوهيدرات الأخرى بقدرته على التخمر الذي يعد ذو أهمية نافعة في التغذية، كما أنه يؤثر على غشاء المعدة المخاطي نظرًا لقلة ذوبانه.
• احتواء سكر اللبن على سكر الجالاكتوز الذى  ينتج من تخمره يزيد من أهميته، إذ يعتبر هذا السكر أساس تكوين الجالاكتوز في أغشية المخ والخلايا العصبية.
• أيضًا ينفرد سكر اللبن بقدرته على تنشيط نمو أنواع مفيدة من بكتريا حمض اللاكتيك، والتي يمكن أن تحل محل بعض البكتريا التعفنية في القناة الهضمية. كما يساعد الحامض المتكون  نتيجة نشاط الميكروبات النافعة على تمثيل وامتصاص الكالسيوم وبعض المعادن الأخرى.
• ويعتبر اللبن مصدرًا مُهِمٌّا من مصادر فيتامين (أ) الذي يعد مُهِمٌّا جدٌّا في حياة الإنسان، حيث يوجد هذا الفيتامين بنسبة كبيرة في اللبن، ذلك بالإضافة إلى مادة الكاروتين التي تتحول إلى فيتامين (أ) في الجسم بواسطة الأكسدة.

ومن أهم فوائد الفيتامينات والمعادن في اللبن هي:

• أنه ضروري جدٌّا للنمو ولقوة الإبصار.
• يعد اللبن مصدرًا مُهِمٌّا لكثير من الفيتامينات الأخرى. وهي مواد تساعد على الإستفادة من الغذاء والوقاية من الأمراض. وتوجد بعض فيتامينات اللبن ذائبة في الدهن، وهي فيتامينات أ، د، هـ، ك، والبعض الآخر ذائبًا في ماء اللبن: وهي فيتامينات ب1، ب2، ج، وكذلك الكولين.
• يعد اللبن غني بمصادر الاملاح المعدنية   فهو أحد المصادر الطبيعية الأساسية الغنية بالكالسيوم والفوسفور، وهما من الأملاح المعدنية الضرورية لجسم الإنسان، إذ أن هذه المعادن تدخل في تكوين الهيكل العظمي وتركيب الأسنان وتنظيم الضغط الأسموزي، وتساعد على تنشيط الأنزيمات.
• ومن المعادن الأخرى التي توجد في اللبن الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكبريت، ولكن يعد اللبن فقيرًا في عنصر الحديد، ويمكن تعويض ذلك بتناول  أغذية غنية بهذا المعدن مثال اللحوم الحمراء والتمر والذبيب الاسود وغيرها من المصادر الأخرى المتعددة.
• ويوجد في اللبن أيضاً نسب ضئيلة من الليثيوم. والباريوم والمنجنيز والألومنيوم والفلور والنحاس واليود والزنك والكوبلت التي تلعب جميعها دور هام وحيوي في تقويه مناعة الجسم وبعض الوظائف الحيوية الأخرى في الجسم و يحتوي اللبن على كثير من الإنزيمات التي تساعد على هضم الطعام وإمتصاصه

ثانيا:  منتجات الألبان المدعمة بالبكتريا الداعمة للحيوية وخصائصها العلاجية

تنوعت في الآونة الأخيرة منتجات الألبان المدعمة بالبكتريا الداعمة للحيوية  بداء من الزبادي والألبان المتخمرة الأخرى وكذلك الأجبان بأنواعها المختلفة والألبان المجففة والآيس كريم  كما تنوعت هذه المنتجات تبعا  لنوع الميكروبات الصديقة المستخدمة في انتاجها

ولحدوث الفعل الداعم للحيوية والفعل العلاجي يجب ان يكون اقل عدد من تواجد تلك السلالات 105 : 106 خليه حيه/جم لبن

وللتعرف   على طبيعة تلك المنتجات  نذكر ان مصطلح     ( probiotic )   قد عرف  بانه  تلك المواد التي يتم انتاجها بواسطة ميكروب معين والتي من شانها تنشيط ميكروبات اخري وممكن القول بان الدعم الحيوي هو التدعيم الغذائي بواسطة الميكروبات الحيه ذات التأثير  الصحي على العائل والتي من شانها احداث او تحسين التوازن الميكروبي فيه حيث  اثبتت  بعض الدراسات ان  تلك المنتجات  تحتوي على البكتريا النافعة التي تقاوم الأمراض وتطرد السموم وتقوي الجهاز المناعي فيه  و  تُقلّل من الإلتهابات، والتي تُسبّب الأمراض في الجسم

ثالثا: تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عن اللبن ومنتجاته

ذكرت بعض المصادر المغلوطة  في الآونة الأخيرة في ظل انتشار جائحة  فيروس كورونا  المستجد  انه يجب إيقاف  تناول منتجات الألبان كالزبادي والجبنة القريش على وجه الاطلاق بحجه ان تلك البروتينات تضر بالجهاز المناعي ومما لاشك فيه ان الألبان ومنتجاتها  تلعب دور هام و حيوي في تقويه جهاز المناعة ولكن شريطه ان  تكون  تلك الألبان ومنتجاتها  من مصادر  موثوق بها.

يجب الامتناع عن شراء اللبن الخام السائب الذي يكثر محتواه الميكروبي ويكون عرضه للإصابة بالأمراض  و يرتفع فيه نسبة التلوث والتي قد تكون مصدر للتلوث بالفيروسات ليس لكونها لبن ومنتجاته ولكن لكونه غذاء  من مصدر ملوث .

وكذلك  يجب الامتناع عن تناول منتجات الألبان مجهولة المصدر التي قد تكون مصنعه في غياب من الرقابة مما يجعلها عرضه لإضافة مواد بها تضر بالصحة ولكن اذا حرصنا على تناول الألبان ومنتجاتها من مصادر موثوق بها فمما لاشك فيه ان  تلك الألبان ومنتجاتها  تلعب دور  هام حيوي ومؤثر  في تقويه الجهاز المناعي  وخاصةً منتجات الألبان التي تحتوي  على البكتريا الداعمة للحيوية.

رابعا : ملخص لبعض النصائح الهامة لتقوية الجهاز المناعي لتلافي الإصابة بفيروس كورونا المستجد

• حصول الجسم على الفيتامينات والاملاح  المعدنية حيث يساهموا في تعزيز قوة الجهاز المناعي، وخاصة فيتامين أ، وفيتامين ب6 ، وفيتامين د، وفيتامين هـ، وعنصري الزنك  والكالسيوم والتي جميعهم يحتوي اللبن ومنتجاته عليهم
•  تناول الطعام الصحي المتوازن والغني بمضادات الأكسدة  والتي يعد اللبن ومنتجاته  من اهم مصادر تلك الاطعمه وهي أمراً أساسياً للمحافظة على وظائف الجهاز المناعي في الجسم، فقد تساعد هذه الأطعمة على بناء خلايا الدم البيضاء التي تحارب العدوى، وترميم الخلايا المتضررة، والحصول على كل ما يحتاجه الجسم لحماية نفسه ضد الأمراض والعدوى
• التعرض لأشعة الشمس  حيث تحفز انتاج فيتامين د في الجلد، وهو الفيتامين الموجود في عدد قليل جداً من الأطعمة وعلي راسها اللبن ومنتجاته كما سبق ذكره، وانخفاض مستواه في الجسم مرتبط بارتفاع خطورة الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، ولضمان حصول الجسم على كمية كافية من أشعة الشمس ينصح بتعريضه لأشعتها لمدة تتراوح بين 10-15 دقيقة في أيام الصيف اما في فترة الصباح الباكر او وقت الغروب.
• ينصح بالإكثار من شرب السوائل وترطيب الجسم من خلال المشروبات الصحية وفي مجال الألبان ومنتجاتها  كشرب  اللبن السائل  والألبان المتخمرة. للحفاظ على مستوى جيد من الماء بالجسم للمساعدة في تخليصه من السموم، ومساعدة جهاز المناعة في محاربة أي عدوى حيث يكوّن الماء ما يقرب من 85 ـ 90% من تركيب ألبان الثدييات المختلفة
• الحرص على  الرضاعة الطبيعية  وخاصة تناول  الاطفال الرضع لبن السرسوب الغني بمحتواه من اللاكتوفرين وخاصه لدوره الحيوي لرفع مناعة الطفل في ظل استحداث نوع  مستجد  في الوقت الحالي من فيروس كورونا الذي يستهدف الاطفال تحت سن ال5 سنوات(Covid-20)0