مدير «ايكاردا»: التعاون مع مصر لإعاده ترتيب أولويات البحث العلمي وزيادة إنتاجية المحاصيل
>> أبوسبع: وضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع كورونا أصبح حتميا لإنشاء نظم زراعية مرنة
قال الدكتور على أبو سبع مدير عام المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ان مؤتمر تحديات الزراعة في عصر كورونا يعقد في ظل فترة بالغة الأهمية حيث يواجه العالم كله تحديات جسيمة في كافة القطاعات نتيجة جائحة كورونا، التي لم يسبق لها مثيل في عصرنا الحديث ويصعب تحديد أو تقدير حجم الأثار السلبية المترتبة عليها وبخاصة تأثيرها على الأمن الغذائي العالمي.
أضاف “أبوسبع” خلال كلمته في مؤتمر تحديت الزراعة في عصر كورونا ان منظمة إيكاردا تعمل وفق خطة إستراتيجية عشريه بدأت عام 2016 بالتعاون الوثيق مع المراكز البحثية الوطنية في شمال افريقيا والشرق الأوسط وكذلك وسط وغرب آسيا، موضحا ان الإستراتيجية تعتمد على عدة محاور أهمها جمع وحفظ المصادر الوراثية الزراعية والتنوع الحيوي لاستخدامها في تطوير محاصيل قادرة على مقاومة الجفاف والآفات و الأمراض الناتجة عن التغير المناخي، إضافة إلى بناء نظم زراعية متكاملة لإنتاج المحاصيل الحقلية وتطوير سلالات المواشي التي تتسم بالمرونة تجاه التغيرات المناخية.
وأوضح مدير إيكاردا ان استراتيجية “إيكاردا”، تعمل أيضا علي تعزيز سلاسل القيمة الغذائية المستدامة من أجل تنوع الدخل وتحسين سبل العيش لصغار المزارعين في المناطق الجافة وأخيرا دعم الاستخدام الأمثل لإدارة مستدامة لموارد المياه والأراضي المتاحة وتعزيز نظم التكثيف والتنوع الزراعي المستدام. هذا بالإضافة إلى الحزم التقنية التي تقدمها إيكاردا في المجالات المختلفة .
وأوضح “أبوسبع”ـ إن إيكاردا تولى اهتماما خاصا للتدريب وبناء القدرات فى المنطقة من خلال الدورات التدريبية طويلة وقصيرة الأجل ودعم واستضافة طلاب الدراسات العليا لنيل درجات الماجستير والدكتوراه لتدريب الشباب الباحثين من الجنسين لتعلم وتطبيق ونشر التكنولوجيا الحديثة في الزراعة المتاحة من خلال المشروعات التي تنفذها إيكاردا بالتعاون مع المراكز البحثية الوطنية أو من خلال ما هو حديث ومتاح في مراكز بحثية عالمية.
اكد مدير “إيكاردا”، انه في ضوء ما يشهده العالم الآن فإننا نرى أن إعاده ترتيب أولويات البحث العلمي الزراعي ووضع استراتيجيات جديدة أصبح أمرا حتميا ومهما لإنشاء نظم زراعية مرنة وأكثر قدرة على التكيف مع الصدمات الطبيعية الغير متوقعة في المستقبل.
وأشار “أبوسبع”، إلي انه في هذا الصدد فإن إستراتيجيه إيكاردا لدعم الجهود المحلية في دول المنطقة ترتكز علي ثلاث محاور، الأول منها يتمثل في رفع مستوى التعاون والتنسيق مع البرامج الوطنية، وذلك من خلال التعاون بين إيكاردا و مصر (متمثلة في مركز البحوث الزراعية) ويتركز في إجراء بحوث تهدف للتنمية الزراعية المستدامة وزيادة الإنتاجية من خلال تحسين أداء المحاصيل وخاصة القمح تحت ظروف الجفاف والحرارة العالية وتطوير أنظمة الري والإبتكار في إدارة المياه وزيادة إنتاجيتها، بالإضافة إلى دعم نظم التكثيف الزراعي المستدام. كما يهدف لزيادة إنتاج المحاصيل البقولية (فول، حمص، عدس، محاصيل الأعلاف).مشيرا الى ان إنتاجية الفول البلدي الذي تستورد مصر منه حوالي 60% من إستهلاكها ونعمل معا للوصول إلى الإكتفاء الذاتي، وقد كان نتاج هذا التعاون في السنين الماضية هي إنتاج أصناف فول متأقلمة مع البيئة المصرية، عالية الإنتاجية، مقاومة للهالوك والأمراض الفيروسية.
وفيما يتعلق بالمحور الثاني أوضح مدير إيكاردا، انه يتمثل في تعزيز تبادل الخبرات بين الدول والمنظمات الدولية، مؤكدا ان خبراء إيكاردا الدوليين اكتسبوا خبراتهم من عملهم لسنوات عديده في دول المنطقة المختلفة ويتم الإستفادة من صهر هذه الخبرات في بوتقة يمكن أن تستفيد منها جميع دول المنطقة بما فيها مصر من خلال نقل تكنولوجيا النظم الزراعية المختلفة لتطبيق كل منها في المكان الملائم من أجل بناء وتدعيم أنظمة زراعية قوية ومرنة.
وأشار “أبوسبع”، الى انه مع بدء إنتشار هذا الوباء، اتخذت إيكاردا السبل اللازمة لإعادة ترتيب أولوياتها والإنفتاح على الحوار مع جميع القطاعات الزراعية في دول المنطقة والمنظمات الدولية التي تهتم بالأغذية والزراعة وكذلك مع الجهات المانحة الدولية بغاية تأمين الدعم المالي اللازم لمواجهة آثار هذا الوباء على نوعية الغذاء وتوفره وكذلك تأثيره على المزارع والمستهلك على حد سواء، وانه في هذا الصدد تقدمنا لعدد من دول المنطقة العربية بخطة تعامل سريعة لضمان توفير وتأمين التقاوي المناسبة للمزارعين في دول المنطقة للمحاصيل الاستراتيجية ونسعى حاليا لتوفير الدعم المالي اللازم لبدء تطبيق الخطة قبل بداية الزراعة في الموسم القادم.
اما المحور الثالث لإستراتيجية “إيكاردا، أوضح “أبو سبع”، انه يتمثل في تحديد الأولويات وتوسيع التطبيقات المرنة للتكيف مع الصدمات مستقبلاً، مؤكدا ان المنظمة بدأت الإتصال مع المراكز والمنظمات التي تعمل تحت مظلة المجموعة الاستشارية الدولية للبحوث الزراعية CGIAR في مصر لتنسيق وضع الاحتياجات والأولويات لضمان الأمن الغذائي في مصر، وتقديمها إلى الجهات المانحة الدولية من أجل توسيع البرامج والأنشطة البحثية على أرض الواقع لتدارك الآثار السلبية التي يسببها الوباء، وقد رفعنا خطتنا إلى وزارة الزراعة للتشاور في أقرب وقت ممكن.
اكد ان وباء كورونا فرض الحد من الزيارات الحقلية هذا العام وقد تم إلغاء العديد من البرامج الميدانية المتعلقة بتوعية وتدريب المزارعين على التقنيات الزراعية الحديثة من خلال المشاريع الجاري تنفيذها، وبالتالي فإن ذلك يحتم علينا تطوير استراتيجية هامة وهي دعم وتحديث خدمات الإرشاد الزراعي في مصر من خلال الإستفادة من التطبيقات الحديثة فيما يسمى الإرشاد الرقمي والإلكتروني والذي يسهل به فعالية وسرعة إيصال المعلومة للمزارع من خلال تطبيقات الهاتف المحمول التي تضمن إستمرار التفاعل مع المزارعين مستقبلا.
وأشار مدير إيكادرا إلي إنه تماشيا مع سياسة وزارة الزراعة الحالية من التوسع في تطبيق النظم الرقمية في القطاع الزراعي وكإجراء سريع في هذا المسار تم إقتراح مشروع بالتعاون مع قطاع الإرشاد الزراعي والمركز الدولي للتميز في الزراعة (Excellence in Agronomy) وسيتم تنفيذ تجربة الإرشاد الرقمي في مصر في الموسم الشتوي 2020/2021 لهذا العام.
اكد انه من الإستراتيجيات الهامة أيضا التي تقوم بها إيكاردا حاليا بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية وبتمويل من الإتحاد الأوروبي هو التوسع في نشر التطبيقات الناجحة التي تم إنتاجها من المشاريع البحثية القائمة ومن أهمها حزمة تطوير الري الحقلي والتي كان لها تأثير كبير على توفير مياه الري وزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف فضلا عن الآثار البيئية الإيجابية.
وإختتم “أبوسبع” كلمته بالتأكيد علي أن برنامج تطوير الري الحقلي في صورة حزمة مكتملة من التقنيات المختلفة ولا تقتصر على تطوير قنوات الري فحسب ولكن تشتمل أيضا على تقنية الزراعة على مصاطب، التسوية بالليزر، إستخدام الأصناف مبكرة النضح والعالية الإنتاجية، تطهير المصارف الزراعية، وتحسين خصائص التربة. كانت النتائج عظيمة ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية وبيئية كبيرة على المزارعين فى صعيد مصر. وتسعى إيكاردا بالتعاون مع كافة الجهات المعنية لنشر وتعميم هذا البرنامج على مستوى الجمهورية خاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهدها مصر من تحديات مستقبلية نتيجة شح المياه.