د قاسم زكي يكتب: حقيقة تجارة الأبراص المصرية
أستاذ الوراثة – كلية الزراعة – جامعة المنيا – مصر
تجارة تصديرية رابحة يمارسها أهالي قرية أبو رواش بمحافظة الجيزة من منازلهم. والتصدير يتم لدول أوروبا وآسيا لإجراء الأبحاث العلمية عليها، ويتم تجهيز الشحنة من حيث التغليف الجيد بعد الاتفاق مع المورد ويتم تصديرها إلى العميل كلا على حسب نوعه. بالنسبة للأسعار فهي متباينة، فأغلى برص يصل إلى 10 دولار والأرخص يبدأ من 2 دولار.
المشقة تكمن فقط في رحلة صيد البرص المصري، فأنواعه متعددة وكذلك أشكاله وألوانه، وهو نوع من السحالي الصغيرة، من طائفة الزواحف ورتبة الحرشفيات، ينقسم إلى عدة فصائل وأجناس وعادة ما يكون ذو جلد ناعم، كما أنه يمتلك جسم قصير، ورأس كبير، وأطراف متطورة، وتتراوح معظم الأنواع من 3 إلى 15 سم طولا، وتعيش معظمها في الصحاري والأماكن المهجورة، وقد تتكاثر بعض الأنواع في البيئات البشرية.
ويعيش في المناطق الأكثر دفئا لذا نجده يظهر في فصل الصيف بكثرة، ويعمر لمدة تصل إلى 15 عاما في البرية، منه الذكر والأنثى، وله عديد من الأسنان.
وتتعدد أسمائها طبقا للبلاد المختلفة، فتعرف كثيرا بالوزغ (ومفردها وزغة)، أو أبو بريص أو ظاطور أو بعرصي، أو سامُ أَبْرَص، واسمها العلمي (Eublepharis macularius). والأبراص جلودها رقيقة ومرقطة، ألوانها بين الأحمر والأخضر والبني الفاتح والداكن، وبعض أنواعها، تستطيع تغيير ألوانها بغرض التمويه، كما تفعل الحرباء. ينشط البرص ليلا، ويصدر أحياناً، زقزقة للاتصال بالأبارص الأخرى، لا يوجد للبرص جفن، عدا غشاء رقيق، يغطي العين ويقوم بلعقه باللسان لتنظيفه. وثمة أنواع منها تقوم بفصل ذيلها عن بدنها حين الإحساس بالخطر. والأبراص تتغذى على البعوض والفراش والصراصر والعناكب والديدان وصغار الحشرات. لذا فإن الأبراص (الأوزاغ) تسبب كثيرا من الأمراض البكتيرية والمعوية والتنفسية للإنسان مثل: النزلة المعوية الحادة، والحمى التيفودية، لذا فمن الخطأ ملامسة هذا الحيوان، وأخذ الاحتياط خشية لمس برازها السائل على الجدران والمختلط بالدم الملوث الذي يحتوي على مواد خطيرة كالطفيليات (مثل بكتريا السالمونيلا)، والعناية بنظافة الأيدي. للأبراص ما يقارب من 100 نوع، بعضهم شديد الخطورة والسمية. وربما العلة الصحيحة في قتل الوزغ (كما ورد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم) هي لما يتسبب به من أضرار وأذى زائد عن الحد.
وبعض الأنواع تستطيع التسلق، على الأجسام المصقولة (كالزجاج)، بل وتسير مقلوبة على الأسطح، وذلك بفضل وسائد لاصقة، تتواجد على كفوف أرجلها، وهي تتواجد في برص المنازل؛ وهذه الخاصية لفتت لها أنظار العلماء والباحثين. الذين قاموا بدراسة كيفية التصاق الأبراص بالأسطح وتم تطبيقه في دراسات النانو. وألهمت الأصابع اللاصقة في الآونة الأخيرة، إنشاء مجموعة واسعة من الاختراعات؛ من الجيل التالي من الفيلكرو “الشريط اللاصق”، إلى الحالات الشبيهة بـ “سوبر مان” التي تساعد العسكريين الأمريكيين في تسلق الجدران. وقال “ديفيد بوريس”؛ الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية، من جامعة ديلاوير الأمريكية، والباحث الرئيس في معمل تحاليل المواد التابع لشركة” UD ” إنها مادة غير عادية، ليس لها مثيل في العالم، نحن ندرسها منذ الثلاثينيات، وما زلنا لا نعرف كيف تقوم بما تفعله”.
هذا بجانب دراسات غزو الفضاء التي اجريت عليها لقياس تأثير بيئة الفضاء الخارجي عليها، وإمكانية نقل البشر للعيش هناك. فالقمر الصناعيّ الروسي “Foton-M4” والذي أُطلق في 19 يوليو 2014م كان يحمل خمسة من أبراص تجارب بجانب كائنات أخري. ولعل هذا هو سبب الإقبال على استيرادها من مصر، وليس التغذية عليها.
***
نعود للتصدير، فالبرص القفاز وأصفر البطن هما من أغلى الأنواع لأنها نادرة، أما الأبراص المنتشرة بكثرة مثل المنزلي أبو أربع نقاط فيتراوح سعره من 2 إلى 3 دولارات. البرص المنزلي متواجد في غالبية المنازل والناس يشعرون بالقلق البالغ منه خاصة فيما يشاع عن أنه سام (أو يرش الطعام)، بينما يقول أحد صائدي ومصدري الأبراص المصرية، أن هذه معلومات مغلوطة وليست صحيحة، ولا يوجد منه ضرر حتى في حالة عض الإنسان.
إليكم فيديو (5 دقائق) يحكي عن تلك التجارة الغريبة وكيفية اصطياد الأبراص من خلال سلسلتنا العلمية: التنوع الحيوي في مصر والمحافظة عليه (اقتباسات: 23) تجارة الأبراص المصرية. عبر الرابط التالي:
***