د علاء البابلى يكتب: المحافظة على المياه أو ترشيدها (حتمية إدارة الموارد المائية)
مدير معهد بحوث الاراضى والمياه والبيئة – وخبير المياه الدولى
تشهد مصر مرحلة جديدة تنتقل فيها من ثقافة وفرة المياه الى ثقافة ندرة المياه، ولذلك يجب العمل على ترشيد استخدام المياه او المحافظه عليها فى كافة القطاعات والذي يعد من أهم القضايا التى يجب أن تشغل بال المصريين جميعا عن طريق العمل على تغيير الأنماط والعادات الاستهلاكية. وان استخدام تعبير ” ترشيد المياه ” او ” المحافظة على المياه” هما تعبيران متكاملان يجب استخدامهما فى الظروف التى نعيشها الآن فى مصر او الوطن العربي.
اما تعبير ” وفرة المياه ” لا يجوز استخدامة باى حال من الاحوال فى ظل ندرة المياه والجفاف التى نعيشها الان وانخفاض نصيب الفرد الى اقل من 630 متر مكعب سنويا بالاضافى الى ان كمية المياه الافتراضية التى تستوردها مصر (من خلال استيراد المحاصيل الزراعية لسد الفجوة الغذائية) تبلغ حوالي 30 مليار متر مكعب فى السنة.
الدعوة لترشيد استهلاك المياه لا يقصد بها الحرمان من استخدامها بقدر ما يقصد بها العمل على تربية النفس والتوسط وعدم الاسراف فى الاستفادة من نعمة من نعم الله عز وجل والتى حث عليها فى الآية الكريمة ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين” وحديث الرسول صلى الله وعليه وسلم “لا تسرف فى الماء ولو كنت عاى نهر جار”
ومن هنا اصبح التكيف مع ندرة المياه أمراً لا مضر منه ، وعليه فأن القطاع الزراعى يحتاج اكثر من اى وقت مضي الى تحسين إدارة الموارد المائية المتاحة له مع تحسين وتعظيم كفاءة إستخدامها بشكل فعال من اجل خفض الاثار السلبية لندرة المياه والتكيف مع نتائجها وحيث أن ندرة المياه سوف تؤثر على القطاع الزراعى اكثر من القطاعات الاخرى وفي ظل جميع السيناريوهات ، فإنه يتوقع أن ينخفض متوسط المياه المخصصة لكل فدان وبنحو يتراوح من 6% الى 11% وللحفاظ على القطاع الزراعى بوصفه احد الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطنى، فإن القطاع يحتاج الى التكيف مع حالة ندرة المياه.
بالطبع هناك خطة تنفيذية لترشيد إستخدامات مياه الرى والاستخدام المستدام للمياه في الزراعة يتكامل ويتناغم مع كافة الاستراتيجيات التى تم إعدادها: مثل استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة حتى عام 2030، استراتيجية التنمية المستدامة لجمهورية مصر العربية 2030، والخطة القومية للموارد المائية 2037.
هناك تنسيق وتفعيل الجهود لتوفير البيئة الملائمة لتنفيذ المحاور الخمسة المقترحة لترشيد استخدام المياه او المحافظ عليها، وخلق مناخ مشترك بين كافة الجهات المعنية بإدارة المياه وعلى النحو التالى :-
المحور الاول:
التوسع في عملية تطوير وتحديث منظومة الرى الحقلي في اراضي الدلتا والوادى (التوسع في مشاريع تطوير الرى الحقلي في الاراضي القديمة بالدلتا والوادى)
المخرجات :
نسبة المحافظة على مياه الرى ( تقليل فواقد مياه الرى) 10-15%
الهدف او المحور الثانى:
استخدام نظم الرى الحديث (تنقيط ورش) لرى اشجار الفاكهة ومحاصيل الخضروات في الدلتا والوادى (الاراضي القديمة) وقصب السكر فى الوادى والتوسع في إستخدام نظم الرى الحديث في الاراضي المستصلحة الجديدة (الاراضي الجديدة)
المخرجات :
نسبة المحافظة على مياه الرى ( تقليل فواقد مياه الرى) 20%
الهدف او المحور الثالث
تحسين كفاءة وترشيد إستخدامات المياه في الزراعة (تطبيق الاساليب الزراعية الجيدة)
المخرجات : نسبة المحافظة على مياه الرى ( تقليل فواقد مياه الرى) 30-25% نتيجة تطبيق المماراسات الزراعية الجيدة بأكملها كسلة توصيات
الهدف او المحور الرابع
خفض احمال الملوثات من القطاع الزراعى (حماية الموارد المائية من التلوث والتدهور):
هدف فرعى أول : تطوير استخدام مياه الصرف الزراعى في الرى
هدف فرعى ثانى: تطوير استخدام مياه الصرف الصحى في الرى
المخرجات :
نسبة المحافظة على مياه الرى بطريقة غير مباشرة وتقليل فرص تلوثها وزيادة المتاح من المياه العذبة
الهدف او المحور الخامس
تطوير وتنمية الزراعة المطرية والاستخدام الامثل والكفء للموارد المائية المتاحة (مياه الامطاروالسيول ومصادر المياه الجوفية الموجودة(
المخرجات :
نسبة المحافظة على مياه الامطار اوالسيول ( تقليل فواقد الجريان السطحى) 20- 30%
أزمة المياه هي أزمة حوكمة؛
فجميع موارد المياه في أشد الحاجة إلى الإدارة الفعالة والمستدامة. ومع تزايد ندرة المياه، يجب أن تضمن الحوكمة حصول جميع القطاعات – الزراعية، والصناعية، والمنزلية – وجميع المستخدمين على حصص مائية عادلة وكافية ومستدامة، وأن تؤمن الاستخدام الكفء للمياه ولا ينفصل تحقيق الأمن المائي عن الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية. كما يجب إيلاء اهتمام خاص بالأمن الغذائي، والترابط بين قطاعي المياه والطاقة، وآثار التغير المناخي.
وثمة عوامل متعددة تعيق حوكمة المياه، بما في ذلك عدم وضوح المسؤوليات وتداخلها، وافتقار المؤسسات للكفاءة، وضعف التمويل، ومركزية صنع القرار، ومحدودية الوعي العام، وعدم فاعلية اللوائح التنظيمية وضعف إنفاذها.
ومن العناصر الرئيسية لحوكمة المياه الرشيدة: العدالة، والشفافية، والمساءلة، والاستدامة البيئية والاقتصادية، ومشاركة أصحاب المصلحة وتمكينهم، والاستجابة إلى احتياجات التنمية الاقتصادية الاجتماعية. ويمكن للحوكمة أن تنجح في تطوير ممارسات الإدارة الفعالة من خلال إعادة توجيه السياسات، وإصلاح المؤسسات، وتدعيم التعليم والتوعية، وزيادة مشاركة أصحاب المصلحة، وعقد الاتفاقات الدولية، وربط السياسات بالبحث والتطوير.
كما يجب أن تحافظ الحوكمة الفعالة على مرونتها كي تتمكن من احتواء التحولات العصرية الاجتماعية والسياسية، ومن التكيّف مع التغير المناخي.
المياه فى مصر مورد محدود وفرص زيادة تلك الموارد المائية محدودة ولذلك يجب حرص كافة المواطنين على ترشيد استخدامهم للمياه للاستفادة من كل قطرة مياه.
عدد سكان مصر فى تزايد مستمر بينما الموارد المائية من مياه النيل محدودة (55.5 مليار متر مكعب سنويا) منذ اتفاقية 1959 مع السودان ، أدى ذلك الى تناقص نصيب الفرد من المياه من حوالى 2000 متر مكعب /فرد/ سنة عام 1959 الى حوالى 630 متر مكعب/فرد/سنة عام 2015. ومن من المتوقع أن يصل عدد سكان مصر فى عام 2050 الى حوالى 150 مليون نسمة مما يعنى أن نصيب الفرد من المياه سيقل ليصل الى حوالى 370 متر مكعب/فرد/سنة.
يعيش 95% من السكان على حوالى 5% من المساحة الاجمالية لمصر ويتركز السكان فى الدلتا والشريط الضيق حول نهر النيل فى الوادى مما يؤدى الى كثافات سكانية عالية فى تلك المناطق.
لذلك كان من التفكير فى عدد من المشروعات القومية التى تعمل على انشاء تجمعات سكانية جديدة ولذلك كان التفكير فى عدد من المشروعات القومية التى تعمل على انشاء تجمعات سكانية جديدة تعمل على توزيع أفضل للسكان وخلق فرص عمل جديدة فى كافة المجالات الزراعية والصناعية والسياحية والخدمية.
وتعتمد مصر على مياه النيل كمورد رئيسى للمياه والذى يمثل 97% من الموارد المائية المتجددة فى مصر. وان الموارد المائية فى مصر هى: 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل – و1.3 مليار متر مكعب أمطار على الساحل الشمالى وسيناء حوالى 2.4 مليار مترمكعب من المياه الجوفية غير المتجددة باجمالى حوالى 59.2 مليار متر مكعب.
تبلغ الاحتياجات المائية فى مصر حوالى 80 مليار متر مكعب لمختلف القطاعات (الزراعة- الصناعة- الشربوالاستخدامات المنزلية).
وتبلغ الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية حوالى 20 مليار متر مكعب سنويا يتم تدبيرها من خلال اعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ومياه الصرف الصحى المعالجة.
الكفاءة الكلية لاستخدام المياه فى مصر من أعلى الكفاءات فى العالم حيث تبلغ حوالى 78% وذلك نتيجة لاعادة استخدام المياه اكثر من مرة سواء كانت مياه صرف زراعى او مياه صرف صحى معالجة ، وسوف تعمل وزارة الموارد المائية والرى بالتعاون مع الجهات المعنية على رفع الكفاءة من خلال اعادة استخدام كميات أكبر من المياه ولعددة مرات استخدام أكثر.
الانتاجية الزراعية فى مصر من أعلى الانتاجيات الزراعية فى افريقيا والمنطقة العربية وذلك للعديد من المحاصيل ، ويجب أن نعمل على تعظيم الانتاجية الزراعية والعائد الزراعى من وحدة الارض ومن وحدة المياه.
يجب التحول من ثقافة وفرة المياه التى كانت سائدة فى مصر الى ثقافة ندرة المياه والتى أصبحت واقعا، ولذلك يجب العمل على رفع كفاءة استخدام المياه وترشيد الاستخدامات المائية فى كافة القطاعات، وكذلك يجب دعم دور كافة مستخدمى المياه وخاصة المزارعين وكذلك عموم المواطنين فى ادارة وترشيد استخدامات المياه وتنمية شعورهم بالملكية ومدى أهمية ترشيد المياه بتلنسبة لهم وللمجتمع بصفة عامة.
تضافر جهود كافة المعنيين بقضايا المياه ورفع الوعى بتحديد قطاع المياه وكيفية مواجهتها على كافة المستويات السياسية والتنفيذية والشعبية أصبح ضرورة وليس خيارا حتى يمكن تحسين ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية المحدودة فى مصر والحفاظ عليها من التلوث.
النتائج المرجوه من تنفيذ المحاور الخمسة لترشيد إستخدامات مياه الري والأستخدام للمياة في الزراعة.
- تحقيق العداله في توزيع مياه الري علي مستوي مختلف المزراعين ، مما يقضي علي المشكلة الحالية لمعاناه المزراعين الذين تقع حقولهم ومزارعهم عند نهايات الترع والمجاري المائية من نقص أو أنعدام وصول مياه الري إلي الحقول.
- زيادة الانتاجية الغذائية بنحو 20% في المساحات المطوره .
- إرتفاع متوسط الدخل لصغار المزارعين من ذو الحيازات الصغيرة والبالغ نسبتهم 85 – 90% من مجموع المزاعين في المناطق المستهدفه بالتطوير بنسبة تتراوح بين 15-20% عما هو عليه في الاوضاع الراهنه (قبل التطوير) مع إضافة رأسمالية حقيقية لقيمة الأراضي الزراعية نتيجة ما يدخل عليها من التحسنات من تطوير نظام الري الحقلي وما يضاف إليها من المعدات والمستلزمات الخاصة بنظم الري الحقلي المتطورة الأمر الذي يمثل زيادة حقيقية ملموسة في قيمة ما يحوزه جموع المزارعين من الثروة المتمثلة في الموارد الارضية الزراعية .
- المحافظة علي وتحسين صحة المزارعين بالحد من أضار الأمراض المتوطنه ، حيث تساهم نظم الري المطوره ، بما تشمل عليه من تغطيه المجاري المائية المكشوفة ، بقدر كبير في الحد من التلامس المباشر للمزارعين مع المياه ، الأمر الذي يوفر ظروفآ بيئيه وصحيه أفضل في المناطق الريفية ، يما يمثله ذلك من تحسين الاحوال الصحية لدي السكان الريفية والحد من النفقات الباهظة في مجال الوقاية والعلاج .
- زيادة الفرص الاستثمارية لتصنيع معدات وخامات شبكات الري الحقلي وزيادة دخل المزارعين وخلق فرص عمل جديدة حيث يوفر تنفيذ الخطه المقترحة فرصآ كبيرة للإستثمار في العديد من مجالات الإنتاج والخدمات الزراعية المساندة التي تترتب علي أعمال التطوير والتحديث(رش وتنقيط) – كما توفر الخطة إمكانيات كبيرة لزيادة طاقات التصنيع الحالية ، وإقامة صناعات جديدة ، لإنتاج الأدوات والمعدات والمستلزمات المطلوبة لأعمال التطوير والتحديث لنظم الري الحقلي المتطوره والتي يتسع نطاقها في إطار الخطه لتشمل الغالبية العظمي من الأراضي الزراعية في مصر.
- خلق عوامل دافعة لتنشيط سوق الأعمال والاستثمار في مصر وذلك من خلال توفير طاقات كبيرة لتشغيل شركات قائمة ، أو والمجالات المتعددة التي تشملها أعمال إستصلاح الاراضي ومرافق البنيات الأساسية في المناطق الجديدة وكذلك في الاراضي القديمة في الدلتا والوادي .
- تطوير وإعادة تاهيل البنية التحتيه للمساقي والمراوي الحقلية (الخاصة) وبالتنسيق مع وزارة الموارد المائية الري .
- تحسين أنظمة توزيع المياه وتطوير نظم لقياس كميات المياه المستخدمة والمستهلكه (نظام محاسبة المياه أو water accounting).
- تشجيع الابتكارات والبحث العلمي للأستفادة من كل قطرة مياه بالقطاع الزراعي .
- تقييم الاجراءات المتعلقة ” بالامن الغذائي والامن المائي” مع اجراء تقييمات دقيقة للتوازن الغذائي الناتج وبما في ذلك سياسة تصدير/استيراد المحاصيل الزراعية وهو مايطلق عليه ” المياه الافتراضية Virtual water” وبالتنسيق والتعاون مع وزارة الموارد المائية والرى.
- تحديد التركيب المحصولى الامثل لتشجيع زراعة المحاصيل التى لاتحتاج كميات كبيره وتتحمل الجفاف والملوحة وتتكيف مع نقص وندرة المياه وتعطى عائد اقتصادى اكبر لنفس كمية المياه وتتحمل الملوحة وبما يمكن من استعمال مياه ذات نوعية اقل ، مع الحد من زراعة المحاصيل شرهة الاستهلاك المائي مثل قصب السكر ،البرسيم ،الارز،الموز.
- استخدام انظمة الرى والزراعة التى تسمح بتدوير المياه وتقليل كمية المياه المستخدمة لكل فدان وهو مايساهم في خفض الاحتياجات المائية وكذلك الملوثات الزراعية (خفض احمال الملوثات من القطاع الزراعى وحماية الموارد المائية من التلوث والتدهور).
- التوسع في تطبيقات وانظمة الزراعة المائية المتكاملة (محاصيل حقلية وبستانية، استزراع سمكى) وبما في ذلك انظمة تدوير المياه المناسبة.
- الاستخدام الامن والمستدام لمياه الصرف الزراعى ومياه الصرف الصحى فى الانتاج الزراعى.
- تنمية الزراعات المطرية بالساحل الشمالى الشرقي والغربي لمصر وإعادة تأهيل البنية التحتية في هذه المناطق لخدمة برامج توطين واستقرار البدو (التجمعات البدوية).
- تطوير نظام فعال لادارة المخلفات الصلبة لمنع تلوث المجارى المائية .
- تطوير انظمة الرقابة على الاسمدة (المخصبات) والمبيدات.
- التوسع في استخدام الصوب الزراعية والزراعة المائية بالاضافة الى الزراعات العضوية.
- تحسين اليات المشاركة على المستوى اللامركزى في المشروعات الزراعية مع رفع كفاءة ادارة المياه في القطاع الزراعى.
- رفع كفاءة نظم الرى الحقلي مع توفير اكبر قدر من المياه (الموارد المائية المتاحة) للاستخدام في استصلاح واستزراع مساحات جديدة.
- المساهمة في معالجة مشكلات تدهور خصائص التربة وخصوبتها.
- تفعيل وتشجيع انشاء الجمعيات الطوعية (روابط واتحادات مستخدمى المياه) لمشاركتهم في اعمال التطوير وادارة وتشغيل وصيانة المساقي والمراوى المطورة وشبكات الرى الحديث (الضغطى) في اراضي المناطق المستصلحة.
- تحقيق اهداف برنامج الاستخدام المستدام للموارد المائية المتاحه في الزراعة .