الأخبارالاقتصادالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د فوزي أبودنيا يكتب: مزارع الحكومة للإنتاج الحيواني بين التطوير والتأجير!

مدير معهد الإنتاج الحيواني السابق – مركز البحوث الزراعية – مصر

دور مزارع القطاع الحكومي والتي يجب أن تأتى في طليعة المزارع المتخصصة في مجال الإنتاج الحيوانى لإنها المزارع الوحيدة الأكبر والتي تحتوي على أعداد من حيوانات السلالات المحلية في هذا المجال على مستوى الجمهورية يمكن البناء عليها ووضعها موضع التطوير. بالتي يجب أن تكون هذه المحطات هى اللبنة الأولى في عمليات صون وتحسين مواردنا الوراثية، وهو الدور المنوط به الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة.

في الواقع وإحقاقا للحق أن هذه المحطات تعاني من الإهمال منذ زمن بعيد مما أدى لتأكل البنية الأساسية بها وإنحدار إنتاجية الحيوانات أيضا وتكاثرت عليها الديوان مما أدى لتوقفها عن أداء دورها الأساسي المنوط بها. فهذه المحطات لها مثلث من الأدوار الإيجابية الهامة التي يجب أن تقوم بها. تتمثل هذه الأدوار في دور بحثي حيث يتم إجراء البحوث الخاصة بالتغلب على العقبات والمشاكل التي تواجه الإنتاج الحيوانى في مصر وكذا التطبيقات البحثية الخاصة بالتحسين الوراثي للسلالات المحلية أو الأجنبية الموجودة بها.

ويصاحب هذا الدور دور هام وهو الدور الإرشادي الذي من المفروض أن تقوم به هذه المحطات في المناطق المتواجدة بها وبالتالي يكون هناك حالة رد الصدى للنتائج البحثية التي يقوم بها الباحثين والمنتجين الذين يتبنون هذه التوصيات الفنية الناتجة من البحوث التي تم تنفيذها وتطبيقها في المحطات. يتكامل هذين الدورين مع الدور الإنتاجي للمحطة من المنتجات الحيوانية من بيض وألبان ومنتجاتها ولحوم للمساهمة في سد الإحتياجات القومية من هذه المنتجات وكذا ان تكون هذه المحطات مصدر لنشر التراكيب الوراثية المحسنة عن طريق العجلات والطلائق المحسنة وراثيا علاوة على ذلك كان من المهم أن تكون وتظل هذه المحطات مصدر دخل مهم يساعد في التطوير وتحسين الأداء البحثي والإرشادي والإنتاجى.

إذن أين الأزمة؟

نحتاج إلي تدخل فوري من السيد وزير الزراعة لمواجهة سوء إختيار القيادات لإدارة المؤسسات العلمية والتطبيقية خلال الأعوام الماضية إلا من رحم ربي  لأن سوء الإختيار يؤدى إلى إنتكاسات لا يتحملها سوى الوطن المكلوم. هؤلاء المسئولين غير الأكفاء تسببوا في كل الأثار السلبية التي حاقت بهذه المحطات وما آلت اليه من أوضاع يندى لها الجابين.

التدخل الوزاري ممثلا في شخصية وزير الزراعة  لمواجهة  العديد من السلبيات التي ساعدت في الوصول لهذا الوضع المشين فمثلا الدورة المالية والمستندية بطيئة الحركة وروتينية أكثر من اللازم وكان يجب وضع نظام إدارى أكثر ديناميكية ومؤسسية من هذا النظام البالي حيث يجب أن تطال الوزارة بأكملها ثورة إدارية في إدارة الوزارة بجميع مؤسساتها وهو ما لم يحدث على الأطلاق ولا يوجد مبرر لكل هذا التأخير في تطوير الإدارة.

تدخل وزاري أيضا لمواجهة أحد أخطر الملفات اللازمة للإنتاج الحيواني وهي موارد الأعلاف (مركزة – خضراء – أعلاف خشنة …إلخ) حيث  لا يتم توفيرها بالصورة الواجب القيام بها. كما أن الكثير من هذه المحطات لا توجد فى إطار المنظومة التكاملية الصحيحة للزراعة. هذا الأمر يؤدى إلى ارتفاع الإنفاق في غير محله ويتسبب في إنخفاض العوائد وتآكلها.

كما أن نقص الأيدي العاملة الفنية المدربة يعتبر أحد معاول الهدم في هذه المحطات حيث أن معظم الخبرات الفنية العاملة قد خرجت للمعاش دون أن يكون هناك صف ثاني. كذلك لم يوجد أي تطوير من إستغلال إستخدام الميكنة فى مجال الإنتاج الحيوانى والنباتى للتغلب على هذه المشكلة.

تبعية هذه المحطات منثورة بين إدارات متعددة مما أدى للتضارب في المصالح وحدوث خلافات تستهلك وقت طويل لحلها ولا تحل وكذا تسهم في سوء إختيار المسئولين عن المحطات بما ينعكس بالسلب على الأداء. حيث أن توزيع مسئولية المحطات على أكثر من جهة (فى مركز البحوث الزراعية) يجعل هناك تنافسية «هدمية للكيانات».

كما أن عدم وجود برامج تربية وخطط تحسين وراثى وهذه مشكلة المشاكل والتي يجب أن يكون مسئول عنها معهد بحوث الإنتاج الحيوانى. من خلال المتخصصين فى المعهد حيث يجب وضع الخطط اللازمة وبرامج التحسين الوراثي للسلالات ومتابعتها ورفع تقارير بها بشكل دورى وفى إطار زمني محدد خاصة في ظل توطن الكثير من الأمراض التى أصبحت تضرب الثروة الحيوانية فى مقتل على فترات ولم تنجو منها محطات المعاهد المتخصصة للأسف.

ضرورة مواجهة عدم توفر بنية أساسية صالحة لمحطات الإنتاج الحيوانى (حظائر – محالب – حضانات ومفقسات… الخ) حيث أن البنية الأساسية للمحطات متهالكة وبحاجة لإعادة تطوير بالإضافة إلي مواجهة تربية أكثر من نوع حيوانى فى مكان واحد (يجب التركيز على إنشاء مزارع متخصصة من حيث النوع الحيوانى حتى يسهل من المتابعة ووضع وتنفيذ برامج صون وتحسين الموارد الوراثية).

ورغم كل ما سبق فإن الفرصة مازالت أمامنا لتدارك الموقف وحل الأزمات لتحويل هذه المحطات إلى منارات طبقا لما كان مستهدف من إنشائها لتؤدي دورها البحثي والإرشادي والإنتاجى على أفضل ما يكون بدلا من تأجيرها وتحويل أهدافها عن النسق القويم.

وما زلت اذكر وأكرر بإن سبل الحل موجودة ومعروفه بالنسبة لنا وعلى إستعداد للمساهمة في تطوير هذه المحطات  إن طلب منا ذلك، ولكن أصحاب القرار في واد آخر لا يريدون الإنصات أو الإنصاف ونحن إذ نلقى بكلمة الحق هذه آملين التدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الآوان.

هذه المحطات يجب أن تحتوي على قطعان نواة لكل سلالة من السلالات الحيوانية مع ضرورة تشكيل لجنة فنية من الخبراء في (تربية الحيوان – رعاية الحيوان – تغذية الحيوان – التناسل في الحيوان – الصحة الحيوانية)

 

زر الذهاب إلى الأعلى