د زينب عبدالحميد تكتب: حليب النعاج والماعز «الكنز المهمل»
>>حليب النعاج والماعز يتفوق على لبن الابقار من حيث التركيب الغذائي
باحث – صحه الأغذيه بمعهد بحوث الصحه الحيوانيه بأسيوط
الأغنام والماعز حيوانات رعى بطبيعتها وتربيتها لا تكلف إلا القليل ومن أنسب الحيوانات التى تصلح فى مناطق الصحارى وأشباه الصحارى حيث المراعى فقيرة ومبعثرة حيث تتميز تلك الحيوانات بقدرتها على الرعى لمسافات طويلة , علاوة على أنها تستطيع الرعى على نباتات صحراوية جافة وشوكية بخلاف الأبقاركما تمتاز بقدرتها على تحمل العطش وتستطيع تحمل موسومية توافر الغذاء خاصة الأغنام غليظة الذيل . وقد وجد إن إرتفاع الكفاءة التناسلية لدى هذه الحيوانات سببا لارتفاع نسبة التوائم بها
تمثل مزارع إنتاج حليب الأغنام جزءًا كبيرًا من الاقتصادات الزراعية في العديد من البلدان ، وخاصة تلك المجاورة للبحر الأبيض المتوسط والشرق أوسطية وأيضا في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا و أقل أهمية إلى حد ما في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرق آسيا . إن إنتاج الحليب بواسطة المجترات الصغيرة ، نمت على مر السنين بشكل كبيروالآن يحاول المنتجين والمهتمين بتلك الصناعه البحث عن أسواق استهلاكية جديدة.
حليب النعاج له قيمة غذائية عالية فهو يحتوي على تركيزات عالية من البروتينات والدهون والمعادن والفيتامينات مقارنة مع حليب الأنواع المحلية الأخرى ولأنّه غنيّاً بالبروتينات، ممّا يجعله مناسباً لصنع الجبن الطري ، كما أنّ مصل حليب النعاج يوفر العديد من الفوائد الصحيّة للإنسان، فهضم هذه البروتينات يوفر بعض أنواع الببتيدات التي تحتوي على خصائص مخفضةً للضغط، ومضادةً للأكسدة، والبكتيريا.
على الرغم من أن إنتاج حليب الأغنام يزدهر ، ولكن لا يحتوي على إنتاجية عالية مثل حليب البقر والماعز بسبب الموسمية فلذلك تلجأ مزارع حليب الغنم صغيرة الحجم إلى حفظ الحليب الخام بالتجميد كوسيلة للتغلب على عدم توافر كمية كافية من الحليب لمعالجتها في منتجات الألبان وللحفاظ على جودة عالية لحليب الأغنام ، يجب تجميده بسرعة وتخزينها في درجات حرارة أقل من -20 درجة مئوية, حليب الغنم المجمد عند -27 درجة مئوية يحافظ على استقرار البروتين لمدة تصل إلى 12 شهرًا من التخزين. ويمكن أن تنتج الاغنام المتوسطة الغير منتجة للالبان (90 كجم) من الحليب سنويا، في حين أن سلالة الاغنام المنتجة للألبان يمكن أن تنتج (272 – 362 كجم) من الحليب سنويا.
تعد سلالات الماعز عاليه في إنتاج اللبن فمثلا يبلغ متوسط إنتاج اللبن بالنسبه للكجم وزن الحي من الماعز 2-3 كجم/ كجم وزن الحي. كما يُستهلك لبن الماعز منذ القدم لما له من فوائد غذائيّة وصحيّة على الجسم، ولكن مع ظهور حليب البقر والدعايات الإعلاميّة التي تنفق عليه لم يعد يُستهلك لبن الماعز كما كان سابقاً، والسبب قد يكون هو قلّة توفّر لبن الماعز بالأسواق مقارنةً مع اللبن البقري.
يُعتبر حليب الماعز غذاءً ذو قيمة تغذويّة عالية؛ فهو يحتوي على بروتين عالي الجودة، وهو مصدر جيّد للأحماض الدهنية القصيرة السلسلة والمتوسطة السلسلة والمعادن والفيتامينات، وتُعتبر سهل للهضم وأقل معدلات للحساسية، وهو أقل في محتواه من سكر اللاكتوز من الحليب البقري. ويُعتبر حليب الماعز مصدراً للعديد من المركّبات ذات الفوائد الصحية، مثل اللاكتوفيرين والسكريات قليلة التعدّد (Oligosaccharides) والتورين (Taurine)، والأمينات المتعدّدة (Polyamines) والببتيدات النشطة، كما أنّه يُمكن أن يُحسّن من الإتاحة الحيوية للحديد مقارنة بحليب الأبقار.
ويحتوي حليب الماعز بشكلٍ خاصّ على كميّاتٍ عاليةٍ من حمض الكابريك (Capric acid) وحمض الكابريليك (Caprylic acid)، وهي أحماضٌ دهنيّةٌ متوسطة السلسلة يتمُّ هضمها بسرعة، ممّا يوفّر مصدراً فورياً للطاقة، وبالنسبة لتأثيره على نمو وصحة الأطفال. قد يلفت حليب الماعز المخصص للأطفال الرضع الكثير من الأهالي الذين يُعاني مواليدهم من حساسية الحليب البقري، وقد يظنّون أنه مناسب لأطفالهم، ولكن يجب معرفة أنّ بروتين حليب الماعز يتشابه مع بروتين الحليب البقري، ولذلك فإنّ الطفل الذي يعاني من حساسية لبروتين الحليب البقري قد يعاني من حساسية لبروتين حليب الماعز أيضاً.
لم يتم السماح باستخدام حليب الماعز في تصنيع حليب صناعي مُخصّص للأطفال الرضع إلا حديثاً؛ حيث إنّه في عام 2004 قررت منظمة سلامة الغذاء الأوروبية أنها لا تتوافرلديها دراسات كافية لاعتبار بروتين حليب الماعز مناسباً لاستعماله في حليب الأطفال الرضع، ولكن تم التراجع عن هذا القرار في عام 2013م، وبدأت بعدها الشركات المصنعة بعمل حليب الماعز المخصص للأطفال الرضع.
وقد أجريت دراسات علمية حول فوائد حليب الماعز ، ونُشرت في مجلّة Clinical Nutrition عام 2006، أشارت إلى أنَّ السكريات قليلة التعدد :( Oligosaccharide) المتواجدة في حليب الماعز يمكن أن تساعد على تخفيف التهاب الأمعاء، كما يُمكن أن تُساهم في تعافي غشاء القولون المخاطي المتضرّر، وقد أظهرت النتائج انخفاض معدلات حدوث الجروح في القولون، وزيادة البكتيريا المعويّة الأكثر ملائمة وفائدة للجسم.
وهناك دراسةٌ مخبريةٌ أخرى، نُشرت في مجلّة Journal of Dairy Research عام 2001، توصلت إلى أنَّ استهلاك حليب الماعز قلَّل مستويات الكوليسترول، في حين بقيت مستويات الدهون الثلاثية، والكوليسترول الجيّد ( HDL) في الدم ضمن الحدود الطبيعية ، كما أشارت إلى امتلاك حليب الماعز تأثيراً مفيداً لعمليّة التمثيل الغذائي للكالسيوم والحديد، ممَّا يقلل أيّ تفاعل بين هذين المعدنين.
أظهرت النتائج ترسّب كمية جيّدة من الحديد والكالسيوم في مخازنهما الخاصّة داخل الجسم عند استهلاك نظامٍ غذائيٍّ قائم على الحليب، وبشكلٍ خاصّ حليب الماعزو يمكن أن يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض السكري، وذلك من خلال الحفاظ على مستويات الدهون الثلاثية في الدم، وخفض مستويات الجلوكوز في الدم، وزيادة نشاط إنزيم الغلوثاتيون بيروكسيداز Glutathione peroxidase، وتحسين خلايا بيتا cells)- (β في البنكرياس.
ويضاف إلى ذلك وجود المدعمات الحيويّة )مجموعه البكتيريا بروبيوتيك (، والتي تعتبر من الركائز الأساسيه في لبن الماعز تُشجّع على نموّ بكتيريا نافعة للجهاز الهضمي، وتحسين الهضم ممّا ينعكس إيجاباً على المعدة. احتواؤه على حمض اللاكتيك وهو حمض ألفا هيدروكسي، ويعمل على إزاله خلايا الجلد الميّتة بلطف، ويشجّع على تجديدها.
يُعتبر لبن الماعز من البدائل الصحيّة لجميع أنواع الحليب في حال كان طازجاً وطبيعيّاً وفي الغالب يُستخدم لتصنيع الأجبان، لما له من تركيبة رائعة فريدة بين مختلف باقي الألبان الّتي تستخدم في صناعة الأجبان، وقد يكون السبب بأنّ لبن الماعز ليس بحاجةٍ للتجنيس، وهي عمليّات تكسير حبيبات الدهون لأجزاء صغيرة ليتمّ مزجها مع باقي مكوّنات الحليب، ولأنه يتميّز بأنه مجنّس ، وحبيباته صغيرة طبيعياً تجعله يتميّز بصناعة الأجبان.
ويمكن تصنيع مجموعةٍ متنوّعةٍ من منتجات حليب الماعز اعتماداً على خصائصه الكيميائية، بما في ذلك: الحليب السائل قليل الدسم، والحليب المدعّم، والحليب المنكّه، بالإضافة إلى الحليب المعالج بالحرارة العالية (UHT) والزبدة، والحليب المكثَّف، والحليب المجفّف، والحلويات، والمنتجات المخمّرة مثل: الجبن، واللبن، والمخيض، والمنتجات المجمدّة كالمثلّجات، والزبادي المجمّد.
مما سبق يتضح بأن حليب النعاج والماعز هوكنزمهمل لما له من فؤائد عديده ومنافع كثيرة لصحه وسلامة المستهلك يجب النظر إليها بعين الإعتباروالعمل على تطويرتلك الصناعة بما يعيد النفع على المستهلك والمنتج على حد سواء.