الأخبارالانتاجحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب: شكرا سيادة الرئيس …. لحماية الارض الزراعية

ضرورة إصدار تشريعات تسمح بمصادرة أراضي التعديات وتفصل ملكية الأراضي عن إدارتها لمنع التفتيت

 استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر

أخيرا نري ونشاهد ان هناك من يحافظ علي مصر داخيا وخارجيا والدفاع عن الوطن بمفهومه الشامل الذي لا يتجزأ وأن الامر اصبح جليا بمفهوم  متكامل لا  يقتصر علي الحماية الخارجية لأرض الوطن وتوفير القوة العسكرية لردع كل معتدي و آثم يفكر بالمساس به وأمتد بمفهومه المتكامل لحماية  الارض الداخلية إرث الاجيال القادمة وهي  الارض الزراعية التي  وجدت طريقها من الحماية والتأمين بعد أن ضلته عبر سنوات من العشوائية والتعدي الغير مبرر خلال الحقبة الماضية  ليتدخل السيد الرئيس بنفسه حاملا هذه الهموم والمصاعب التي قد لا ترضي بعض المنتفعين والمستغلين المستفيدين من تحويل الاراضي الزراعية الي كتل عشوائية سكنية بعيدا عن التخطيط المنظم والملتزم ليتحول البعض منهم  الي مليونيرات علي حساب الوطن وافراده والاضرار بمصالحه القومية في توفير ابسط حقوق مواطنيه من أمنهم الغذائي  ودون سداد اي مستحقات او ضرائب لتغيير هذا النشاط من الزراعة الي المباني والذي طالما طالبنا بسداد جزء من أسعار هذه الامتار التي تحول داخل الاحوزة العمرانية لصندوق استصلاح الاراضي بهدف استصلاح اراضي جديدة ومقابل توفير الخدمات لهذه المناطق التي تم استقطاعها ودخولها الاحوزة العمرانية  .

لقد شاهدنا وسمعنا وكانت توجيهات  السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية  واضحة وحادة بوقف التعدي علي الاراضي الزراعية التي اصبح التعدي عليها والعشوائية تمثل اكبر خطر من المصريين انفسهم علي ذاتهم وعلي حقوق الاجيال القادمة لإهدار ثروة مصر التي تكونت عبر ملايين السنين وهي الارض الزراعية.

هذا الخطر وهو التعدي علي الأراضي الزراعية يضاهي مخاطر الارهاب الخارجي المستهدف تدمير قدرات الوطن ونموه واستقراره. فكان الامر واضحا حيث أوضح الرئيس خلال عرضه  هذه المشكلة التي ساهم فيها الجميع المواطنين والمسئولين وتقاعس البعض وغض الطرف ما  وصل  اليه هذا الحال من تأثير سلبي حيث التهمت التعديات أخصب اراضي مصر ومصدر غذاءها الرئيسي وان الامر يحتاج الي الردع والحسم وثقافة المواطنة وحب الوطن لوقف ظاهرة العشوائيات والتعدي علي الارض الزراعية والالتزام بالاحوزه العمرانية داخل القري والمدن وتوابع القري التي وصلت لاكثر من 3000 تابع تحتاج مرافق وخدمات وتلتهم مصادر وموارد التنمية لتوصيل المرافق لها من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء ومدارس ووحدات صحية وغيرها ؟

فلماذا الاعتداء علي الارض الزراعية والتهامها بهذا الشكل المخيف والرهيب ؟؟؟

فهل يعيد ذلك الي الاذهان حجم الازمة والخطر الذي يهدد الاراضي الزراعية وما تم طرحه سنة 2014 لإصدار مشروع قانون يصادر الارض الزراعية التي يتم التعدي عليها بالبناء وردع المخالفين وحبس القانون وللأسف لم يستكمل هذا المشروع دورته في الاصدار .

والسؤال؟

هل يمكن ان يعود وان يعاد اصدار قانون مصادرة الاراضي الزراعية التي يتم التعدي عليها بالبناء حماية للرقعة الزراعية والامن الاقتصادي والذي سبق ان تقدمت به وزارة الزراعة؟

لان هناك مبرر كبير لإصدار القانون وهو أن الارض الزراعية هي ملك الاجيال ولا يجوز التعدي بالبناء وحرمان الوطن من هذة الاراضي المنتجة فالبعض يري ان هذة ملكية خاصة كفلها القانون والدستور ولكن تناسوا ان المواطن المحترم للقانون لا يعتدي علي حقوق الاخرين وان تبوير الارضي والتعدي عليها بالبناء هو تعدي علي كل المواطنين بحرمانهم من غذاءهم وطعامهم هي اضرار بالأمن القومي المصري لحرمان المواطنين من الغذاء  التي تنتجه هذه الاراضي.

لذا وجب ان نوضح اننا نفقد اكثر من  30 الف فدان سنويا  بالتعديات الغير مرخصة للبناء علي الاراضي الخصبة التي وهبها الله لمصر ووصفها هيرودت في كتابة ان مصر هبة النيل وان الارض الخصبة تكونت عبر الاف السنين فمن المؤسف ان نفقدها في بضع سنين.

هل نعلم ان الفدان من الارض الزراعية يغطي غذاء 17 مواطنا علي سبيل الحصر كمتوسط عامكحد ادني فالفدان ينتج 3000 كيلو قمح وان متوسط استهلاك الفرد  في مصر يبلغ  160 كيلو جرام  والمتوسط العالمي 80 كيلو جرام فيعني انه يغطي حاجة  17 مواطنا بالغا و ينتج الفدان 4000 كيلو جرام ارز شعير تعادل ارز ابيض 2600 كيلو جرام ارز ابيض ومعدل استهلاك الفرد 50 كيلو جرام يعني انه يغطي غداء 50 فردا من الشعب المصري  ومن الخضروات 200 مواطن (طماطم وخيار وفلفل ) . فهل نتصور صعوبة ذلك وما يحدث من ضرر يقع علي مستقبل المصريين بالتعدي علي الارض الزراعية!

ان التغيرات الناجمة عن النشاط السكاني الزائد علي الاراضي وبصفه خاصة الاراضي الزراعية بالوادي والدلتا هبة النيل من الاف السنين سوف يؤثر بشكل سلبي علي الاراضي المنتجة والانتاج الزراعي والاضرار بالناتج القومي والتأثير المباشر علي غذاء السكان واحتياجاتهم الغذائية وبالتالي زيادة الطلب علي استيراد المواد الغذائية بصورها المختلفة والمزيد من الطلب لتوفير العملة الصعبة لاستيراد هذه الاحتياجات  الاساسية والضرورية وبالتبعية قيمة الجنية المصري وثباتة امام الدولار بخلاف العجز الناتج في التبادل التجاري الخارجي لنقص حجم الصادرات الزراعية المتوقع وتأثر نوعيتها نتيجة الممارسات الزراعية الخاطئة في الانتاج وعدم مراعاة الجوانب العلمية والفنية  والبيئية طبقا للمواصفات العالمية والدولية لطبيعة المنتجات الزراعية الطازجة والمطلوبة للتصدير بخلاف المشاكل الناتجة عن توقف بعض الدول عن استيراد الحاصلات الزراعية او زيادة القيود عليها وصعوبة اختراقها الاسواق الدولية والخسائر الناتجة عن ذلك للمصدرين وكم عانينا كثير من ذلك وتم فقد اسواق عالمية كانت مصدرا هاما وفعلا في جزء من الموارد الاجنبية للدولة بالإضافة الي العلاقات المتميزة التي كانت موجودة لنا في الاسواق الخارجية لبعض المنتجات المصرية .

ان التعدي المفرط من المستخدمين والمزارعين والمستفيدين  بتلوث الاراضي الزراعية و استقطاع مساحات من هذه الاراضي الفاعلة في الانشطة العمرانية والتي تدخل في الانتاج المرتبط بتغذية السكان والحيوان وحرمانهم من غذائهم هي ممارسات مدمرة للقدرة علي تأمين الانتاج الزراعي الامن والصالح للاستهلاك  وعدم وضع ضوابط لذلك وعدم ممارسة الجهات الرسمية  للدولة لدورها المنوط بها لتنفيذه..

وتُعزى التغيّرات في حالة التربة  وتلوثها او ضعف قدرتها الانتاجية أساساً إلى عوامل النمو السكاني والنشاط الاقتصادي ونقص الوعي والثقافة الوطنية وبعض الطمع والجشع في ظل حرية السوق وعدم الرقابة الفعالة وارتفاع مدخلات الانتاج وتكاليف المنتج الزراعي وانخفاض اسعارها  الذي يستفيد منه الوسطاء والسماسرة  مقارنة بتكلفته ،

بالنظر الي الواقع الذي  نراه وفي حالة عدم توفر اليات تحكمية لضبط منظومة الانتاج الزراعي والسياسات الزراعية والتشريعية فالامور سوف تزداد سواء كمحرّكات من المتوقع أن تتواصل خلال العقود المقبلة  مالم يتم تدبير ذلك الامر بالخروج الي مناطق جديدة وتنميتها كاستصلاح اراضي جديدة تعادل معدلات النمو السكاني المطرد والزحف العمراني المدمر للارض الزراعية القديمة المنتجة ومحاولة تجريم التعدي عليها لانها لست حق الموجودين ولكنها ميراث الاجيال القادمة التي يجب ان نحافظ عليها ونهتم بها ونضع من التشريعات التي تحميها ونطبقها بأن تصل اليهم ارض قوية منتجة «عفية» تساعدهم في توفير حياة كريمه لهم ولابناءهم كما ترك اجدادنا الارض والنهر لنا دون تلوث  اواضرار.

في الوقت ذاته، خلّف التوسع العمراني  والتنمية العمرانية المرتبطة بالنمو السكاني بصمته الثقيلة أيضاً حيث نجم عن النمو السريع للمدن والصناعات تدهور متزايد في مناطق واسعة من الأراضي، شاملةً تلوّث التربة بالملوحة والقلوية  العالية وامتد اليها  التلوث بالمعادن الثقيلة وعوادم السيارات والري من مياه الصرف الملوث بصرف هذه المصانع دون معالجة وعدم الالتزام بالمعاير البيئية وغياب الرقابة الرادعة ،

وادي سوء خدمة الاراضي واهمال صيانتها الي ادمجها ودمكها بفعل المعدات والالات الزراعية الثقيلة .و تم انشاء مشروعات اقليمية لخطة الطرق في الدلتا والطرق الزراعية السريعة ضمن منظومة الربط الجديدة لاقليم الدلتا الي استقطاع مساحات من الارض الزراعية الخصبة و دفنها على الدوام تحت أغطية من الأسفلت والخرسانة بالاضافة الي التعديات التي لم يتم ازالة مخلفاتها من كتل خرسانية ظلت باقية واعاقت زراعة هذة الاراضي والاستفادة منها.

لاشك ان عمليه استصلاح الاراضي ومحاوله زياده الرقعة الزراعيه التي تتأكل في الوادي والدلتا نتيجة الزحف العمراني والتمدد السكاني السرطاني علي نفس المساحة نتيجة عدم الالتزام بالأحوزه العمرانية والاتجاه الي البناء الافقي كان اهم العناصر التي ادت الي تأكل الرقعة الزراعيه وتفتت المساحة نتيجة توريث الاجيال المتعاقبة   وعدم اصدار تشريعات تحافظ عليها وتحميها مما أدي الي نقص نصيب الفرد من الرقعة الزراعيه الي اقل من 0.1% من الفدان. وكان لزاما علي الدولة القيام بدور هام في الاتجاه الصحيح الي استصلاح الاراضي والتوسع الافقي لإضافة مساحات جديده من الاراضي  مع استخدام تكنولوجيا حديثه للزراعة بالاعتماد علي الميكنة الزراعيه ونظم الري الحديثة  واستخدام الطاقة الشمسية  كطاقة بديلة في الاراضي الجديدة .

ضرورة قيام الدولة بتطبيق سياسة واضحة لحماية الاراضى الزراعية من التعدى فى الريف المصرى بتشجيع التنمية الراسية للاسكان ودعم البناء الراسى بتمويل منخفض او دون فوائد والتقسيط على امتداد فترة طويلة من الزمن واستغلال الفراغات فى القرى واملاك الدولة فى هذا النشاط والانتهاء من الاحوزة العمرانية حتي لا تستمر التعديات ،

ليس هذا فحسب ولكن أيضا ضرورة وضع توليفة متكاملة من سياسات وبرامج التنمية القادرة على إحداث التوازن بين الاهداف القومية لحماية الاراضى وتوفير الاحتياجات المشروعة للآسكان فى الريف . ووضع التشريعات مع  اتفاق الجميع على ان التفتت الحيازى يعد عائقآ واضحآ للتنمية ، لذلك لابد من وضع سياسة تحمى الاراضى الزراعية من التفتت ولا تتضارب مع شرائع الارث وحقوق الملكية . اقامة المجتمعات الزراعية الصناعية المتكاملة شاملة البنية الاساسية والخدمات والمرافق بشكل حضاري لجذب السكان وتوطينهم بشكل دائم فى الاراضى الجديدة المستصلحة والاهتمام بالمطور الزراعى للمشروعات الزراعية كالمطور السكني لتقيل الاعباء علي موازنة الدولة في تمويل استصلاح الاراضي والاستفادة من المدخرات في انشطة انتاجية بدلا من الاستهلاك والعقارات الي تستنزف الاقتصاد وترفع التضخم دون اضافة حقيقية للناتج القومي. التوسع فى إقامة أنشطة غير حقلية مرتبطة ومتكاملة مع النشاط الزراعى فى العديد من المجالات المرتبطة بإنتاج وتصنيع المدخلات والمستلزمات الزراعية , أو تجهيز وتصنيع المنتجات الزراعية, أو  الأنشطة الخدمية العديدة المساندة والمرتبطة     مع    تركيز الاهتمام على الوحدات الاقتصادية صغيرة الحجم التى يقوم بها الأفراد فى المناطق الريفية. الاهتمام بتبنى أنماط تكنولوجية زراعية ترتكز على تكثيف استخدام كل من عنصر العمل ورأس المال معا والتوسع فى هذه الأنماط التى تحقق مستويات أفضل لدخول العاملين فى القطاع الزراعى والريفى

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى