د سناء الصاوي تكتب: تأثير الهرمونات النباتية علي صحة الإنسان
>>رش بعض ثمار الموز بمادة تسريع عملية الإنضاج، يؤدي إلى تراكمها وتسبّب تغيّرات في الخلايا الحية
رئيس بحوث – المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر
نظرا للإتجاه العالمى و القومى نحو الإهتمام بصحة الإنسان و مع ظهور العديد من الأمراض الغريبة و المزمنة فلذلك سوف نلقى الضوء على بعض العوامل التى قد تسبب مثل هذه الأمراض و التى قد تثبت أن الإستخدام السيئ للمبيدات ليس هو المتهم الوحيد فى وجود تلك الأمراض.
فقد تضاربت الأقاويل حول ما إذا كان إستخدام الهرمونات النباتية و مشابهاتها ضارة لصحة الإنسان أم لا و لذلك سوف يتم استعراض ما هية الهرمونات النباتية و مشابهاتها و تأثيراتها:
تعرف الهرمونات النباتية بأنها مواد كيميائية تساعد في نمو النباتات وتطورها وعملها، فالنباتات كائنات حية تعمل كوحدة واحدة، تنفذ التفاعلات الحيوية الكيميائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، وتتطلب هذه التفاعلات الكيميائية الحيوية هرمونات تعرف أيضا باسم “مواد نمو النبات” وتساعد هذه الهرمونات في تكوين الأوراق ، الزهور، السيقان، الثمار… إلخ كما أنها تساعد في تحديد جنس الزهور ولون الفواكه والأوراق وتكوين الأنسجة والتنفس وإنتاج الطاقة، وحتى طول العمر للنبات وموتها .
كما أن الهرمونات ضرورية تساعد الكائنات الحية الخضراء على البقاء بشكل طبيعي حيث ينتجها النبات بصورة طبيعية بنسبة معينة يتم عن طريقها تنظيم النمو و إتمام مراحل النضج من زهرة لثمرة غير ناضجة الى ثمرة كاملة النضج و هناك خمس فئات عامة من الهرمونات وهم الأكسينات و السيتوكينين و الجبرلين و الإيثيلين و حمض الأبسيسيك.
و كما هو الحال فى كثير الأحيان عند تدخل الإنسان فى الطبيعة بإستخدام المواد الكيماوية الصناعية فإنه يتسبب فى الضرر له و للكائنات التى حوله فعندما قام الإنسان بإنتاج مواد كيماوية تحاكى فعل الهرمونات النباتية للإسراع من نمو و تطور الثمار وذلك إما لتصديرها او لطرحها فى الأسواق مبكرا للحصول على أكبر عائد مادى دون النظر لما قد تسببه هذه المركبات من أضرار فكل هذه المنتجات الزراعية التى أنتجت قبل أوانها لا تتمتع بالخصائص المميزة لكل نوع من حيث الحجم واللون والطعم الطبيعي نتيجة إضافة الهرمونات و مشابهاتها إليها.
و من أمثلة هذه المركبات كربيد الكالسيوم مركّب كيميائي على شكل بلّورات (رمادية إلى سوداء)، يتفكّك لدى احتكاكه بالماء حيث ينطلق منه غاز الأسيتلين الذي يستعمل في لحام المعادن و قد وجد أن قسم كبير من المزارعين والتجّار في لبنان يلجئون إلى استعمال كربيد الكالسيوم في إنضاج ثمار الفاكهة بسبب انخفاض كلفته وسهولة استخدامه.
وهو يستخدم كثيرًا في إنضاج ثمار الموز والمانجو والتفّاح والمشمش والبرتقال وغيرها وتعتبر مادة كربيد الكالسيوم التي تستعمل في محلات لحام الصلب خطرة للغاية إذا ما وجدت على المنتجات الغذائية لأنها تحتوي على متبقيات من العناصر الثقيلة كالزرنيخ والفوسفور اللذين يشكّلان خطرًا على الصحة. وكربيد الكالسيوم يتفاعل مع رطوبة الهواء لإنتاج غاز الأسيتلين الذي يعتقد أنه يؤثر سلبًا على الجهاز العصبي.
إنّ رش بعض الثمار وخصوصًا الموز بمادة كربيد الكالسيوم لتسريع عملية الإنضاج، يؤدي إلى تراكم هذه المادة داخل الجسم ويسبّب تغيّرات في الخلايا الحية التي قد تتحوّل إلى خلايا سرطانية، لذا ينصح بغسل الموز و التفاح (خاصة المستورد منها) جيدًا بالماء قبل تقشيره وبغسل اليدين عند ملامسته.
يتضح مما ورد أنّ هناك طرقًا عديدة لإنضاج ثمار الفاكهة، والأكثر شيوعًا في العالم استخدام الكهرباء أو الغازات. ومع أنّ لكل من الطريقتين حسناتها وسيئاتها فإنّ استخدامهما (وكذلك الأمر في ما خصّ الكمر والموقد والهرمونات) يظل أكثر أمانًا من رش الثمار بكربيد الكالسيوم.
وأيضا كأحد الأمثلة على هذه المركبات مركب الإثيفون و طبقا للدراسة التى أجرتها هيئة سلامة الغذاء الأوربية على هذا المركب فقد تم تعريفه على انه مركب جهازى يمتصه النبات ويخترق انسجته و يتحلل داخل النبات إلى غاز الإثيلين الذى يساعد الثمار على سرعة النضج وحمض الهيدروكسى إثيل فوسفونك.
وهنا تكمن خطورة المعاملة الغير رشيدة لهذا المركب حيث تراكم هذا المركب و نواتج تحليله فى الأنسجة النباتية وبالتبعية الحيوانية و يؤدى الى حدوث نوع من التسمم العصبى حيث انه يؤثر على إنزيمات نقل الإشارة العصبية و لذلك قامت هيئة سلامة الغذاء الأوربية(EFSA) بوضع حدود قصوى لهذا المركب تختلف من نبات لاخر تبعا لطبيعة النبات و خصائصه.
ومما سبق يتضح أنه كل مركب يتم تصنيعه على يد الإنسان لابد عند تطبيقه مراعاه و ضع القواعد اللازمة للإستفادة منه دون حدوث أضرار جسيمة على صحة الإنسان .ولذلك لابد من نشر التوعية الكاملة لمستخدمى مثل هذه المركبات وذلك بإجراء دورات تدريبية و إرشادية عن طريق الجمعيات الزراعية تنشر خطورة الإستخدام العشوائى لمثل هذه المركبات الخطيرة و مع التطور و نشر الوعى سوف نصل فى النهاية الى التخلص من هذه الأمراض التى أصبحت تهدد كل فرد فى المجتمع.