الأخبارالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د أسامة سلام يكتب: نظم الميـــاه والاقتصاد الدائري

>>تعظيم التدفقات البيئية عن طريق تقليل الاستخدامات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية للمياه

أسامة سلام خبير الموارد المائية بهيئة البيئة أبوظبي – الامارات العربية المتحدة

الاقتصاد الدائري هو عبارة عن نموذج اقتصادي يستهدف تقليل المهدر من المواد والسلع والطاقة والاستفادة منها قدر الإمكان، بحيث يمكن يتم خفض الاستهلاك وتقليل كميات النفايات والانبعاثات، ويتم ذلك عن بتبسيط عمليات الإنتاج وإجراءات التشغيل وسلاسل الإمداد.

ويسهم الاقتصاد الدائري بصورة أساسية في تعظيم الاستفادة من جميع المواد الخام والمعادن والطاقة والموارد المختلفة، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات إعادة التدوير والاستخدام وإعادة التصنيع والتطوير، بديلا عن نمط الهدر وإلقاء النفايات وعدم التدوير. كما أن الاقتصاد الدائري بصفة عامة يعيد تطوير أنظمة الصحة والاستهلاك والتعريف بقيمة الأشياء وأهمية الاستخدام الفعال وتقليل الآثار السلبية الناجمة عن الأنماط الاقتصادية التقليدية، كما أنه يسهم في خلق فرص اقتصادية واستثمارية أفضل للشركات والمؤسسات، بالإضافة إلى المزايا البيئية والاجتماعية.

لا يعد الاقتصاد الدائري مصطلحاً حديثا نسبيا، بل إنه بدأ عند ظهور مفهوم التدوير وإعادة الاستخدام، وظهر بشكل واضح في الدول الصناعية الاوربية بعد الحروب العالمية عندما حاولت حكومات استغلال التكنولوجيا والآلة في إعادة التصنيع. ففي عام 1966، رفع كينيث بولدينج الوعي بـ «الاقتصاد المفتوح» مع موارد المدخلات غير المحدودة وبوابات الإنتاج، على النقيض من «الاقتصاد المغلق»، حيث يتم ربط الموارد والمصارف وتظل أطول جزء ممكن من الاقتصاد. غالبًا ما يُشار إلى مقالة بولدنج “اقتصاديات الأرض القادمة للفضاء” باعتبارها التعبير الأول عن «الاقتصاد الدائري»، وتم تطوير الاقتصاد الدائري بشكل أكبر من قبل الاقتصاديين البيئيين البريطانيين ديفيد بيرس وكيني ترنر في عام 1989.

الاقتصاد الدائري سيكون البديل للاقتصاد «الخطي» الموجود حالياً، والذي يتم فيه التخلص من المنتجات بعد استهلاكها وفي الغالب، من دون الاستفادة منها استفادة كاملة، وعلى الرغم من انتشار إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، فمازالت هناك كميات هائلة من الفاقد، فعلى سبيل المثال: في كل دقيقة يتم دفن أو حرق ما يعادل عبوات ستين شاحنة من الملابس المستعملة وبقايا الأقمشة والمنسوجات (مؤسسة إيلين ماك أرثر)، وهناك العديد من الأمثلة الاخرى في صناعات الغذاء أو الأجهزة الكهربائية أو السيارات، الخ.

يعتمد الاقتصاد الدائري على ثلاثة محاور، هي: إعادة تجديد نظام الطبيعة، وتصميم نظام للمخرجات والنفايات، واستمرارية استخدام المنتجات والمواد. إن تبني النظام الاقتصادي الجديد من شأنه أن يقلل انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 48% بحلول عام 2030، ويخفض كلفة النظام الصحي والغذائي بـ550 مليار دولار، ويقلل الازدحام المروري بنسبة 47%، وتعتبر أسكتلندا من أول الدول التي وضعت استراتيجية وطنية للتحول نحو هذا النظام الجديد، كما بدأت بعض الجامعات والجهات التعليمية في طرح مسابقات وبرامج دراسات عليا في أساليب الاقتصاد الدائري.

المياه والاقتصاد الدائري

هناك العديد من الخصائص والأفكار والمناهج المشتركة بين مبادرات الاقتصاد الدائري التي تنفذها المنظمات وإدارة نظام المياه بمعناها الأكثر شمولية حيث يؤسس لغة مشتركة تسمح للاقتصاد الدائري وممارسو المياه لفهم بعضهم البعض بشكل أفضل. لذا يجب أن ينصب تركيزنا خلال السنوات القليلة القادمة على مبادئ الاقتصاد الدائري: وكيفية ارتباطها بالإدارة المستدامة للمياه بما في ذلك موضوعات التقاطع الرئيسية وكذلك مواءمة الفرص: من خلال تحديد المشاريع والنهج والأهداف التي تتوافق مع كل من الإدارة المستدامة للمياه والاقتصاد الدائري، فإن الاحتمال هو تسريع نشرها وتطبيقها ويمكن تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري على الموارد المائية من خلال:

إدارة النفايات:

يجب تعظيم كمية الطاقة والمعادن والمواد الكيميائية المستخدمة في تشغيل أنظمة المياه بالتنسيق مع الأنظمة الأخرى. وتحسين الاستخدام الاستهلاكي للمياه داخل الحوض الفرعي (مثل الاستخدام في الزراعة وغيرها) كما أنه يمكن استخدم التدابير أو الحلول التي تحقق نفس النتيجة دون استخدام الماء.

الحفاظ على استخدام الموارد وذلك بتحسين عائدات الموارد (استخدام المياه وإعادة استخدامها، والطاقة، والمعادن، والمواد الكيميائية) داخل أنظمة المياه وتحسين استخراج الطاقة أو الموارد من نظام المياه وزيادة إعادة استخدامها. بالإضافة الى تحسين القيمة المتولدة من نظم المياه مع الأنظمة الأخرى.

تجديد رأس المال الطبيعي بتعظيم التدفقات البيئية عن طريق تقليل الاستخدامات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية للمياه والحفاظ على رأس المال الطبيعي وتعزيزه (مثل منع التلوث، والتحكم في نوعية النفايات السائلة، وما إلى ذلك) مع ضمان الحد الأدنى من التأثير في أنظمة المياه الطبيعية بسبب التفاعلات والاستخدام البشري.

المصادر:

 

زر الذهاب إلى الأعلى