الأخبارالانتاجالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عبدالسلام منشاوي يكتب: احذروا من تعطيش أو تغريق القمح في المرحلة الحالية من الزراعة

» يزيد الضرر في مرحلة الإعداد لبناء السعة التخزينية للنبات

رئيس بحوث متفرغ ومربي قمح بمحطة بحوث سخا في كفر الشيخ – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية 

احذروا من التعطيش أو التغريق للقمح وخصوصا التعطيش في مرحلة التفريع والتغريق في الأيام القادمة بعد رية المحاياه ( التشتية) وبرودة الجو

الري من العمليات الهامة جدا بالنسبة لمحصول القمح. ويعتبر الاعتدال في الري وصرف الماء الزائد بعد الري أحد مقومات نجاح زراعة القمح خصوصا في الأرض الطينية. حيث أن عدم ري النبات في وقت حاجته للمياه أو الري في وقت عدم حاجة النبات للمياه وبمقدار يزيد عن حاجة النبات مع عدم صرف الماء الزائد هما المقصود بالتعطيش والتغريق، واللذان يسببان ضرر كبير للنبات. ويتضح ذلك الضرر حينما نذكر ما هي أضرار تعطيش أو تغريق نباتات القمح وما يحدث للنبات من جراء تلك العمليات.

أضرار التعطيش:

المقصود بالتعطيش هو تعرض النبات لإجهاد مائي بسبب عدم وجود ماء ميسر بالتربة يكفي لحاجة النبات، يختلف ذلك حسب قوام التربة وعوامل أخرى كثيرة سواء كانت تتعلق بالتربة أو بالظروف البيئية المختلفة والمحيطة بالنبات.

ويتمثل الضرر الناتج عن التعطيش للنبات في أنه عند تعرض نبات القمح للعطش يقوم بإغلاق الثغور على الأوراق للمحافظة على كمية المياه التي في النبات، وبالتالي يمنع دخول ثاني أكسيد الكربون وهو العنصر الأساسي لعملية البناء الضوئي، وعلية تتوقف عملية البناء الضوئي، وبالتالي يتوقف تكوين السكريات اللازمة للعمليات الحيوية و نمو النبات. وإذا كان التعطيش في بداية حياة النبات وخصوصا في بداية طور التفريع تكون المشكلة أكبر، حيث يتوقف نمو الأوراق كما يتوقف تكوين البراعم الفرعية المسئولة عن إنتاج فروع جديدة وعليه يقل التفريع ويقل في النهاية عدد السنابل. وأيضا يسبب بطئ نمو الساق الرئيسية وعلية يتم تأخير نمو الأوراق والأفرع وتدفع النبات إلى الانتقال من مرحلة إلى مرحلة سريعا دون أن يتم البناء الجيد للمجموع الخضري كما يدفع النبات لتكوين السنابل ويكون نمو النباتات ضعيفة.

وحيث أن أوراق النبات والمجموع الخضري (الغطاء النباتي) تعد هي مصنع الغذاء بالنسبة للنبات لأنها تستقبل الضوء والأشعة الأزمة لعملية البناء الضوئي وتتم عملية البناء الضوئي وهي المسئولة عن تكوين السكريات وتراكم المواد الغذائية والتي تستخدم فيما بعد في امتلاء الحبوب. وبالتالي ينعكس ذلك سلبا على كل مكونات المحصول وعليه تقل الإنتاجية النهائية بسبب نقص مكونات المحصول بدرجة تتوقف على شدة العطش الذي تعرض له النبات والمرحلة التي تم فيها التعطيش.

أضرار التغريق وتحول التربة إلي تربة غدقة:

المقصود بالتغريق هو زيادة كمية مياه الري عن حاجة النبات مع عدم وجود وسيلة للتخلص منها في أسرع وقت لسوء أو انعدام شبكة الصرف أو تكاسلا من المزارع لعدم الدراية بمدى خطورة الأمر.

ويتمثل الضرر الناتج عن التغريق للنبات في أنه إذا ظلت الأرض مشبعة بالمياه لفترة طويلة عن اللازم ينتج عنه استنفاذ الأكسجين الموجود بالتربة واللازم للعمليات الحيوية للجذر، وبالتالي يتوقف الجذر عن النمو وامتصاص العناصر الغذائية وتنغلق الثغور مما يؤدى إلى عدم حدوث التمثيل الضوئي. كما يتم تحويل الآزوت من الصورة الميسرة إلى الصورة غير الميسرة ولا يستفيد منه النبات وهذا هو مكمن الخطر الحقيقي. وفي هذه الحالة يصبح النبات غير قادر على امتصاص النتروجين اللازم من التربة فتقوم النباتات باستخلاص النيتروجين من الأوراق القديمة نتيجة لنقص النيتروجين وتصفر الأوراق ولا يقوم النبات بالتفريع والتخليف، وذلك يؤثر تأثيرا سلبي على مكونات المحصول. ويؤدى التغريق في الري إلى تحول لون الأوراق السفلى إلي اللون الأصفر اللامع ثم موتها ولون الأوراق العليا إلى الأصفر الشاحب نتيجة نقص النتروجين.

وهذا العرض السابق ذكره والمتعلق بأضرار التغريق سوف نلاحظه كثيراً في نهاية شهر ديسمبر ويناير خصوصا في المناطق سيئة الصرف مع زيادة مياه الري وسقوط أمطار غزيرة. ويلاحظ أيضا أن التربة تظل لفترات طويلة رطبة ومغطاة ببقع خضراء من الفطريات وفى حالة أخذ مليء اليد من التربة وشمها نجد أن رائحتها كريهة، وذلك يرجع إلى حدوث عملية الاختزال في ظل الظروف البيئية غير الهوائية نتيجة تشبع التربة بالماء ونشاط الكائنات الحية غير المحبة للظروف الهوائية وتنشط في الظروف غير الهوائية.

كما يلاحظ الضرر الناتج عن التغريق في وقت مرحلة امتلاء الحبوب وهي أيضا في غاية الخطورة حيث تكون درجات الحرارة مرتفعة، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة التربة ومنطقة الجذور. وقد يحدث ضرر للجذور بعد الري بفترة وجيزة، ونرى موت مبكر وشيخوخة واصفرار لمعظم أوراق النباتات وبالتالي تؤثر على امتلاء وحجم الحبوب الناتجة ويكون محصلة كل ذلك نقص في الإنتاجية النهائية للمحصول.

ويزيد الضرر الناتج عن التغريق أو التعطيش خصوصا في مرحلة الإعداد لبناء السعة التخزينية للنبات وهي حتى نهاية مرحلة التفريع وهي بعد 50-60 يوم تقريبا من الزراعة (قد تزيد أو تقل قليلا عن ذلك حسب الصنف المنزرع وميعاد الزراعة والظروف البيئية). حيث يتم في هذه المرحلة تكوين عدد الفروع الحاملة للسنابل وفي نفس الوقت يم تكوين السنبلة بما فيها من سنيبلات وأزهار والذي ينتج عنه عدد الحبوب بالسنبلة. حيث يعتبر عدد السنابل في وحدة المساحة وعدد حبوب السنبلة هما أهم مكونين من مكونات المحصول، وكلما كانت النباتات قوية والتفريع والأوراق كثيرة ينعكس ذلك ايجابيا على امتلاء الحبوب بشكل جيد وتكون المحصلة بفضل الله تعالى محصول عالي الإنتاجية.

أسال الله أن يجعل هذا الموسم موسم خير وبركة على الوطن والمزارعين

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى