الأخبارالانتاجالصحة و البيئةحوارات و مقالاتمصر

د عاطف كامل يكتب: كيف نحمي الحيوانات البرية والبحرية فى مصر؟

>>الموقع الجغرافي ساهم في التنوع البيولوجي بعدد 135 ألفا و 406 من الطيور والزواحف والأسماك

رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة قناة السويس

مدير المركز الإقليمى التدريبى والبحثى للمحميات الطبيعية بجامعة قناة السويس

تحظى مصر بتنوع بيولوجى غني ومتنوع وفريد ويعكس تنوع الحياة البرية والبحرية وهذا يرجع إلي موقع البلاد الفريد في ملتقى ثلاث محاور رئيسية جغرافية حيوانية، فتحتوي على كائنات من كل نطاق جغرافي وتتمثل الكائنات من البحر المتوسط والبحر الأحمر والمناطق الصحراوية والتى تحتوع على مجموعات برية وبحرية مختلفة.

ويؤثر تنوع البيئات الجغرافية في تنوع الكائنات الحية فتوجد حيوانات تنتمي إلى بيئات مختلفة مثل البيئة البحرية والممطرة والصحراوية والزراعية والمدنية وتعتبر عدد قليل من هذه النوعيات متوطنة أصلا ويقتصر عدد منها على توزيعه في مصر والبلاد المجاورة.

واستفاد المصريون وازدهروا من موارد الحياة البرية منذ قديم الزمن ولم تترك ثقافة أخرى تفصيلات مثيلة مسجلة للحياة البرية فيوجد رسومات صخرية ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ وتسجل الحياة البرية التي سادت في الأراضي المصرية بينما تزخر العصور الفرعونية برسومات على الجدران، نقوشات بارزة وموميات الحيوانات فجميع هذه الشواهد تظهر أن الحيوانات البرية كانت تصطاد كمصدر للغذاء واللهو كما كانت تستأنس كحيوانات أليفة وتعبد كآلهه ومما يتضح لكل من يشاهد هذه الكم الهائل من الأثريات أن قدماء المصريين كانوا يكنوا أعظم التقدير والاحترام للحيوانات البرية التي كانت تمثل كيان حيوي لثقافتهم ومظاهر حياتهم المتعددة.

التنوع البيولوجى الفريد فى مصر

تعد مصر موطنــًا لـ 93 نوعًا من الثدييات، من بينها ستة أنواع متوطنة، بالإضافة إلى ثلاثة عشر نوعًا من الحيتانيات (الحيتان والدلافين)، ونوع من عروسة البحر في مياه البحر الأحمر المصرية.

وتشكل القوارض المجموعة الأكبر بين الثدييات الصغيرة، حيث تمثل 32 نوعًا، وتتفاوت في الأحجام من الفئران الضئيلة إلى الشهيم الذي قد يصل طوله إلى متر. وهناك 20 نوعًا من آكلي اللحوم من بينها أربعة أنواع من الثعالب، ويعد ثعلب الفنك الصغير أحدها، وفصيلة الـ Mustelidae التي تتضمّن مجموعات حضرية مثل ” العرسة ” واسعة الانتشار حول العالم.

يوجد ما يقرب من 20 نوعًا من ثدييات مصر مُهدّدة بالانقراض، من بينها ” الفهد ” الذي يوجد فقط في مُنخفض القطارة، والكبش أروى الذي ينحصر بين جبل العوينات وجبل عُلبة، وانخفضت أعداد ريم (الغزال المقرن) بشكل هائل. أيضــًا تتعرّض أعداد من الثدييات الصغيرة المُتواجدة على طول ساحل البحر المتوسط إلى الخطر بسبب العُمران والصيد الجائر والتهريب والإتجار غير المشروع.

الطيور

بالإضافة إلى كون مصر في مُلتقى الطُرق بين أربع مناطق جغرافية حيوية، فهي تقع على أحد طُرق هجرة الطيور الرئيسية بالعالم. وقد سجّل أكثر من 470 نوعًا في مصر من بينها 150 نوعًا فقط مُتزاوجًا مُقيمًا، ونوع واحد متوطن بالبحر الأحمر وهو نورس عجمة.

تشكل الأراضي الرطبة الواقعة على ساحل البحر المتوسط بيئات طبيعية هامة للطيور السابحة المُهاجرة، بينما تعد السويس أحد أهم مُلتقيات الطيور المُحلّقة بالعالم.

وقد تم حصر 134.000 طير جارح هناك في خريف 1981، وهناك أيضًا أعداد هائلة من اللقلق الأبيض ورهو والبجع الأبيض تمر بهذه المنطقة سنويًّا. وتنقسم الأراضي الرطبة بمصر إلى الأراضي الرطبة للبحر المتوسط وسواحل البحر الأحمر، والأراضي الرطبة الداخلية بوادي النيل وعدّة واحات، وهي مواطن طبيعية للطيور السابحة المُتنوّعة، ومن بين الطيور السائدة على طول الساحل بشاروش والعقاب النسارية وخطاف والنورس. ويُمكننا أن نجد العديد من الطيور الصغيرة، حتى في أكثر المناطق جفافــًا، ومن بينها أبلق أسود أبيض الرأس الكلي الوجود وصقر حر.

الزواحف والبرمائيات

وجد في مصر 106 أنواع من الزواحف والبر مائيات، من بينها ستة أنواع متوطنة، ونوع واحد مُهدّد بالانقراض هو السلحفاة المصرية. والزواحف الأكبر عددًا هي 49 نوعًا من السحالي، تتصدرها من حيث الكبر فصيلة الأبراص Gekkonidae، ومن بين 36 نوعًا من الثعابين 9 سامة و9 أخرى لها أنياب خلفية لكنها سامة هي الأخرى رغم أنها أقل خطرًا على الإنسان، حيث إنها تحتاج أن يصل جزء من ضحيتها إلى الجزء الخلفي من فكها حتى تحقنها بالسم.

وتتعرّض الخمسة أنواع من السلاحف البحرية المُتواجدة في البحار المصرية إلى خطر الانقراض على مستوى العالم. وتبنى كل من السلحفاة الخضراء وسلحفاة صقر أعشاشها على الشواطئ والجُزر المصرية. وأيضا تمساح النيل المُثير للإعجاب والذي كان منتشراً على طول النيل، يقتصر اليوم في تواجده على بُحيرة ناصر، إلى جانب الورل االنيلي الضخم والسلحفاة النيلية (ناعمة الصدَفة).

الحياه البحرية

تزخر مصر بأنواع مختلفة من الكائنات البحرية وخاصة في البحر الأحمر فعلى الرغم من أنه ترجع أهمية البحر الأحمر إلى أنه طريق لحركة البضائع خاصة البترول، لكنه أيضًا غني ومُتنوّع في الحياة البحرية (الدلافين والحيتان والقروش والسلاحف البحرية و حيوان الأطوم او بقرة البحر) والشعاب المرجانية المُتناثرة بطول الأرصفة الصخرية الضحلة التي تجعل البحر مليئــًا بالهداب، وهي الأجمل على الإطلاق على مستوى العالم، وتعتبر مركز جذبٍ للغطّاسين. والمانجروف المُتواجد على طول الشواطئ هو بمثابة أراضٍ لتكاثر العديد من أنواع الأسماك والقشريات ذات الأهمية التجارية، بينما تمثــّل الأعماق موطنــًا للأسماك الأكبر حجمًا والثدييات البحرية، وتمد أعشاب قاع البحر السلحفاة الخضراء وعروسة البحر بالطعام، في حين تشكّل العوالق مصدرًا رئيسيًّا لطعام العديد من أنواع الأسماك والكائنات الأخرى.

وهناك ما يفوق 1300 نوع من الأسماك، من ضمنها أسماك القرش والتى ازداد صيدها من البحر الأحمر بدون رقابة وبيعها فى محلات الأسماك وأكثر من ألف نوع من الرخويات، و200 مرجانيات، وما يزيد على 250 من الديدان السمكية وغيرها، كل ذلك في هذه المساحة الصغيرة، والكائنات الأكثر تشويقًا وإبداعًا والسهلة المنال هي التي تتواجد على الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر.

قوانين حماية الحياة البرية والبيئة المصرية

نصت المادة 45 من الدستور: القائم على أن تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، ويحظر التعدي عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء فى الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون  – وفقا لـ”الجعفرى”.

 قانون البيئة

لم يعط قانون البيئة اهتماما يذكر بالحيوانات سوى ما جاء بالمادة 28 من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1996  والتي نصت على أنه: “يحظر بأي طريقة صيد أو قتل أو أمساك الطيور الحيوانات البرية التي تحدد أنواعها اللائحة التنفيذية لها القانون ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة كما يحظر إتلاف أوكار الطيور المذكورة أو أعدام بيضها وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المناطق التي تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط الترخيص بالصيد فيها وكذلك الجهات الإدارية المختصة بتنفيذ هذه المادة”

وجاء بالمادة 84 من ذات القانون في باب العقوبات: “يعاقب كل من خالف أحكام المادة 28 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد على خمسة ألاف جنية مع مصادرة الطيور والحـيوانات المضبوطة وكذلك الآلات والأدوات التى استخدمت فى المخالف”.

قانون الزراعة

يحظر صيد الطيور النافعة للزراعة والحيوانات البرية أو قتلـها أو إمساكها بأى طريقة كمـا يحظر حيازتها أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حيه أو ميتة ويحظر إتلاف أوكار الطيور المذكور أو إعدام بعضها ويصدر وزير الزراعة قرارا بتعيين أنواع الطيور والحيوانات البرية والمناطق التى تنطبق عليها أحكام هذه المادة وبيان شروط التـرخيص بصيدها على سبيل الاستثناء للأغراض العلمـية أو السياحية”.

لم ينص قانون الزراعة على أي حماية للحيوانات سوى ما جاء بالمادة المذكورة والتي تمنع صيد الطيور والحيوانات البرية، بالإضافة إلى بعض المواد التى تنظم عملية ذبح ذكور العجول والبقر للحفاظ على الثروة الحيوانية، وهو ما لا يمت بصلة للرأفة والرفق بالحيوانات وعلى ذلك لا توجد مادة فى هذا القانون تحمى الحيوانات.

طرق حماية الحيوانات البرية لِحماية الحيوانات البرية فى مصر من الانقراض

لا بدّ من تضافر الجهود فى مصر، والتعاون ما بين المؤسّسات الحكوميّة المسئولة عن حماية البيئة والمنظّمات التي تُعنى بحماية الطبيعة والحياة البرية لحماية الأنواع البرية والبحرية المتبقية من الصيد الجائر والتهريب والإتجار غير المشروع (الغير قانونى) طبقا لإتفاقية سايتس ومصر عضو بها منذ عام 1978والتى تنظم الإتجار الدولى فى الأنواع المهددة بخطرالإنقراض) من خطر الإنقراض، ومن ضمن الخطوات التي يُمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف الآتي:

  1. توعية جَميع فئاتِ المُجتمع بأهميّة التنوّع البيولوجي فى مصر (برية وبحرية) ودروها الرئيس فى حفظ التوازن الطبيعى، وطرق المحافظة على الحياة البريّة، ويمكن تحقيق ذلك بإدراج مواضيع تتعلّق بحماية الطبيعة ضمن المناهج الدراسيّة، بالإضافة لورشات العمل التي تُقيمها الجمعيات المعنيّة بالتنوع الطبيعي مع كافة قطاعات المجتمع.
  2. . تشديد تطبيق القوانين المحلية من خلال التعاون بين إدارة الحياة البرية بجديقة الحيوان الجيزة ووزارة البيئة وشرطة البيئة والمسطحات لحماية البيئة والتنوع الطبيعي بحيث تكون ملزمة للجميع وتغليظ العقوبات، وعدم إعفاء أي جهة من تطبيقها.
  3. إنشاء بنك عالمي للجينات، بهدف حفظ الحمض النووي (DNA) للأنواع المهدّدة بالانقراض، بحيث يُمكن الاستفادة منها لاحقاً.
  4. استِخدام طائرات ذاتيّة القيادة مزوّدة بكاميرات تتمكّن من رصد مساحات شاسعة من الأراضي البريّة وملاحقة الصيادين والمهربين للحيوانات البرية، ويُمكنها رصد الصيّادين المخالفية والمهربين وإرسال إشارات إلى حراس الحياة البريّة للتدخّل السريع على الأرض، كما يُمكنها توجيه الحيوانات نحو أماكن آمنة، وحالياً يتمّ اختبار هذه الطّائرات في كلٍّ من: وقد أظهرت النتائج انخفاضاً في الصيد غير المشروع فى كينيا وتنزانيا.
  5. تدريب حرّاس الحياة البرّية والمحميات الطبيعية وتزويدهم بمعدّات متطورة، وزيادة أعدادهم وأجورهم؛ لزيادة كفاءتهم في محاربة الصيد غير الشرعي للحيوانات البرّية.
  6. التوسع فى إنشاء محميّات طبيعيّة مزوّدة بتقنية متطورة، يمكنها الاستفادة من الأقمار الصناعيّة وأجهزة الإرسال وحتى الروبوتات واجهزة GPS؛ لرصد صيّادي الحيوانات وردعهم.
  7. منع إزالة الغابات وقطع الأشجار وزراعة الكثير منها؛ فهي توفّر المأوى والغذاء للطيور والحيوانات الصغيرة ، كما أنّها تمتصّ المواد التي يمكن أن تؤدّي إلى التغيرات المناخيّة. السيطرة على تلوّث البيئة؛ وذلك بتقليل النفايات والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجدّدة مثل الرياح والطاقة الشمسيّة بدلاً من مصادر الطاقة التي تسبّب تلوث الهواء،
  8. والحدّ من استخدام مبيدات الأعشاب الضارّة بالطيور البرية ومبيدات الحشرات.
  9. توعية الناس بأهمية مقاطعة المنتجات المهربة التي تُصنع من العاج أو من جلود الحيوانات البرّية المهدّدة بالانقراض، وذلك لإنقاذ هذه الحيوانات.
  10. البعد عن أماكن تواجد الدلافين والحيتان والقروش بالبحر الأحمر لتجنّب الاصطدام المراكب ومواتيرها بالحيوانات التي تعيش فى تلك المناطق.
  11. بناء قدرات (دورات تدريبية) للمشتغلين بتنفيذ إتفاقية سايتس من أطباء الإدارة العامة للحياة البرية – شرطة البيئة والمسطحات – أطباء المحاجر البيطرية ومهندسى المحاجر الزراعية – رجال الجمارك والباحثين فى مجال البيئة.

ضرورة وضع قانون للأشراف الدورى علي محلات بيع طيور الزينة وضرورة تحصين تلك الطيور من الأمراض ومنع تواجد الحيوانات البرية بها بدون اوراق رسمية والمصادرة الفورية لها لحدائق الحيوان بالمحافظات مصر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى