د عبدالسلام منشاوي يكتب: النمو والتطور الفسيولوجي في القمح وعلاقته بالعمليات الزراعية والإنتاجية
>> فهم النمو والتطور الفسيولوجي في القمح يساعد على فهم طبيعة النبات بشكل جيد والتعامل معه بصورة صحيحة.
رئيس بحوث ومربي قمح – محطة بحوث سخا – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر
كل مرحلة عمرية في القمح لها متطلبات سواء كانت سمادية أو ري أو مكافحة حشائش….الخ.
يجب حماية ورقة العلم والورقة التي تليها (الورقة قبل الأخيرة) حيث تمثلان 70 إلى 90 % من التمثيل الضوئي المستخدم في امتلاء الحبوب.
يعد القمح من المحاصيل عالية التكيف والتي تتأقلم مع نطاق واسع من مناطق الزراعة في العالم. ومن المؤكد أن هذا التكيف الواسع يرجع سببه إلى طبيعة جينومات القمح المعقدة، والتي تعطي مرونة عالية لنمو المحصول.
فهم النمو والتطور الفسيولوجي في القمح يساعد على فهم طبيعة النبات بشكل جيد والتعامل معه بصورة صحيحة.
ويوجد أكثر من خمسة أنظمة لقياس مراحل نمو وتطور القمح في جميع أنحاء العالم، ويعد مقياس ذادوكس (Zadoks) وفيكس (Feekes) من أكثر المقاييس المستخدمة في القمح.
ولكل نظام منهما طريقة في ترقيم المراحل المختلفة، حيث يتم نظام ترقيم أساسي يمثل حدث نمو أو تطور جديد. ويمكن تقسيم كل رقم بشكل أكبر باستخدام الكسور العشرية لوصف مرحلة معينة بشكل أكبر.
ويصل حقل القمح إلى مرحلة النمو الجديدة عندما يكون أكثر من 50٪ من النباتات في المرحلة التالية. وتفيد دراسة مراحل نمو القمح أيضا في ربط العمليات الزراعية والمعاملات المختلفة مع مراحل نمو النبات.
ومن خلال معرفة المرحلة التي يمر بها النبات يمكن تحديد المعاملات الزراعية المطلوبة والمناسبة حسب حاجة المرحلة. فلكل مرحلة عمرية متطلبات سواء كانت سمادية أو ري أو مكافحة الحشائش……الخ
تطور القمح
من الناحية العلمية يوجد تطور كبير في مراحل تكشف الأعضاء لنبات القمح. وهذا التكشف يحدد العديد من مراحل النمو والتطور الفسيولوجي المختلفة.
وفي حالة الدراسة التفصيلية عادة ما تتميز المراحل التالية: الإنبات، الظهور، التفريع، بادئات الأزهار (الأخاديد المزدوجة)، نهاية السنيبلات، أول عقدة ( بداية استطالة الساق)، الحبلان، طرد السنابل، التزهير والنضج بمراحله المختلفة.
أما من الناحية التطبيقية وللتسهيل يمكن تقسيم هذه المراحل مجمعة في:
1- الإنبات إلى الظهور (مرحلة أ).
2- من الظهور إلى الأخاديد المزدوجة (مرحلة النمو1 ).
3- من الأخاديد المزدوجة إلى مرحلة التزهير (مرحلة النمو2).
4- من التزهير حتى النضج (مرحلة الامتلاء)، وهي تشمل فترة امتلاء الحبوب (مرحلةالنمو3).
وتعتمد الفترة الزمنية لكل مرحلة من مراحل النمو بشكل أساسي على التركيب الوراثي (الصنف) ودرجة الحرارة وطول النهار وميعاد الزراعة.
كما أن العديد من الإجهادات البيئية المختلفة وخاصة الحرارة ونقص المياه والملوحة قد تقصر مراحل نمو القمح.
1-الإنبات إلى الظهور (مرحلة أ):
الحد الأدنى لمحتوى حبة القمح من الماء اللازم للإنبات هو 35 إلى45٪ ، و يحدث الإنبات بين درجة حرارة 4 و 37 درجة مئوية، ولكن الحرارة المثلى للإنبات هي من 12 إلى 25 درجة مئوية.
حجم البذور لا يغير نسبة الإنبات ولكن يؤثر على النمو والتطور والإنتاجية. والبذور الأكبر حجماً لديها العديد من المزايا عند مقارنتها بالبذور الأصغر.
وينمو الجذير والجذور الجنينية أولاً، ثم تليها غمد الريشة (الكوليوبتيل- Coleoptile) الذي يحمي ظهور الورقة الأولى للخروج فوق سطح التربة. وتستغرق هذه المرحلة بالنسبة للأقماح المنزرعة بمصر من 7-12 يوم من تاريخ الزراعة.
2- من الظهور إلى الأخاديد أو القمم المزدوجة (مرحلة النمو1):
أهم ما يميز هذه المرحلة هو عملية التفريع، حيث تنمو فروع القمح من زاوية الورقة للساق الرئيس. ويبدأ التفريع عندما يوجد ثلاثة أوراق متطورة بشكل كامل. ويتوسع نظام الجذور الجانبية ويتكون التاج بين البذرة وسطح التربة. وتختلف القدرة على التفريع حسب نوع التركيب الوراثي (الصنف) والظروف البيئية.
وتننهي عملية التفريع عادة قبل بداية استطالة الساق وهذا هو الغالب، ومن المؤكد يتحكم فيها العديد من العوامل الوراثية والبيئية. وتتطور الفروع الأولية في زاوية الأربعة أوراق الحقيقية الأولى أو أكثر من الساق الرئيسي.
قد تتطور الفروع الثانوية من قاعدة الفروع الأولية. وفي القمح لا تنتج كل الفروع سنابل، فالكثير منها يموت قبل التزهير. ويتوقف عدد الفروع المنتجة للحبوب على التركيب الوراثي والبيئة ويتأثر بشدة بكثافة الزراعة.
تحت نظام الزراعة الكثيفة، فإن العدد المعتاد من الفروع الخصبة هو بمتوسط 2 -1.5 فرع لكل نبات.
والتفريع له أهمية محصولية كبيرة في القمح خصوصا في حالة مشاكل الإنبات حيث الكثافة المنخفضة، فيكون التفريع معوضا جزئيا أو كليا لعدد النباتات بعد مرحلة التأسيس أو الإنبات.
قد تختلف مدة مرحلة النمو الخضري (مرحلة النمو1) في القمح، حيث عند 50 إلى 60 يوم من الزراعة اعتمادا على تاريخ الزراعة والتركيب الوراثي.
ويميز هذه المرحلة بأنها مرحلة التأسيس للمحصول والنمو الخضري، حيث يتكون فيها الأوراق والفروع ويتم بناء السعة التخزينية للنبات.
وتكون نقطة النمو تحت سطح التربة ومحمية من المؤثرات البيئية والآفات فوق سطح الأرض. وفي نهاية هذه المرحلة تكون البرعم في نقطة النمو متمايزة لتشمل الأنسجة الزهرية في الفروع والتي سيتم دفعها فوق سطح التربة في المرحلة اللاحقة. تقع معظم حقول القمح في مصر حاليًا في هذه المرحلة.
ويعتبر معدل تكوين الأوراق أو ما يعرف الفيلوكرون phyllochron محدد لطول هذه الفترة، ويتم تعريف على أنه الفترة الزمنية بين مراحل النمو لورقتين متتاليتين على نفس الساق.
و يعتمد بشدة على درجة الحرارة، ولكن النقص الشديد في المياه ونقص النيتروجين يؤخر معدل ظهور الأوراق في القمح الربيعي.
يحدث تطور الإزهار بعد الحث على تطور بادئات الأزهار بمعدل يعتمد أيضا على طول النهار في تلك التراكيب الوراثية الحساسة للفترة الضوئية وكلما كان طول اليوم أقصر، كانت فترة الطور الخضري أطول وبالتالي يؤدي إلى زيادة عدد السنيبلات في السنبلة.
لا تؤثر التغييرات في طول النهار بعد مرحلة نهاية السنيبلات الطرفية على بادئات الإزهار ولا تاريخ طرد السنابل. وتعد هذه المرحلة من المراحل الهامة جدا في حياة النبات حيث يتم فيها تأسيس المجموع الخضري و بناء السعة التخزينية للنبات والتي تتمثل في عدد الفروع الحاملة للسنابل وعدد الأزهار بالسنبلة.
وهناك العديد من العمليات الزراعية المحددة للإنتاجية والتي يجب العناية بها في هذه المرحلة. فيجب فحص الحقل لمعرفة أنواع الحشائش الموجودة وكثافتها وطريقة مكافحتها لتحديد نوع المبيد المناسب.
ومن الضروري إضافة المقررات السمادبة المطلوبة لهذه المرحلة نظرا لحاجة النبات إلى السماد بكميات كبيرة في ذلك الوقت. وهذه المرحلة مهمة جدا لمكافحة الحشائش وهي الميعاد المناسب للمكافحة، وبشكل عام فأن عملية رش مبيدات الحشائش تعطي مكافحة أفضل، وبالتالي تقلل من منافسة الحشائش الضارة.
وأيضا يجب ضبط عمليات الري والصرف والتي قد تؤثر على النمو سلبيا بما ينعكس على المحصول النهائي بشكل كبير.
3- من الأخاديد المزدوجة إلى التزهير (مرحلة النمو2):
في هذه المرحلة تحتوي الساق الرئيسية لنباتات القمح على 4 إلى 8 أوراق عندما تتغيّر قمة النمو من مرحلة النمو الخضري إلى مرحلة التكاثر، يتبع ذلك مراحل بادئات (primordium) الإزهار.
وتصبح البادئات، التي تتمايز إلى السنيبلات، ظاهرة. يبدأ بادئات الأزهار فوق الجزء الأوسط قليلاً من السنبلة الصغيرة جدا (المجهرية) ويتحرك إلى أعلى وأسفل. عدد بادئات الأزهار والتي تم البدء بها يحدد العدد المحتمل للحبوب لكل سنبلة.
كل سنيبلة بها من 8 إلى 12 بادئه للإزهار في الجزء الأوسط من السنبلة. السنيبلات القاعدية والطرفية لها من 6 إلى 8 أزهار. أقل من نصف هذه الأزهار يكتمل إلى التزهير. البقية تموت أو تم تطورها بشكل غير كاف قبل الأزهار ليتم تخصيبها.
في مرحلة نهاية السنيبلات (السنيبلات الطرفية) يبلغ عدد الأوراق 7 إلى 12 ورقة على الساق الرئيسي. في هذه المرحلة يكون تم بالفعل تحديد عدد السنيبلات لكل سنبلة ، وتختلف من 20 إلى 30 سنيبلة لكل سنبلة.
يوجد علاقة ارتباط موجبة بين طول المرحلة الخضرية وعدد السنيبلات في السنبلة، إطالة مدة المرحلة الخضرية يدفع القمة النامية لتكوين المزيد من السنيبلات في السنبلة.
ومع ذلك، يتم تحديد العدد الفعلي من السنيبلات بناء على طول المرحلة الثمرية. طول النهار القصير في مرحلة الأخاديد المزدوجة حتى بدء مرحلة نهاية السنيبلات تحفز عدد كبير من السنيبلات.
في نهاية هذه المرحلة، تبدأ القمة التي كانت تحت سطح التربة في النمو بشكل أسرع والارتفاع فوق سطح التربة. ويشير ذلك إلى اكتمال مرحلة بادئات السنيبلات، ويتم تحديد عدد السنيبلات لكل سنبلة في هذه المرحلة.
وتبدأ أغماد الأوراق في الاستطالة، و يبدأ الساق الكاذب، وهو سلسلة من أغماد الأوراق الملتفة حول بعضها البعض في الارتفاع (الانتصاب).
ونظرا لحساسية وأهمية هذه المرحلة فيجب عدم تعرض المحصول لأي إجهاد بيئي، وخاصةً النيتروجين والماء. ولذلك يجب الانتهاء من إضافة باقي المخصصات السمادية النيتروجينية في بداية هذه المرحلة.
كما يجب متابعة الكشف عن الحشائش إن وجدت للتخلص بها من خلال النقاوة اليدوية حتى لا تسبب مشكلة في المستقبل. ويجب متابعة الكشف عن الإصابات الحشرية والمرضية.
نمو السنبلة:
بمجرد تشكل مرحلة نهاية السنيبلات، وتصل السنبلة النامية إلى مرحلة السنيبلات الطرفية ويتم دفعها إلى أعلى في الساق الكاذب. يبدأ استطالة الساق وتبدأ السنبلة في النمو حيث يتم دفع السنبلة النامية لأعلى بواسطة امتداد الساق، وكل ذلك داخل النبات وغير مرئي.
يحدث نمو السنبلة داخل النبات من اللحظة التي تظهر فيها الورقة قبل ورقة العلم (الورقة قبل الأخيرة) حتى بعد 10 أيام من طرد السنابل.
تنمو السنبلة ببطء في المراحل المبكرة، ويزيد النمو بشكل كبير في الوقت الذي يظهر فيه لوسين ورقة العلم. يبدأ الإجهاض الزهري (موت الأزهار) في مرحلة الحبلان وينتهي عند التزهير.
يحدث الموت للأزهار عندما يكون الساق وحامل السنبلة في أقصى معدل نمو. من المحتمل أن يكون موت الأزهار على الأقل جزئيا، بسبب التنافس على الكربوهيدرات في هذه المرحلة. وتمثل ورقة العلم والورقة التي تليها (الورقة قبل الأخيرة) مجتمعة 70 إلى 90 بالمائة من التمثيل الضوئي المستخدم في امتلاء الحبوب ويجب حمايتها للنبات حتى يعطي أقصى إنتاجية.
4- من التزهير إلى النضج الفسيولوجي (مرحلة النمو3):
تحتوي سنبلة القمح على سنيبلة واحدة فقط لكل عقدة (محور). كل سنيبلة بها ما بين ثلاثة وستة أزهار خصبة، والتي لقحت ذاتي بنسبة 96 ٪ تقريبا.
يبدأ التزهير في الجزء الأوسط من السنبلة ويستمر نحو الأجزاء القاعدية والقمية خلال فترة من 3 إلى 5 أيام. يتم تخصيب الأزهار للسنيبلات الوسطية قبل يومين إلى أربعة أيام عن الأزهار للسنيبلات الطرفية. هذه الحبوب عادة ما يكون لها وزن أكبر. وبعد إخصاب الزهرة يكون الانقسام سريع ، وخلال هذه الفترة يتم تشكيل خلايا الأندوسبرم والأميلوبلاست.
وتعرف هذه الفترة بمرحلة التأخر وتستمر لحوالي 20 إلى 30٪ من فترة امتلاء الحبوب.
بعد هذه الفترة، هناك مرحلة من نمو الخلايا، والتمايز وترسب النشا في الأندوسبرم الذي يتوافق مع نمو الحبوب الخطي ويستغرق من 50 إلى 70 ٪ من فترة امتلاء الحبوب. يتكون الجنين في وقت نمو الأندوسبرم.
وتتأثر هذه المرحلة بشكل كبير بدرجات الحرارة المرتفعة في نهاية فصل النمو والتي قد تسبب نقص كبير في المحصول نظرا لضمور الحبوب الناتج عن تقليل فترة امتلاء الحبوب.
يتزامن تطور الفرع مع الساق الرئيسي، لذلك يحدث الإزهار في وقت واحد تقريبًا في الساق الرئيسية والفروع، بغض النظر عن الاختلافات في بدء التفريع.
أسال الله أن يكون موسم خير وبركة على الوطن والمزارعين