د احمد ابوكنيز يكتب: كيف نحول أمطار الخريف فى مصر من «نقمة» الى «نعمة»
>>هناك احتمالات كبيرة لزيادة الكميات الهاطلة على مصر نتيجة التغيرات المناخية
مركز البحوث الزراعية
إن هطول الأمطار على مصر قليل بصفة عامة , متفاوت ,متقطع وغير منتظم من حيث الزمان والمكان. إلا أنه أحياناً يكون شديد التطرف نتيجة التغيرات المناخية، فتهطل أمطار غزيرة على بعض المناطق خلال أحداث عاصفة محددة ولمدى زمني قصير , طبيعى ان يرقى هذا الامر الى مستوى التهديد السنوى تقربياً . وهو بمثابة تحدي يولد أفكار عن إمكانية تصميم و تنفيذ طرق ووسائل مستدامة تساعد في تخفيف العبىء عن الادارات المحلية بل و ربما يمثل رقماً كبيراً يضاف الى مواردنا المائية التى تتآكل بفعل الزيادة السكنية وغيرها.
و هذا العام خلال الاسابيع الاخيرة هطلت امطار غزيرة ومن المتوقع ان تسقط فيما تبقى من هذا الشتاء , الا ان الفترة السابقة كات الاعنف و الاشد أثراً و ان بعضها تحولت إلى سيول فى بعض المناطق أخذت فى طريقها كل ما يعيق مسيرتها. و تتفاوت الخسائر سنويا و فى كثير من الاحيان تتجاوز الخسائر المادية لتصل الى خسائر فى الارواح َ
تلك هى المشكلة التى ما برحت مصرنا تعانى منها، وتضيق بها ذرعا لأنها تكشف عن أن مياه الأمطار التى يفترض أن تسقط فتكون نعمة، تحولت إلى نقمة بسبب تقصير بعض الجهات الإدارية فى القيام بمهامها على الوجه الاكمل لاسباب متعدده.و هذه الامطار تسقط على غالبية البلاد فى الصحراء الجرداء و الريف و الحضر , و لكن غالبا ما تكون اشد قطراً و اكثر مياهاً فى شمال مصر بصفة عامة و الشمالى الغربى تحديداً , فى حين تكون اقل فى الجنوب على سلاسل جبال البحر الاحمر و تختفى فى الجبال .اما لو أزادات فانها تتحول الى سيل هادر يتجه الى الغرب بحثا عن نهر النيل فيصله من خلال العديد من مخرات السيول التى أقامتها الدولة منذ امد بعيد ولازالت مستمرة.
وتختلف تقديراتنا لكميات المياه الامطار التى تسقط فى مصر أختلافاً ً بيناً ففى ادناها 3 و فى اقصاها 10 مليار متر مكعب و لكن أتفق الجميع على ان الاستفادة منها تتراوح ما بين 1,3- 2 مليار متر مكعب علماً بأن هذه التقديرات لخبراء و جهات ذات سمعة طيبة منها وزارة الموارد المائية و الرى و منظمة الاغذية و الزراعة التابعة للامم المتحدة و العديد من الخبراء الوطنيين.
و يضيف عديد من الخبراء ان هناك احتمالات كبيرة لزيادة الكميات الهاطلة على مصر نتيجة التغيرات المناخية و توقع زحف الحزام المطرى الى الشمال. و أحياناً ترتفع معدلات الأمطار الشتوية نسبيا، وهي ظاهرة تتكرر مرة كل أربع أو خمس سنوات، فتزداد كمية المياه التي تسيل فوق سطح الارض وتمتد لتشمل مساحات أوسع من الاراضى المصرية، ويكون تأثيرها ملحوظاً في مناطق البحر الأحمر وجنوب سيناء وفي حوض نهر النيل وكثيرا ما توقع أضرار شاملة.
بعد كل هطول شديد نقول سقطت علينا الأمطار الغزيرة فتحولت الشوارع إلى برك من المياه الراكدة، و قد تتحول الى سيول تأخذ فى طريقها كل شىء فتتاثر البنية الاساية و خدمات الكهرباء و المياه و الاتصالات ….الخ و قد يتطور الامر الى فقد الممتلكات بل و الارواح، ناهيك عن هدر الأموال بإصلاح ما أتلفته و غالباً ماتكون الاضرار اشد فى المناطق الآهلة خارج الوادى نتيجة لعدم وجود مخرات السيول، كتلك التى فى الوادى حيث يتم تحويلها لنهر النيل. هذا عن المناطق السكنية فماذا عن الاراضى الزراعية , يحدث اغراق او للمحاصيل القائمة و قد تموت نتيجة الغرق , بالاضافة الى احداث تلفيات جسيمة فى بنية المزرعة , انتشار الافات و الامراض نتيجة نسبة الرطوبة المرتفعة الناجمة عن هطول الامطار, وفى حالة تحول الامطار الى سيول قد تودى الى اضرار جسيمة بالجسور و الطرق و القنى او انجراف التربة الزراعية او تغطيتها برمال مصاحبة للسيول القادمة من السلاسل الجبلية وهذا غالبا ما يقع فى الاراضى المتاخمة لسلاسل جبلية مستقبلة للامطار.
و يتم التخلص من المياه التى تغمر الاراضى الفضاء بان يتم ضخها الى مخرات السيول ثم الى المصارف او الى نهر النيل مباشر و هو تصرف غير جيد جداً…و لكن مما يؤسف له فان الجهات المعنية يكون اكبرانجاز لها هو تخليص المناطق السكنية من المياه بضخها الى شبكة المجارى سواء من خلال المجارى او باستخدام سيارت شفط و ضخ هذه المياه الى شبكة الصرف الصحى هل هذا يعقل؟؟
و لكل هذا و ذلك لابد من العمل على تلافى هذه الاضرار الجسيمة التى تنجم عن هذه الامطار سنوياً والتى تتراوح ما بين الخسائرة الشديدة وادناها فقد هذه المياه وعدم الاستفادة منها و لذا لابد من اقتراح مجموعة من النقاط لمواجهة هذه الصعوبات السنوية و يكون ذلك على النحو التالى:
- وضع خطّة قومية للسيطرة على السيول، تشمل وضع الادوار والتدريب و الانذار المبكر و التدفق المعلوماتى
- التوسع فى إنشاء و صيانة و حماية مخرات السيول للأستفادة من مياه الامطار حتى ولو كانت كمياتها محدودة،
- ضرورة سن تشريعات فاعلة لحماية المخرات من البناء عليها او زراعتها.
- ضرورة إنشاء سدود تغذية لحجز مياه السيول والأمطار حتى تتسرب مرة أخرى لباطن الأرض لاعاادة تغذية الأبار الجوفية، فى المناطق خارج الوادى.
- تجفيف الترع ووقف الرى فى المناطق المعرضة للسيول قبلها بعدة ايام حتى تتمكن الترع والاراضى الزراعية من استيعاب كميات الامطار الساقطة،او السيول القادمة.
- فى المدن التى تنشأ يجب ان يتم عمل شبكة خاصة لتجميع مياه الامطار بعيدا عن مجارى الصرف الصحى اما المدن القائمة يتم إعادة تهيئة كل الشوارع لتشتمل على قنوات صرف جانبية ذات ميول، لتصب في مجمعات منفصلة عن الصرف الصحى ويتم تجميعها في محطات تنقية ويعاد استخدامها.
معروف ان الأمطار مصدر متجدد للمياه التي يمكن أن تستخدم في الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلية و يمكن أن يؤدي تسلل مياه الأمطار إلى طبقة المياه الجوفية دورًا مهمًّا في إعادة شحن الخزان الجوفي المائى لمصر وتحقيق الإدارة السليمة والمستدامة للمياه في البيئات المختلفة و هناك العديد من الطرق و الوسائل التى يمكن الاستفادة بها من مياه الامطار و تحويلها من نقمة سنوية او مصدر ازعاج دورى الى نعمة ننتظرها باريحية و يمكن ذكر بعضها على النحو التالى:
- استغلال مياه الأمطار و السيول تخزينها, حيث تروى بها الاراضى الزراعية في وقت الجفاف ، وكذلك يمكن معالجتها لتصبح صالحة للشرب .
- فى شمال غرب مصر يمكن استخدامها فى زراعات منخفضة فى احتياجاتها المائية مثل الشعير ,النخيل ,الزيتون والتين الشوكى بالاضافة الى استغلال مياه الأمطار الاستغلال الجيد عن طريق إنشاء القنوات التى تصفى فيها المياه تنتهى بخزانات لحفظ مياه الأمطار والسيول (الابار الرومانية).
- فى المناطق الصحراوية،يتم انشاء خزانات ضخمة تساق اليها المياه من خلال قنوات او مخرات مع امكانية تحويلها لمياه شرب بعد تنقيتها, كما يمكن تنفيذ عمليات حصاد امطار بسيطة على مستوى المنازل حيث يتم شفط مياه الأمطار من على السطح ونقلها الى خزان، مخصص مع امكانية تنقيتها لتحويلها لمياه شرب.
- يمكن استعمال مياه السيول فى حقن الآبار الجوفية وتجديد مخزوناتها، ومن الممكن ، لأنها تختلط بالمياه الجوفية وهو أمر يترتب عليه تقليل نسبة الملوحة التى تعانى منها مناطق عدة فى البلاد، بجانب أن تداخل مياه الأمطار بالمياه الجوفية يحد من التلوث.
و فى النهاية أعود فأقول:
أن مياه الأمطار التى تسقط لدينا سنويا مصدر اً متجدداً للمياه النظيفة التي يمكن أن تستخدم في كافة المجالات المعتادة كما انه بالنسبة لطبيعة المدن الجديدة فى مصر و التى تتميز بمساحات خضراء كبيرة يمكن حصادالامطار و استخدامها في ري هذه المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع،. كما ا هذه المياه يمكن استخدامها فى عادة تجديد مياه الخزانات الجوفية، خصوصًا في مناطق خارج الوادى. و فى المدن التى تقع خارج الوادى ، تعتبر عمليات حصاد الأمطار هامة جدا وتمثل اداة هامة لتلبية احتياجاتها المنزلية.
و لكى نقول اننا نجحنا فى مسعانا لكبح جماح الامطار وربيبتها السيول يتوجب علينا ان نمتلك بنية تحتية كافية لالتقاط وتحويل وتخزين مياه الأمطار واعادة الاستفادة بها,, علماً بانه يتحتم ايجاد هذه البنية التحتية حتى وإن لم تتمتع المنطقة بانهمار مطري سنوى كثيف، ولكن ما يتساقط لدينا من أمطار يمكن أن تهطل بشكل شبه سنوى كما يحدث فى بعض المناطق قد تتحول الى سيول شديدة. وإنه من الأهمية بمكان دراسة إمكانيات الحصاد المائي للاستفادة به.
مقال أكثر من رائع واتمنى تحويل تلك التوصيات لبرنامج قومى (,لحصاد الأمطار والاستفادة منها), وخاصة ونحن مقبلون على سنوات قادمة سوف تسقط امطار غزيرة على مصر نظرا لظاهرة تغير المناخ. شكرا لكاتب المقال واهتمامة لتلك القضية والتى تمس الأمن القومي