الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصرنحل وعسل

د نصر بسيوني يكتب:شجرة «السدر» ومستقبل النحالة العربية

>>المنطقة العربية تزخر ببيئة خاصة لتغذية النحل تكسبه الجودة

خبير دولي في تربية النحل – مصر
أحمد الله ان كتب لى أن اعمل في مهنة مباركة مع كائن حى أوحى الله اليه بأن يكون شفاء للناس ومن نعم الله الكثيرة على أن كتب لى ان أزور عدد من الدول العربية لأشاهد تربية النحل فيها عن قرب وسألخص فيما يلى بعض ملاحظاتى عن تربية النحل في عدد من الدول العربية التي زرتها وعدد أخر لم ازوره ولكن تابعت تربية النحل بها من الأصدقاء .
سوريا
سبق لى زيارة سوريا في عام 2005 وأدعو الله يومياً ان يرفع عنهم البلاء وتعود بلادهم الى الأستقرار و التنمية بأذن الله فسوريا تمتاز بطبيعة جميلة خلابة وغطاء نباتى متنوع وسلالات نحل خاصة بها (السيوفى و الغنامى) وان كانت هذه السلالات في طريقها للأنقراض مالم تبذل الجهود للحفاظ عليها الطبيعة السورية ساعدت النحل على انتاج العديد من الأعسال الجميلة التي يمكن أن (في حالة الأهتمام بها) ان تكفى أحتياجات الشعب السورى و التصدير لكميات كبيرة منها (موالح “حمضيات” – سدر – ينسون – الكينا “الكافور أو الأكاليبتوس” وغيرها) .
الشعب السورى مثقف نحلياً (أنا شخصياً أمتلك العديد من كتب تربية النحل السورية) و يعرف باقى منتجات نحل العسل ويبيعها في كل مكان ويسألك عنها فطبيعى ان تجد شخص في الشارع يسألك عن العكبر (البروبوليس) ويستخدمه لنفسه ولعائلته الطبيعة السورية و الأشجار المنتشرة حسب ما شاهدته يمكن أن تساعد كثيراً في انتاج العسل و البروبوليس (العكبر – صمغ النحل) و الذى شاهدت كميات قياسية منه جمعها النحل من الأشجار السورية .
لبنان
لم يكتب لى زيارتها بعد ولكن لى الكثير من الأصدقاء اللبنانيين أكتشفت منهم أن الطبيعة عندهم لاتختلف كثيراً عن الطبيعة السورية و أعسالها بينما تتميز أكثر بأكبر أنتاج عربى لعسل الندوة العسلية اللبناني (البلوط) و الذى يعتبر موسم أساسى للنحل.
وتتميز لبنان بقربها من أوروبا وسهولة أنتقال النحالة اللبنانيين الى تركيا لأستيراد أحدث المعدات ومستلزمات النحل منها وأعتقد أن لبنان لاينقصها ألا بعض الدورات التدريبية للنحالة اللبنانيين حتى يمكنهم التعامل مع أمراض النحل وصعوبة فترة الشتاء ويجب أن تكون لبنان دولة ذات شأن في أنتاج البروبوليس وتصديره أيضاً.
الأردن
دولة متقدمة زراعيا وبها العديد من علماء النحل وتحتل تربية النحل بها مقدمة النشاط الزراعى و القطاع الخاص له دور واضح في أستيراد سلالات النحل من الخارج وكذلك أستيراد وتصنيع مستلزمات الأنتاج ألا أن الطبيعة الأردنية ليست ثرية بمقومات الأنتاج ولو توافرت المياه و المساحات المنزرعة بالأشجار المزهرة لكان لها شأن أخر في التصدير تربية النحل بها تعتمد على كثير من السلالات المستوردة غير أعتمادها على سلالات النحل المحلية التي تكاد تنقرض أيضاً الأنتاج من الأعسال (مشابهة للأعسال السورية) بالكاد يكفى الأسواق المحلية من العسل.
العراق
لم يكتب لى زيارتها بعد ولكن لى الكثير من الأصدقاء العراقيين منهم من نقل لى تجربتهم بالتأكيد أثرت المشاكل السياسية على تربية النحل بالعراق ويكفى أنى خلال دراستى الجامعية كنت أهوى قراءة الكتب العلمية خاصة العراقية فقد كانت العراق قبلة العمالة المصرية و قبلة الدارسين أيضاً بسبب أرتفاع المستوى العلمى للكتب المؤلفة و المترجمة بالعراق ولازال بمكتبتى العديد منها ورغم توافر نهرين من أكبر الأنهار العربية بالعراق ألا أننى أعتقد أنها غير مستغلة بالقدر الكافى حتى الأن.
أعتقد ان هذ الأنهار كافية لجعل العراق جنة خضراء يستفيد منها أهلها وباقى الدول العربية تشترك العراق مع سوريا في نفس السلالات المحلية وأنها تكاد تندثر ويتوافر بكلا الدولتين عشرات العلماء المتخصصين في مجال النحل.
أظن انها لو أتيحت لهم الفرصة فستتغير الخريطة الزراعية لكلا الدولتين السلالات المختلطة المستوردة تكاد تصبح الغالبة واهم أعسالها السدر و البرسيم العراقى و الأكاليبتوس (الكينا – الكافور) وغيرها .
دول الخليج عدا سلطنة عمان
تعتمد على سلالة النحل اليمنى والتي تسمى عندهم بمسميات مختلفة (عمانى – بلدى) الى جانب أستيراد طرود النحل من الخارج وذلك لأنتاج العسل و النحل المستورد يستخدم خلال موسم واحد ثم يموت بعده ويتم استيراد غيره للموسم التالى تجرى في دولة الأمارات خطوات جيدة لتشجير الدولة بشجر السدر.
وبدأت الأمارات العربية المتحدة بخطة زراعة 10 ألاف شجرة وثم خطة زراعة 100 ألف شجرة ويمكنك ملاحظة هذه الأشجار بمرورك في الطرق الرئيسية مثل طريق أبوظبى  دبى على الجانبين ولعشرات الأمتار تمت زراعة أشجار السدر وتم إختيار أنواع جديدة من شجر السدر (الباكستانى) و المتميزة بإنتاج كميات كبيرة من الرحيق وجودة الثمار الصالحة للأكل.
اما المملكة السعودية
تعتمد السعودية  على الأشجار البرية في أنتاج الأعسال وتبذل جهد كبير في تحسين سلالات النحل المحلية البلدية (النحل اليمنى) أهم الأعسال في الأسواق الخليجية وأعلاها سعراً هي عسل السمر وعسل السدر وإنتاج دول الخليج في الغالب لا يصدر منه شيئ ولكن يستهلك كله في الأسواق المحلية.
سلطنة عمان
أنا أسميها جنة النحل في الأرض فهى الدولة الأشهر حاليا في تربية النحل في دول الخليج العربى رزقها الله بطبيعة وغطاء نباتى متنوع مناسب لتربية النحل وانعزل النحل اليمنى بها حاليا ليسمى النحل العمانى تمتاز سلطنة عمان بأنتاجها من عسل السدر و العسل الجبلى من السلالات البرية وان كنت أظن ان ثروتها النحلية لم تستغل حتى الأن بالشكل الكافى.
اليمن
الدولة الأشهر في أنتاج العسل وعسلها الأعلى سعراً و الأشهر في الدول العربية خاصة عسل السدر رغم ما مر ويمر باليمن من صراعات سياسية وعسكرية ألا أنها ستظل الأشهر وهذه هبة من الله لن تنازعها فيها أي دولة أخرى يتواجد باليمن طبيعة مساعدة لتربية النحل بأنتشار أشجار السدر البرية وتوافر سلالة النحل اليمنى المناسبة للظروف المحلية وتوافر عدد من علماء النحل الأكفاء.
ألا ان تربية النحل في اليمن لازالت تجرى بطرق بدائية في كثير من المناحل مثل أستعمال الخلايا البلدية في تربية النحل ويتم عصر أقراص الشمع باليد لأستخراج العسل منها وكل هذه العمليات تتسبب في تلوث العسل وتؤخر أحتلال العسل اليمنى المرتبة المناسبة له في الأسواق العالمية .
وفى رأيى الحل الوحيد لهذا الوضع هو بتدريب النحالة على الخلايا الحديثة ونشر المناحل التدريبية بمختلف المناطق مع توزيع مستلزمات الأنتاج مثل الخلايا الحديثة و الفرازات على النحالة و التدخل بزراعة مساحات جديدة بأشجار السدر وهو ما يجرى حاليا بصورة فردية من بعض النحالة نتيجة الظروف الحالية للبلاد.
عموماً تربية النحل في اليمن تحتاج الى مقالات كثيرة وليس الى مقالة صغيرة لنتكلم عنها.
دول المغرب العربى
كتب لى زيارة الجزائر ويشهد الله كم أحببت هذه الدولة وكم زاد حبى لها بعد زيارتها وحب جميع دول المغرب العربى فأنا لم أشعر انى غريب في شوارعها وبين أهلها وبعد أن زرتها عرفت لماذا قاتل الفرنسيون لأخر نفس كى لايخرجو منها فهى دولة ممتلئة بالثروات الغير مستغلة ورغم ان زيارتى أقتصرت على شريط ساحلى بسيط.
ما شاهدته يكفى لأحكى عنه لسنوات فهى دولة غنية بطبيعتها الخلابة ويمكنها أن تكون جنة للنحل في شمال أفريقيا وأن تنتج ما يكفى حاجة دول المنطقة كلها من حبوب اللقاح وغذاء الملكات و البروبوليس غير أنتاجها المتميز من عسل النحل ويحسب للنحالة الجزائريين ثقافتهم العالية وأستعدادهم لتلقى المزيد من المعلومات ونظافة انتاجهم من العسل و الذى يصلح لغزو الأسواق العالمية.
كما يحسب للنحالة الجزائريين حفاظهم على السلالات المحلية خاصة التلية وان كانت السلالة الصحراوية تحتاج المزيد من الجهد لتعود وتحتل مكانها المناسب بين سلالات النحل القياسية الجزائر أيضاً تحتاج الى صفحات لوصف ثرواتها وأعتقد ان باقى دول المغرب العربى تتشابه معها في نفس الظروف.
ليبيا
لم يكتب لى زيارتها ولكن لى صديق مصري كان يقوم بتدريس النحل فيها واهدانى أول عينة عسل سدر وعينة عسل زعتر برى تذوقتها في حياتى ملخص ليبيا أغلب النحل بها هجن نتيجة لأستيراد النحل و الملكات من الخارج المساحة متسعة وكميات النحل قليلة وغير مستغلة كما يجب ولازال أمامها الكثير لتتوسع في تربية النحل.
أثناء زيارة عدد من تجار العسل و العاملين في مجال تربية النحل لمنزلى منذ أيام تناقشنا حول أفضل عسل سدر عربى وذكرنا مختلف الدول من الشرق للغرب ثم اتفقنا كلنا أن نوعية العسل الليبي مميزة وتكاد تكون هي الأولى في جودتها و الطعم المميز لكل نوعية عسل.
السودان
سلة غذاء الدول العربية لم تستغل ثرواتها الزراعية حتى الأن ولو أستغلت لكفت الدول العربية في جميع المجالات الزراعية ومنها النحل .
مصر
الدولة الأولى في المنطقة في تصدير طرود النحل ولها مركز متقدم أيضاً في تصدير العسل (خاصة عسل البرسيم المصرى وعسل الموالح “الحمضيات”) يتواجد بمصر مئات الباحثين من الحاصلين على درجات دراسية عليا في تربية النحل ولكن العائق أمام النحالة هو قلة المساحة المنزرعة حول نهر النيل.
 اعتماد النحل المصري حتى فترات قريبة على محاصيل منزرعة بواسطة المزارعين مثل البرسيم و الموالح وانخفاض أنتاج عسل القطن نتيجة انخفاض المساحات المنزرعة منه وزراعة سلالات جديدة غير منتجة للرحيق عسل البرسيم المصرى هو الموسم الرئيسى في الأنتاج يليه عسل الموالح .
وفى الأعوام الأخيرة انتشرات أشجار السدر البرية (النبق) بصعيد مصر بصورة واضحة مع انتشار زراعة البرسيم الحجازى فظهرت في الأسواق أعسالها وهى متميزة أيضاً في الأنتاج ألا ان كمياتها لاتزال محدودة ولا يمكن اعتبارها موسم رئيسى وتحتاج الى مجهود منظم لتعميم زراعة أشجار السدر في عموم مصر.
سلالة النحل المصرية حاليا هي هجين من مختلف السلالات وللآسف فقد أنقرضت السلالة المصرية الأصلية رغم مميزاتها في مقاومة الأمراض ولم تعد تربى ألا في مناطق محدودة جداً .
وبصورة غير منظمة الأختلاف في نوعية النحل المصرى رغم انه كان يحسب كعيب على السلالة ألا انه مع انتشار مرض النوزيما السيرانا انقلب هذا العيب الى ميزة بظهور خلايا مقاومة للمرض أعادت النحل المصرى الى عرشه في التصدير خلال فترة بسيطة .
ملخص كل ما سبق 
 أكتسب عسل المانوكا النيوزلندى سمعة عالمية بمقاومته للأمراض وطعمه المميز ولكنى اعتقد ان هذا الوضع لن يستمر طويلاً لو تم الأهتمام بعسل السدر العربى فقد بدات الأبحاث التي تعدد مميزاته في النشر ولكن ذلك يحتاج الى دور واضح للوزارات المعنية بالأهتمام بزراعة أشجار السدر المثمرة و المنتجة للرحيق وأستخدامها في التشجير في الشوارع.
ومن أهم سلالات السدر المشهورة السدر اليمنى و الباكستانى وقد حكى لى صديق أستورد أشجار السدر اليمنى ورزعها في بلده كيف أن قطرات الرحيق تتساقط من الشجرة مثل المطر في الصباح الباكر.
كثير من الدول العربية تحتاج الى مراكز تدريبية ودورات مستمرة للنحالة لتوعيتهم بكيفية أنتاج عسل نظيف مطابق للمواصفات وتدريبهم على احدث طرق وأدوات الأنتاج ويجب أن لايسمح بترخيص منحل جديد مالم يجتاز النحال دورة تدريبية في كيفية تربية النحل ومقاومة أمراضه وإنتاج عسل مطابق للمواصفات.
للأسف الصراعات السياسية و العسكرية هي السبب الرئيسى في تأخر كثير من دولنا العربية عن مواكبة النشاط العالمى في مختلف المجالات ومنها تربية النحل – لابد من الأهتمام بالسلالات المحلية في كل دولة و العمل على تحسينها وأستبعاد الصفات الغير مرغوبة منها و تثبيت الصفات المرغوبة واكثار طوائفها وتوزيعها على النحالة .

 

زر الذهاب إلى الأعلى