د فوزي يونس يكتب: إستراتيجية مجابهة وزارة الزراعة للتغيرات المناخية
>>مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، على الرغم من أنها من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا
استاذ فسيولوجيا الاقلمة – مركز بحوث الصحراء – وزارة الزراعة – مصر
يعتبر تغير المناخ من أحد التحديات الرئيسية في عصرنا حيث يضيف ضغطا كبيرا على مجتمعاتنا وعلى البيئة. فالآثار العالمية لتغير المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم من تغير أنماط الطقس وإرتفاع متوسط درجة حرارة سطح الارض بشكل مطرد وذلك خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
منذ عام 1992م ومن خلال “قمة الأرض”، أنتجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغير المناخ. واليوم تتمتع هذه الإتفاقية بعضوية شبه عالمية، وصدقت 197 دولة على الاتفاقية وهي طرفا فيها. إن الهدف النهائي للاتفاقية هو منع التدخل البشري “الخطير” في النظام المناخي.
ومع أنتهاء في عام 2020م ويوجد الآن 197 طرفا في الإتفاقية و 192 طرفا في بروتوكول كيوتو Kyoto Protocol. وتوصل المجتمعون الى بروتوكول يلزم الدول الصناعية بخفض إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري GHGs Emissions وقد تميز البروتوكول بإحتوائه علي التزامات متعددة علي دول المرفق الأول ( المتقدمة صناعيا) منها ما يساهم مباشرة في تحقيق الهدف الأساسي للإتفاقية وهو خفض انبعاثات غازات الإحتباس الحراري بمقدار 5.2 % من انبعاثات عام 1990.
مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية
التخفيف Mitigation
ويُقصد به الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من مختلف القطاعات عن طريق استخدام تكنولوجيا نظيفة، استبدال الوقود، استخدام الطاقات المتجددة (الرياح – الشمس – المساقط المائية – والحيوية).
التهديد Vulnerability
ويُقصد به درجة تعرض مكان او نظام بيئي معين لمخاطر مردودات التغيرات المناخية، مثل التهديد الناتج عن ارتفاع سطح البحر الذي سيؤدي إلى غرق أجزاء مأهولة بالسكان وتدمير أراضي خصبة والتهديد الناتج عن نقص الموارد المائية، وكذلك انتشار الأمراض.
التكيف Adaptation
ويُقصد به الاستجابة لمردودات التغيرات المناخية والتعايش مع الظروف الناتجة عن تلك الظروف مثل استنباط سلالات جديدة من المحاصيل التي تتحمل الملوحة ودرجة الحرارة العالية، العمل على أقلمة السلالات المحلية لمثل هذه التغيرات كارتفاع درجة الحرارة وندرة المياه وزيادة ملوحتها، الاستخدام الأمثل للموارد المائية من خلال تطبيق سياسات المقننات المائية وترشيد الاستهلاك.
هذا وتتبني ادارة المركز عدد من الممارسات للحد من الاثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال التأقلم والتخفيف علي الثروة النظم الزراعية والحيوانية.
العمل على عدة جبهات:
1- تدهور الأراضي:
استعادة صلاحية الأراضي المتضررة بواسطة صيانة التربة، والرعي الجائر والحد منه، وإدارة نظم الرعي بصورة أفضل، وحماية المناطق الحساسة.
2- انبعاث غازات الدفيئة:
تكثيف تربية الثروة الحيوانية وإنتاج محاصيل الأعلاف بصورة مستدامة من أجل تخفيض إطلاق ثاني أكسيد الكربون والحد من تدهور المراعي، وتحسين تغذية الحيوانات وإدارة مخلفاتها للحد من انبعاثات الميثان والنتروجين.
3- تلوث المياه:
إدارة فضلات الحيوانات في وحدات الإنتاج الصناعي على نحو أفضل، وتقديم وجبات غذائية أفضل لتحسين امتصاص العناصر الغذائية، وتحسين إدارة المخلفات الزراعية والحيوانية، واستخدام الروث المعالَج لأراضي المحاصيل بصورة أفضل.
4- فقدان التنوع الحيوي والحد منه:
إضافةً إلى تنفيذ التدابير المذكورة أعلاه، تحسين حماية المناطق البرية، وإدامة التواصل فيما بين المناطق المحمية، وإدماج إنتاج الثروة الحيوانية ومنتجيها في إدارة المشهد الطبيعي.
دور مصر في مجابهة التغيرات المناخية
تتعامل مصر مع قضية التغيرات المناخية بإهتمام كبير، وتراقب تطورتها على الصعيد المحلي أولاً ثم على المنطقة وعلى مختلف دول العالم، ولأن مصر من الدول النامية المتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية، فإن سياستها فى هذا الملف تتجه لرفض أى إلتزامات إجبارية على الدول النامية لمواجهة أثار هذه الظاهرة وتؤكد على مبادئ إعلان ريودى جانيرو وخطة عمل «بالى»، وبخاصة فيما يتعلق بالمسئولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية، وفيما يتعلق بمسئولية الجهات المعنية بالتلوث فى تحمل تكلفة التلوث، والتأكيد على الدول المتقدمة للوفاء بألتزاماتها لنقل التكنولوجيا والتمويل وبناء القدرات للدول النامية وعدم التنصل من هذه الإلتزامات بسبب الإزمات المالية العالمية والمستجدات علي الساحة الدوليه كاجائحة كورونا وظهورها في ديسمبر 2019م وإنعكاساتها علي الإقتصاديات محليا واقليميا ودوليا.
تعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، على الرغم من أنها من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا، بنسبة ما بين 0.5 – 0.6 % من اجمالى انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والذى تم فى إطار قيام مصر بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التى وقعت عليها مصر عام 1994، وكذلك بروتوكول كيوتو، الذى قامت مصر بالتصديق عليه عام 2005، ويتضمن تقديم تقارير الإبلاغات الوطنية من كل الدول الموقعة على الاتفاقية كل 5 أعوام.
النسيق بين مركز بحوث الصحراء وجهاز شئون البيئة، التابع لوزارة البيئة،
فقد تم تحديد تسعة مخاطر أساسية للتغيرات المناخية تتعرض لها مصر هى:
- زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، حيث سجل البنك الدولى فى 2017، أن عام 2016، هو أشد الأعوام حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
- ارتفاع منسوب مستوى البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.
- زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل “العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار”.
- زيادة معدلات التصحر.
- تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى.
- زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية.
- سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، وخاصة بالأراضى الرطبة.
- تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، كما أن مصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، حمى الوادى المتصدع.
- تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية.
جهود مركز بحوث الصحراء للتعامل مع قضية التغيرات المناخية
يمكن حصر أهم الجهود التي يتبناها مركز بحوث الصحراء لمواجهة التغيرات المناخية وتنفيذها من خلال تبني عدة محاور أهمها:
- تبادل المعلومات للتوصل للأبعاد الحقيقية لظاهرة التغيرات المناخية وإنعكاساتها البيئية.
- التعاون مع المراكز البحثية والجامعات وكذلك مع المجتمع الدولى فى الحفاظ على نوعية البيئة والتنوع البيولوجي.
- الحد من مسببات التغيرات المناخية بالتخفيف وقيام بإجراء البحوث والدراسات التي تساعد علي ذلك سواء في القطاع النباتي او الحيواني.
- بناء القدرات وتفعيل برامج علمية وبحثيةللعمل علي نقل التكنولوجيا.
- وضع السياسات والبرامج اللازمة للتكيف مع تغيرات المناخ فى جميع القطاعات بجميع المناطق في ربوع الصحراء المصرية وكذلك في دلتا النيل من خلال البحوث المشتركة مع الجامعات والمراكز البحثية الأخري.
- تفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية.
- رفع الوعى العام بالظاهرة وأبعادها الاقتصادية والتعامل معها من التثقيف المجتمعي بالقنوات التلفزيونية المتخصصه والعامة ونشر النشرات العلمية المتخصصة واتاحتها بتكاليف ذهيده للجمهور من المتخصصين والمزارعين والعامة وذلك من خلال التنسيق المتبادل مع الهيئات المختلفة التابعة لوزارة الزراعة المصرية وهي الإدارة العامة للثفافة الزراعية ويجدر الإشارة الي أحدث النشرات العلمية وهي عن “التغيرات المناخية وتأثيرها علي الزراعة والإنتاج الحيواني”.