الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د محمد فهيم يكتب:لماذا نحتاج إلي زراعة الزيتون المكثف؟

>>المساحات الكبيرة هي الأكثر ملائمة لتبني هذا النظام لضمان أعلي إنتاجية وجودة

رئيس مركز معلومات تغير المناخ – مركز البحوث الزراعية – مصر

الزيتون المكثف … ما له وما عليه !!
كتر الكلام حول موضوع الزيتون المكثف ، وما زال البعض يتخوف من زراعة الزيتون المكثف في مصر كنوع من الإستثمار الزراعي في الأراضي الجديدة لهذه الأسباب:
المخاوف من زيادة التكاليف للمستلزمات و الميكنة والمعاصر والعبوات والتعبئة وخلافة في ظل سوق عالمي متقلب ومنافسة قوية من الدول المتصدرة وانخفاض الوعي الاستهلاكي للسوق المحلي.

  • يرى البعض أن زراعة الزيتون المكثف بطريقة اقتصادية يجب أن لا يقل عن 2000 فدان فيما أعلى وأن المساحات التي تبدأ من 50 فدان ومضاعفاتها و حتى أقل من 2000 فدان سيكون غير ذو جدوى بسبب زيادة تكاليف ماكينات الحصاد ، وأسعار المعاصر ذات الطاقة العالية (طاقة 5 طن ساعه) .
  • المخاوف من انتقال بعض الأمراض الخطيرة في شتلات الزيتون المستوردة مثل بكتيريا زيللا بالتحديد وخاصة في ظل قلة وجود مشاتل محلية معتمدة وخاصة لصنفي اربيكانا Arbequina ، واربوسانا Arbosana بالإضافة الي التأثير علي أداء المشاتل المحلية.
  •  المخاوف من جودة الزيت المنتج من الزراعة المحلية لأصناف الزيتون المكثف الأجنبية وخاصة الحساسية للأكسدة وعدم ثباتة خلال عملية التخزين بسبب انخفاض محتوى الزيت من الفينولات وإنخفاض نسبة حمض الأوليك وإرتفاع نسبة الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة.

وعلى الجانب الآخر :

رد البعض أن الأصناف المكثفة موجوده بالفعل فى مصر منذ عشرات السنين وتعمل بصوره ممتازه لأنها بالأساس هى أصناف زراعات تقليديه والصنف الثالث غير المتوفر بكثره هو صنف يشبه فى إحتياجاته معظم الأصناف الاسبانيه التى تزرع فى مصر وأثبتت كفاءه عاليه (فى مواسم الانتاج القياسية) إلا انه يتفوق فى خواصه الحسيه والكيماويه العاليه ونسبه العقد

وموضوع عدم الثبات وقله محتوى الفينولات متعلق بصنف واحد فقط يمكن العمل على تقليل حدة موضوع الأكسده وعدم الثبات بعدة معاملات سواء بالحقل او بعد الحصاد وكذلك المواصفات الحسيه والكيماويه فى هذا الصنف لها عده طرق للمعالجه سواء بعد الحصاد او عند التخزين نظرا لعدم توفر بعض المتطلبات البيئيه للصنف قبل الحصاد فى منطقتنا العربيه قبل الحصاد.

أما بخصوص التكلفة “العالية” ، نعم بالفعل الزراعه المكثفه مكلفه فى البدايه ولكن تعمل على إستراد رأس المال فى خلال السنه الثالثه والرابعه على العكس من الزراعه التقليديه المتوقع استراد رأس المال فى السنه السادسه.

أما من وجهة نظري أنا ، فإن موضوع التكاليف مش هو المشكلة حيث أنه لا زراعة بدون تكاليف المهم هو التقنين وحسن الإدارة وطبعاً سوق الزيت العالمي ضامن لإسترداد التكاليف وكذلك تحسين جودة الزيت المنتج .

المشكلتين الحقيقيين هما:

مستوى ضمان فعالية إجراءات منع إنتقال المرض أو حتى الحشرة حيث أن تقارير انتشار المرض في كثير من الدول المنتجة لمشاتل الزيتون المكثف تثير القلق، بالإضافة إلى سوابق إنتقال بعض الآفات والأمراض “عابرة” الحدود Trans-bondery pests أو حتي الغازية invasive pests للبيئة الزراعية .. زي سوسة النخيل والتوتا ابسلوتا وأخيرا دودة الحشد .

المشكلة الثانية وهي المناخ وأخص هنا تكرارات توابع ظاهرة النينو الصيفية حيث متوقع أن تتكرر كثيرا خلال السنوات القادمة واهم مظاهرها الصيف المبكر شديد الحرارة والتقلبات العنيفة في الربيع والمقصود الخماسين الممتدة الساخنة وتأثيرهما المدمر علي الأصناف الأجنبية بالتحديد .

من المتوقع تكرار ما حدث في 2018 وموسم 2019 و 2020 كثيرا حتي ولو كانت ساعات البرودة في المتناول  كما حدث في (موسم 2020) حيث لم تكن هناك اى ساعات برودة بالمرة من بداية الشتاء وحتى آخر فبراير .

ليس هذا فحسب

موجات الحر الشديد فى التلت الاخير من مارس وهذه الظروف أفرغت شجرة الزيتون من ثمارها تماماً مما يقلل كثيرا اختيار المناطق الصالحة للزراعة المكثفة فوق خط عرض 27 ْ ش … يعني مناطق مثل غرب غرب المنيا أو حتي الفرافرة والواحات البحرية قد تكون غير مناسبة .

والمناخ في مصر يتغير بوتيرة أسرع من المتوقع  كما أن سيادة مناخات «محلية» شديدة التباين هو أمر غريب ولم يتم الإستعداد له بمعني إنه ليس في الحسبان عندما بدأ المستثمرون في إنشاء مزارع الزيتون الناس أو أى فاكهة تانية .

والزيتون هو الشجرة الوحيدة اللي لها دورات نمو معقدة ومتراكبة ومتشابكة (دورة نمو ربيعية وصيفية  وخريفية وسكون ظاهري شتوي  واستيفاء برودة  وكسر طور السكون  وبداية موسم نمو  وانبثاق براعم زهرية خضرية زهرية  وتلقيح  واخصاب وعقد ورغم أنه من أشجار المناطق شبه الجافة (ظاهرياً) .

إلا أن مشكل الزيتون في المناخ وليس التغذية أو أو عامل آخر  وهو ما يعني:

  • تقدير وحساب استيفاء ساعات أو وحدات البرودة “المتصلة” وعلاقتها ببداية التكشف في الزيتون.
  •  برودة أواخر الخريف والشتاء وعلاقتها بكمية الكربوهيدرات المخزنة واللازمة للتكشف .
  •  الصقيع ودرجات التجمد وعلاقته بالبادءات المرستيمية وحساب نسبة الضرر .
  • موجات الصيف المبكر فى مارس أو بداية ابريل (فى توقيتات العقد أو ما بعد العقد).
  •  موجات الصيف الحارة الطويلة (اثناء التحجيم والتلوين والنضج) .
    … وهكذا ….

الاجراءات المطلوبة لفك الاشتباك لحل مشاكل الزيتون هي:

1-  عمل الخريطة المناخية الزراعية لاحتياجات أصناف الزيتون المكثف المناخية فى المناطق الزراعية المقترحة قبل البدأ فى اختيار هذه المناطق .. من حيث توفر الاحتياجات المتصلة من البرودة (فى المستوى الآمن) … حسابات الحدود المناخية الحرجة للعوامل المؤثرة على نمو وانتاجية شجرة الزيتون وعلى الآفات والامراض الهامة المتواجدة والمتوقعة … الخ.
2-  اعتماد نظام حجر زراعي فعال وتقويه وتحسين نظام الكشف والتشخيص ( أشخاص واجهزه ومعدات).
3-  البحث عن سمات المقاومه في جرموبلازما الزيتون وتعتبر واحده عن المجالات الواعده للبحث التي ستؤدي الي استراتيجيه متوسطه المدي للسيطره علي X. fastidiosa في جنوب إيطاليا. وتقييد حركه البكتريا في النباتات المضيفه لاحتواء تأثير العدوي وإمكانيه القضاء علي البكتريا بالتجميد.
4-  تقوية وتدعيم دور البحث العلمى “الغائب” فى اكثار هذه الاصناف محلياً وتحسين خواصها من ناحيه نسبه الزيت والمواصفات وكذلك ملائمتها للزراعه المكثفه ، حيث ان الزراعه المكثفه ابحاثها بدأت فى سنه 1990 باختيار ثلاث اصناف خاصه بالزراعه التقليديه لديهم الان اكثر من 14 صنف تستخدم فى الزراعات المكثفه.

وأخيرا

على مستوى المستثمر وقبل ان  يفكر فى بداية «نشاط» زراعي متوسط او كبير الحجم فى اى منطقة فى مصر (او حتى الدول العربية) .
لابد من دراسة فيما يسمى بـ «الجدوى المناخية الشاملة» وهو ما يعني باختصار دراسة التاريخ المناخي للمنطقة وحساب مدى الحيود عن «التاريخ» حتي نحلل أيه نظام يمكن من خلاله إدارة منظومة زراعة الزيتون خلال الفترة المقبلة وكيفية اعداد «مصفوفة» التقاطعات (مناخ – محصول) على الزيتون .
والمطلوب ان يتم حساب وتقدير  قيمة المؤشرات المناخية وتضربها في مؤشرات المحصول وتحسب تراكماتها وعندما تتجاوز نسب معينة نستطيع أن نقول إن المنطقة صالحة لاقامة مزارع الزيتون أو ان الموسم سيمر بسلام أو  أن تحتاج لتدخل “نوعي” لإدارة نظم الزراعة في الزيتون … وهكذا …

 

 

Back to top button