د محمد سيف يكتب:مبادرة « حياة كريمة» تطوير الحجر و البشر والطب البيطري
مدير المعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني بجمصة التابع لمعهد بحوث الصحة الحيوانية
تعتبر المبادرة الرئاسية الهادفة لتطوير و تغيير وجه الريف المصري و المعروفة بمبادرة حياة كريمة هي المشروع القومي لمصر الحديثة و هي أساس بناء الجمهورية الجديدة
حيث تستهدف تلك المبادرة تطوير الخدمات في ٤٥٠٠ قرية مصرية على عدة مراحل تضم في المرحلة الاولى عدد ١٥٠٠ قرية مصرية عانت على مدار عمرها من نقص الامكانات و الخدمات و المرافق
وضمن المحاور الاساسية في هذا المشروع القومي تندرج تطوير الخدمات الصحية و كذلك الخدمات البيطرية و ضمن ما سيتم تطويره او استحداث تواجده في القرى المحرومة هي الوحدات البيطرية لاستهداف تقديم خدمات بيطرية كماً و كيفاً لهذه القرى فبعضها به وحدات تقادمت و منها ما تم غلقه كونه مهدد بالسقوط او كونه يعاني من نقص حاد في اعداد الاطباء البيطريين الحكوميين سنة بعد سنة
وفي سياق و مسار اخر هناك مشروع قومي اخر متعلق بالدلتا الجديدة لزراعة مليون و نصف مليون فدان مصاحبا لتوفير مليون رأس ماشية مما يساهم في انشاء مجتمعات عمرانية زراعية جديدة و كبيرة تهدف لتوفير الغذاء النباتي و الحيواني للمواطن
و بالطبع لا ننسى الخطة الطموحة لتطوير المجازر المصرية و كذلك انشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء كموضوعات تنموية مستدامة بدأت منذ ٢٠١٧
و اذا نظرنا برؤية استراتيجية لهذين المسارين نجد انهما خطان قد يظهر انهما متوازيان و لكن في النهاية سنجدها يتقاطعان في نقطة واحدة اسمها الطبيب البيطري
الطبيب البيطري هو حجر الاساس لكي تكتمل الصورة بإطارها الخارجي، لإنه في ظل عجز و تناقص سنوي مستمر لأعداد الاطباء البيطريين المقدمين للخدمة البيطرية في الوحدات و المجازر فلن تستقيم معه خطة تطوير الحجر و يجب ان ترتبط بتطوير البشر متمثلا في تطوير قدرات الخريجين ليكونوا اكثر تأهيلًا لسوق العمل الحكومي و الخاص
و لكي يكتمل التطوير بالقرى و ايجاد صورة جديدة لتقديم الخدمة البيطرية يجب ان يصاحب ذلك بعمل عدد لا يقل عن ٥-٦ أطباء بيطريين بكل وحدة بيطرية مع تطبيق نظام التخصصية داخل منظومة العمل الحكومي بديلا عن الطبيب الممارس العام او كما يطلق عليه الطبيب الكشكول
و بالتالي يجب ان يكون بكل وحدة بيطرية طبيب أمراض دواجن و اخر تخصص تناسليات و تلقيح اصطناعي و اخر تخصص إرشاد و إعلام صحي بيطري و اخر تخصص وقاية و أمراض معدية و اخر تخصص باطني و رعاية و اخر تخصص جراحة بيطرية
بهذا الشكل يتطور شكل تقديم الخدمة البيطرية للمربي في ريف مصر الجديد المستهدف تطويره في مبادرة حياة كريمة
و اذا كان عدد القرى المستهدفة هي ٤٥٠٠ قرية فهذا معناه الاحتياج السريع و الضروري لعدد ٢٢٥٠٠ الى ٢٧ ألف طبيب بيطري و على اقل تقدير استهداف المرحلة الاولى ( ١٥٠٠ قرية ) بتعيين ٧٥٠٠ الى ٩٠٠٠ طبيب بيطري شاب في غضون شهور او عام على الاكثر ليتزامن ذلك مع التقدم الزمني للمرحلة الاولى
مع خطة واعدة تدريبية من خلال تعاون مشترك لجهات كثيرة ذات صلة منها النقابة العامة للاطباء البيطريين و الهيئة العامة للخدمات البيطرية و ادارة الخدمات البيطرية بالقوات المسلحة و جهاز مشروعات الخدمة الوطنية و كذلك الجامعات المصرية و المعاهد البحثية البيطرية
نستخلص من ذلك ان تعيين اطباء بيطريين ليس مطلب فئوي او رغبة للتعلق في تراب الميري كما كانت ثقافة التعيينات بمصر سابقا
و لكن تعيين اطباء بيطريين هو متطلب استراتيجي هام لاكتمال مشروع تطوير الحجر و البشر في ريف مصر و ركيزة اساسية لبناء مصر الحديثة المستقبلية ليس فقط ضمن خطة مصر ٢٠٣٠ و لكن لما بعد خطة تنمية مصر المستدامة ٢٠٥٠
و لضمان تنمية حقيقة للثروة الحيوانية و استهداف للاكتفاء الذاتي للغذاء ذو اصل حيواني و بالتالي تنمية الاقتصاد و توفير لنزيف الاستيراد لسد العجز
و اذا نظرنا من منظور اخر نجد ان دعوة النقيب العام للاطباء البيطريين لحضور حفل انطلاق المشروع القومي ” حياة كريمة ” تتسق تمامًا مع نفس السياسة العامة المهتمة بتنمية الريف المصري و تنمية الثروة الحيوانية و تعطينا ارهاصات بأن الدولة تدرك اهمية الطبيب البيطري كونه مكون أساسي في تلك المنظومة
لذا و لاكتمال المشهد يجب تضافر جهود جهات عديدة كمجلس النواب و الحكومة متمثلة في وزارة التخطيط و الجهاز المركزي للتنظيم والادارة و وزارة الزراعة و أجهزتها التنفيذية نحو تأكيد ضمان حدوث ونجاح مبادرة حياة كريمة بالعمل على توفير درجات مالية جديدة لتعيين أطباء بيطريين في الوحدات البيطرية بالقري المصرية قيد التطوير