الأخبارالاقتصادالانتاجحوارات و مقالاتمصر

د محمد فتح الله يكتب: عشوائية إستخدام المبيدات وتأثيرها علي صناعة نحل العسل

رئيس قسم بحوث النحل – معهد بحوث وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية -مصر

زميل كلية الدفاع الوطني – أكاديمية ناصر العسكريه العليا

لقد خلق المولى عز وجل الإنسان وكرمه على سائر المخلوقات واستخلفه في الأرض ليعمرها وفي سبيل ذلك وهبه من النعم وسخر له كل شئ في الكون. وأعظم هذه النعم هو نحل العسل الذي كرمه الله وأفرد سورة في القرآن الكريم تحمل إسمه.

تعد مهنة تربية نحل العسل إحدى المهن الزراعيه الرئيسيه في الكثير من بلدان العالم ولا تقتصر أهمية نحل العسل على منتجاته التي نحصل عليها من طوائفه وحسب (والتي تصنف وتستخدم كدواء وغذاء) بل تمتد لتشمل الحفاظ على حياة البشريه.

وترجع أهمية قطاع تربية النحل فى الاقتصاد العالمى والأمن الغذائى الدولى، إلى أنه يساهم فى تلقيح ما يزيد عن 85% من الأنواع النباتيه وهي ما تمثل ما قيمته 35% من الإنتاج الزراعي أو الغذاء العالمي أي أنه يسهم بنسبة ليست بالقليله في إنتاجية المحاصيل الزراعيه على تنوعها وإختلافها.

وعلى سبيل المثال يلعب النحل دورا كبير فى الإنتاج الزراعي الأمريكى بما قيمته 15 مليار دولار. ولا أكون مبالغا حينما أقول بأن النحل يعني الحياه على سطح الكره الأرضيه وهو ما خلصت إليه الجمعيه الجغرافيه الملكيه البريطانيه بإعلانها أن النحل هو أهم كائن حي على سطح كوكب الأرض.

وفي هذا السياق فإن هناك مقولة شهيره لعالم الفيزياء ألبرت إينشتاين (إذا إختفى النحل من على سطح الأرض فإنه سيتبقى للبشرية بضع سنين حتى تفنى لأنه بدون النحل لا يوجد نبات وبدون النبات لا يوجد حيوان وبدون النبات والحيوان لا يوجد إنسان الذي يعتمد عليهما في غذاءه).

هناك العديد من التحديات التي تواجه صناعة تربية نحل العسل في مصر ولعل من أهمها في وجهة نظري هو الإستخدام المفرط والعشوائي للكيماويات داخل خلية النحل والتي يقوم بها مربي النحل ظنا منه بذلك يقوم بالحفاظ على طوائفه من الأمراض المختلفه التي يتعرض لها النحل.

هناك ظاهرة إختفاء أو إنهيار طوائف النحل في معظم بلدان العالم والتي ظهرت جليا في العقدين الأخيرين وأدت إلى فقد في طوائف نحل العسل تجاوز 50% في بعض المناطق. وقد أعزى الباحثين هذه الظاهره إلى بعض الأسباب ومنها إستخدام المبيدات الكيمائيه سواء خارج الخليه على المزروعات أو داخلها لعلاج أمراض وطفيليات النحل.

من المتعارف بين القائمين بتربية نحل العسل أن أشد وأخطر أعداء النحل هو النحال الجاهل الذي يدمر النحل وهذه المهنه بممارساته الخاطئه ومنها كما ذكرنا سلفا الإستخدام المفرط والعشوائي للكيماويات داخل خلية النحل، تلك المواد الكيميائيه منها المسجل ومنها غير المسجل بغير ضابط أو رقابه. حيث يؤدي هذ الإستخدام الخاطئ إلى الكثير من المشاكل والسلبيات على طائفة النحل ومنها:

  • قصر عمر الذكور في الطوائف التي يستخدم فيها الكيماويات المخلقه وخفض الخصائص البيومتريه لها، وخفض لتعداد الحيوانات المنويه في ذكور النحل بنسب تصل إلى حوالي 50%، بالإضافة على التأثير على حيوية الحيوانات المنويه في الذكور.
  • خفض حجم القابله المنويه ووزن الملكات العذارى الناتجه من طوائف تعرضت للمبيدات، وكذلك التأثير السلبي على الحيوانات المنويه داخل القابله المنويه للملكات الملقحه ويزيد من معدلات الإحلال لهذه الملكات بنسب قد تصل إلى 75% خلال 6 شهور من تلقيح الملكات.
  • قصر عم الشغالات القوى العامله بطائفة النحل مما يترتب عليه ضعف لقوة الطوائف وإنخفاض إنتاجيتها مما يسبب خسائر ماديه.
  • إنخفاض المقاومه الطبيعيه للنحل نتيجه للتأثير السلبي للمواد الكيميائيه على أنواع الميكروبات النافعه والمتواجده بمعدة النحل والتي تلعب أدوارا هاما في عمليات الهضم والتغذيه بالإضافة إلى دورها الرئيسي في تضاد عمل ونمو بعض المسببات المرضيه لنحل العسل. وأهم هذه الأنواع هي مجموعة بكتيريا حامض اللاكتيك وينتج عن ذلك إنخفاض الإنتاجيه وإنخفاض محتوى العسل من البكتيريا النافعه وبالتالي إنخفاض فاعليته وخصائصه العلاجيه وإنخفاض القيمه التسويقيه للعسل.
  • ظهور صفة المقاومه لطفيليات النحل والمسببات المرضيه نتيجه للإستخدام الخاطئ وغير المقنن للمواد الكيميائيه داخل خلية النحل، مما ينتج عنه إستخدام الكيماويات بتركيزات أعلى أو إستبدالها بمواد أخرى قد تكون غير مرخصه أو غير مجازه ، وبالتالي نفقد وسيله من وسائل المكافحه الفعاله في حالة إستخدامها عند الضروره وفقط وبالطريقه والتوقيت المناسبين.
  • التلوث الناشئ من إستخدام الكيماويات على طوائف النحل ومضاره على الإنسان والبيئه وما ينتج عن ذلك من إجهاد للكبد والكلى وقد يؤدي إلى الفشل الكامل وقد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان. وهذا ربما يفسر إرتفاع جرعات المضادات الحيويه التي يستخدمها الإنسان للعلاج نتيجه لمتبقيات المضادات الحيويه في الأغذيه ومنها عسل النحل.
  • متبقيات الكيماويات في منتجات النحل مما يقلل من القيمه التسويقيه لها بالإضافه إلى ضعف فرص التصدير للخارج وبالتالي إنخفاض المردود الإقتصادي لمشاريع تربية نحل العسل.
  • بالإضافة إلى ما سبق فإن إستخدام المواد الكيميائيه مكلف ماديا ويتطلب جهدا ووقتا مما يمثل إهدارا لموارد النحال ومجهوده.

مما سبق يتضح لنا أنه من الهام والضروري عدم إستخدام المواد الكيميائيه على طوائف نحل العسل إلا في حالة الضروره القصوى وفي أضيق الحدود ويجب أن يكون ذلك هو الخيار الآخير وفي سبيل تحقيق ذلك يمكن مراعاة الآتي:

  • يجب أن يعود النحال كسابق عهده إلى مربي نحل وليس منتج عسل وذلك بالإنتخاب لتربية طوائف نحل أكثر تحملا للإصابه بالأمراض والطفيليات، إعتمادا على صفات المقاومه الطبيعيه التي حباها الله للنحل وأهمها سلوك القدره على إكتشاف الحضنه المصابه والتنظيف الصحي، مع إتباع محطات تربية الملكات للأساليب الصحيحه لإنتاج ملكات ذات جوده عاليه وتحمل صفات مقاومه.
  • إتباع الممارسات النحليه السليمه والعمل على المحافظه على صحة النحل بتلاشي تعرضه للإجهادات المختلفه والإهتمام بالتغذيه البروتينيه التي تعتبر العامل الأهم في مناعه النحل لتأثيرها الواضح على محتوى النحل من الميكروبات النافعه وعلى خلايا الدم المناعيه، وكذلك الإهتمام بالنحاله المرتحله سعيا للمرعى والظروف البيئيه الجيده.
  • إصدار التشريعات والقرارات المنظمه لإستخدام المواد الكيميائيه التي تؤثر على صحة النحل مع إتخاذ الإجراءات الرقابيه اللازمه في سبيل التنفيذ.
  • تكاتف الجهود الرسميه ومنظمات المجتمع المدني في سبيل الحفاظ على سلامة النحل والنهوض بصناعة تريية نحل العسل ولاسيما أن مصر هي أول من قامت بمهنة تربية النحل والنحاله المرتحله، ومن الجدير بالذكر أن الدولة تقوم بجهود مشكوره للإهتمام والنهوض بهذه الصناعه الحيويه والمؤثره في الإقتصاد القومي. ومن الجدير بالذكر أن وزارة الزراعه المصريه قد قامت بتقييد إستخدام مجموعة مبيدات النيونيكوتينويدز وحظر إستخدامها في الزراعات المكشوفه وقصر إستخدامها في الصوب الزراعيه وفي فترات عدم التزهير وذلك لما لهذه المجموعه من تأثير في ظاهرة إختفاء النحل.
  • التنسيق والتواصل بين جمعيات مربي النحل والنحالين من جهة وبين الباحثين من جهة أخرى لنقل مشاكل ومعوقات تربية النحل والعمل على حلها بالأساليب العلميه المقننه، وتوفير المرشد الزراعي المتخصص وعقد الدورات التدريبيه والإرشاديه الخاصه بمجالات تربية نحل العسل المختلفه.
  • تعديل المواصفات القياسيه لمنتجات نحل العسل وإدراج الحدود المسموح به من المبيدات والمضادات الحيويه وتشديد الرقابه على المتداول في الأسواق من هذه المنتجات.

المراجع:

Burley, L.M.; Fell, R.D. and Saacke, R.G. (2008). Survival of honeybee (Hymenoptera: Apidae) spermatozoa incubated at room temperature from drones exposed to miticides. Journal of Economic Entomology, 101(4): 1081-1087.

Johnson, R.M.; Dahlgren, L.; Siegfried, B.D. and Ellis, M.D. (2013). Effect of in-hive miticides on drone honeybee survival and sperm viability. Journal of Apicultural Research, 52(2): 88-95.

Pettis, J.S.; Collins, A.M.; Wilbanks, R. and Feldlaufer, M.F. (2004). Effect of coumaphos on queen rearing in the honeybee, Apis mellifera. Apidologie, 35(6): 605-610.

Rangel, J. and Tarpy, D.R. (2016). In-hive miticides and their effect on queen supersedure and colony growth in the honeybee (Apis mellifera). Journal of Environmental & Analytical Toxicology, 6(3): 1-7.

Shoukry, Rasha S.; Khattaby, A.M.; El-Seakh, A.A.; Abo-Ghalia, A.H. and Elbanna, Shereen M. (2013). Effect of some materials for controlling varroa mite on the honeybee drones (Apis mellifera L.). Egypt. J. Agric. Res., 91(3): 825-834.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى