الأخبارالاقتصادالصحة و البيئةحوارات و مقالاتمصر

د أحمد عزب يكتب: الادارة المستدامه للمخلفات الزراعية والحفاظ على البيئة في مصر

دكتوراه فى الهندسة البييئة وادارة الموارد  وباحث اول بمعهد بحوث الهندسة الزراعية – مركز البحوث الزراعية – مصر

تهدف السياسية العامه للدوله المصريه الى الحفاظ على البيئة واسغلال مواردها الاستغلال الامثل لتحقيق التنميه المستدامه والحفاظ على حقوق الاجيال القادمه فى الاستفاده من تلك الموارد.

بدأ اهتمام الدستور المصري بالبيئة والحقوق البيئة منذ 2007 وحتى 2014، حيث كان النص الأصلي لدستور 1971 لا يتضمن أي مادة تنص على الحق في بيئة صحية سليمة أو عن حماية البيئة. وفي 2007، تم تعديل الدستور ليتضمن مادة خاصة بالبيئة جاء فيها أن: “حماية البيئة واجب وطني، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة” (مادة 59). ونلاحظ أن هذه المادة جاءت “بدائية” تؤكد على ضرورة حماية البيئة، من دون أي تفريق ما بين واجب الدولة وواجب الأفراد في هذا المجال.

بالإضافة الى ذلك، رتب دستور 2012 التزاما على الدولة بالحفاظ على البيئة وباتخاذ التدابير اللازمة لهذه الغاية. وقد عكس هذا النص تطورا في دور الدولة في حماية البيئة حيث تم التأكيد على التزامها وواجبها ومسؤوليتها في القيام بذلك.

كما ذهب هذا الدستور الى حد تعداد الحقوق البيئية: فنص على “حماية الرقعة الزراعية وزيادتها”، والعمل على “تنمية الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها” مع ربط ذلك لتحقيق الأمن الغذائي (مادة 15) مما يعكس فهما عميقا للعلاقة بين حماية البيئة ومقومات الحياة الاساسية للإنسان.

كما نص على أن “الثروات الطبيعية للدولة ملك للشعب” (مادة 18) وألزمت الدولة “بالحفاظ عليها وحسن استغلالها ومراعاة حقوق الأجيال فيها”، كذلك بالنسبة لنهر النيل وموارد المياه (مادة 19).

كذلك تم تخصيص مادة في الدستور لإلزام الدولة بحماية الشواطئ والبحار والممرات المائية والبحيرات، بالإضافة الى المحميات الطبيعية (مادة 20). ويعكس هذا التفصيل في الدستور، التعمق في مفهوم حماية البيئة والحقوق البيئية وأهميتها بما استدعى اعطاءها قيمة دستورية

التوجه نحو تعزيز حماية البيئة في مصر تم تعزيزه في الدستور الحالي الذي تم اقراره في 2014. بالاضافة الى كل ما تقدم، نص الدستور ولأول مرة في مصر على “الرفق بالحيوان” (مادة 45).

كما أبدى الدستور نظرة أكثر شمولية للعلاقة بين الانسان والبيئة. فربط حماية الرقعة الزراعية بحماية سكان الريف من المخاطر البيئية (مادة 29) كما نص على حماية الثروة السمكية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم “دون الحاق الضرر بالنظم البيئية” (مادة 30). واذ أعاد الاشارة الى “حقوق الأجيال القادمة”، ربط بين حماية البيئة من جهة وهذه الحقوق وتحقيق التنمية المستدامة من جهة أخرى

تعتبر النواتج الثانوية للنشاط الزراعى (المخلفات الزراعية) احد تلك الموارد الهامه الغير مستغله الاستغلال الامثل فى دول العالم النامى, بل وقد ينتج اثار سلبية عديده نتيجة الادارة السيئة لتلك الموارد. ومن هنا اخذت الوزارت المعنية فى الحكومه المصرية الممثله فى وزارة الزراعه واستصلاح الاراضى ووزارة شئون البيئة فى حل مشكلة ادارة المخلفات الزراعية بالتعاون مع بعض الجهات المحلية والدولية.

تتراوح كمية المخلفات الزراعية  طبقا لما وارد فى دليل ادارة المخلفات الزراعية الصادر عن وزارة البيئة من 30 الى 35  مليون طن.

انواع المخلفات الزراعية

ينتج بعد حصاد ودراس المحاصيل الزراعية بعض النواتج الثانوية من اوراق وسيقان واحطاب … الخ التى يطلق عليها  مخلفات زراعية. كما تنتج بعض المخلفات ايضا من عمليات التصنيع الزراعى مثل مخلفات عصر ثمار الفاكهه لانتاج العصائر ومخلفات عمليات الفرز والتدريج لثمار الخضار والفاكهه ومخلفات عصر النباتات الزيتيه للحصول على الزيوت مثال الزيتون … الخ. وفيما يلى عرض لاهم المخلفات الزراعية فى جمهورية مصر العربيه.

1-         الاتبان Straws  : هى عبارة عن المخلفات النباتية الجافة الناتجه عن دراس المحاصيل النجيلية والبقولية وبعض النباتات الطبيه والعطريه. مثل تبن القمح والشعر والبرسيم والفول … الخ

2-         قش الارز Rice Straw: هى عبارة عن الجزء المتبقى من محصول الارز بعد فرط حبوب المحصول وهو من اكثر المخلفات الزراعية من حيث الحجم والكمية ونتج عنه فى الماضى مشاكل كثيرة نتيجة الادارة السئية لهذا المخلف. وقد نجحت الدوله فى ايجاد اكثر من بديل ناجح للتعامل مع هذا المخلف وتقليل مشاكله

3-         الاحطاب Stalks : وهى السيقان الصلبه النتاجه من بعض المحاصيل الزراعية مثل حطب الذره  Corn Stalks or Corn Stover  ويشمل حطب الذرة الرفيعة او الذره الشاميه وكذلك حطب الذره Cotton Stalks

4-         سرسرة الارز Rice Hulls : وهى عبارة عن القشرة الخارجية لحبوب الارز وتنتج مضارب الارز كميات كبيرة منها سنويا

5-         قشور البقوليات Legumes Hulls: وهو الجزء الخارجى من بذور البقوليات مثل قشر العدس والفول البلدى … الخ

6-         مخلفات تقليم اشجار الزينه والفاكهه Trees Pruning Residues : وهى عباره عن الافرع التى يتم التخلص منها لتهذيب اشجار الزينه وتربيتها. او الاجزاء النباتيه التى يتم التخلص منها عند تربية اشجار الفاكهه بهدف زيادة الانتاج.

7-         مخلفات الانتاج الحيوانى

طرق الاستفادة من المخلفات الزراعية (ادارة المخلفات الزراعية)

تمتاز جميع معظم المخلفات الزراعية بانها مواد خشنه غليظه ذات حجم كبير وتحتوى على نسب مرتفعه من الكربوهيدرات والسليلوز واللجنين وبعضها قد يحتوى على نسب من الدهون او او البروتين. ويحدد تركيب المخلفات الزراعية طرق الاستفاده منها. فبعضها يستخدم كاعلاف والبعض الاخر لانتاج الاسمده او فى انتاج الطاقه والمواد وفيما يلى عرض لاهم الطرق المتبعه للاستفاده من المخلفات الزراعية

  • انتاج الاعلاف Animal Feed: مثل استغلال الاتبان وفى بعض الاحيان الاحطاب مثل حطب الذره فى حالته الغضه لانتاج السيلاج. وقد يستخدم ايضا قش الارز بعد فرمه
  • انتاج الاسمده Compost or Organic Fertilizer : قد تصلح جميع المخلفات الزراعية لانتاج الكمبوست عن طريق الكمر الهوائى للمخلفات الزرعية

انتاج الاسمدة العضوية واضافات التربه من المخلفات الزراعية من اجر زيادة حصوبة الاراضى وتحسين بنائها

  • انتاج مواد ذات قيمة اقتصاديه Material with an Economic Value: مثل انتاج الورق والخشب المضغوط MDF  والصبغات
  • انتاج الطاقة الحيوية Bio-Energy production .: تعتير الكتله الحيوه الناتجه من المخلفات الزراعية مصدر متجدد من مصادر الطاقة اذا ما تمت ادارة بطريقة سليمة. حيث يمكن انتاج الوقود الحيوى بجميع صورة الغازية والسائلة والصلبة من هذه المخلفات – فيمكن استخدام تكنولوجيا البيوجاز لانتاج الغاز الحيوى وكذلك استخدام الانحلال الحرارى لانتاج الغازى الفحم والغاز الحيوى ايضا, كما تنتج الكحولات من التخمر للمخلفات الزراعية مثل مصاصة القصب وقش الارز … الخ

الوضع الحالى لادارة المخلفات الزراعية فى مصر والتطلعات المستقبليه

خطت مصر خطوات ناجحه فى العقدين الماضيين فى مجال ادارة المخلفات الزراعية مما مكنها فى حل الكثير من المشكلات التى كانت تنتج من تلك المخلفات. فنجد ان مصر تنتج حوالى 35 مليون طن من المخلفات الزراعية  يمثل قش الارز 25 % منها يتم استغلال وادارة حوالى 16 مليون طن من هذه المخلفات معظمها لانتاج  الاسمده والاعلاف.

ان الادارة الجيدة لملف المخلفات الزراعية يساعد فى سد النقص من الاسمده العضوية والتى تشير الدراسات بان مصر فى حاجه الى 350 مليون متر مكعب من الاسمده العضويه سنويا نتيجه للتوسع الافقى فى زراعة الاراضى الصحراوية ومشروعات التنمية الزراعية مثل مشروع المليون ونصف فدان.

كما تعتبر المخلفات الزراعية مورد هام  لما يعرف بطاقة الكتله الحيويه  التى تعتبر مصدر من مصادر الطاقة المتجدده والتى لا تزال مصر فقيرة فى استغلال هذا المورد.

تحتاج مصر الى بذل المزيد من الجهد للوصول لمنظومة الادارة المثلى للمخلفات الزراعية التى تتيح لها الاستغلال الامثل لجميع النواتج الثانوية الناتجه عن النشاط الزراعى. وذلك بالتعاون مع الدول التى لديها الخبره فى ادارة وحل  مثل هذه المشكلات. كما يجب تنوع طرق الاستفاده من هذه المخلفات ولا سيما استغلالها فى انتاج المواد ذات القيمة الاقتصادية العاليه مثل الورق والاخشاب وانتاج الطاقه بصورها المختلفه  وانتاج محسنات التربه من خلال الاعتماد على تكنولوجيا حديثة ننقلها من الدول الصديقة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى